- ما كنا نقوله من الخارج نقوله اليوم من صنعاء - سننفض الغبار عن ما بعد 94م .. والمرحل القادم لم تعد تتحمل الروح الحزبية - مؤتمر لندن يخص اليمن ككل وليس الحزب الحاكم. - ليس هناك معنى لأي معارضة إلا من الداخل، ولا ينبغي أن يُخمد أي صوت بالعنف - من يقول إنه لم يحدث تقدم في بلادنا في العشر السنين الأخيرة مجاف للحقيقة. - نحن منتظرون وشعب اليمن منتظر والعالم منتظر تنفيذ برنامج الرئيس. - الكفاءات لن تأتي إلا عن طريق حيادية الخدمة المدنية ونرى أن تلغى وزارة الإعلام
موقف عبدالرحمن الجفري وحزبه من الانتخابات الرئاسية التي جرت وخطابه من عدن ومجيئه من الخارج على طائرة الرئيس كانت العلامة الأبرز في طريق عودة قيادات الرابطة إلى اليمن بعد اغتراب دام حوالي 12 عاماً تلت حرب الانفصال في 1994م ، عارض فيها قادة الرابطة «رأي» وآخرون وتزعموا حركة (موج) ثم تلاشت بفعل عوامل عدة في عام 2000م. حزب الرابطة قديم تأسس في الخمسينيات واستمر يصارع في ظل الاستعمار البريطاني ثم 23عاماً في ظل الحزب الاشتراكي الذي شبهت فيها علاقتها ببعض الماء والنار، إلا أن معارضة الحكم من الخارج بعد حرب الانفصال كان القاسم بينهما سواء تحت مسمى موج أو مسميات أخرى. بعد أن عادت معظم القيادات المعارضة في الخارج عاد الجفري ورفاقه وكما قال بأن تبني الرئيس للإصلاحات شجعهم على العودة وكان توقيت العودة سياسياً دقيقاً وموفقاً. لدى رابطة رأي رؤى سمتها المنطقية والواقعية تحظى باحترام قبول السلطة كما عرضها لي الشيخ/ محسن بن فريد - الأمين العام في أول حوار صحفي معه منذ 12 عاماً، أكد فيه أن لا معنى لأية معارضة إلا من الداخل، إنما من أجبر على أن يكون خارج بلاده فليس أمامه إلا أن يسمع صوته بشكل أو بآخر، وأضاف: «موج فرضتها مرحلة»، ويقول : «نقول هنا اليوم في صنعاء ما كنا نقوله في الخارج. بن فريد سياسي يتسم حديثه بالوضوح وهو خريج العلوم السياسية بجمهورية مصر العربية في الستينيات إلا أن المعترك السياسي هنا كان بذاته جامعة، لم يتغيب بن فريد عن الساحة ولديه رؤى قمة في الصواب وعندما يتحدث فإنه هادئ لا ينفعل. تجاذبنا حديثاً طويلاً في إحدى فنادق العاصمة وهذا نصه:
حاوره/ فايز المخرفي - كحزب غابت قياداته عن الساحة الجماهيرية ل«12» عاماً.. كيف تصفون لنا حالَ حزبكم اليوم؟. - أنا في البداية سعيد جداً أن أطل عبر صحيفتكم «البلاغ»، وفيما يتعلق بسؤالك فإننا ندرك أساساً بأن التجربة الحزبية في بلادنا حديثة، وتحتاج إلى وقت حتى تنمو وتقوم على أسس صحيحة، وفي إطار الرابطة نفتخر أننا من الأحزاب الأولى، إن لم نكن الحزب الرائد في بلادنا.. وكما تعلم أن حزبنا أنشئ في عام 1951م في عدن، وهذا تأريخ طويل، عانينا في فترة الحكم البريطاني ثم بعد ذلك «23» سنة في ظل الحكم الإشتراكي، ثم «12عاماً» بعد أحداث 1994م، في كل هذه المراحل عانى حزبنا من الشتات، قياداته أو جزء منها في الخارج، وجزء آخر في الداخل، وبالتالي هذا أحد أسباب الضعف بين وقت وآخر، وبالتأكيد أنه منذ حرب 94م حصل أن تعرض حزبنا لشيء من الإهمال والتهميش وعانى من قضية نزوح قياداته إلى الخارج، وفي الداخل ظلت القواعد المتبقية تحت ظرف ضاغط لم يمكنها من أن تنتشر بالشكل المناسب وهذا الوضع يسري على بقية الأحزاب، نحن الآن في مرحلة جديدة وعهد جديد كما نأمل، وبعودة قيادات الحزب إلى داخل البلد سنقف أمام تلك التجربة الماضية، ونحاول أن نقيمها ثم ننطلق انطلاقة جديدة، سنشرع في الدخول في شبه ورشة داخل الرابطة لنفعل آليات الحزب ومنظماته، وننفض الغبار عن تلك المرحلة، كما ستشكل لجنة عليا للإعداد للمؤتمر العام التاسع للحزب، ونأمل أن يكون محطة ونقلة نوعية في حياة الحزب.
