بعد مرور 27 سنة على توليه السلطة، أعلن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح انه لن يرشح نفسه مجددا للرئاسة، في خطوة غير متوقعة، اطلق عليها «التداول السلمي للسلطة» يأمل أن تكون نموذجا يضخ قيادات شابة مستقبلا. اتاحة الفرصة لاجيال كي تشارك في حكم وبناء بلادها، في اي بلد، نقطة تستحق الوقوف والاشادة في سبيل اعادة تشكيل الرؤى وطريقة قراءة المستقبل والاصلاح. لكن ما استوقفني في الامر عبارة «التداول السلمي للسلطة»، والتي تحمل في طياتها اسئلة مفتوحة لاحتمالات عديدة، وهل يعني ذلك ان السلطة لم تكن تتداول من قبل بشكل سلمي؟ وهل يطعن ذلك في الماضي بكل ما حصل؟ يعني مفهوم «التداول السلمي»،، الديمقراطية الحرة وغياب الانقلابات العسكرية واساليب القمع في الوصول الى دفة الحكم، وفي داخل ما اعلنه الرئيس اليمني فان المفهوم ينفتح نحو معان جديدة، وهي ان استمرار اي رئيس على نظام الاستفتاء الذي تكون نتائجه مدركة سلفا ووراثة الحكم، كل ذلك يعني نوعا من التداول القهري للسلطة، الذي يتجرد عن السلمية. واذا ما صدقت الوعود‚ فان الرئيس اليمني يؤسس لخط جديد، سوف يتمنى ملايين العرب ان يمتد هذا الخط الى بلادهم، بما يفتح الحكومات نحو التغيير واتاحة الفرصة للاجيال الجديدة لتساهم في بناء وقيادة بلادها. قد تكون قضية الحكم واحدة من معوقات التنمية والتحول الايجابي في الدول العربية، لكنها ليست مجمل الصورة، فدولنا تعاني من اشكاليات متشابكة‚ لن يكون الحاكم الا جزءا منها لكنه لا يمثل حل المشكلة. هناك اشكالات تتعلق بالشعوب نفسها في كافة طبقات المجتمع، وفي الشرائح المختلفة من مثقفين ومفكرين ونقابيين الخ،، وتصب هذه الاشكالات في الوعي والعقل والانتباه وغياب الفكر الخلاق الذي يدفع الحياة نحو الافضل. لذلك فان التغيير في العالم العربي، لا يعني مجرد استبدال رئيس هرم برئيس شاب، كذلك فان «التداول السلمي للسلطة» يعني قبل كل شيء رسوخ مبدأ الحرية في قلب كل انسان‚ فدون الحرية والايمان بها، لن تكون هناك سلطة حقيقية ولا سلم لآفاق الغد. لكن اذا كان اول الغيث قطرة ثم ينهمر، فربما كانت خطوة الرئيس صالح،، بداية غيث جديد في الصحراء العربية القاحلة. نقلا عن الوطن القطرية