شهدت تونس، خلال الأيام الأخيرة تصاعدا كبيرا في العمليات الإرهابية، خاصة في المناطق الحدودية مع الجزائر. وعاد ملف محاربة الإرهاب للنقاش السياسي، وسط اتهامات من قبل النقابات الأمنية والمعارضة وأيضا بعض المحللين، للحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي، بالتسامح في محاربة الإرهاب، مشيرين إلى وجود تشابك بين هذه الجماعات وبعض قيادات النهضة. ورأى المحلل السياسي والإعلامي، عادل الشاوش أن «حركة النهضة الحاكمة، تتحمل مسؤولية كبيرة في انتشار الحركات الدينية المتشددة أو الجهادية». وأضاف الشاوش أن رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، اعتبر هؤلاء «الشباب السلفي» بمثابة أبنائه، وراهن على إقناعهم بالعمل المدني السلمي، لكنه فشل ولذلك فهو يتحمل مسؤولية اختياراته، حسب تعبيره. وأشار الشاوش إلى وجود تشابك في القاعدة بين النهضة والجماعات السلفية، التي حسب قوله، «وجدت أرضية خصبة للتحرك حيث وجدت تشجيعا من رموز النهضة ممن يحسبون على الخط المحافظ، الذين كانت خطاباتهم تصب في المعين الفكري للجماعات الدينية المتشددة». من جهته، أرجع المحلل السياسي منذر ثابت تصاعد العمليات الإرهابية التي تقف وراءها جماعات دينية متشددة، الى كونها استفادت من حالة «الرخوة» الأمنية، ومن غض طرف السلطة السياسية، التي تقاسمها نفس الأرضية العقائدية، حسب تعبيره. وتابع قائلاً إن هذه الظروف أعطت الفرصة للجماعات المتشددة لتعيد بناء هيكلها التنظيمي، ولتنتقل لاحقا إلى إعلان حربها على المجتمع والدولة. ولاحظ ثابت وجود تنامي نشاط الجماعات الدينية بما فيها المتشددة، برز بصفة كبيرة بعد صعود الإسلاميين للحكم «ما جعلهم لا يتورعون عن استعمال العنف الذي وصل حد الاغتيالات السياسية.. والذي أخذ منعطفا خطيرا من خلال استهداف الأمنيين والجيش». وبالنسبة لثابت فقد ترافق التساهل تجاه نشاط الجماعات المتشددة مع حصول تفكيك وإضعاف للمؤسسة الأمنية، والذي بدأ حتى قبل وصول الإسلاميين للسلطة، ما أدى الى وجود أرضية مناسبة لتحرك هذه الجماعات خاصة بعد سقوط النظام الليبي وتدفق السلاح. من جهته شدد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي نجم الدين العكاري على «أن فيروس الإرهاب يفتك دوما حتى بأقوى الدول وأكثرها قوة أمنيا واستخباراتيا وعسكريا، وبالتالي فلا يعسر عليه ضرب دول خارجة لتوها من ثورة هزت مؤسساتها الأمنية والاستخباراتية». وبين العكاري أن كونية ظاهرة الإرهاب لا تنفي تقصير الحكومة في مكافحة الظاهرة والعمل على تطويقها وهي في بداياتها، خصوصا وأن النقابات الأمنية والمجتمع المدني نبهت الى خطورة الظاهرة والى التحركات المشبوهة للعناصر المتشددة لكن الحكومة وحركة النهضة تعاملت مع الموضوع والتهديدات بنوع من اللامبالاة». وأرجع العكاري انتشار وتصاعد الإرهاب في تونس الى هشاشة الوضع الأمني بعد الثورة، وهو ما مكن هذه المجموعات الإرهابية من إدخال وتخزين السلاح وتعبئة الشباب وتدريبهم والشروع في الاغتيالات التي مست سياسيين وعسكريين وضرب المؤسسات الحيوية.