- عودة قيادات الحزب هل تعني عودة قواعد الحزب؟. - الذي ترك الرابطة هذا شأنه ولا نريد له إلا التوفيق.. أما من جمد نفسه وابتعد لأن الظروف ليست مهيأة للعمل فهذا هو الميدان، لكن من خرجوا هم لا يزيدون عن أصابع اليد الواحد.
- كنتم على اتصال مع القواعد وأنتم خارج الوطن؟. - نعم في كل أمر كان هناك تنسيق وتواصل وتعاون وحوار مع قيادة المركز في صنعاء وعبر المركز مع قيادات الفروع، التواصل كان قائماً، لكن المرحلة كانت مرهقة لنا جميعاً وحرمت حزبنا من الحضور والتأثير المأمول، إلا أن لحزبنا الكثير من المبادرات والاطروحات ولم يسمعها أحد، واليوم نأمل أن يسمع لها، فالمرحلة جديدة.
- يعلق البعض على حزبكم بأنه شبيه بمركز دراسات أو استشارات في إشارة إلى أن لا قواعد معه؟!. - هذا التعليق يعود لمن يقوله، نحن حزب سياسي، ولسنا جدداً، الرابطة حزب قديم تأسس في 1951، ولو لم يكن لنا أساس وحيثية لسقطنا منذ السنوات الأولى، أما أن يبقى حزب نصف قرن فهذا دليل على أنه حي قادر على أن يطور نفسه ويستوعب متغيرات الحياة، ولا أخفيك سراً بأن من مهامنا القادمة إقامة مركز فكري تابع للحزب يهتم بشؤون الحزب وتوجهاته وأفكاره، ويهتم بكل ما يتعلق بأوضاع اليمن وتأريخه..
- حزبُكم لم يحصل في مرة من المرات على مقعد في المجلس التشريعي؟.. - دخلنا في انتخابات 1993م وكانت تجربة أولية، ولكننا دخلناها ضمن التقاسم الذي كان في ذلك الحين بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام، وكانت لها ظروفها وحقيقة فإن كثيراً من نتائج الانتخابات في تلك المرحلة وإلى الآن يحكمها إمكانيات الحزب، وأحزاب السلطة كانت تستخدم كثيراً من إمكاناتها لتؤثر على نتائج الانتخابات وبالتالي التجربة الديمقراطية تراكمية قد نكون وقعنا في بعض الأخطاء في المرحلة الماضية ولكن أملنا في تلافيها بالمستقبل.
- الأجواء السياسية والمناخ مناسب للقيام بالدور الرابطي، والعمل الحزبي السياسي بشكل عام.. - ليس لدينا خيار آخر في اليمن طالما وقد اتفقنا بأن الحوار والعمل السلمي خيارنا، وبالتالي العمل الحزبي هو الطريق وهو المنفذ، طالما وقد تجنبنا استخدام العنف، هذا هو طريقنا الوحيد قد تكون هناك عقبات وبيئة غير مهيأة لعمل حزبي صحيح سليم لكن علينا جميعاً أن نرسي قواعد سليمة وصحيحة لتنمو الحياة الحزبية في أجواء صحية.
- بعد 16 عاماً ديمقراطية هل برأيك المعارضة حقيقية؟. - حقيقة اليمن مليئة بالرجال والكفاءات والمفكرين، والإشكالية تكمن في عدم استثمار هذه الطاقات بالشكل الصحيح.. إذا اتفقنا على أن نرسي أسساً صحيحة لحياة حزبية صحيحة وحياة سياسية سليمة فيمكن أن نستثمر طاقات اليمن من الرجال والكفاءات، ونرسي تجربة ديمقراطية، لكن الذي حصل في ال«16 سنة» الماضية أنه لم تبذل جهود حقيقية لإرساء الأسس الصحيحة لديمقراطية صحيحة.. بمعظم الوقت كانت الجهود منصبة على المكايدة السياسية، وعلى أن كلاً يُعَثِّرُ للآخر بدلاً عن جمع الصفوف ووضع الأسس الصحيحة لتجربة نفتخر بها، كانت سنوات صراع أكثر منها سنوات تعايش وبناء حزبي وبناء سياسي، وعلينا اليوم أن ننطلق نحو الاتجاه الصحيح.. بلادنا لا تتحمل مزيداً من الصراعات ولا مزيداً من ضياع الوقت، وهذه المرحلة لا يستطيع أن يقوم بمهامها شخص واحد أو حزب واحد، ولنخرج من الأمر الصعب الذي تمر فيه بلادنا، نحتاج إلى روح وطنية لا روح حزبية، أرجو أن تكون المسألة واضحة، يمكن إذا كانت هناك رفاهية أن نتصارع في ال«16» سنة الماضية بالروح الحزبية والمكايد الحزبية، فالمرحلة القادمة لم تعد تتحمل الروح الحزبية بذلك الشكل الصراعي، ليس أمامنا إلا التعامل بروح وطنية.. نترفع عن الصراعات الحزبية الصغيرة لنقف أمام وطن يتعرض لمشاق كبيرة، العالم يجري ويبني ونحن نقف في منتصف الطريق، ولننطلق مع العالم الآخر لا بد أن نتكاتف جميعاً، لقد كان مؤتمر لندن يخص اليمن ككل، وليس الحزب الحاكم فقط، وأي عائد من المؤتمر يعود لليمن، وبكل المقاييس كان المؤتمر استثنائياً في حضوره وفي من حضره وفي المبالغ التي حددت لبلادنا، ولأول مرة تلزم بلادنا بآلية معينة وبتوقيتات زمنية لتنفيذ مشاريع محددة، وهذا الحدث شهد له العالم كله بأنه طيب، ولكننا لاحظنا في إطارنا اليمني أن كثيراً من الأوساط قابلت ذلك بشيء من الاستهتار أو النقد، بل حتى بعض الدول التي ساعدتنا هوجمت.. أنا أعتقد أن هذا الأسلوب ليس الأسلوب الذي ينبغي التعامل معه، هذه قضايا الوطن كله وهذا مثال.
