لربما آن أوان حوار وطني بعيد عن تبسيط ومكابرة الحزب الحاكم وشطط ومكايدات بعض أحزاب المعارضة - ينبغي أن نقف أمام حراك الجنوب بمسؤولية وطنية وليس بنفس حزبي أو مناطقي - انتخاب المحافظين يجب أن يكون (بداية) لما يحقق الطموحات في حكم محلي كامل الصلاحيات - نحن في الرابطة نعتبر مشروع الحكم المحلي (ابننا)
صنعاء/ عن (رأي): نشرت صحيفة (رأي) في عددها الصادر اليوم حواراً صحفياً مع الأستاذ محسن محمد أبوبكر بن فريد أمين عام حزب رابطة أبناء اليمن (رأي).. في مايلي نص الحوار: تنشغل الساحة مجدداً بصراعات أرهقت البلاد.. لم يعد بوسع السياسي والمراقب انتظار شيء يعيد شيئا من الأمل إلى دائرة الواقع.. بالأمس أنهت السلطة انتخابات المحافظين، وهي الخطوة التي انتظرها الكثيرون على أمل أن تحدث شيئا من التغيير على أرض الواقع، خطوة نقصها الكثير لتصبح حقيقية.. أغلق باب بينما فتحت أبواب الجبهة مجددا في صعدة، وأبواب لازالت مشرعة في محافظات الجنوب ومحافظات أخرى. واقع مفرغ من العقل، يدور في دوامة أزمات يصنعها الواقع القاسي، وتنميها سوء الإدارة.. حول قضايا الشارع الراهنة تحدث الأمين العام لحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) الأستاذ محسن محمد أبو بكر بن فريد لرئيس التحرير الزميل غمدان اليوسفي، واصفا ما يدور وموقف الحزب منها ومايجب اتخاذه حيال هذه الأزمات. * أستاذ محسن لو بدأنا من موضوع انتخابات المحافظين، برأيك كيف نتحدث عن هذا الأمر؟ نتحدث عن الأمر كما هو واقع الآن، فكرة الحكم المحلي واسع الصلاحيات مطروحة من قبل معظم إن لم يكن كل القوى السياسية في اليمن.. وهي ذات أهمية كبرى بالنسبة لنا نحن في حزب رابطة أبناء اليمن، وكما تعلم فنحن الحزب الوحيد الذي قدم مشروعاً متكاملاً ومفصلاً حول فكرة الحكم المحلي واسع الصلاحيات قبل أكثر من عشر سنوات، وبالتالي فنحن ننظر لموضوع الحكم المحلي واسع الصلاحيات وكأنه "ابننا" نحن الرابطيون. وكنا نتمنى أن يأتي هذا المولود بشكل مكتمل، ولكن جاءت الأمور بهذا الشكل الذي اختاره الحزب الحاكم، ويبدو أن ليس أمامنا إلا أن نتعامل مع هذا الواقع اليمني المرير. فليكن ما حدث بالأمس هو بمثابة تسجيل "سابقة"، وهي أن المحافظ لا يأتي إلا عبر الانتخاب. وهي فكرة لم تكن تطيقها أو تفكر فيها كثير من القوى التقليدية والمتنفذة في بلادنا. فاليوم على الأقل وضعنا هذه "السابقة"، قد لاتكون بالشكل المثالي ولا بالشكل المتكامل، إنما هي البداية. طبعاً الانتخابات بهذا الشكل وبالصلاحيات المخولة للمحافظين كما هي في الشكل الحالي لاتلبي طموحات اليمن ولا طموحاتنا كحزب فيما يتعلق بالحكم المحلي واسع الصلاحيات، ولكن فلنجعل من هذه الخطوة خطوة على الطريق الصحيح.
