ينطلق الحوار من قناعة وطنية تقوم على الإيمان بوحدة الانتماء الوطني إلى اليمن الأرض والإنسان والتاريخ والحضارة باعتباره القاسم المشترك بين كل أبناء اليمن وسد أي ثغرات يمكن أن تفتح الباب لإثارة سلبيات الماضي السياسي وأمراضه المتراكمة والتجرد من الرؤى الضيقة والأحادية والاملاءآت الخارج والإيمان بضرورة المشاركة الفعلية من جميع مكونات المجتمع اليمني وإقرار المشاركة للجميع وعدم الإقصاء أو التهميش لأي فئة أو شريحة تؤمن بالحوار طريقا وحيدا لتجاوز الأزمة وتحقيق التغيير السلمي، عدا من ينتهج العنف والإرهاب وسيلة لفرض رؤيته بالقوة الحفاظ على الهوية اليمنية الواحدة والموحدة التي جمعت كل أبناء اليمن في إطارها ووجد كل يمني ذاته فيها بإعادة وحدته العظيمة والتي يجب أن نجعل من كل مواطن يمني درعا واقية للدفاع عنها في مواجهة كل محاولات التمزيق والاختراق التي تستهدفها من الخارج أو الداخل الالتزام بالمرجعيات التشريعية الوطنية: اتفاقية الوحدة، دستور الوحدة المستفتى عليه شعبيا،والمرجعيات المشتركة الوطنية والإقليمية والدولية المتمثلة في المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية والقرارات الدولية ، وهو ما يحتم علينا التمييز بين مفهوم الوحدة الوطنية كهوية وانتماء إلى اليمن الأرض والإنسان والتاريخ والحضارة , وبين مفهوم الدولة كصيغة سياسية ودستورية لنظام الحكم. نظام رئاسي أو برلماني - حكم محلي - سلطة محليا أن وقد جعلت المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن المحافظة على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله سقفا للحوارفكيف سيتم معالجة القضية الجنوبية التي يجب على الجميع الاعتراف بعدالتها على اعتبار انها قضية مركزية في السياسة اليمنية وان تأخذ حظها في النقاش والحوار دون ربطها بأي قضايا اخرى والمعالجة العادلة لكل القضايا الحقوقية لابناء المحافظات الجنوبية وعلى وجه الخصوص قضايا الاراضي المنهوبة والمسرحين من اعمالهم ومؤسسات الدولة التي تم تصفيتها او تمليكها لمراكز القوى وغيرها من القضايا الحقوقية، و في اطار قانون العدالة الانتقالية يجب معالجة جميع الاختلالات الانفلات الامني الموجود في المحافظات الجنوبية وتوفير الامن والاستقرار وعدم تكرار ماحدث مع ابين ان يحدث في عدن الباسلة ،وقف كافة اشكال العنف والاقتتال واطلاق النار بين كافة الفصائل وازالة كافة اشكال التوتر الامني والسياسي في المدن وفتح تحقيق شامل حول كافة اشكال الانتهاكات والتجاوزات والعمل على كشف المتورطين والمجرمين وتقديمهم للعدالة وفق محاكمات عادلة واجراء الاصلاحات القانونية والمؤسسية وفقا لمعايير السلوك المتعارف أو المتفق عليها دوليا بما يكفل حماية حقوق الانسان وعدم تكرار حدوث هذه الانتهاكات في المستقبل وحصر الضحايا والاضرار البشرية والمادية والمعنوية التي سببتها تلك الانتهاكات ومن ثم تعويض المتضررين وجبر الضرر. التضحيات الجسيمة حقق من خلالها الإجماع الوطني لأول مرة في تاريخ اليمن المعاصر بحيث التقى شباب الحراك السلمي والحركة الحوثية السلمية بكافة شرائح المجتمع اليمني وقواه السياسية ومنظمات المجتمع المدني في ملحمة وطنية كبرى أدهشت العالم وأبرزت عظمة الإنسان اليمني وأصالته الحضارية وعبر اليمنيون عن الأهداف الكبرى التي توحدوا من اجلها المتمثلة في تحقيق حلم الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على التعددية والحريات السياسية والاجتماعية وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان وتداول السلطة سلميا وفصل السلطات واستقلالية القضاء وبناء الدولة على أساس دستور عصري، وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والبطالة والفقر وتكريس مفهوم المواطنة والمجتمع المدني. أن الصيغ السياسية