بنسبة 20%.. تخفيض أجور النقل من ميناء عدن إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثي    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    الصحة العالمية: اليمن في المرتبة الثانية إقليميا من حيث أعلى معدل في حالات الإصابة بالكوليرا    العبسي: تعرضنا للاعتداء من رجال مرور وكالوا لنا الشتائم    التربية تعمم باسعار الكتب الدراسية ! (قائمة بالاسعار الجديدة)    تراجع الذهب عند التسوية مع ارتفاع الدولار    رئيس الاركان الايرانية: عملياتنا القادمة ضد الكيان ستكون عقابية    محافظة ذمار تُحيي الذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني السيد بدر الدين الحوثي    لأول مرة في تاريخه.. الريال اليمني ينهار مجددًا ويكسر حاجز 700 أمام الريال السعودي    إيران تطلق موجة جديدة من الهجمات وصافرات الإنذار تدوي في الأراضي المحتلة    افتتاح مشاريع خدمية بمديرية القبيطة في لحج    وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين خلال اليوم المفتوح    إخماد حريق في معمل إسفنج بالعاصمة صنعاء    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    برشلونة يتوصل لاتفاق مع نيكو ويليامز    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    الوزير الزعوري يناقش مع مؤسسات وهيئات الوزارة مصفوفة الأولويات الحكومية العاجلة    أخر مستجدات إعادة فتح طريق رابط بين جنوب ووسط اليمن    أبو شوصاء يتفقَّد قصر الشباب ويطِّلع على مستوى الانضباط في الوزارة والجهات التابعة لها    قصة مؤلمة لوفاة طفلة من ردفان في أحد مستشفيات عدن    تلوث نفطي في سواحل عدن    ماكرون يكشف عن عرض أمريكي إلى إيران بشأن وقف إطلاق النار    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    الإفراج عن 7 صيادين يمنيين كانوا محتجزين في الصومال    أمنية تعز تعلن ضبط عدد من العناصر الإرهابية المتخادمة مع مليشيا الحوثي الارهابية    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 17 يونيو/حزيران 2025    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    د.الوالي: لن نشارك في تظاهرة هدفها ضد استقلال الجنوب العربي ورمزها الوطني    صوت الجالية الجنوبية بامريكا يطالب بالسيادة والسلام    الشرق الأوسط تحت المقصلة: حربٌ تُدار من فوق العرب!    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على خلية حوثية    قرار مفاجئ للمرتزقة ينذر بأزمة مشتقات نفطية جديدة    بعض السطور عن دور الاعلام    راموس: اريد انهاء مسيرتي بلقب مونديال الاندية    وجبات التحليل الفوري!!    واشنطن تبلغ حلفائها بعدم التدخل في الحرب بين ايران واسرائيل وصحيفة تكشف توقف مصفاة نفط    كأس العالم للأندية: تشيلسي يتصدر مؤقتاً بفوز صعب ومستحق على لوس انجلوس    السامعي يدعو لعقد مؤتمر طارئ لمنظمة التعاون الاسلامي لبحث تداعيات العدوان على إيران    اتحاد كرة القدم يقر معسكرا داخليا في مأرب للمنتخب الوطني تحت 23 عاما استعدادا للتصفيات الآسيوية    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    البكري يبحث مع مدير عام مكافحة المخدرات إقامة فعاليات رياضية وتوعوية    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    حصاد الولاء    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    اغتيال الشخصية!    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقة الإسكندرية عن قضايا الإصلاح في الوطن العربي
نشر في رأي يوم 07 - 08 - 2006

نص "وثيقة الإسكندرية" الصادرة عن "مؤتمر قضايا الإصلاح العربي.. الرؤية والتنفيذ" الذي انعقد بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 12 إلى 14 مارس 2004:
اجتمع المشاركون في مؤتمر "قضايا الإصلاح العربي: الرؤية والتنفيذ" المنعقد في مكتبة الإسكندرية في الفترة 12-14 مارس 2004 بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأهلي في الوطن العربي، وتدارسوا إمكانات الإصلاح اللازمة لتطوير مجتمعاتنا العربية. وقد انتهت مناقشاتهم إلى ضرورة الإعلان عن اقتناعهم الكامل بأن الإصلاح أمر ضروري وعاجل، ينبع من داخل مجتمعاتنا ذاتها، ويستجيب إلى تطلعات أبنائها في بلورة مشروع شامل للإصلاح، يضم الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشروع يسمح بالتعامل مع أوضاع كل قطر على حدة، وينتظم في نسق عام يحدد القواسم العربية المشتركة، بما يتيح الفرصة لكل مجتمع عربي كي يدفع خطوات الإصلاح الخاصة به إلى الأمام، ويزيد من التواجد العربي على الساحة الدولية ويبعده عن التقوقع والتمحور على الذات.
