صدرت مؤخراً عن مركز عبادي للدراسات والنشر بصنعاء، رواية جديدة للقاص والروائي المبدع وجدي الاهدل بعنوان " فيلسوف الكرنتينة " . وتدور أحداث الرواية في مقبرة كبيرة من شبه الجزيرة العربية بطلها الفيلسوف " مشعل الحجازي" وفي الرواية يحاول الكاتب توظيف قضية الفيلسوف مشعل برؤية جديدة تعاكس الواقع المتخلف. وبصرامة واضحة يرسم الكاتب في خطابه الروائي عسف الواقع السياسي والديني وما آل إليه الحلم على مدية الواقع ، فتلك الأحلام العذراء احترقت في إطالة اللحى وسطوة الأباطرة . في هذا المشروع الرائع يعيد وجدي في خطابه الروائي تصدياً للمشاكل الاجتماعية وانحرافاتها المسلكية محاولاً استشراف الأمثل الأتي منطلقاً من سؤال : الانسنة – بحسب تعبير الكاتب عبده اللهبي. تصور الرواية حركة مجتمع بدوي وترصد العلائق الاجتماعية المزيفة التي تتميز بالفصام والازدواجية في مجتمع مقبرة زيمه . كما تبدو البنية الاستفزازية واضحة المعالم في نصه الذي ينتقد أمم الشرق الأوسط بأكملها التي تعاني من تفوق الحضارة الغربية تفوقا كاسحا، و نلاحظ أنها تخشى على هويتها وعاداتها وتقاليدها ودينها من أن يتعرض للانتهاك والاغتصاب على يد الحضارة الأقوى المستعلية. يتضح جليا في رواية الأهدل تلك الوخزة الشعورية الحادة والحارقة كما تتضح أصالة التجربة والعلاقة معها .. فهذه الفجوة مابين هذا الشعور وهذه الروح المترعة بالتضحية إلى ذالك الألم النازف والصوت المخنوق الذي أوصله العجز ومرارة الواقع المتخلف وازدواجيات اللعب إلى فرط اليأس من النهوض والتغيير.. إنه عمل روائي مدهش ، نقرأه بلا ضجر ، فكلماته غاضبة تحترق مع حياتنا انه من جديد – كما يقول الكاتب عبده اللهبي- يثبت أن الخطط المسبقة في الكتابة تكسر عظام الحقائق الحياتية التي ينتصب الأديب أمامها وان الأديب الذي يتقدم الى الواقع بغمغمات أعين الخطط لايصعب عليه أن يلتقط لانهائية تعقيد وتنوع وجوه الحقائق وحسب ، بل روح الحياة الحقيقة .. الرواية تحمل إبداع ومزايا وخصوصيات لامثيل لها أثبتت ان وجدي الاهدل قد نجح في السباحة في المياه الخطرة واللعب بالنار ... صدر للكاتب من قبل رواية "قوارب جبلية" ورواية "حمَار بين الأغاني" وأعمال قصصية ومسرحية أخرى.