«محمد مرشد ناجي لمحمد عبده: أنصحك بعدم ادخال الآلات الحديثة في توزيع هذه الأغنية.. لأن الجمهور اليمني يتقبل العود والايقاع فقط من مثل هذا اللحن!!» صنعاء عام 1976م. لكن محمد عبده لم يمتثل لهذه النصيحة.. وأصر على دخول التجربة بتوزيع اللحن لأغنية «ضناني الشوق» بما يتواءم مع لغة الجيل الموسيقية والامكانات المتاحة في تلك الفترة، وغنى الأغنية عند زيارته لليمن في سبتمبر عام 1976ه ضمن احتفالها بعيدها الوطني، غناها بتوزيع حديث تفاعل حينها معه الجمهور اليمني. وحققت الأغنية نجاحا لم يكن يتوقعه أحد، حتى أن أحد المسؤولين في اليمن أوضح بأنه لم يكن يعتقد أن يأتي فن من خارج اليمن , يُقنع الجمهور اليمني بهذه الآلات الحديثة، خاصة أن الجمهور اليمني جمهور متذوق للفن العربي بدرجة أولى، ولكن محمد عبده غنى هذا اللحن الصعب فعلا. وأغنية ضناني الشوق والتي لحنها الفنان اليمني المثقف محمد مرشد ناجي، من مقام «بيات النوى» في نهاية كل مقطع و قبل انتقاله من البيات إلى نوى حجاز المايه يلفظ الشوق من الكلمة الرئيسية ، يقولها بتعب تهامي (يا بوي ضناني الشاوق) و اتصال الفنان مع تعبيراته الفنية ما هي إلا قيادة الحسي إن توفر للفنان الى معاناة . ضناني الشوق و ازدادت شجوني وكثر الدمع قد حّرق جفوني تناسوني و انا قلبي معاهم وناسوني و انا اقدس هواهم فهل هذا جزاه يا ناس من حب؟ ولافكرت مره في جفاهم ضناني الشوق يا بوي ضناني الشاوق ومع صيف عام 1977م. وعبر مسارح القاهرة قدم محمد عبده للجماهير العربية والمصرية والسعودية «ضناني الشوق» ونجحت بدرجة كبيرة حتى أطلقت القاهرة حينها على محمد عبده لقب مطرب وفنان الجزيرة العربية. وفي إحدى مناسبات، كانت هناك حفلة في صيف القاهرة, ومن المفترض أن يغني محمد عبده قبل فقرة الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية. وقد قام متعهد الحفل آنذاك جلال معوّض بتقديم النصائح للفنانة وردة بالغناء قبل محمد عبده، لكنها لم تستمع إلى تلك النصيحة, وقالت بأن لها جمهورها وعشاقها, واختار محمد عبده أغنية « ضناني الشوق « ختاما لفقرته, وماهي إلا لحظات حتى همّ الناس بالخروج وغادرت الجماهير بكثافة. ودخلت الفنانة وردة على المسرح واستقبلها جمهور ضئيل , لذلك لم تغن وردة سوى أغنية واحدة , غادرت بعدها مكان الحفل , ثم سافرت إلى أوروبا , وقطعت علاقتها فورا بالمتعهد ( جلال معوّض ), رغم أنه قام بتقديم النصح لها. لذلك استحق محمد عبده لقب مطرب وفنان الجزيرة العربية , وهكذا انتهت فترة السبعينات بكل هذه النجاحات المتواصلة , في وقت كان العمالقة في مصر يقدمون روائعهم مثل (أم كلثوم وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ». بعد 32 عاما من غناء أول أغنية يمنية بشكل رسمي وبعد 28 عاما من زيارة اليمن الأولى وغناء «ضناني الشوق» وما تبعها من أغان أخرى ذات طابع يمني منها « جل من نفس الصباح»، «صنعاء بلادي»، «الناس عليك ياريم»، «يا مستجيب للداعي» عاد الفنان محمد مجددا إلى اليمن التي أقام فيها ثلاث حفلات في صنعاء وعدن والمكلا ليستعيد ذكريات أغنية «ضناني الشوق» ويقدم أغنية الشاعر سعود سالم « في حب صنعاء» التي احتفى بها الجمهور اليمني، مثل ذاك الاحتفاء. نقلا عن صحيفة عكاظ (عكاظ الأسبوعية).