وفي الوقت نفسه، يرسِّخ لإطار تعاون إقليمي يجعل من الوطن العربي كيانا أكثر إيجابية وفاعلية وتأثيرا على الصعيد الدولي. وينبغي ألا يحجب الإصلاح الداخلي عن منظورنا أهمية معالجة القضايا الإقليمية التي تفرض نفسها على جدول أعمالنا، وفي مقدمتها الحل العادل للقضية الفلسطينية طبقا للمواثيق الدولية التي تقضي بإقامة دولتين مستقلتين، لكل منهما سيادة حقيقية كاملة، وتحرير الأراضي العربية المحتلة، وتأكيد استقلال العراق، والحفاظ على وحدة أراضيه. يضاف إلى ذلك جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وحل المشكلات الحدودية بين الأطراف المتنازعة بالطرق السلمية، دون أن تكون هذه المشكلات ذريعة للتدخل الأجنبي في شئون المنطقة العربية، أو وضعها تحت الوصاية من جديد.
إن التاريخ الحضاري العريق لشعوب هذه المنطقة، ورؤيتها لمستقبلها الواعد، يؤكدان إدانة الإرهاب بكل أشكاله، ومواجهة النواتج الخطرة لأنواع التعصب الديني، وتجسيد قيم التسامح والتفاعل الخلاق بين الثقافات والحضارات.
إن المجتمعات العربية تملك من النضج والخبرة التاريخية ما يجعلها قادرة على الإسهام في تشكيل الحضارة الإنسانية، وتنظيم أمورها وإصلاح أوضاعها الداخلية، مع ضرورة الانفتاح على العالم وتجاربه الإصلاحية والتفاعل معها، طبقا لقائمة أولويات محددة، تمضي على النسق التالي:
أولا: الإصلاح السياسي:
ونقصد به كافة الخطوات المباشرة، وغير المباشرة التي يقع عبء القيام بها على عاتق كل من الحكومات والمجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص وذلك للسير بالمجتمعات والدول العربية قدما، وفي غير إبطاء أو تردد، وبشكل ملموس، في طريق بناء نظم ديمقراطية.
وعندما نتحدث عن نظم ديمقراطية -بوصفنا ممثلي المجتمع المدني العربي- فإننا نقصد بها -دون أدنى لبس- الديمقراطية الحقيقية التي قد تختلف في أشكالها ومظاهرها، وفقا للتغيرات الثقافية والحضارية من بلد لآخر، ولكن جوهرها يظل واحدا، فهي تعني ذلك النظام الذي تكون الحرية فيه هي القيمة العظمى والأساسية بما يحقق السيادة الفعلية للشعب الذي يحكم نفسه بنفسه من خلال التعددية السياسية التي تؤدي إلى تداول السلطات، وتقوم على احترام كافة الحقوق في الفكر والتنظيم والتعبير عن الرأي للجميع، مع وجود مؤسسات سياسية فعالة، على رأسها المؤسسات التشريعية المنتخبة، والقضاء المستقل، والحكومة الخاضعة للمساءلة الدستورية والشعبية، والأحزاب السياسية بمختلف تنوعاتها الفكرية والأيديولوجية. كما تقتضي هذه الديمقراطية الحقيقية كفالة حريات التعبير بكافة صورها وأشكالها، وفي مقدمتها حرية الصحافة ووسائل الإعلام السمعية والبصرية والإلكترونية. والاعتماد على الانتخابات الحرة، مركزيا ولا مركزيا، وبشكل دوري، لضمان تداول السلطة وحكم الشعب، وتحقيق أقصى قدر ممكن من اللامركزية التي تتيح للمجتمعات المحلية التعبير عن نفسها وإطلاق طاقاتها الإبداعية في إطار خصوصياتها الثقافية التي تسهم عن طريقها في تحقيق التقدم الإنساني في جميع مجالاته. ويقترن ذلك بتحقيق أقصى قدر من الشفافية في الحياة العامة، بما يعني القضاء على الفساد، في إطار يؤكد الحكم الرشيد ودعم حقوق الإنسان وفق المواثيق الدولية، وفي مقدمتها حقوق المرأة والطفل والأقليات، وحقوق الضمانات الأساسية للمتهمين في المحاكمات الجنائية، وضمان المعاملة الإنسانية في تعامل سلطات الدولة مع مواطنيها. ويرتبط ذلك بكل ما تعارفت عليه المجتمعات التي سبقتنا على طريق التطور الديمقراطي.
