رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    شبكة مالية سرية لتبييض الأموال وغسلها والتحكم بمفاصل اقتصاد اليمن    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    شهداء بينهم أطفال إثر غارات ليلية على غزة وتصنيف جباليا وبيت حانون "منكوبتين"    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    جدول مباريات وترتيب مجموعة منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    جماعة الحوثي تطلب تدخل هذا الطرف الدولي لوقف تصعيد الشرعية وقرارات "مركزي عدن"    ضربات هي الإعنف على الإطلاق.. صحيفة تكشف عن تغير أسلوب ''التحالف'' في التعامل مع الحوثيين    يقتل شقيقه بدم بارد.. جريمة مروعة تهز مارب    القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    فضيحة حوثية تُثير موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي و تُهدد الاقتصاد (صورة)    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    الامتحانات.. وبوابة العبور    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقة الإسكندرية عن قضايا الإصلاح في الوطن العربي
نشر في رأي يوم 07 - 08 - 2006

نص "وثيقة الإسكندرية" الصادرة عن "مؤتمر قضايا الإصلاح العربي.. الرؤية والتنفيذ" الذي انعقد بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 12 إلى 14 مارس 2004:
اجتمع المشاركون في مؤتمر "قضايا الإصلاح العربي: الرؤية والتنفيذ" المنعقد في مكتبة الإسكندرية في الفترة 12-14 مارس 2004 بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأهلي في الوطن العربي، وتدارسوا إمكانات الإصلاح اللازمة لتطوير مجتمعاتنا العربية. وقد انتهت مناقشاتهم إلى ضرورة الإعلان عن اقتناعهم الكامل بأن الإصلاح أمر ضروري وعاجل، ينبع من داخل مجتمعاتنا ذاتها، ويستجيب إلى تطلعات أبنائها في بلورة مشروع شامل للإصلاح، يضم الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشروع يسمح بالتعامل مع أوضاع كل قطر على حدة، وينتظم في نسق عام يحدد القواسم العربية المشتركة، بما يتيح الفرصة لكل مجتمع عربي كي يدفع خطوات الإصلاح الخاصة به إلى الأمام، ويزيد من التواجد العربي على الساحة الدولية ويبعده عن التقوقع والتمحور على الذات.
وفي الوقت نفسه، يرسِّخ لإطار تعاون إقليمي يجعل من الوطن العربي كيانا أكثر إيجابية وفاعلية وتأثيرا على الصعيد الدولي. وينبغي ألا يحجب الإصلاح الداخلي عن منظورنا أهمية معالجة القضايا الإقليمية التي تفرض نفسها على جدول أعمالنا، وفي مقدمتها الحل العادل للقضية الفلسطينية طبقا للمواثيق الدولية التي تقضي بإقامة دولتين مستقلتين، لكل منهما سيادة حقيقية كاملة، وتحرير الأراضي العربية المحتلة، وتأكيد استقلال العراق، والحفاظ على وحدة أراضيه. يضاف إلى ذلك جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وحل المشكلات الحدودية بين الأطراف المتنازعة بالطرق السلمية، دون أن تكون هذه المشكلات ذريعة للتدخل الأجنبي في شئون المنطقة العربية، أو وضعها تحت الوصاية من جديد.
إن التاريخ الحضاري العريق لشعوب هذه المنطقة، ورؤيتها لمستقبلها الواعد، يؤكدان إدانة الإرهاب بكل أشكاله، ومواجهة النواتج الخطرة لأنواع التعصب الديني، وتجسيد قيم التسامح والتفاعل الخلاق بين الثقافات والحضارات.
إن المجتمعات العربية تملك من النضج والخبرة التاريخية ما يجعلها قادرة على الإسهام في تشكيل الحضارة الإنسانية، وتنظيم أمورها وإصلاح أوضاعها الداخلية، مع ضرورة الانفتاح على العالم وتجاربه الإصلاحية والتفاعل معها، طبقا لقائمة أولويات محددة، تمضي على النسق التالي:
أولا: الإصلاح السياسي:
ونقصد به كافة الخطوات المباشرة، وغير المباشرة التي يقع عبء القيام بها على عاتق كل من الحكومات والمجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص وذلك للسير بالمجتمعات والدول العربية قدما، وفي غير إبطاء أو تردد، وبشكل ملموس، في طريق بناء نظم ديمقراطية.
