يوم الجمعة الموافق 7 فبراير ((شباط)) 2014 م ، كانت ليلة شتوِية فنية جميلة و بديعة من أبهى ليالي عمرنا و أعذب أماسي الحبيبة المفعمة بدفء المشاعر و الحب العذري غير الذابل سرمدا ً، مدينة (( عدن)) ، أحياها ((البيت الثقافي العدني) وحملت عنوان : (( عام ٍ بدون المرشدي)) في معهد الفنان الراحل جميل عثمان غانم للفنون الجميلة بمدينة كريتر، و على النسمات العليلة لهواء (( عدن )) الطلق اللطيف، ابتهجنا خلالها بالذكرى السنوية الأولى لرحيل فنان الشعب الكبير محمد مرشد ناجي المرشدي، على وقع أريج ألحانه الخالدة و رياحينها الفواحة التي صدح بها و شدا أروع الشباب الواعد الموهوب في مجال الفن الغنائي الذين حقا ً أطربونا بذهبيات العملاق (( المرشدي ))، الذي لم و لن ترحل روحه العطرة عنا للثروة الألحانية الغنائية القومية الوطنية التي خلفها للأجيال الحالية و المتوالية على حد ٍ سواء، فها هو ذا الفنان الشاب عبد الوهاب علي ، أطرب جمهور الحاضرين لتلك الليلة الفنية (( المرشدية )) برائعة أغنية : (( ضناني الشوق و ازدادت شجوني . . و كثر الدمع قد حرق جفوني ))، التي كتب كلماتها الشاعر الكبير الراحل مهدي علي حمدون، (( الوهط لحج 1936 م 1975 م ))، ولحنها و غناها (( المرشدي )) و الذائع صيتها في الجزيرة و الخليج و الشام ، و كانت ليلتها للأغنية نفسها صداها ومفعولها السحري الخاص بصوت الفنان عبد الوهاب علي، و بما لا يدع مجالا ً لأدنى شك ٍ أن (( فولوكلورنا)) الغنائي الغني لا خوف عليه ما دام هو في أياد ٍ شابة أمينة تدرك و تعي ما تصنع من انجاز على صعيد الحفاظ على التراث الوطني الثمين الذي تركه (( المرشدي )) و أقرانه لهؤلاء الشباب و دونهم لاحقون عقبهم ليكملوا معا ً مسيرة العطاء الفني الزاخر التي أرسى مدامِكها (( مرشدنا )) و غيره من أفذاذ الفن الطربي الأصيل في عدن و لحج و أبين و شبوة و حضرموت والمهرة، حتى وجدنا وقتها بعد ذلك الفنان الشاب مهيوب زحيري، يمتِعنا برائعة (( المرشدي )) أغنية: (( بالله عليك يا طير يا رمادي . . تفرد جناح تردني بلادي )) للشاعر سعيد محمد الشيباني، (( 1939م))، وألحان فناننا الأسطورة (( المرشدي)) و لإنصاتي متسمرا ً في مكاني ممعنا ً و مشنفا ً أذناي في غنائها من الفنان مهيوب زحيري، (( عدن بلادي ))، فلامست بإحساسي الفطِن حينها أنفاس صاحب الاحتفائية (( المرشدي)) ذاته تحوم حولنا و تشعر بالرضا لإرثها الفني و اطمئنانها عليه، الممتد راهناً منه إليهم و سيتعاقب مع و ما بين الأجيال المقبلة، و من ذلك نستنتج أن الفن التراثي الغنائي بخير الآن و سيظل كذلك و هو نابع من حناجر ذهبية للفنانين الشباب : عبد الوهاب علي، و مهيوب زحيري، و نزيه مريد، و وهيب جرادي، و جميل عبده، ومحمد العاصي، و العديد من الشباب أمثالهم يحفظهم الله عز و جل . ليلتها أيضا ً شاهدنا عرض الفيلم الوثائقي المتميز الذي أعده الأستاذ المؤرخ الفاضل صالح