- ليس الذهاب تسولاً وإهانة كما قالوا.. - يا سيدي العالم اليوم لم يعد قرية واحدة، بل أصبح مقيلاً واحداً أو صالوناً واحداً تربط العالم مصالح مشتركة، مسألة التسول وما يحكي البعض عن السيادة فإنها مسألة نسبية، المصالح هي التي تحكم العالم اليوم، بلادنا فقيرة وفي حاجة لمد يدها للآخرين، علينا أن لا نظل متشبثين بأفكار عفى عليها الزمن.. قد تكون صالحة في الخمسينيات أو الستينيات.. أما عالم اليوم فإنه مفتوح على بعضه، مسألة الحدود والسيادة نسبية، نحن نحكم عقولنا كمواطنين وكمسؤولين عن هذا الشعب، ونبحث عن مصالحه بعيداً عن الشعارات التي لا تقدم ولا تؤخر..
- برأيك من المتسبب في تأخير بناء الحياة الحزبية السياسية في البلد.. هل الأحزاب أم السلطة؟. - أرى أن التقصير مشترك من الجانبين، الحزب الحاكم أو الحزبين الحاكمين عند قيام الوحدة، المؤتمر والاشتراكي لم يخلصا النية في أن يضعا أسساً صحيحة وأجواء صحيحةً لنمو عمل حزبي صحيح، وتسابقا في ذلك الحين في تفريخ أحزاب، الحزب الذي لا يقف مع هذا أو ذاك يحاولون أن يخرجوا من ضلعه حزباً آخر.. وهذا التصرف لا يفيد العمل الحزبي، في نفس الوقت أحزاب المعارضة لم تعمل بالشكل المطلوب وظلت أسيرة لما يأتي لها من الحزب الحاكم أو الأحزاب الحاكمة، ولم تحاول أن تبذل الجهد المطلوب لترتقي بعملها ونشاطها، وبالتالي الخطأ مشترك، لقد مارست الأحزاب الحاكمة صلاحياتها واستخدمت إمكانيات الدولة لتهميش من لا يسير معهم في نفس الخط، ولكي لا تضع الأسس الصحيحة للتجربة الحزبية، بمعنى أحزاب المعارضة لم تشكل جبهة صلبة قوية أمام السلطة، ظلت على الهامش في حساباتها الحزبية الضيقة.
- هل كانت أحزابُ السلطة قادرةً على اختراق حزب معارض أساسُه متين؟!. - ممكن لأن عملية التفريخ سهلة، في كل حزب سهل أن تجد من تغريه، وفي الحزب القوي الثابت مسألة التفريخ لجزء منه أو عدد قليل من أعضائه لا يغير من كيانه وسيظل الحزب القوي مؤمناً بخطه وفكره لن يتغير، لكن المشكلة التي تعاني منها الأحزاب المعارضة اليمنية هي الإمكانيات، هي سببٌ من أسباب تقوقع الأحزاب، وعدم انتشارها في طول البلاد وعرضها، بلادنا واسعة، طرقها وعرة، ومترامية الأطراف، ولكي تصل إلى هذه البلاد النائية لا بد أن تكون لديك الإمكانيات.. الذي لديه الإمكانيات ليصل إلى الناس جميعاً هو الحزب الحاكم، الذي لديه التلفزيون والإذاعة، الإمكانيات المادية المحدودة لأحزاب المعارضة هي سبب عدم اتساعها في البلد، إذا كانت لدى حزب صحيفة أو صحيفتان أو ثلاث كم مواطن يقرؤها، الملايين من أبناء الشعب لا يشاهدون إلا التلفاز ويسمعون الإذاعة، وبالتالي نأمل أن تتطور الأوضاع، كما نأمل أن تكون هناك المحطات التلفزيونية الخاصة والإذاعات الخاصة التي عبرها يستطيع الإنسان العادي أن يسمع صوت الحزب المعارض في كل أرجاء البلاد.