*هل نتوقع في القريب العاجل أن يتم مناقشة ما طرحه حزب الرابطة حول الحكم المحلي كامل الصلاحيات وأن يطبق بشكل كامل؟ لا أريد أن أخفي شعوري شخصياً، أقول إنني قد أصبت بخيبة أمل عندما تم التعامل مع هذه القضية الأساسية والجوهرية، والتي تحاورنا حولها كثيرا مع الحزب الحاكم وفي تفاصيل كثيرة، أن يتم التعامل معها بهذا الشكل. فمعنى ذلك أن الحوارات غير جادة. كان ينبغي أن يكون هناك شيء من الاتفاق على ما تم الحوار حوله أو على الأقل تحقيق الجزء الأكبر من مفاهيم أو مضامين الحكم المحلي الواسع الصلاحيات، وخصوصاً على ضوء ما طرحه رئيس الجمهورية في 3/12/2006 عندما دشن المجالس المحلية في عدن، فقد قال نصاً أكاد أحفظه وهو أنه "سوف لن يأتي عام 2010 إلا وقد تحولت المجالس المحلية إلى حكومات محلية ولن يبق للمركز إلا الشأن السيادي". وهذا هو المفهوم الصحيح للحكم المحلي الحقيقي. وأصدر حزبنا حينها بياناً يؤيد هذا الاتجاه لدى الحزب الحاكم، ولكن عندما ننظر الآن لما يجري من انتخابات والصلاحيات المعطاة للمحافظين وللمجالس المحلية فنجد أنها لا تلبي مفهوم الحكم المحلي الحقيقي. أعود مرة أخرى وأقول إننا ننظر لها كخطوة على الطريق الطويل.
* تحدثت عن الحوار.. هل نقول: إن المعارضة سواءً الرابطة أو غيرها يمكن أن لا تصل إلى طريق مع الحزب الحاكم في الحوار؟ - نحن نؤمن أن لا سبيل أمامنا في اليمن إلا الحوار، ونحن مقتنعون بأن اللجوء إلى العنف أمر مرفوض ومكروه ومنبوذ، ويكفي اليمن ما سالت فيها من دماء.. الحوار هو الوسيلة الحضارية الوحيدة في بلادنا، ولكي نصل إلى نتيجة ايجابية من أي حوار فينبغي أن يحكم هذا الحوار بالمصلحة الوطنية العليا وليس بالمصالح الشخصية أو الحزبية الضيقة أو المكايدات السياسية. لقد تحاورنا لأشهر مع أثنان من مخضرمي السياسة اليمنية، كممثلين للحزب الحاكم، هما الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني والدكتور عبدالكريم الارياني. وطرحنا أمامهما مفاتيح الإصلاح السياسي في مفهومنا كحزب رابطة أبناء اليمن " رأي ". وهذه المفاتيح الرئيسية تتمثل في: الحكم المحلي واسع الصلاحيات، الانتخابات بالقائمة النسبية كأفضل وسيلة للانتخابات في بلادنا، نظام المجلسين البرلمان والشورى، النظام الرئاسي، حيادية الخدمة المدنية، حيادية الإعلام. ثم جاءت مبادرة فخامة رئيس الجمهورية في شهر رمضان الماضي وتجاوبنا معها. وكما ترى فنحن قد أظهرنا الحرص على إنجاح الحوار، ولكن المشكلة في الطرف الآخر الذي يبدو أنه يدخل الحوار من أجل الحوار. يا أخي لا ينقصنا إلا الاتفاق على إصلاح حقيقي للإدارة الخاربة، ولاقتصادنا الفاسد، ولمنظومة سياسية متكاملة نتحاور حولها منذ أشهر وأشهر ولكننا لم نصل إلى نتائج محددة.. أعود مرة أخرى وأقول إن الحوارات ينبغي ان تحكمها المصلحة الوطنية العليا، أما إذا كانت المكايدات السياسية هي التي تحكم أي حوار فللأسف سنهدر المزيد من الزمن والطاقات، وتكون فيه اليمن هي الخاسر الأول والأخير.
