نحن الآن على مشارف انتهاء العام القديم، بكل ما يحمل من إنجازات أشبه بألوان قوس قزح، أي أنه عام جديد مشرق على أرضنا الطيبة، يحقق طموحات المواطن العادي، وبناء صرح تعليمي وثقافي وعلمي يخدم طموحات أبناء هذا الوطن، وأطلق ممكنات مجتمع ظلت طامحة للظهور قبل ذلك بسنوات طويلة. إنه إذاً عام جديد، كتبته السنوات بأقلام سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، ويمكن قراءة هذه الإنجازات في وقائع اتسمت بكل ما تحمله من نجاحات وإخفاقات، وكل ما حملته من وعود وتراجعات، وهذا يعتبر مسافة زمنية شاسعة، نسبياً ليس بحساب جيل أو جيلين أو أكثر فقط، إنه إنجازات الآباء والأجداد الذين كتبوا بدمائهم الزكية تاريخ وحضارة هذا البلد ومن هنا يكتسب الزمن معنى آخر غير معنى مرور السنوات والعقود، إنه يكتسب معناه من كونه مجالاً وسباقاً للفعالية الإنسانية. يحمل لنا تاريخ بلدنا إنجازات مليئة بالأحداث الساخنة.. ويجد المواطن نفسه يقرؤها ويزداد علماً بالظروف والشروط الاجتماعية والسياسية والثقافية والسيكولوجية، هذا التاريخ الذي سجل معظمه سلطوي يكتب ما يريده الحكام فقط.. لذا علينا أن نتخلص من ذلك ونفك طلاسم الماضي ونعيد قراءة التاريخ بصورة موضوعية ودقيقة وأمينة بشكل مباشر، وبشكل روائي في مواجهة شروط الواقع. القصيدة الغنائية تعبر عن الخصوصيات الثقافية للمجتمع يقول الشاعر عبده عبدالكريم: «أذكر يوماً كنا قاعدين مع القمندان على شاطئ البحيرة وأذكر ممن كانوا حاضرين الأستاذ الأديب صالح فقيه والأستاذ حسن أفندي ومنصر محسن، وسالم علي الصليب وكان مسعد وفضل وأولاد طفش يسبحون، قال الأستاذ حسن أفندي (وكأنه محضر لذلك): في الحسيني من الفواكه كثيرة والقنص والجامبو جاد خيرة باتحمم على شاطئ البحيرة. ويقول الشاعر فضل ماطر وعلى لحن رقصة الدحفة الذي يبدأ بنوع من أنواع الدان يعرف بدان الدمنون والمبني على مقام البياتي أبياتاً يقول فيها: قال بوسعدان ما خيل في الشقعة ترد العناء وما تخرج إلا على شان قال بوسعدان باكيل بالكيلة وباتدق ربوعة واسلا كل حردان قال بوسعدان وامن معه بيسة روي والشقي يخور من الكوز فنجان قال بوسعدان قد ركبوا المدفع على أهل القريشي والذي حل سفيان ويقول الشاعر الكبير الراحل أحمد فضل القمندان في قصيدته الغنائية المشهورة التي تحمل عنوان (تاج شمسان) وهو اسم جبل شهير في عدن: إذا رأيت على شمسان في عدن *** تاجاً من المزن يروي المحل في تبن قل للشبيبة تبغي هكذا لكم *** تاجاً من العلم يمحو الجهل في اليمن فأنتم خلف القوم الألى رفعوا *** رايات مجدهم في سالف الزمن سارت جنودهم في البر فاتحة *** حتى ملوا البحر ذا الأمواج بالسفن مازال منهم فيكم كامناً قبس *** يجري مع الدم لم يوه ولم يهن سيروا إلى المجد صفاً واسلكوا سبيلاً *** وضاء وحيدوا عن الأضغان والفتن أنتم بنوا السادة الأمجاد من مضر *** ومن سلالة قحطان وذي يزن ويقول المؤرخ اليمني الراحل محمد عبدالقادر بامطرف في كتابه «الجامع» الجزء الرابع ص 254 - 255 ما يلي: «يحيى عمر اليافعي (أبو معجب): شاعر غزل شعبي ذو شهرة واسعة في اليمن والجزيرة العربية من يافع إلى حضرموت، قضى فترة من الزمن من حياته في صنعاء ثم هاجر إلى الهند حيث زار حيدر أباد (الدكن) و(مدراس وكلكته) ثم عاد إلى ولاية (بروده) الهندية وكانت بها جالية يمنية كبيرة من أهالي حضرموت فاستقر بها وتزوج، وله عدة قصائد غنائية مسجلة في أسطوانات وأشرطة وله ديوان شعر مع المطرب العدني إبراهيم محمد الماس.. ويقول الشاعر عمر (أبو معجب) في قصيدته الغنائية «يحيى عمر قال»: يحيى عمر قال يا طرفي لمه تسهر وأن شفت شي في طريقك وأعجبك شله وإنا كان عادك غريب ما تعرف البندر إذا دخلت المدينة قول باسم الله اتبع هوى البيض جملة وأعشق الأخضر وساير السمر والأحمر كذلك خله الخضر دله وفيهم نفخة العنبر والسمر يسلوك في السمر وفي القبلة واسمر مع البيض كما يحلى به المسمر والشمع يزهى إذا شاف إليها مثله هذا وهذا وهذا حبهم يسحر يا من دخل في هواهم تيهوا عقله خلوه يمشي وهم المسكين يتفكر لما نوى بايصلي ضيع القبلة الحب ياناس كم أفنى وكم أدمر ما ترحموا غير عاشق فارقه خله