- لكن بعض الأحزاب المعارضة في الساحة قائمة على المناطقية والجهوية ومحصورة.. تدعو الحزب الحاكم لممارسة الديمقراطية في حين هي لا تمارسها في إطار قواعدها.. بعض قيادات الأحزاب في المعارضة تتخذ الدكتاتورية سبيلاً للبقاء.. ثم إلى أي مدى تستفيدون من الأخطاء الحاصلة؟. - لا شك أن هناك أخطاء في كثير من الأحزاب السياسية سواء الحاكم أو المعارضة، وكما أشرت تجربتُنا الديمقراطية وليدةٌ تحتاجُ إلى إنضاج وإلى تهيئة أجواء صحية، ينبغي أن تخلصَ الأحزابُ نفسَها من هذه الشوائب في إطار حزب الرابطة لا ندعي الكمال، ولكن عندنا أعضاء من مختلف مناطق اليمن، على سبيل المثال في مرحلة النفي القسري في ال«12 سنة» الأخيرة كان يديرُ حزبنا الشيخ/ علي بن علي السدح، من «نهم» من الشمال، ومن يدير صحيفة الحزب الوحيدة الأخ/ محمد جسار من الشمال أيضاً، وبمعنى أن هناك تكاملاً ونشعر أننا أسرة واحدة، ويشهد الله أن هذا شعورنا، ولكن قد تكون بعض السلوكيات المناطقية وهذه السلوكيات يمكن أن تقضي عليها عندما تبنى الدولة اليمنية القوية التي لا يشعر المواطن فيها سواء كان في صنعاء أو حضرموت أو حجة أو شبوة أن هناك اختلافاً، عندما تسود المواطنة المتساوية والعدل الشامل بطول اليمن وعرضها فإنه لا يهمني من هو رئيسي.. هل هو من هذه المنطقة أو تلك؟، هل هو من هذه القبيلة أو تلك؟، أو من هذه المدينة أو تلك، لا يفرق الأمر.. الحقيقة تكمن في أن نبني الدولة اليمنية القوية العادلة التي يشعر الإنسان فيها بالمواطنة المتساوية، وستزول الشوائب التي قد تحدث هنا أو هناك وستتلاشى أوتوماتيكيا..
- أقصد إذا بقي الرؤساء سنوات طويلة فإن هناك قادة أحزاب لم يتزحزحوا عشرات السنين. - صحيح.. هذا عيب نقر به.
- أين الديمقراطية والتداول السلمي لقيادة الأحزاب بدلاً عن المؤامرات أو السيطرة والإقصاء؟. - أقر بذلك ولكن هل استقرت بلادنا، مثلاً إذا أخذنا ال«16سنة» الماضية انموذجاً سنجد أننا سلطةً ومعارضةً لم نهيأ لإرساء أسس صحيحة للبناء الديمقراطي والعمل الحزبي، وبالتالي إذا كان الأساس غير صحيح فلا تتوقع أن تكون النتائج والخطى صحيحة، إذا صارت الأمور بشكل صحيح في كل مناحي الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية بالتالي ستكون الأمور صحيحة في الإطار الحزبي، عندما تعقدت أوضاع البلاد في السنوات الماضية أثمرت ما أشرت إليه، ظلت السلبيات موجودة هنا أو هناك، وتكرست ولكن إعطني استقراراً أضمن لك تبادلاً سليماً صحيحاً في أجواء صحية سواء في السلطة أو كان في داخل الأحزاب المعارضة، المشكلة في البلد مشكلة عامة سواء على المستوى السياسي أو المستوى الحزبي.
- بصراحة أيهما أفضل أن تعارض الأحزاب من الخارج.. أم من الداخل؟. - بطبيعة الحال ليس هناك معنى لأي معارضة إلا من الداخل، إنما من أجبر على أن يكون خارج بلاده فليس أمامه إلا أن يسمع صوته بشكل أو بآخر.. إذا أتيحت الفرصة للإنسان أن يبقى في بلاده في ظل أجواء سلمية صحيحة ومهيأة لأن يقول رأيه فليس هناك مبرر لأن يبقى خارج الوطن.
- تزعمتم حركةَ موج في الخارج كيف كان عملُها؟. - موج كانت وليدة حرب 1994م، عندما أجبرنا على أن نغادر الوطن كان لا بد علينا أن نسأل أنفسنا هل نصمت وننتهي؟، أم أن تظل قضيتنا قائمة، بطبيعة الحال كانت قضيتنا قائمة ولم يكن أمامنا إلا أن نسمع صوتنا لبلادنا وللعالم فتكونت هذه الجبهة من الأطراف التي كانت ضحية للحرب من حزب الرابطة، من الحزب الإشتراكي، من التجمع الذي كان على رأسه المرحوم مكاوي ومن بعض الأعضاء المستقلين مثل الأخ/ سليمان ناصر مسعود، والأستاذ/ عبدالله الأصنج، وآخرين، واتفقنا آنذاك أن نعمل تحت هذه المظلة عملاً سلمياً ينبذ فكرة العنف، وأن نعمل في ظل الدولة اليمنية ولم تكن شعاراً مطروحاً لعملية الانفصال، وإنما كان طرحنا دائماً أن أخطاء حدثت وينبغي أن نقف أمامها، وأن نضع الأسس الصحيحة لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وكيف نؤمن هذه الأسس بوحدة قابلة للاستمرار، واستمر عملنا السلمي من 1994م إلى عام 2000م تقريباً، ثم بعد ذلك تلاشى فعل موج وظل كل طرف مستقلاً بذاته، على سبيل المثال، نحن كرابطة، ولكن موج فرضتها مرحلة معينة.