وعندما نتحدث عن نظم ديمقراطية -بوصفنا ممثلي المجتمع المدني العربي- فإننا نقصد بها -دون أدنى لبس- الديمقراطية الحقيقية التي قد تختلف في أشكالها ومظاهرها، وفقا للتغيرات الثقافية والحضارية من بلد لآخر، ولكن جوهرها يظل واحدا، فهي تعني ذلك النظام الذي تكون الحرية فيه هي القيمة العظمى والأساسية بما يحقق السيادة الفعلية للشعب الذي يحكم نفسه بنفسه من خلال التعددية السياسية التي تؤدي إلى تداول السلطات، وتقوم على احترام كافة الحقوق في الفكر والتنظيم والتعبير عن الرأي للجميع، مع وجود مؤسسات سياسية فعالة، على رأسها المؤسسات التشريعية المنتخبة، والقضاء المستقل، والحكومة الخاضعة للمساءلة الدستورية والشعبية، والأحزاب السياسية بمختلف تنوعاتها الفكرية والأيديولوجية. كما تقتضي هذه الديمقراطية الحقيقية كفالة حريات التعبير بكافة صورها وأشكالها، وفي مقدمتها حرية الصحافة ووسائل الإعلام السمعية والبصرية والإلكترونية. والاعتماد على الانتخابات الحرة، مركزيا ولا مركزيا، وبشكل دوري، لضمان تداول السلطة وحكم الشعب، وتحقيق أقصى قدر ممكن من اللامركزية التي تتيح للمجتمعات المحلية التعبير عن نفسها وإطلاق طاقاتها الإبداعية في إطار خصوصياتها الثقافية التي تسهم عن طريقها في تحقيق التقدم الإنساني في جميع مجالاته. ويقترن ذلك بتحقيق أقصى قدر من الشفافية في الحياة العامة، بما يعني القضاء على الفساد، في إطار يؤكد الحكم الرشيد ودعم حقوق الإنسان وفق المواثيق الدولية، وفي مقدمتها حقوق المرأة والطفل والأقليات، وحقوق الضمانات الأساسية للمتهمين في المحاكمات الجنائية، وضمان المعاملة الإنسانية في تعامل سلطات الدولة مع مواطنيها. ويرتبط ذلك بكل ما تعارفت عليه المجتمعات التي سبقتنا على طريق التطور الديمقراطي.
وفي هذا الصدد، فإننا نتقدم بمجموعة من الرؤى المحددة لإصلاح المجال السياسي، نرى أهمية ترجمتها إلى خطوات ملموسة، في إطار من الشراكة بين الحكومات والمجتمع المدني. وتتمثل هذه الرؤى فيما يلي:
1- الإصلاح الدستوري والتشريعي:
بما أن الدستور هو أساس قوانين الدولة، فلا يجوز أن تتناقض مواده مع نموذج النظام السياسي الذي ينشده المجتمع، وأن تتوافق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ويعنى ذلك أن تعكس نصوص الدستور المتغيرات والتطورات التي وقعت بالفعل؛ الأمر الذي يفرض ضرورة تصحيح الأوضاع الدستورية في بلاد العربية بتعديل المواد التي تتعارض مع المتطلبات الديمقراطية الحقيقية، أو وضع دساتير عصرية لتلك الدول التي لم تشهد هذه المرحلة بعد، مع إزالة الفجوة بين نصوص الدساتير وأهداف المجتمع في التطور الديمقراطي، وذلك بما يضمن:
أ‌) الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية فصلا واضحا صريحا.
ب‌) تجديد أشكال الحكم بما يضمن تداول السلطة بالطرق السلمية دوريا، طبقا لظروف كل بلد، فالدولة الحديثة دولة مؤسسات ونصوص وليست نوايا حسنة.
ج‌) إقامة انتخابات دورية حرة تصون الممارسة الديمقراطية، ونضمن عدم احتكار السلطة، وتضع سقفا زمنيا لتولى الحكم.
د) إلغاء مبدأ الحبس أو الاعتقال بسبب الرأي في كل الأقطار العربية، وإطلاق سراح سجناء الرأي الذين لم يقدموا إلى المحاكمة أو تصدر ضدهم أحكام قضائية.