* الحوار لم يصل إلى نتيجة في المسائل الأساسية، فكيف في القضايا الآنية التي تحدث كما في الجنوب.. كيف سنصل لمعالجة المشاكل الطارئة بدون حوار؟ - مرة أخرى أقول نشعر بألم وخيبة أمل لعدم التوصل إلى نهاية ايجابية –حتى الآن – للحوارات. الساحة السياسية، كما يظهر المشهد السياسي اليمني الآن، تفتقر للجدية في الحوارات. الحزب الحاكم يبسط الأمور ويكابر ولا يريد الاعتراف بحقيقة الأزمة التي تمر بها البلاد. وبعض الأطراف في الساحة السياسية اليمنية تتعامل مع الأوضاع بالحسابات الحزبية الضيقة وبأسلوب "المكايدة". وبعضها الآخر يفتقر للرؤية السياسية. لامخرج لنا من المأزق الراهن إلا بالارتفاع إلى مستوى المسؤولية الوطنية. بلادنا تتقهقر والعالم من حولنا يهرول إلى الأمام، فلننظر فقط لتجربة دبي وبقية دول الجزيرة العربية (التي نأمل الالتحاق بها). لماذا لا نتفق ونطلق طاقات بلادنا الكثيرة والمتنوعة؟. فلدينا ثروة بشرية مكونة من 22 مليون من البشر. ولدينا السهول والجبال والمناخات المختلفة، لدينا أكثر من 2500 كم من الشواطئ المفتوحة على العالم. لدينا ثروة لا تنضب، هي الثروة السمكية، لدينا بترول وغاز (لم يستكشف بعد) لدينا سهول تهامة الزراعية وأودية تبن وبنا وأبين وبيحان ووادي حضرموت. كل عوامل النهوض متوفرة، ولكن لا توجد الإرادة ولا الإدارة بعد.
* هناك غليان في المحافظات الجنوبية، برأيك هل لا زالت المسألة موجهة من أطراف أم أن هناك عامل واقعي لإثارة هؤلاء الناس؟ - ما يجري في المناطق الجنوبية من حراك هو بطبيعة الحال لخصوصية تلك المناطق، ولا ينبغي أن نفصله عما يجري في عموم اليمن. من المهم السعي الجاد لإيجاد حل لهذه الأزمة ولا ندس رؤوسنا في الرمال ونظهر وكأن ليست هناك مشكلة.. نحن كحزب قد طرحنا رأينا بشكل واضح منذ بداية الحراك وأعلنا إننا مع أي حراك سلمي يدعو إلى حقوق مشروعة في إطار الدولة اليمنية، وأعلنا أننا ضد استخدام السلاح من قبل الدولة في وجه المواطنين، وأيضا ضد قمع أي رأي وأي مطالبات.. هذا موقف حزبنا الرسمي الذي كان ولازال. نحن نعتقد أن هناك خصوصية لما يجري في الجنوب من منطلق ان الجنوب كان يحكم من قبل نظام اشتراكي لما يقرب من ربع قرن، من نتائج هذا الحكم ان المواطن كان قد جرد من كل شيء إلا من مرتبه.. كانت الملكية الفردية ممنوعة ومحرمة، وكانت المبادرة الخاصة محرمة، كان كل شيء ملكاً للدولة، ولم يبق أمام المواطن إلا الاعتماد على راتبه. وجاءت الوحدة عام 90 م في ظل خلل في التوازن الاجتماعي. في الشمال كانت المبادرة الفردية مسموح بها، والملكية الفردية مسموح بها، وكانت هناك مصادر دخل غير المرتب.. إلى جانب إن المواطن لم يكن يعتمد في الأساس على الدولة، بعكس الجنوب. هذا الخلل تفاقم مع الأيام ومع السنين دون أن تدركه أو تهتم به القيادة السياسية. ثم جاءت حرب عام 94م وأدت إلى المزيد من الغبن في المناطق الجنوبية.. فحصل سلب ونهب وبسط على الأراضي. والذي زاد الطين بلة أنه تم تسريح عشرات الآلاف من العسكريين والمدنيين الذين كانوا يعتمدون وأسرهم على الراتب فقط . تم إهمال هذا الأمر سنة بعد أخرى على أمل أن يتم العلاج ولكن ذلك لم يتم بل استفحل أمر استلاب الأراضي من قبل قوى عديدة متنفذة وتعمق الشعور بالهزيمة وأخذ حلم الوحدة الوردي يتحول إلى كابوس. ولا أريد أن أقول بهذا الخصوص أكثر مما قالته