- موج لإسماع صوتكم هنا وفي الخارج؟. - نعم لإسماع صوتنا في الداخل والخارج، وبأنه توجد مشاكل تعاني منها بلادنا ولدينا صوت ورأي حولها وكنا نعبر عن ذلك.
- يرى البعض أن دبلوماسية الرئيس وحنكته سحبت البساط من تحت أقدامكم كمعارضة في الخارج؟. - لا خلافَ على أن علي عبدالله صالح يتميز بذكاء وحنكة سياسية، والعمل السياسي يتغير من مرحلة لأخرى، ما هو متاحٌ اليوم قد لا يتاحُ غداً، ولكن ما كنا نقولُ في إطار واحد كموج أو كنا في إطار حزبي كرابطة أو غيره لا زلنا نقوله، عندما أتيحت لنا الفرصة أن نقول اليوم في بلادنا من صنعاء اليوم نفس الذي كنا نقوله في الخارج، ونحن سعداء أن نقولَ هنا ما كنا نقوله في الخارج.
- على ما يدل هذا؟. - دليل على حيوية شعب اليمن، ودليل على روح الحوار، ودليل على إمكانية أن نتعلم من أخطائنا، إذا كانت السلطة ترى من قبل أن لا يكونَ إلا صوتها فإنها ترغب اليوم بسماع صوت الآخر، وخيرُ دليل حوارُنا الآن وإسماعها صوتنا اليوم.. نحن كمعارضة أجبرنا على أن نكون في الخارج في فترة زمنية معينة وأتيحت لنا فرصة أن نكون في بلادنا وأن نقول ما نؤمن به بهذا الوضوح الكامل في داخل العاصمة، هذا قبول للرأي والرأي الآخر.
- بالنسبة للبلدان التي استضافتكم هل كانت تتدخل؟، هل رفضت طرحكم في الأخير؟. - الدول التي آوتنا وأذكر بشكل خاص المملكة العربية السعودية مشكورة لم تتدخل على الإطلاق في شأننا السياسي أو في رؤانا واطروحاتنا.. أمر خاص بنا نحن، كانوا يقومون باستضافتنا والتي تفرضها القيم العربية والواجب الإسلامي، أما مسألة مسارنا وتوجهاتنا السياسية فإنه خاص بنا ولم يكن لهم يد ولا تدخل.
- كانت تثار اتهامات لدول بدعم المعارضين في الخارج؟. - في العمل السياسي الاتهامات والمكايدات واردة، والمترادفات والمصطلحات التي عفى عليها الزمن تجاوزناها، كما أشرت هذه دول لها سياساتها ولها علاقاتها ولها مصالحها ببلادنا لكن فيما يتعلق بعلاقتها بنا لم يكن لها تدخُّلٌ مطلقاً ولم تُملِ علينا سياسات معينة أو توجهات معينة.
- كانت تحدث قلاقل وتوجه أصابع الاتهام للمعارضة في الخارج.. ما تعليقك؟. - إذا كان هناك عمل سلمي تم داخل اليمن ويدعو لما نقوله علناً فيما يتعلق بتعزيز وحدة اليمن، تعزيز المواطنة المتساوية، تعزيز الإصلاح الحقيقي في اليمن، فنحن لا ننكر توجهنا المتفق معه، أما إذا حدثت قلاقل أو عنف أو مؤامرات أو تفجيرات فليست لنا علاقة بها.