2- إصلاح المؤسسات والهياكل السياسية:
ولما كان النظام الديمقراطي يرتبط بوجود مؤسسات قوية، تتمثل في الفروع الثلاثة المعروفة من تنفيذية وتشريعية وقضائية، فضلا عن الصحافة والإعلام ثم مؤسسات المجتمع المدني، فلا بد من مراجعة هذه المؤسسات لضمان أدائها الديمقراطي السليم؛ الأمر الذي يفرض الشفافية التامة واختيار القيادات الفاعلة، والتحديد الزمني لفترة قيامها بمسئوليتها، التطبيق الفعلي لمبدأ سيادة القانون بما لا يعرف الاستثناء مهما كانت مبررات هذا الاستثناء ودواعيه.
3- ومن هنا، فإن ممثلي المجتمع المدني والعمل الأهلي -في هذا المؤتمر- يؤكدون ضرورة إلغاء القوانين الاستثنائية وقوانين الطوارئ المعمول بها في بعض البلدان العربية، وإلغاء المحاكم الاستثنائية أيا كانت أشكالها ومسمياتها، لأنها تنتقص من ديمقراطية النظام السياسي. وتكفي القوانين العادية لمواجهة كل الجرائم دون حاجة إلى قوانين استثنائية، فذلك مطلب أساسي للإصلاح التشريعي الديمقراطي. ولا ينفصل عن ذلك مراعاة الخروج بإطار تشريعي فعال لضمان التعامل مع الإرهاب، وبلورة ضمانات تكفل عدم الاعتداء على الحريات العامة والحقوق السياسية.
4- إطلاق حريات تشكيل الأحزاب السياسية في إطار الدستور والقانون، بما يضمن لجميع التيارات الفكرية والقوى السياسية المدنية أن تعرض برامجها وتدخل تنافسا حرا شريفا على الحكم بشكل متكافئ، تحت مظلة الحريات المنصوص عليها في المواثيق الدولية.
5- تصديق جميع الدول التي لم تصدق من قبل على منظومة المواثيق الدولية والعربية التالية:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
- مشروع تحديث الميثاق العربي لحقوق الإنسان كما وضعه فريق الخبراء العرب (ديسمبر - كانون الأول 2003).
- المواثيق الدولية لحقوق المرأة بما يؤسس لإلغاء كافة أشكال التمييز ضدها.
- الميثاق الدولي للطفل بما يضمن حياة أفضل للطفل العربي.
6- تحرير الصحافة ووسائل الإعلام من التأثيرات والهيمنة الحكومية؛ ذلك لأن هذا التحرير دعامة قوية من دعائم النظام الديمقراطي، والتجسيد الواضح لحرية التعبير، والدعامة القوية للشفافية. ويكون ذلك بتطوير أساليب الإعلام والتحرير في القوانين المنظمة لإصدار الصحف وإنشاء الإذاعات والقنوات التليفزيونية، كي تعتمد على الاستقلال في الملكية والإدارة، والشفافية في التمويل، وتحقق قدرة الإعلاميين على تنظيم مهنتهم وممارستها دون تدخل السلطة.
7- إطلاق حرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني، وذلك بتعديل القوانين المقيدة لحرية تكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات التطوعية، مهما كان طابعها السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الاقتصادي، لضمان حريتها في التمويل والحركة. ويصحب ذلك ضبط مشكلات التمويل الأجنبي، بالوسائل المتبعة في المجتمعات المتطورة. ولا شك أن تعديل الأطر القانونية المنظمة للمجتمع المدني في مقدمة القضايا المرتبطة بالتطور الديمقراطي للمجتمع وتفعيل سبل المشاركة في مظاهر الحياة السياسية، والتخلص من الإحساس بالاغتراب والتهميش الذي وصل إليه المواطن العربي لافتقاده فرص المشاركة الفعالة المؤثرة على حياته ومستقبله. وأخيرا، ضمان الإسهام الفعال للمجتمع المدني في مواجهة المشكلات التي تتطلب روح العمل الجماعي وأشكال الجهد التطوعي.
8- تشجيع قياسات الرأي العام وتحريرها من العوائق بوصفها إحدى وسائل الديمقراطية الأساسية، والعمل على تأسيس الهيئات والمراكز البحثية لاستطلاع الرأي العام العربي بصورة دورية في كافة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك لتوفير معلومات دقيقة يستفيد منها صانعو القرار والمخططون الاجتماعيون، ويعرفون منها خريطة واضحة صادقة لاتجاهات الرأي العام ومتغيراتها التي لا بد من وضعها في الحسبان عند صنع أي قرار.