اللجنة المشكلة من الحزب الحاكم، بعد أكثر من 12 سنة على حرب 94، التي كان على رأسها الدكتور باصرة. حيث أشارت إلى أن على رئيس البلاد أن يختار إما عدن وشعبها أو 15متنفذاً. وعدن ما هي إلا نموذج للمحافظات الجنوبية. وعليه فإن الحراك الذي يحدث في الجنوب له بعد سياسي واقتصادي واجتماعي ينبغي أن نقف أمامه بمسؤولية وطنية وليس بنفس حزبي أو مناطقي. كما ينبغي أن نعطي للوحدة اليمنية مفهومها الحضاري الذي يؤمن المواطنة المتساوية ويؤمن الحياة الكريمة للإنسان. إذا وقفنا أمام هذا الحراك بهذه الروح الوطنية الحقيقية فيمكن أن نجد حلاً لما يجري في الجنوب. و يجب أن نضع في الاعتبار أن هناك جهات لربما لا تريد لليمن الاستقرار. إن تعزيز الجبهة الداخلية بالعدل والمساواة والتنمية الحقيقية هو الذي سيسد المنافذ في وجه أي عوامل خارجية. ونحن كحزب ننظر لأزمة الوطن من منظور وطني شامل. فبقدر فهمنا وإدراكنا لخصوصية ما يجري في الجنوب.. والجرح الجنوبي، إلا أن بقية المحافظات اليمنية تعاني بشكل أو بآخر. وقد قدم حزبنا (رؤية) نعتقد أنها الحل. فحل المشكلة من وجهة نظر حزبنا يكمن في تبني عملية الإصلاحات الشاملة، المفضية إلى المواطنة السوية، المرتكزة على العدالة والديمقراطية المحققة للتوازن.
* كيف يمكن أن تصل الرسالة للسلطة بأن هناك مشكلة وهي غير موافقة على أن تتعامل معها كمشكلة؟ إن أي تأخير في حل مشاكل اليمن بشكل عام والمناطق الجنوبية بشكل خاص، هو أمر يشكل خطورة على استقرار البلاد وعلى وحدتها. نحن نقول: إن الحل يكمن في إصلاح شامل. عملية التعامي والقول أنه لاتوجد مشكلة خطأ. عملية التأجيل في حل المشاكل خطأ. نحن كحزب نرى أن الإصلاح الشامل هو المفتاح. أما عملية الهروب إلى الأمام فليس حلاً. فالظاهر لنا الآن بأنه لاتوجد جدية في معالجة القضايا التي تعاني منها البلاد. وطالما لا توجد جدية فالأمور ستتفاقم وقد نصل إلى مرحلة نقف عاجزين أمامها. ولربما انه قد آن الأوان الآن لحوار وطني شامل حقيقي بعيد عن تبسيط ومكابرة الحزب الحاكم من جانب، وشطط ومكايدات بعض أحزاب المعارضة من جانب آخر. يفضي هذا الحوار الى وفاق وطني حقيقي وبرنامج وطني شامل للإصلاح تنفذه حكومة " وحدة وطنية " خصوصاً ونحن نبعد أقل من 11 شهراً عن الإنتخابات النيابية العامة. هل يجب أن نتقاتل أولاً لنتحاور بعد ذلك. لماذا لا نتعض من التجربة اللبنانية الأخيرة.
* لدينا جبهة جديدة جبهة مفتوحة في صعدة، إذا كنا خلال أربع سنوات لم نتمكن من حل هذه الأزمة فإلى أين سنصل؟ - إن ما يجري في صعدة هو بمثابة نزيف في الجسم اليمني، نتألم ونحزن له. وفي نفس الوقت نتألم لأي قطرة دم تسيل من قبل أي مواطن يمني مدني أو من مؤسسة الجيش. فهم في نهاية الأمر مواطنون يمنيون. نحن كحزب أعلنا منذ البداية أننا ضد حمل السلاح في وجه الدولة. وفي نفس الوقت ضد قمع التعبير عن الرأي الآخر. هناك كثير من الأمور الغامضة تجري في صعدة لم ولا نفهمها. وقد أستبشرنا كثيراً عندما تم الاتفاق الأخير، وكنا نعتقد أنه سيكون بمثابة خاتمة لهذه المأساة التي استنزفت الوطن، وإذا بنا نفاجأ بأن العنف قد عاد من جديد، وأن المشكلة تتطور إلى ما هو أسوأ. وعليه مرة أخرى نقول: إن مشكلة صعدة ينبغي أن تعالج بمفهوم وطني. ونأخذ في الاعتبار كل العوامل المؤثرة في هذه المشكلة أكانت داخليةً أو إقليمية أو دولية.