الماضية لشكل نظام الحكم لم تعد تلبي متطلبات التغيير وأهدافه الكبرى فقد كانت وليدة توافقات سياسية لقوى معينة ولم تكن نابعة من إرادة شعبية مستقلة ولذلك فإنها تعبر عن رؤى أحادية وتجارب سياسية فاشلة لم تعد قابلة للتكرار وأصبحت ثقافة ماضوية من وجهة نظر الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وتلك إحدى الحقائق الكبرى أو بالأصح أهم الحقائق التي صنعتها الثورة على مستوى اليمن والوطن العربي وتفرض على جميع مكونات الحوار الوطني استيعابها حتى يكون حوارهم منتجا ومعبرا عن تطلعات المجتمع اليمني. إن الرؤى الأحادية لأي جماعة سياسية أو قوة اجتماعية معينة لا يمكن أن تحقق المشروع النهضوي الوطني المعبر عن الإرادة الوطنية مما يوجب الحرص على تحقيق الشراكة الوطنية من خلال تفاعل رؤى جماعية قادرة على تحديد آفاق المشروع النهضوي ومضامينه،ذلك أن حقائق التاريخ اليمني قديمه وحديثه تؤكد أن مراحل الازدهار الحضاري لليمن اقترنت بوحدته السياسية والجغرافية والاجتماعية وقيام الدولة العادلة المستمدة من إرادة الشعب والملتزمة بالشورى ومرجعية المؤسسات الممثلة للقاعدة الشعبية (قالت يا أيها الملا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة امرآ حتى تشهدون) وان مراحل الانكسار والانهيار الحضاري ارتبطت كلها بعوامل الظلم السياسي والاجتماعي والتسلط الفردي والحكم العصبوي المفضي إلى التمزق الداخلي ومن ثم السقوط في براثن الاحتلال والهيمنة الأجنبية. أن الأخذ بمبادئ الحكم الرشيد يقتضي عدم تكرار التشريعات السيئة التي تسوغ لاحتكار السلطة في يد حزب أو فرد وتلك التي تحمي الفساد والفاسدين وتحول دون إخضاعهم للمساءلة الشعبية والقضائية والبرلمانية , او تلك التي تجيز انتهاك حقوق الإنسان، ويأتي في مقدمة أسس الحكم الرشيد توزيع سلطات الدولة المركزية للحيلولة دون احتكارها في يد واحدة وذلك من خلال توزيع سلطات الدولة على ثلاث مؤسسات رئيسة - تشريعية - تنفيذية - قضائية ثم وضع أسس دستورية لإقامة التوازن بين سلطات الدولة المركزية وبين السلطات المحلية بحيث لا تطغى السلطات المركزية على المحلية بما يحقق التنمية العادلة والمتوازنة بين المركز والأطراف، ويحقق المشاركة الشعبية الفعلية في الحكم عن طريق الاختيار الشعبي للحكام في مؤسسات الحكم المركزية وسلطات الحكم المحلي.. من الأسس الهامة مبدأ سيادة الشعب بمفهومه الواسع والذي يعني أن السلطة تمارس الحكم نيابة عن الشعب اليمني بكل فئاته وقطاعاته ومناطقه كوحدة سياسية وجغرافية وسيادية واحدة ويعتبر الاعتراف بان الشعب مالك السلطة وليس مجرد مصدر لها تأكيداً لحق الشعب كمالك للسلطة في نزعها ممن يكلفه القيام بها في أي وقت . وبعد: فقد مثلت الثورة الشبابية الشعبية السلمية أعظم رد اعتبار للشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه ومناطقه أمام نفسه أولا وإمام العالم ثانيا الذي أدرك ان الشعب اليمني ليس تلك التجمعات العشائرية المتخلفة التي صورته بها الدعاية المضللة، تشده العصبية القبلية و تحرك الصراع والاقتتال بين أبنائه متطلبات الحياة البدائية وتصفه بالتطرف والعنف والإرهاب وكراهية الآخرين، فقد أبرزت الثورة الشبابية أروع ما في هذا الشعب من قيم حضارية وثقافية واجتماعية في أرقى درجات السلوك الحضاري والإنساني فقد اختفت كل مظاهر الاختلاف وسقطت كل أسباب الانقسام والصراع الاجتماعي والسياسي والطائفي والقبلي لتحل محلها صورة واحدة وموحدة تهتف بتغيير النظام وإنهاء الأوضاع الفاسدة والتحرر من سياسة القهر والإذلال وهي حقيقة ينبغي على الجميع استيعابها اذ أنها قابلة للتكرار عند الضرورة،وإذا كانت الشعوب والأمم الحية لا تنتظر من احد أن يرد لها اعتبارها فإن ذلك لا يسقط حقها في الاعتذار لها.. تلك بعض محددات الحوار وليس كلها .