ثانياً: الإصلاح الاقتصادي:
يشمل الإصلاح الاقتصادي كافة التشريعات والسياسات والإجراءات التي تسهم في تحرير الاقتصاد الوطني، والتسيير الكفء له وفقا لآليات السوق، بما يمكنه من الانتعاش والازدهار، وبما يسهل تكامله مع الاقتصاديات الإقليمية، واندماجه في الاقتصاد العالمي.
وغنى عن البيان، فإن هذا المفهوم للإصلاح الاقتصادي، ينطوي على حسم لكثير من الجدال والمناقشات حول هويه النظام الاقتصادي، وحول كثير من التفاصيل، مثل دور الدولة، والعلاقة بينه وبين دور السوق، والبعد الاجتماعي للتنمية... إلخ.
وقد اتفقت آراء المجتمعين على أن الأداء الحالي للاقتصاديات العربية لا يتواكب مع التحديات الواجب التصدي لها، ولا يرقى إلى الإمكانات المادية والبشرية وطاقاتها الكامنة. ويفرض قصور أداء الاقتصاديات العربية في المرحلة الراهنة، وما تستوجبه متطلبات المستقبل، إجراء إصلاح اقتصادي جذري يغير من الأوضاع القائمة. إن الإبطاء في تنفيذ الإصلاح الاقتصادي له تكلفة باهظة وأعباء هائلة، ولن يزيدها مرور الوقت إلا سوءًا. ويمكننا رصد ما يلي من مؤشرات عن الواقع الاقتصادي العربي:
- انخفاض معدلات النمو في الدخل القومي وتدهور نصيب الفرد مقارنا بالمؤشرات الدولية.
- تراجع نصيب الدول العربية في التجارة الدولية، وتركز الصادرات في منتجات أولية مع هامشية نصيب المنتجات ذات القيمة المضافة العالية في الصادرات العربية.
- تراجع نصيب المنطقة من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
- الإخفاق في توليد فرص عمل كافية للداخلين الجدد في سوق العمل وارتفاع حدة البطالة بمعدلات أعلى من متوسطات الدول النامية، مع تركز البطالة بين فئات الشباب والإناث.
- تزايد حدة الفقر في عدد من الدول العربية، حيث يمس الفقر المتعطلين عن العمل ونسبة ملموسة من العاملين أيضًا.
إن مجموعة السياسات المقترحة التي يتم اتباعها في المنطقة ركزت بالأساس على تحقيق الاستقرار الكلي، وخفض معدلات التضخم من خلال ثالوث برامج التثبيت والخصخصة والتحرير الاقتصادي. لكن هذا المنهج لم يهتم اهتمامًا كافيا بموضوعات لا تقل أهمية كالبطالة وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وفي عالم عربي شاب وناهض، لا بد أن تكون عمالة الشباب وجودة التعليم والخدمات الاجتماعية والبرامج المساندة للمشروعات الصغيرة من العناصر الأساسية في مفهوم الإصلاح وبرامجه مع تحديد واضح للأولويات، وتأكيد أهمية الإطار المؤسسي اللازم لتحقيق الإصلاح الشامل بجانبيه الاقتصادي والاجتماعي.
وبناء على ما سبق فإننا نتقدم بالمقترحات الآتية:
- إعلان الدول العربية عن خطط واضحة وبرامج زمنية محددة للإصلاح المؤسسي والهيكلي، مع تحديد دقيق لدور الدولة يجعلها محفزة للنشاط الاقتصادي، وموفرة للبيئة الملائمة للقطاع الخاص والقطاع العام في المجالات التي يتمتع بمزايا ومؤهلات لعمله فيها، مع الالتزام بخطط واضحة لإحداث تغيير جذري في الجهاز الإداري الحكومي وتقليص البيروقراطية، ورفع كفاءة العمل في الجهات الحكومية التي تتعامل مع المستثمرين والمستوردين والمصدرين مثل: الضرائب والجمارك وجهات إصدار التراخيص.
- التصدي الحاسم للمشكلات المعوقة للاستثمار وإزالتها أمام الاستثمار العربي والأجنبي.