* حتى الوسيط الخارجي فشل في حل الأزمة، ماذا تبقى؟ - نحن نشكر ونثمن أي جهد عربي أو أجنبي يبذل من أجل إعانة بلادنا على وقف نزيف صعدة أو أي منطقة في اليمن، لكن نعود مرة أخرى ونقول أن حل المشكلة هو بيد اليمنيين. الأمر خطير جداً لأن آثار مسألة صعدة ليس الاستنزاف البشري والمادي فقط بل هناك الشرخ الاجتماعي الذي تسببه هذه المأساة. شرخ آثاره ستكون عميقة إذا ماطالت الحرب. *الحديث عن عامل خارجي في إذكاء هذا الصراع هل هذا هروب أم بالفعل موجود؟
- أنا لا أريد أن أحمل شماعة العامل الخارجي أي قضية من قضايانا. ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن فتح الثغرات في البلاد هي المسببة لتأثير أي عامل خارجي. علينا أن نسد هذه الثغرات ولانترك للعامل الخارجي فرصة لينفذ من خلالها. إن الأوضاع الاقتصادية المتردية، وعدم المساواة، والفساد المستشري، والشعور بالظلم والغبن هي بمثابة بيئة صالحة للتذمر والغليان بل والتمرد.
* بعد هذا كله هل يمكن الحديث على أن العامل الاقتصادي قد يكون الأبرز في هذا التخلخل؟ العامل الاقتصادي أحد أهم العوامل الأساسية في القلق والإحتقان الذي تعيشه بلادنا الان. أوضاعنا الاقتصادية متردية .. والأغلبية الساحقة من أبناء بلادنا يعيشون عيشة ضنكا. العامل الاقتصادي عامل أساسي، وحل العامل الاقتصادي سهل، يبدأ من العامل السياسي. دعونا نتفق على منظومة سياسية متكاملة للإصلاح وهي التي ستفتح أبواب النهوض الاقتصادي وستفتح أبواب الاستثمارات ليس بالملايين ولكن بالمليارات، وهي التي ستفتح أفاق التنمية الحقيقية في اليمن. وبدلاً من أن يذهب آلاف اليمنيين إلى دول الجزيرة والعالم، سوف نبني هذه التنمية ونعمقها في داخل اليمن. بل إن إخواننا في الجزيرة العربية وفي العالم سيأتون ليبنوا ويستثمروا في داخل اليمن البكر. بلادنا ما زالت أرضاً بكراً يمكن أن تبنى فيها تجربة اقتصادية ناجحة، والأموال الفائضة في السعودية ودول الخليج العربية ( والتي تبحث لها عن أسواق ) ستكون أرض اليمن البكر هي ميدانها. لدينا قوة عاملة ستحقق هذا النهوض الاقتصادي وستحقق الفائدة والمصلحة لهؤلاء الذين لديهم الفائض. هم لديهم المال الفائض، ونحن لدينا القوة العاملة ولدينا الأرض البكر والفرص المؤكدة للاستثمار والمدرة للفائدة. وعليه، يمكن، بل من المؤكد إقامة معادلة مضمونة النجاح أقول لك بصدق يا أخي أنا حزين ومتألم كمواطن يمني، ويتضاعف هذا الحزن عندما يعود الإنسان من خارج الوطن. عندما نذهب ونتجول في ارجاء الدنيا الواسعة .. ونشاهد بأم أعيننا التجارب الإقتصادية الباهرة، ونعود الى الوطن، الذي يحتوي على كل عوامل خلق تجربه شبيهة بالتجربة الماليزية أو الصينية أو الاماراتية، إلا أننا نهدر الوقت ونهدر الفرص ونهدر الطاقات. وكمثال على ما أقول أمامنا الدجاجة التي يمكن أن تبيض لنا ذهباً ألا وهي عدن. عدن كانت يوم الاستقلال عام 67 هي الميناء الثاني أو الثالث في العالم. عدن تحتل موقعاً استراتيجياً لا يمكن ان يضاهيها فيه أي موقع آخر. عدن ميناء مفتوح على الدنيا كلها. عدن تبعد عن خط الملاحة الدولي اقل من ساعتين ودبي ( على سبيل المقارنة ) تبعد عن خط الملاحة الدولي ثلاثة أيام. فانظر ماذا يجري في دبي .. وماذا يجري في عدن. ميناء عدن مجمد منذ 18 سنة ولا أجد تفسيراً أو مبرراً لوضع عدن المأساوي. بإختصار اقول : ان بلادنا تمتلك كل المقومات الضامنة لنجاح تجربة اقتصادية هائلة لا تقل عن تجربة الصينودبي وماليزيا. والذي نفتقر اليه هو ارادة القرار. ولكنني لم افقد الامل بعد.
