للباحث/ عبد الحميد محمد عايض العواضي [لا يوجد نمط فقرة][فقرة بسيطة]أصبح الأدب العربي الحديث في اليمن ، خلال السنوات الأخيرة ، موضوع دراسات أكاديمية عديدة ، تناوله الكثير من الباحثين ، سواء في داخل اليمن أم في الأقطار العربية الأخرى. وقد تناولت هذه الدراسات الشعر ، والرواية ، والقصة ، والقصة القصيرة ، غير أن المسرح اليمني لم يحظ بهذه العناية حتى الآن ، وظل مفتقراٍ إلى البحث والدراسة ، باستثناء بعض الدراسات المتناثرة على صفحات بعض الكتب والدوريات ، والتي انصبت في معظمها على دراسة النشاط المسرحي ، و العروض المسرحية. كذلك لقي الأدب المسرحي في اليمن تغافلا من قبل الدارسين الذين درسوا الأدب المسرحي في الوطن العربي، مثل الدكتور محمد يوسف نجم ، والدكتور علي الراعي؛ إذ لم يشيروا إليه إشارة واحدة ، وكأن هذا الجنس الأدبي لا وجود له في البيئة اليمنية. وقد أسفر هذا الموقف السلبي من دراسة الأدب المسرحي اليمني عن نتيجتين: أولاهما- دراسة الأدب العربي في اليمن ناقصاً ؛ حيث درست جوانب فيه دون أخرى ، والثانية - جهل الأوساط الأدبية في اليمن وخارجه الأدب المسرحي اليمني ، وذلك نتيجة منطقية للنتيجة الأولى؛ فالشائع في اليمن وخارجه أنه لا يوجد أدب مسرحي في اليمن. من هنا جاء اهتمام الباحث بدراسة الأدب المسرحي اليمني ، على الرغم من أن دراسته ليست بالأمر السهل ؛ فهناك صعوبات اكتنفت هذه الدراسة: فأكثر المصادر من المسرحيات كان غير متوفر ؛ بسبب الإهمال أو التجاهل ، ثم إن قسماً كبيراً منها عرض على خشبة المسرح، ولم يطبع ، وكذلك المسرحيات القليلة والتي طبعت في كتب ، فهي غير موجودة في المكتبات إلا النزر اليسير منها؛ لذلك فقد كان على الباحث أن يبذل جهداً كبيراً في العثور على هذه المسرحيات ، إما من المؤلفين أنفسهم، إن كانوا أحياء ، وإما من ورثتهم أو أقاربهم أو أصدقائهم. وقد كان عليه أيضاً الاتصال بالأفراد الذين كانوا يعملون في الفرق المسرحية ؛ للحصول على المسرحيات التي بحوزتهم ، والتي مثلت ولم تطبع، وكذلك التنقيب في الصحف والمجلات عن المسرحيات المنشورة فيها. وقد ركز الباحث في دراسته القضايا الموضوعية التي اكتنفها الأدب المسرحي اليمني على النصوص الأدبية الفصيحة، دون الالتفات إلى ما كتب بالعامية ، باعتبار أن الفصحى هي لغة التخاطب لجميع المثقفين على مستوى الساحة اليمنية والعربية. وقد جاء البحث في ثلاثة فصول وخاتمة أما الفصل الأول، فهو بعنوان (بدايات المسرح اليمني وتطوره )، وقد تناول فيه الباحث الإرهاصات الأولى لظهور المسرح في اليمن وتبين أنها إرهاصات أجنبية ( هندية أو إنجليزية ). ثم تحدث عن البدايات الأولى للمسرح اليمني، والتي بدأت في عام 1910م، وكانت بداية مدرسية، ثم تحدث عن المسرح المدرسي ، وما قام به من دور فعال في النهوض بالحركة المسرحية في اليمن. وتناول أيضاً الفرق المسرحية التي ظهرت في الساحة اليمنية والعروض التي قدمتها أثناء مدة الدراسة. إضافة إلى ذلك ، فقد تناول في هذا الفصل خصائص المسرح اليمني والظروف التي أحاطت به ، والخطوات التي اتبعها الرواد ؛ لنتمكن من الاطلاع على نشوء الأدب المسرحي في اليمن ومراحل تطوره حتى عام 1980م. أما الفصل الثاني، فهو بعنوان ( القضايا الاجتماعية في الأدب المسرحي اليمني)، وقد تناول فيه الباحث أهم القضايا الاجتماعية التي تعرض لها الأدب المسرحي اليمني، وقد تمثلت في ثلاث قضايا رئيسة، وهي: قضية تعليم المرأة، وقضية الزواج، وقضية الصراع بين القديم والجديد. وأما الفصل الثالث والأخير، فهو بعنوان ( القضايا السياسية في الأدب المسرحي اليمني )، وقد تناول فيه الباحث أهم القضايا السياسية التي تناولها الأدب المسرحي اليمني ، وقد تمثلت هذه القضايا في قضيتين رئيستين، وهما: قضية الظلم الذي تعرض له أبناء الشعب اليمني من قبل حكامه المستبدين السابقين سواء من بيت حميد الدين في شمال اليمن ، أم من سلطات الاحتلال الإنجليزي في جنوبه. وأما القضية الثانية ، فهي قضية الثورة التي اقتلعت ذلك الظلم من جذوره. هذا وقد سلك الباحث في هذه الدراسة المنهج التاريخي التحليلي بصفته المنهج الذي يتناسب وهذه الدراسة. وفي ختام هذه الفصول تعرض البحث في عجالة إلى أهم الملامح الفنية للأدب المسرحي اليمني، وبها اختتم البحث مادته. وبالأخير لا يسع الباحث إلا أن يتقدم بجزيل الشكر والعرفان للأستاذ الجليل ، العالم القدير ، نبراس النقد الأدبي في عالمنا العربي ، الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل ، الذي أحاط هذا البحث بالعناية والرعاية حتى استقام على عوده. وأرجو أن يكون هذا البحث قد وفق ، ولو إلى حد ما ، فيما هدف إليه، وأسأل الله أن يكلل هذا الجهد بالرضى والقبول، وإن أصبت فمن الله ، ثم من توجيهات مشرفي ، وإن أخطأت فمن نفسي. عن رسالة جامعية للماجستير