وفي هذا الصدد، فإننا نتقدم بمجموعة من الرؤى المحددة لإصلاح المجال السياسي، نرى أهمية ترجمتها إلى خطوات ملموسة، في إطار من الشراكة بين الحكومات والمجتمع المدني. وتتمثل هذه الرؤى فيما يلي:
1- الإصلاح الدستوري والتشريعي:
بما أن الدستور هو أساس قوانين الدولة، فلا يجوز أن تتناقض مواده مع نموذج النظام السياسي الذي ينشده المجتمع، وأن تتوافق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ويعنى ذلك أن تعكس نصوص الدستور المتغيرات والتطورات التي وقعت بالفعل؛ الأمر الذي يفرض ضرورة تصحيح الأوضاع الدستورية في بلاد العربية بتعديل المواد التي تتعارض مع المتطلبات الديمقراطية الحقيقية، أو وضع دساتير عصرية لتلك الدول التي لم تشهد هذه المرحلة بعد، مع إزالة الفجوة بين نصوص الدساتير وأهداف المجتمع في التطور الديمقراطي، وذلك بما يضمن:
أ‌) الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية فصلا واضحا صريحا.
ب‌) تجديد أشكال الحكم بما يضمن تداول السلطة بالطرق السلمية دوريا، طبقا لظروف كل بلد، فالدولة الحديثة دولة مؤسسات ونصوص وليست نوايا حسنة.
ج‌) إقامة انتخابات دورية حرة تصون الممارسة الديمقراطية، ونضمن عدم احتكار السلطة، وتضع سقفا زمنيا لتولى الحكم.
د) إلغاء مبدأ الحبس أو الاعتقال بسبب الرأي في كل الأقطار العربية، وإطلاق سراح سجناء الرأي الذين لم يقدموا إلى المحاكمة أو تصدر ضدهم أحكام قضائية.
2- إصلاح المؤسسات والهياكل السياسية:
ولما كان النظام الديمقراطي يرتبط بوجود مؤسسات قوية، تتمثل في الفروع الثلاثة المعروفة من تنفيذية وتشريعية وقضائية، فضلا عن الصحافة والإعلام ثم مؤسسات المجتمع المدني، فلا بد من مراجعة هذه المؤسسات لضمان أدائها الديمقراطي السليم؛ الأمر الذي يفرض الشفافية التامة واختيار القيادات الفاعلة، والتحديد الزمني لفترة قيامها بمسئوليتها، التطبيق الفعلي لمبدأ سيادة القانون بما لا يعرف الاستثناء مهما كانت مبررات هذا الاستثناء ودواعيه.