* أفرز الصراع الموجود حالياً منظومات جديدة بينها منظومات قبلية جديدة، وتم تكليف حسين الأحمر بوصفه رئيسا لمجلس التضامن للتدخل في صعدة.. هذه المنظومات كيف يمكن قراءة واقعها؟ نحن نتعامل مع أي قضية على الساحة الوطنية من منظور سياسي حزبي وطني. ونحن نحترم أي جهد أو اجتهاد في الساحة اليمنية سواء كان جهداً قبلياً أو سياسياً أو مدنياً. ولا يمكن أن ننكر على أي مواطن ان يعبر عن رأيه عبر أي تكتل جديد أو قديم. وفيما يتعلق بالجانب القبلي نحن نعلم أن اليمن مجتمع قبلي إلى حد بعيد، ومعظم الشعب اليمني ينتمي إلى هذه القبيلة أو تلك ونحن جزء من هذا المنظومة. وفي ما يتعلق بالجدال الذي يدور في المنتديات اليمنية حول القبيلة أو الدولة نقول أن القبيلة في اليمن هي الضحية الأولى لغياب الدولة، والقبيلة أيضا هي المستفيد الحقيقي من وجود الدولة المدنية الحديثة العادلة المهابة الجانب. أنا كقبيلي قد أجد من الصعوبة ان اخضع لقبيلي آخر. ولكنني مستعد ان اخضع للدولة. ولكن أين هي هذه الدولة المنشودة والمأمولة؟ إن بلادنا اليوم هي في أمسّ الحاجة لمثل هذه الدولة. فهي ستكون بمثابة الحكم بين القبل المتصارعة وستكون هي الحل. وعليه فإذا كان هناك أي جهد يبذل فينبغي أن يبذل في اتجاه إقامة الدولة المدنية الحديثة وليس في اتجاه تعزيز النظام القبلي.. هذا مبدأ نحن نؤمن به كحزب وطني. وكحقيقة اجتماعية وتاريخية فالمعروف ان النظام القبلي هو النظام الذي يسبق قيام الدولة. ونعتقد انه قد آن الأوان في القرن الواحد والعشرين ان تقوم الدولة المدنية في بلادنا. فقد تأخرنا كثيراً عن ركب الدول. وبالتالي أنا أريد أن أقول أن جهودنا ينبغي أن تصب في اتجاه إيجاد وتعزيز دور ومكانة الدولة وليس العكس. وغني عن القول ان معظم ان لم يكن كل التجمعات ان كانت خاصة بحقوق الإنسان أو الحريات أو منظمات المجتمع المدني أو التجمعات القبلية المختلفة تهدف في نهاية الأمر إلى هدف سياسي. هذا الأمر لابد أن يكون واضحا. وأنا لا أقلل من قيمة أي تجمع قبلي ولا من قيمة القبيلة لأني في نهاية المطاف أنتمي إلى هذا الإطار. وأنا احترم أي جهد مبذول من قبل الأخ العزيز الشيخ حسين الأحمر في هذا الاتجاه، ولكن كحزب سياسي ينبغي أن يكون الجهد المبذول هو في اتجاه تعزيز دور الدولة المدنية القوية العادلة. وعلى ضوء ذلك نحن نقول لأعضائنا ولإخواننا إننا مع تعزيز ومع إيجاد الدولة المدنية الحديثة أكثر من إي جهد يبذل في إي اتجاه أخر.