-تابعتم الإصلاحات التي يمضي فيها اليمن خلال فترة غيابكم.. ما تعليقكم؟ كيف كانت؟. - عندنا مفهوم في الرابطة للمعارضة قاله الأخ الأستاذ/ عبدالرحمن الجفري في مقابلة أخيرة أن مهمة المعارضة ليست ذم وإلغاء أي فعل يأتي من السلطة إذا هناك فعل صحيح وسليم ويخدم الوطن علينا أن نؤيده وأي إنسان يقول إنه لم يحدث تقدم في بلادنا في العشر السنين الأخيرة فهو مجافٍ للحقيقة، بالتأكيد حصلت إصلاحات كبيرة في مجال الطرقات والإتصالات والتعليم والصحة، ولكن ليس هذا هو الشكل المطلوب والكافي كما حدثت بعض الإصلاحات هنا أو هناك لكن مرة أخرى أقول: إنها لا ترقى إلى المستوى الذي نحن بالحاجة إليه، عندما نقارن حالنا كيمنيين بحال العالم، أو بحال جيراننا سنجد أنه ليس بالشكل المطلوب، رغم أن إمكانيات بلادنا هائلة، موارد «1400كم» من السواحل ممكن أن تقام عليها مدن ومشاريع لا تتخيلها، عندنا الثروة السمكية التي لا تنضب كما نفهم ونقرأ أنها لم تستنفد بالشكل الصحيح، وإنما تهدر بشكل مخيف، عندنا الغاز، ثروة مطمورة نأمل فيها الخير، عندنا البترول رغم أن الكمية التي تنتج محدودة إلا أن هناك أمل باستكشاف آبار جديدة، عندنا السياحة، يمكن أن تتحول بلادنا إلى جنة سياحية إذا استثمرت الاستثمار الصحيح، إذا ما هُيأت بلادنا لاستثمار حقيقي فيمكن أن تتحول اليمن إلى نموذج، الطاقات والإمكانات في البلد هائلة تحتاج استثماراً صحيحاً، طبعاً نشكو من الفساد الذي ينخر في البلد، لا بد من حل، وعلى الحزب الحاكم تقع المسؤولية الأساسية؛ لأنه الذي يوجه البلد وبيده مفاتيح البلد، أيضاً أن تهيأ الأنظمة والقوانين الصحيحة للاستثمار، إذا ما وُضعت بالشكل الصحيح فإن بلادنا ستشهد إقبال مستثمرين كثر ليس من الأجانب بل من أبنائها، هل تعلم أن يمنيين في الخارج عندهم المليارات وليس الملايين ويتوقون لأن يكونوا في بلادهم؟، لكنهم قبل أن يأتوا يريدون أن يضمنوا أنهم يأتون إلى بلاد آمنة مستقرة، حق الإنسان فيها مصان، وفيها قضاء مستقل وعدالة، عندما يُظلم أحدٌ يأخذ حقه عبر هذا القضاء وينصفه، وأؤكد لك بأنه إذا تهيأت هذه الظروف فإن بلادَنا قد تقفز للأمام وتكون في مصاف الدول المتقدمة، نأمل في المرحلة القادمة ومن خلال ما وضعه الأخ الرئيس في برنامجه الانتخابي خيراً، حيث أشار إلى أن البلد في حاجة إلى إصلاحات حقيقية في كل مناحي الحياة سواء السياسية أو الاقتصادية أو التعليمية، والآن نحن منتظرون وشعب اليمن منتظر والعالم منتظر، كيف يترجم هذا البرنامج إلى فعل.
- السلطة تقولُ: إن المعارضةَ لا تقدمُ برامجَ وأنها لا تقدر على ذلك؟. - نحن قدمنا برنامجاً شاملاً للإصلاح منذ أكثر من عام، في نوفمبر 2005م وسميناه "البرنامج الشامل للإصلاح الوطني في اليمن".
- كنتم لا زلتم في الخارج؟. - نعم.. وأرسلناه لكل الأحزاب السياسية في البلد، كنا نأملُ أن ندخلَ في حوار حوله، بحيث لا يكون البرنامج خاص بالرابطة، ولتكن هناك قواسم مشتركة للإصلاح الشامل في اليمن، إلا أنه وللأسف لم يتحقق ذلك، ثم كلٌّ بعد ذلك أصدر برنامجه، ونفتخر بأن برنامج حزبنا المكون من «120» صفحة تتبعه حوالى «300» صفحة مرفقات لا يكتفي بالعناوين إنما يضع الآليات والتفاصيل لكل عمليات الإصلاح في كل جوانب الحياة، وهذا البرنامج موجود، ونحن كحزب خارج السلطة لا نستطيع عمل شيء، ممكن أن تنفذ هذا البرنامج إذا كنت في السلطة واليوم من هو في السلطة ينفذ برنامجه، لكن إذا كان هناك رغبة في الاستفادة من مثل هذه البرامج، وأرى أن هذه البرامج هي لخدمة الوطن وليس من أجل الحزب الحاكم، إن هناك ما هو جيد، فإن المؤمل أن يعمل به.
- لماذا لا تطرحون برنامجكم وتعرضونه على الحزب الحاكم؟. - لا أخفيك أننا دخلنا في حوار مع الحزب الحاكم، والآن بصدد عمل مقارنة بين برنامج الرابطة للإصلاح الشامل وهو برنامجٌ ثري ويعالج كل القضايا الأساسية في الوطن.. البرنامج الانتخابي للأخ الرئيس، ومجمل التوجه العام للمؤتمر الشعبي.
- أين تكمن أوجه الخلاف بين برنامج الرابطة والمشترك؟. - في كثير من العناوين لا يختلف البرنامجين إلا في البعض لكن حول التفاصيل يكمن الاختلاف.