3- ومن هنا، فإن ممثلي المجتمع المدني والعمل الأهلي -في هذا المؤتمر- يؤكدون ضرورة إلغاء القوانين الاستثنائية وقوانين الطوارئ المعمول بها في بعض البلدان العربية، وإلغاء المحاكم الاستثنائية أيا كانت أشكالها ومسمياتها، لأنها تنتقص من ديمقراطية النظام السياسي. وتكفي القوانين العادية لمواجهة كل الجرائم دون حاجة إلى قوانين استثنائية، فذلك مطلب أساسي للإصلاح التشريعي الديمقراطي. ولا ينفصل عن ذلك مراعاة الخروج بإطار تشريعي فعال لضمان التعامل مع الإرهاب، وبلورة ضمانات تكفل عدم الاعتداء على الحريات العامة والحقوق السياسية.
4- إطلاق حريات تشكيل الأحزاب السياسية في إطار الدستور والقانون، بما يضمن لجميع التيارات الفكرية والقوى السياسية المدنية أن تعرض برامجها وتدخل تنافسا حرا شريفا على الحكم بشكل متكافئ، تحت مظلة الحريات المنصوص عليها في المواثيق الدولية.
5- تصديق جميع الدول التي لم تصدق من قبل على منظومة المواثيق الدولية والعربية التالية:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
- مشروع تحديث الميثاق العربي لحقوق الإنسان كما وضعه فريق الخبراء العرب (ديسمبر - كانون الأول 2003).
- المواثيق الدولية لحقوق المرأة بما يؤسس لإلغاء كافة أشكال التمييز ضدها.
- الميثاق الدولي للطفل بما يضمن حياة أفضل للطفل العربي.
6- تحرير الصحافة ووسائل الإعلام من التأثيرات والهيمنة الحكومية؛ ذلك لأن هذا التحرير دعامة قوية من دعائم النظام الديمقراطي، والتجسيد الواضح لحرية التعبير، والدعامة القوية للشفافية. ويكون ذلك بتطوير أساليب الإعلام والتحرير في القوانين المنظمة لإصدار الصحف وإنشاء الإذاعات والقنوات التليفزيونية، كي تعتمد على الاستقلال في الملكية والإدارة، والشفافية في التمويل، وتحقق قدرة الإعلاميين على تنظيم مهنتهم وممارستها دون تدخل السلطة.
7- إطلاق حرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، وذلك بتعديل القوانين المقيدة لحرية تكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات التطوعية، مهما كان طابعها السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الاقتصادي، لضمان حريتها في التمويل والحركة. ويصحب ذلك ضبط مشكلات التمويل الأجنبي، بالوسائل المتبعة في المجتمعات المتطورة. ولا شك أن تعديل الأطر القانونية المنظمة للمجتمع المدني في مقدمة القضايا المرتبطة بالتطور الديمقراطي للمجتمع وتفعيل سبل المشاركة في مظاهر الحياة السياسية، والتخلص من الإحساس بالاغتراب والتهميش الذي وصل إليه المواطن العربي لافتقاده فرص المشاركة الفعالة المؤثرة على حياته ومستقبله. وأخيرا، ضمان الإسهام الفعال للمجتمع المدني في مواجهة المشكلات التي تتطلب روح العمل الجماعي وأشكال الجهد التطوعي.
8- تشجيع قياسات الرأي العام وتحريرها من العوائق بوصفها إحدى وسائل الديمقراطية الأساسية، والعمل على تأسيس الهيئات والمراكز البحثية لاستطلاع الرأي العام العربي بصورة دورية في كافة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك لتوفير معلومات دقيقة يستفيد منها صانعو القرار والمخططون الاجتماعيون، ويعرفون منها خريطة واضحة صادقة لاتجاهات الرأي العام ومتغيراتها التي لا بد من وضعها في الحسبان عند صنع أي قرار.
ثانياً: الإصلاح الاقتصادي:
يشمل الإصلاح الاقتصادي كافة التشريعات والسياسات والإجراءات التي تسهم في تحرير الاقتصاد الوطني، والتسيير الكفء له وفقا لآليات السوق، بما يمكنه من الانتعاش والازدهار، وبما يسهل تكامله مع الاقتصاديات الإقليمية، واندماجه في الاقتصاد العالمي.
