محسن محمد أبو بكر بن فريد يتوجه اليوم - الاثنين- السيد عبد الرحمن علي بن محمد الجفري ، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" ، إلى مدينة ميونخ بألمانيا، لإجراء عملية القلب ، وذلك في احد أهم مراكز القلب في العالم. واجدها مناسبة اليوم أن أحدثكم عن عبد الرحمن الجفري صديق ورفيق العمر، الأخ والسياسي والإنسان. (وهو ولا شك رجل من رجالات اليمن ، بل رجل من رجالات العرب النادرين.) أود أن أحدثكم عن الوجه الأخر، والحقيقي لهذا " الرجل" و"القائد" الكبير . ..................................... إذا كان العالم قد "اكتشف" أصالة ومعدن الرجل عبد الرحمن الجفري خلال قيادته و إدارته لمدينه عدن المحاصرة أثناء حرب صيف 1994 الظالمة ، فنحن ، في حزب الرابطة ، قد "اكتشفنا " ذلك " المعدن الأصيل " و " القدرات القيادية " المتميزة له منذ سنوات وسنوات . ولهذا منحنا الرجل ثقتنا.. وأوليناه قيادة ركبنا. فذلك هو عبد الرحمن الجفري الذي نعرف . وستكون "المفاجأة" بالنسبة لنا إذا تصرف الجفري على منوال آخر. عبد الرحمن الجفري صديق عمر.. ورفيق درب طويل من النضال والمعاناة والآمال والتطلعات المشتركة. ويمكنني الإشارة إلى خمس محطات في العلاقة الحميمة و"الأبدية" مع الأخ العزيز.. والصديق الصدوق. المحطة الأولى : كان أول لقاء بين عبد الرحمن وبيني منذ ما يقرب من 48 عاما. كان ذلك في عام 1957 م ، في مسقط رأسي (مدينة الصعيد بمحافظة شبوه) عندما جاء عبد الرحمن لحضور "ثالث" جدي الجليل، الشيخ محسن بن فريد (شيخ مشايخ العوالق العليا). وأتذّكر جيدا أن عبد الرحمن كان شابا في مقتبل العمر. نحيفا.. طويل القامة.. متحفزا.. بالغ الحيوية والنشاط. وكنت أنا في حوالي العاشرة من العمر. المحطة الثانية : كان اللقاء الثاني لنا في القاهرة في عام 1959 م . جمعتنا مرحلة الدراسة.. ومرحلة الانهماك في العمل الوطني والحزبي من خلال "حزب رابطة أبناء الجنوب (الحزب الذي كان يسعى الى تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني.. وتوحيد الثلاث وعشرين سلطنة وإمارة ومشيخة في كيان سياسي واحد.. على طريق الوحدة اليمنية).. فإلى القاهره ، قام الاستعمار البريطاني بنفي القادة العظام لحزب الرابطة: الزعيم الكبير والمؤسس السيد محمد علي الجفري، والأستاذ الكبير شيخان الحبشي، والسلطان المثقف علي عبد الكريم العبدلي، والشيخ الجليل الوالد محمد أبوبكر بن فريد. وكانت القاهرة - حينها - بمثابة "حلبة" للصراع والصدام بين مختلف التيارات والمدارس الفكرية. فكانت لنا ،نحن أعضاء الرابطة، جولات وصولات مع أعضاء وتنظيمات حزب البعث.. وحركة القوميين العرب، وسفارة ومندوبي حكومة الأمام أحمد في القاهرة. وشهدت منتديات القاهرة (كنقابة الصحفيين، ونقابة المحامين، ومقر الأممالمتحدة في القاهرة والجامعة العربية) الكثير من المناظرات والمجادلات و "الصدامات" بين مختلف فصائل العمل الوطني في الجنوب -حينها- وذلك حول مستقبل الجنوب وأهل الجنوب. وأتذكر أن الأخ عبد الرحمن قد قام بإلقاء خطاب باسم شباب اليمن، أمام الرئيس عبد الناصر في الاحتفال الذي تم في ميدان عابدين في وسط القاهرة أمام عشرات الآلاف في عام 1960 م احتفالا بذكرى الوحدة المصرية / السورية. دخل عبد الرحمن الكلية الحربية في القاهرة، وتخرج منها في عام 1965 (وهو نفس العام الذي دخلت فيه كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة). تتلمذنا في تلك الفترة.. وتدربنا وتشربنا أخلاقيات ومثل العمل الوطني على أيدي الرواد والمؤسسين، السابق الإشارة إليهم . وجمعتني بالأخ عبد الرحمن -في تلك الفترة- الكثير من الندوات و "الحلقات" الحزبية الرابطية.. وقاهرة الستينيات، ولربما كانت هذه الفترة هي أجمل فترات العمر . فترة الشبوبية، والآمال والتطلعات التي ليس لها حدود. المحطة الثالثة : مرحلة التفكير.. والإعداد.. والتنفيذ ل " الولادة " الثانية لحزب الرابطة في أواخر عام 1986 م. فإذا كانت "الولادة" الأولى للرابطة قد كانت في عام 1951 م ، فإن "الولادة" الثانية قد كانت في نوفمبر1986 . فبعد أن "ترهلت" و "تجمدت" الرابطة، وجدنا، نحن الشباب، إن من المحتم إعادة الحياة لها وضخ "دماء جديدة" لقيادتها. وتم اختيار الأخ عبد الرحمن رئيساً للرابطة وكاتب هذه السطور أمينا عاما لها. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم أصبح الارتباط والتواصل والاندماج على أكمله بين الأخ أبو علي وبيني. فلا يمر يوم دون أن نلتقي. وإن لم نلتق وجهاً لوجه فالتليفون يربطنا ساعة بساعة . المحطة الرابعة: توديع حياة "المنفى" والعودة إلى الوطن (بعد 23 سنه في المنافي.. والتجوال في أصقاع العالم) وكانت العودة إلى صنعاء "عاصمة اليمن الموحد" وذلك في شهر يناير 1990م . وهذه هي المحطة الرئيسية في حياتنا ونشاطنا السياسي، فقد انهمكنا معا.. ومع "كوكبة" من قيادة الرابطة الشابة في إعادة تأسيس حزبنا (بعد أن تم تعديل الاسم ليصبح حزب رابطة أبناء اليمن "رأي".. وأصبح مجال حركته ونشاطه ليس الجنوب فقط. بل اليمن من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها). وقمنا خلال الفترة الانتقالية (التي استمرت 4 سنوات) بجولات وندوات ومحاضرات سياسية في مختلف محافظات اليمن. وجبنا سهولها وجبالها وشواطئها ووديانها. وتمركزنا في العاصمة صنعاء. وشقينا طريقنا في الصخر (في ظل سيطرة الحزبين الحاكمين -المؤتمر والاشتراكي- وتقاسمهما للبلاد والعباد) وحفرنا اسم "الرابطة" في كل محفل ومنتدى. وفي خلال أربع سنوات أصبحت الرابطة (بفضل الله ثم بفضل رئيسها وزعيمها وقائدها عبد الرحمن الجفري بشكل خاص، وقدراته القيادية الفذة.. وطاقته وحيويته التي لا تكل ولا تمل) أصبحت الرابطة رقما أساسيا في ساحة المعارضة اليمنية .. وأصبح الجفري " نجم" المعارضة في صنعاء . المحطة الخامسة: فترة الحرب الظالمة التي "فاجأتنا" ونحن في فندق عدن (ضمن لجنة الحوار) في أوائل مايو 1994. كان الجفري "نجم" عدن في تلك الأيام المأساوية. ففي "محرقة" وحصار عدن اكتشف العالم .. واكتشف اليمن "نوعيه جديدة" من القيادة. فبينما كان الكثيرون يبحثون عن "منفذ" للهروب من عدن.. كان الجفري (القائد والقدوة) يتمترس وسط أبناء عدن. فما أن تسقط قذيفة على موقع أو حي سكني إلا ويكون عبد الرحمن الجفري أول الواصلين إلى ذلك الموقع: يقدم المواساة ويحث على الصبر والصمود. ثم ترافقنا في حياة المنافي مرة ثانية منذ صيف 1994 وحتى اليوم. وكان عبد الرحمن الجفري طوال هذه السنين مثالاً للرجل الصادق الصابر المؤمن بعدالة قضيته. وفي كل المراحل والفترات والمحطات الماضية كان يمكن لعبد الرحمن أن "يساوم" وأن "يزايد" وأن "يبيع". ولكنه لم يفعل.. ولن يفعل. منذ عرفت عبد الرحمن الجفري منذ ما يقرب من 48 عاما والرجل يتميز ويتصف بصفات لا تخفى على العين ولا على من يعرفه عن قرب (والله يشهد على ذلك) من أبرزها: 1- حب، وغيرة، وعشق للوطن يصل إلى حد "التصوف". 2- إقدام وشجاعة تصل إلى حد المخاطرة.. بل التهور. 3- كرم يصل إلى حد الجود بالموجود. 4- اعتزاز.. واعتداد بالنفس لا حدود له. 5- صداقة ووفاء ومودة بدون حدود.. أو خصومة (ولكن بلا حقد أو كراهية). 6- طاقة خرافية للعمل والنشاط السياسي.. تصل إلى درجة "العشق". فهو يمكن أن يواصل العمل والنشاط بدون توقف، لمدة عشرين ساعة متواصلة في اليوم. 7- سلوك مستقيم .. وعفة لسان. وفي المرحلة الدقيقة والحساسة والمصيرية التي يمر بها وطننا اليوم ، تأتي قيادة و"زعامة" الجفري ك"ضرورة" و"حاجة". ويبدو أن "قدر" الجفري هو أن يكون "حامل الهم" وحامل مشعل البناء والإصلاح على الأرض اليمنية. ولا شك أنه أهل لتلك المهمة. فحلق يا أبا علي، يا صديق ورفيق العمر، حلق إلى حيث "تجرؤ النسور" في روابي ميونخ بألمانيا.. ووسع شرايين قلبك الذي أضناه حب وعشق الوطن من جانب، وأنهكه الغبن والجور والتخلف في بلادنا من جانب آخر. وتأكد أن قلوب الملايين من أبناء بلادك (ومن أصدقائك ومحبيك في كل أنحاء الدنيا) يدعون لك ويبتهلون للعلي القدير أن يمن عليك بكامل الصحة والعافية. وحاشا على الله القدير الرحيم أن يخذلنا.. نحن في انتظارك .. والوطن في انتظارك والى لقاء قريب