- وصف برنامجهم بأنه شطح كثيراً. - نحن منطقيون في برنامجنا، وإذا أردنا أن نصلح بلادنا، وأن نتقدم بخطى صحيحة يجب أن نكون منطقيين وواقعيين، ونعرف ونستوعب حقيقة المجتمع اليمني والبنية اليمنية، فننطلق من هذا الفهم والاستيعاب.. ممكن نشعّب ونأتي بنظريات ومن أحدث ما في العالم ولكن من ناحية التطبيق قد لا يتم، فنحن راعينا في برنامجنا أن يكون متلاءماً مع واقع اليمن وأوضاعه التي يمكن أن نخرج منها اليمن إلى الأفضل، المقارنة اليوم بين ما نطرحه وما يطرحه برنامج الرئيس ونرى ما هي القضايا التي نحن متفقون حولها ونثبتها، وما هي القضايا التي نختلف حولها في نهاية الحوار الذي نجريه؟، سنرى هل نحن متفقون، وهل هناك آفاق لتعاون مستقبلي؟، أم أن يظل برنامجنا هو ودعوتنا تظل قائمة، وهو حزب حاكم منفرد يسير في برنامجه، الهدف الآن هو كيف يكمّل بعضنا بعضاً، وليست الرابطة مع المؤتمر ولكن كما أشرت في بداية حديثي أن هذا انطلاقاً من المسؤولية الوطنية، وليس المسؤولية الحزبية، لا ينبغي أن يترصد كلٌّ منا للآخر، ويتصيد الآخر في المرحلة الراهنة والمستقبلية، لا نريد أن نكون كأننا في حلبة مصارعة، الحزب الحاكم يتصيد أية هفوة من المعارضة ويحاول أن يقلل من قيمتها ويوبخها، ونحن في المعارضة نتصيد لأي خطأ من السلطة ونحاول أن نوبخَها ونقللَ من هيبتها، وأشرت إلى مسألة مؤتمر لندن، وكيف عُولج من قبل البعض بروح حزبية وليست روحاً وطنية، والأمر الآخر أننا استغربنا في الرابطة أن بقية الأحزاب السياسية لم تتفاعل مع ما طرحه الرئيس علي عبدالله صالح في عدن قبل أسبوع حينما تحدث عن الحكم المحلي وكيف أنه في عام 2010م ستصبحُ هناك حكومات محلية، وقال هكذا باللفظ، لديها الصلاحياتُ الكاملةُ ولا يبقى للمركز إلا الشؤون السيادية المتمثلة في الشؤون الخارجية والأمن، مثل هذا القول ينبغي أن نحتفلَ به في المعارضة، نحن الحزب الوحيد الذين أشدنا بهذا الحديث وأصدر حزبُنا بياناً اعتبر الخطوةَ هذه ممتازة ولكنا نستغربُ صمتَ القوى السياسية الأخرى، وكان عليها أن تشيدَ به، وتلزم الرئيسَ به ولتصبحَ القضية قضية الجميع، وليس حزب حاكم فقط.
- تقصد أن عدمَ التفاعل ومباركة الخطى الصحيحة من قبل المعارضة تصرف سلبي؟، هل يثنيه الصمت عما وعد؟. - نعلم أن جبهتين يحيطان بالرئيس في إطار حزبه، فريق يريد إصلاحاً حقيقياً ومتقدماً بعيداً عن أي معوقات أو مبررات للتراجع، وفريق يريد أن يثنيه، ولما تأتي المؤازرة من خارج المؤتمر من بقية القوى السياسية فإن ذلك يعطي الرئيس ثقة واندفاعاً نحو الإصلاح ويقوي فريق الإصلاح داخل الحزب الحاكم؛ لأن القضية قضية وطنية وليست حزبية، لم يتجاوب أحدٌ مع هذا الحدث الهام.. هذا يحتم علينا أن نتعامل مع هذه القضايا من منظور وطني لا حزبي، ولا مخرج إلا بهذا المنظور، الوطن لنا جميعاً، ولنكمل بعضنا في الأفكار والروئ، لا ينبغي أن تنظر المعارضة لنفسها كهادم للسلطة، ولا السلطة تنظر وكأنها تملك البلد، وأن المعارضة ليس لها حق وما هي إلا تابع أو ذيل.. هذه الروحُ ينبغي أن تختفيَ ولتسود روح المسؤولية الوطنية.
- بالنسبة لوضعكم من التحالفات السياسية، أنتم لا مع المشترك ولا المؤتمر، ولا في إطار المجلس الوطني؟. - لأننا رابطة، لنا كيان سياسي، ولنا توجه ورأي، وكان لنا دور كبير عند قيام الوحدة عام 1990م بل دور أساسي في تكوين أول تكتل وطني حقيقي للمعارضة هو التكتل الوطني للمعارضة، وكان على رأسه الأخ/ عبدالرحمن الجفري، والمرحوم/ عمر الجاوي، وبعضُ الأحزاب السياسية إن كانوا ناصريين أو حزب الحق أو القوى الشعبية، ثم بعد ذلك جاءت حرب 1994م واضطررنا كما أشرت إلى الخروج.. نحن في الرابطة كيان مستقل نمد جسور التواصل مع مختلف الأطراف السياسية، وكما أشرت بأننا في حوار مع الحزب الحاكم وليس معنى ذلك أن بيننا خلافاً مع الآخرين، منفتحون مع الجميع.