وغنى عن البيان، فإن هذا المفهوم للإصلاح الاقتصادي، ينطوي على حسم لكثير من الجدال والمناقشات حول هويه النظام الاقتصادي، وحول كثير من التفاصيل، مثل دور الدولة، والعلاقة بينه وبين دور السوق، والبعد الاجتماعي للتنمية... إلخ.
وقد اتفقت آراء المجتمعين على أن الأداء الحالي للاقتصاديات العربية لا يتواكب مع التحديات الواجب التصدي لها، ولا يرقى إلى الإمكانات المادية والبشرية وطاقاتها الكامنة. ويفرض قصور أداء الاقتصاديات العربية في المرحلة الراهنة، وما تستوجبه متطلبات المستقبل، إجراء إصلاح اقتصادي جذري يغير من الأوضاع القائمة. إن الإبطاء في تنفيذ الإصلاح الاقتصادي له تكلفة باهظة وأعباء هائلة، ولن يزيدها مرور الوقت إلا سوءًا. ويمكننا رصد ما يلي من مؤشرات عن الواقع الاقتصادي العربي:
- انخفاض معدلات النمو في الدخل القومي وتدهور نصيب الفرد مقارنا بالمؤشرات الدولية.
- تراجع نصيب الدول العربية في التجارة الدولية، وتركز الصادرات في منتجات أولية مع هامشية نصيب المنتجات ذات القيمة المضافة العالية في الصادرات العربية.
- تراجع نصيب المنطقة من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
- الإخفاق في توليد فرص عمل كافية للداخلين الجدد في سوق العمل وارتفاع حدة البطالة بمعدلات أعلى من متوسطات الدول النامية، مع تركز البطالة بين فئات الشباب والإناث.
- تزايد حدة الفقر في عدد من الدول العربية، حيث يمس الفقر المتعطلين عن العمل ونسبة ملموسة من العاملين أيضًا.
إن مجموعة السياسات المقترحة التي يتم اتباعها في المنطقة ركزت بالأساس على تحقيق الاستقرار الكلي، وخفض معدلات التضخم من خلال ثالوث برامج التثبيت والخصخصة والتحرير الاقتصادي. لكن هذا المنهج لم يهتم اهتمامًا كافيا بموضوعات لا تقل أهمية كالبطالة وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وفي عالم عربي شاب وناهض، لا بد أن تكون عمالة الشباب وجودة التعليم والخدمات الاجتماعية والبرامج المساندة للمشروعات الصغيرة من العناصر الأساسية في مفهوم الإصلاح وبرامجه مع تحديد واضح للأولويات، وتأكيد أهمية الإطار المؤسسي اللازم لتحقيق الإصلاح الشامل بجانبيه الاقتصادي والاجتماعي.
وبناء على ما سبق فإننا نتقدم بالمقترحات الآتية:
- إعلان الدول العربية عن خطط واضحة وبرامج زمنية محددة للإصلاح المؤسسي والهيكلي، مع تحديد دقيق لدور الدولة يجعلها محفزة للنشاط الاقتصادي، وموفرة للبيئة الملائمة للقطاع الخاص والقطاع العام في المجالات التي يتمتع بمزايا ومؤهلات لعمله فيها، مع الالتزام بخطط واضحة لإحداث تغيير جذري في الجهاز الإداري الحكومي وتقليص البيروقراطية، ورفع كفاءة العمل في الجهات الحكومية التي تتعامل مع المستثمرين والمستوردين والمصدرين مثل: الضرائب والجمارك وجهات إصدار التراخيص.
- التصدي الحاسم للمشكلات المعوقة للاستثمار وإزالتها أمام الاستثمار العربي والأجنبي.
- تشجيع برامج الخصخصة بما في ذلك القطاع المصرفي، وفقا للضوابط القانونية التي تحقق المصلحة العامة، وتقليص الاستثمارات الحكومية، ما عدا المجالات الإستراتيجية والسلع ذات النفع العام، وإلغاء الحقوق الاحتكارية الحكومية غير المبررة اقتصاديا لتشجيع القطاع الخاص وجذب المزيد من الاستثمارات، وذلك لتعظيم مساهمة القطاع الخاص في إيجاد فرص للتشغيل.
