حتى اللحظة مازالت الأحزاب والتنظيمات السياسية المتحاورة ..تحرص على عدم الإعلان عن رؤيتها الكاملة إزاء مجمل القضايا المطروحة أمام الحوار ..ومنها بالأخص القضية الجنوبية ..الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان قراءة المشهد الحواري الراهن ..وما سيتمخض عنة من تحالفات واصطفافات جديدة في ضوء مواقف الأحزاب من مجمل القضايا المطروحة. وهنا نتساءل عما إذا كان عدم الإعلان هذا يعد إجراء تكتيكياً بين هذه الأحزاب وبمعنى أدق محاولة استكشافية لأراء ومواقف الآخرين ..أم أن الرؤى الحزبية مازالت في قيد الإعداد والتكوين ولم تستكمل بعد .. بفعل انشغال هذه الأحزاب بالتهيئة لمؤتمر الحوار وتكريس كل وقتها في الإعداد والتشاور لتسمية ممثليها إلى المؤتمر. وإذا كان ذلك هو السبب فتلك معيبة ورب الكعبة ..حيث لايمكننا أن نتصور ولو لوهلة واحدة أن رؤى الأحزاب غير مكتملة. وذلك يعكس إخفاقاً سياسياً هائلاً أن كان إما إذا كانت الرؤى الحزبية قد اكتملت مشاورات قيادات كل حزب بشأنها ..ومازالت في طي الكتمان فأن ذلك أيضا يعكس عدم إيمان هذه الأحزاب برؤاها إزاء مجمل القضايا وبأنها تحاول عبثاً استكشاف الآخر ومعرفة تفاصيل ما تحمله رؤيته ..وهذا لاريب يؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستشهد ضبابية اكبر على صعيد مواقف الأحزاب حيث سيفضل كل طرف الانتظار لرؤية الآخر الأمر الذي سيزيد أيضا من حالة الضبابية التي لن تدلل على شيء سوى على حقيقة واحدة مفادها أن الأحزاب المتحاورة قد فشلت تماماً في استغلال الوقت سواء قبل موعد انطلاق الحوار أو بعد انطلاقه في الترويج لمواقفها وآرائها إزاء مجمل القضايا المطروحة أمام مؤتمر الحوار .. وهو عجز لايتفق مع ما نلاحظه ونرصده في كل حالات الحوار في العالم حيث نجد الأحزاب ومختلف الإطارات السياسية والمدنية تروج لمواقفها ورؤاها وتعلم الرأي العام بمزاياها وأهمية ما ستجنيه الأمة من ورائها من فوائد ، وغيرها من الوسائل التي تعتمدها لإقناع الرأي العام بسلامة مواقفها بل ودعوته إلى الاصطفاف إلى جانبها حتى تجد رؤيتها طريقها إلى التبلور والتحقق على الواقع. وإزاء الحالة اليمنية قد تصاب بالاندهاش والاستغراب عندما أن تجد انتقادات حزبية شديدة ضد وسائل الإعلام واتهامها بعدم المصداقية في تعاطيها مع قضايا الحوار في الوقت الذي نعلم فيه تماماً حجب هذه الأحزاب لكل المعلومات المهمة والرئيسية عن مواقفها إزاء الحوار ..وهذا أمر لايعكس سوى عملية تجهيل تمارسها هذه الأحزاب على الرأي العام وتحاول عبثاً البحث عن مشاجب ومبررات تخفي من خلالها إصرارها الغريب في مواصلتها سياسة إخفاء المعلومات الرئيسية عن مواقفها. ولاريب أنني وغيري من الإعلاميين كنا نجد في افتتاح أعمال الحوار الوطني الشامل فرصة مهمة للوقوف أمام رؤى الأحزاب المتحاورة من خلال إلقائها لكلماتها إلا أن هذه الكلمات لم تقدم شيئاً ذا قيمة من شأنه أن يشبع حاجة الصحفيين والإعلاميين عموما لمعرفة ذلك ..حيث الكلمات الحزبية لم تخرج عن طور الأماني والتطلعات وبالصورة التي عهدها معشر الإعلاميين في تصريحات القيادات الحزبية حيث الكل يغني على ليلاه ويحرص على إنجاح الحوار دون تقديم معلومات ذات قيمة يمكن الاستفادة منها في فهم مجريات الحوار على المستوى القريب. الخلاصة وعلى ضوء ماتقدم فأن فترة ستة أشهر غير كافية لاستكمال التحاور بشأن القضايا المطروحة ويبدو أننا نحتاج إلى ستة أشهر لمعرفة رؤية الأحزاب والتنظيمات السياسية وهذا مالا يؤكده الواقع.