- تشجيع برامج الخصخصة بما في ذلك القطاع المصرفي، وفقا للضوابط القانونية التي تحقق المصلحة العامة، وتقليص الاستثمارات الحكومية، ما عدا المجالات الإستراتيجية والسلع ذات النفع العام، وإلغاء الحقوق الاحتكارية الحكومية غير المبررة اقتصاديا لتشجيع القطاع الخاص وجذب المزيد من الاستثمارات، وذلك لتعظيم مساهمة القطاع الخاص في إيجاد فرص للتشغيل.
- تطوير برامج تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر بما يسهم في علاج مشكلة البطالة، مع إعطاء الفرصة كاملة للإناث في الحصول على التمويل.
- وضع معايير وقواعد للارتقاء بنوعية المنتجات الوطنية وتأسيس مجالس قومية لدعم القدرة التنافسية مع القيام بإجراء تقييم مستمر يتم نشره.
- إرساء قواعد الحكم الجيد للنشاط الاقتصادي مع تأكيد الشفافية والمحاسبة وتنفيذ أحكام القضاء.
- تمكين المرأة من المساهمة الكاملة في قوة العمل الوطنية، وذلك بالاعتماد على ما لديها من خبرات ومؤهلات.
- مراجعة السياسات الاقتصادية المتبعة من منظور تحقيق التشغيل الكامل لما يقدر بحوالي 5 ملايين من الداخلين الجدد لأسواق العمل العربية سنويا، مع التركيز على سبل علاج لبطالة الشباب. ولن يتحقق ذلك إلا بسياسات تستهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي بما لا يقل عن 6% إلى 7% سنويا في المتوسط في السنوات العشر القادمة. ويستلزم ذلك سياسات متكاملة لزيادة الاستثمارات ورفع كفاءات وتعبئة المدخرات المحلية والأجنبية وحسن توجيهها.
- معالجة الفقر بأبعاده المتعددة من التهميش الاجتماعي والسياسي وضعف المشاركة وقلة فرص الارتقاء؛ الأمر الذي يحول دون الاعتماد على النمو الاقتصادي وحده لحل مشكلة الفقر، والإعلان رسميا عن برنامج زمني تنفيذي لمكافحة الفقر بما يتواءم مع الغايات التي حددتها الأمم المتحدة للألفية الثالثة.
- وإيمانا بأهمية المعلومات والبيانات في هذا العصر، وضرورتها لاتخاذ قرارات مبنية على تحليل سليم ودقيق للواقع، فإن هناك ضرورة لإصدار تشريعات تلزم الجهات المصدرة للبيانات والمعلومات الاقتصادية بما يتيحها لمن يطلبها، وييسر الحصول عليها، وذلك وفقا لقواعد واضحة للإفصاح، مع إعداد قواعد بيانات متكاملة للاقتصاديات العربية.
- تطوير القطاعات المالية العربية بشكل عام، وأجهزتها المصرفية بشكل خاص، وتشجيع إقامة كيانات مصرفية كبيرة، وتحديث أسواق المال العربية، والعمل على ربطها معا.
- تطوير الأبنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والربط بينها في العالم العربي.
- تفعيل الاتفاقات العربية بوضع أهداف قابلة للتحقيق مع تحديد بعض القطاعات ذات الأولوية بوصفها صاحبة الفرصة الكبيرة في نجاح التعاون الاقتصادي، مثل: النقل والمواصلات والكهرباء والطاقة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، مع إيجاد جهاز للمتابعة في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لرفع النتائج المحققة إلى القمة العربية، دوريا، مع إعلان ما يصدر من نتائج وتقارير.
- الاتفاق على إطار ملزم لتحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية.
- تنظيم سوق العمل العربية عن طريق صياغة واعتماد اتفاقية متعددة الأطراف لتنظيم انتقال العمالة العربية بهدف تنظيم الانتقال لمدد زمنية محددة، وتوصيف ظروف العمل أثناء الإقامة في دول الاستقبال، وتحديد مسئولية الدول المرسلة في التحقق من مهارات وقدرات قوة العمل التي ترسلها، مع إعداد برامج لتأهيل العمالة العربية للانخراط في الأسواق الأجنبية، وفقا لبروتوكولات ومعايير تقييم يتم الاتفاق عليها مع الدول الأجنبية.
- تأسيس آلية فاعلة لتسوية المنازعات الاقتصادية بين المستثمرين.
- معاملة الاستثمار العربي بما يعامل به الاستثمار الوطني في كل البلدان العربية.
- مطالبة الدول المتقدمة بفتح أسواقها للصادرات العربية، وتحديدا الصادرات من السلع الزراعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.