- تطوير برامج تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر بما يسهم في علاج مشكلة البطالة، مع إعطاء الفرصة كاملة للإناث في الحصول على التمويل.
- وضع معايير وقواعد للارتقاء بنوعية المنتجات الوطنية وتأسيس مجالس قومية لدعم القدرة التنافسية مع القيام بإجراء تقييم مستمر يتم نشره.
- إرساء قواعد الحكم الجيد للنشاط الاقتصادي مع تأكيد الشفافية والمحاسبة وتنفيذ أحكام القضاء.
- تمكين المرأة من المساهمة الكاملة في قوة العمل الوطنية، وذلك بالاعتماد على ما لديها من خبرات ومؤهلات.
- مراجعة السياسات الاقتصادية المتبعة من منظور تحقيق التشغيل الكامل لما يقدر بحوالي 5 ملايين من الداخلين الجدد لأسواق العمل العربية سنويا، مع التركيز على سبل علاج لبطالة الشباب. ولن يتحقق ذلك إلا بسياسات تستهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي بما لا يقل عن 6% إلى 7% سنويا في المتوسط في السنوات العشر القادمة. ويستلزم ذلك سياسات متكاملة لزيادة الاستثمارات ورفع كفاءات وتعبئة المدخرات المحلية والأجنبية وحسن توجيهها.
- معالجة الفقر بأبعاده المتعددة من التهميش الاجتماعي والسياسي وضعف المشاركة وقلة فرص الارتقاء؛ الأمر الذي يحول دون الاعتماد على النمو الاقتصادي وحده لحل مشكلة الفقر، والإعلان رسميا عن برنامج زمني تنفيذي لمكافحة الفقر بما يتواءم مع الغايات التي حددتها الأمم المتحدة للألفية الثالثة.
- وإيمانا بأهمية المعلومات والبيانات في هذا العصر، وضرورتها لاتخاذ قرارات مبنية على تحليل سليم ودقيق للواقع، فإن هناك ضرورة لإصدار تشريعات تلزم الجهات المصدرة للبيانات والمعلومات الاقتصادية بما يتيحها لمن يطلبها، وييسر الحصول عليها، وذلك وفقا لقواعد واضحة للإفصاح، مع إعداد قواعد بيانات متكاملة للاقتصاديات العربية.
- تطوير القطاعات المالية العربية بشكل عام، وأجهزتها المصرفية بشكل خاص، وتشجيع إقامة كيانات مصرفية كبيرة، وتحديث أسواق المال العربية، والعمل على ربطها معا.
- تطوير الأبنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والربط بينها في العالم العربي.
- تفعيل الاتفاقات العربية بوضع أهداف قابلة للتحقيق مع تحديد بعض القطاعات ذات الأولوية بوصفها صاحبة الفرصة الكبيرة في نجاح التعاون الاقتصادي، مثل: النقل والمواصلات والكهرباء والطاقة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، مع إيجاد جهاز للمتابعة في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لرفع النتائج المحققة إلى القمة العربية، دوريا، مع إعلان ما يصدر من نتائج وتقارير.
- الاتفاق على إطار ملزم لتحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية.
- تنظيم سوق العمل العربية عن طريق صياغة واعتماد اتفاقية متعددة الأطراف لتنظيم انتقال العمالة العربية بهدف تنظيم الانتقال لمدد زمنية محددة، وتوصيف ظروف العمل أثناء الإقامة في دول الاستقبال، وتحديد مسئولية الدول المرسلة في التحقق من مهارات وقدرات قوة العمل التي ترسلها، مع إعداد برامج لتأهيل العمالة العربية للانخراط في الأسواق الأجنبية، وفقا لبروتوكولات ومعايير تقييم يتم الاتفاق عليها مع الدول الأجنبية.
- تأسيس آلية فاعلة لتسوية المنازعات الاقتصادية بين المستثمرين.
- معاملة الاستثمار العربي بما يعامل به الاستثمار الوطني في كل البلدان العربية.
- مطالبة الدول المتقدمة بفتح أسواقها للصادرات العربية، وتحديدا الصادرات من السلع الزراعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.