محمد الوحيشي ، مستشار تلفاز (( عدن )) لشؤون البرامج، عن سيرة حياة الفنان (( المرشدي )) من ميلاده حتى وفاته، و استمتعنا و جمهور الحضور للحفلة عينها ، الذي جله كان من عنصر الشباب و هذا ما بعث على الأمل في الغد المشرق للوطن بهم و بطموحاتهم الأجمل المشروعة و عقولهم النظيفة المتوهجة ألقا ًوإبداعا، بالمعلومات الغزيرة و موسيقى (( المرشدي )) التي تضمنها الفيلم و كل التحايا و الثناء للأستاذ القدير محمد الوحيشي . الأستاذ الباحث والفنان التشكيلي المخضرم علي محمد يحيى، رئيس ملتقى (( خور مكسر )) الثقافي بمحافظة عدن، ألقى محاضرة قيمة في الحفل نفسه حول حياة الفنان محمد مرشد ناجي المرشدي و مسيرته الفنية الحافلة بالعطاءات الخلاقة فنا ً و لحنا ً و غناء ً، و طاف بنا ساعتها الفنان علي محمد يحيى في بحر لجي سبرنا أغواره بخيالاتنا الواسعة لنحو (( 84 )) عاما ً كاملة هي مدة حياة فناننا الخالد في حنايانا (( المرشدي )) و معاناته منذ ولادته وطفولته و نشأته و شبابه الميمون ، و جعلت منه العوامل تلك كلها علما ً وطنيا ً بارزا ً لا يقل شأنا ً عن (( جبل شمسان )) المنيف الشامخ والرابض على مدينتنا الأغلى (( عدن )) والراسية جذوره و الضاربة أطنابه في عمق الأرض، و صار أحد أعظم فناني هذا البلد المعطاء يشار إليه بالبنان على مستوى العالم كافة ، و كانت حقا ً محاضرة لا يشق لها غبار انسجم معها الجميع لأهمية معلوماتها المفيدة التي يهتدي بها ويشرب من معينها الناهلون و الفنانة التشكيلية ثناء أسامة ، أبت إلا أن تسطر و تنسج بأناملها الناعمة و ريشتها الفنية الأخاذة (( بورتريهات)) فائقة الجمال و الروعة و رسومات لصاحب الاحتفالية المكرسة من أجله الفنان المبدع محمد مرشد ناجي المرشدي . و سيبقى يوم ميلاد الفنان محمد مرشد ناجي المرشدي في 6 نوفمبر (( تشرين الثاني )) 1929 م، و يوم رحيله إلى دار البقاء و الخلود الدار الآخرة في 7 فبراير (( شباط)) 2013م ، يومين مجيدين لا و لن يمحوا من ذواكرنا ف (( أنت . . أنت .. يا ألف . . يا نون . . تاء))، كما قالها لك الشاعر الكبير الراحل عبد الله هادي سبيت، (( الحوطة لحج 1921 م 2007 م)) ، في إحدى روائعه و لحنتها و غنيتها أنت بنفسك، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يطيب ثراكما و يرحمكما ويغفر لكما و يجعل مثواكما الجنة ، آمين . فشكراً ل ((البيت الثقافي العدني)) ، شكراً ل ((معهد الفنان الراحل جميل عثمان غانم للفنون الجميلة )) . شكرا ً للشباب المبدعين الذين أسروا عقولنا و سلبوا ألبابنا بإبداعاتهم العظيمة . و نحن معكم و إلى جانبكم مجتمعن في كل شيء جميل تنشدونه لخدمة الفن و الشباب المبدع و إبداعاتهم المثيرة للدهشة و الإعجاب و في الوقت ذاته الباعثة على الاطمئنان و السكينة ، و الوطن و مصدر فخرنا و سمونا مدينتنا الأعز المفداة بأرواحنا (( عدن)) بشبابها المتميز في الصدارة دوما ً و أبدا ً .