- الأخ/ عبدالرحمن الجفري قال أثناء الانتخابات: بأنكم في الرابطة لستم قطعان غنم، عندما سئل عن سبب عدم الوقوف مع المشترك!!. - ما سمعت بهذا، ولكن إذا سئل: لماذا لم تكونوا في المشترك؟. يمكن الإجابة أنه إذا أحد طرق بابنا سيسمع إجابة، الذي حصل أن المشترَكَ تكون بالشكل الذي تكون به، فلم يطرقوا بابَ الرابطة مثلاً وإذا طرق الباب...
- بمعنى أنهم لم يدعوكم إلى تحالفهم؟. - نحن لا ندعى إلى تحالف، كان ينبغي على المشترك لأنه أولاً انطلق من رحم ما كان يسمى مجلس التنسيق وكنا جزء من ذلك، أن تتحاور أساساً كلنا كأطراف لنشكل هذا المشترك، أو نسميه أي شيء، ونتفق على الخطوط العريضة وننطلق، أما أن يأتي طرف أو حزب أو حزبان ويقولوا للآخر: تعال إنضم معنا. فنحن بالنسبة لنا لا نقبل ذلك، تعال أدخل معنا!!، تعال إتبعنا.. هذا بالنسبة لنا لا نقبل به بالرغم أننا نحترم عمل المشترك، وهذه القضية تجاوزناها لأن المرحلة انتهت.. واليوم علينا الابتعاد عن المكايدات السياسية ولنتعامل بالروح الوطنية.
- هل يمكن التوافق مع المشترك فيما تطرحونه وتكونوا في اتجاه واحد؟. - نحن لم نلتق مع اللقاء المشترك ولم يحصل حوار بيننا، وفي الحياة السياسية والعمل السياسي الأبواب تكون مفتوحة، نحن اليوم في حوار مع الحزب الحاكم؛ لأنهم طرقوا بابنا، ونتحاور وسنرى إلى أي مدى ستكون بيننا قواسم مشتركة، وإذا طرق بابنا من أية جهة أخرى فسنتحاور معها وليس عندنا ما يمنع.
- هل هناك قضايا محددة في حواركم مع الحزب الحاكم؟!. - من أهم القضايا الأساسية الحكم المحلي، نظام الحكم سواء كان برلمانياً أم رئاسياً أو مختلطاً، وكذا مسألة البرنامج الاقتصادي للبلد، والتصدي للفساد، مسألة الخدمة المدنية التي نرى نحن في الرابطة بأن تكون الخدمة المدنية هيئة وطنية مستقلة وليست وزارةً تابعة للدولة، قضايا المرأة، نناقش قضايا الإصلاح الشامل في البلد.
- ذكرت الخدمة المدنية.. لماذا؟. - إذا كانت تابعةً للدولة فإنها بيد الحزب الحاكم أياً كان، يوظفُ مَن هو معه وموالٍ له، وستكون حياديتها أهم عنصر للأخذ بمعيار الكفاءة الوطنية، والكفاءات لن تأتي إلا عن طريق هذا الإطار.
- بالنسبة للإعلام.. كيف تريدونه؟. - نحن من أول من طرح أن يكون الإعلام محايداً، ونرى أن تلغى وزارة الإعلام أولاً، يكون الإعلام هيئة وطنية مستقلة تماماً، وبالتالي تكون بعيدة عن هيمنة الدولة وهيمنة الحزب الحاكم أياً كان، قد يكون المؤتمر اليوم وبكرة غيره.
- لستم مرتاحين للوضع الإعلامي الحالي.. هنا حرية.. - ما من شك في أن هنا حرية وتعبيراً عن الرأي، وأن الهامش كبير وجيد، ولكن نحن نقصد أن سيطرة الحزب الحاكم أو الدولة على كل الإعلام سيوظف لصالح الحزب الحاكم، هذا أمر منافٍ للعمل الديمقراطي أصلاً، أعطني دولة بها ديمقراطية حقيقية وتمتلك كل وسائل الإعلام.
- الاحتكار هو في الجانب الإذاعي والتلفزيوني.. - هذه القنوات والإذاعات هي التي يسمعها شعبنا، تعلم أن «60%» إلى «70%» لا يقرأون.. يتلقون أي خبر من هاتين الوسيلتين، فإذا لم تكن هذه الوسائل محايدة فإن ذلك يعني أن هناك غبناً وخطأ حاصلاً.
- التخوف ربما من سوء استخدام البعض لهذه الوسائل البالغة الحساسية والتأثير؟!. - إذا تخوفنا من أي شيء جديد فلن نمضي قدماً، نضع من ضمن الضوابط أن أي عمل إعلامي لا ينبغي أن يخرج عن تقاليدنا ونوامسينا وشرعنا وثوابتنا وهذا أمر مهم، لا تبقى العملية هكذا سداح مداح.
- ربما الوعي المجتمعي غير مهيئ كما أنه حساس وعند الحديث من قناة فضائية عن قضايا حساسية سياسية قد يفهمها العامة بأنها تحريضية، وأنها دعوة للعنف و... لا تنس السلاح والبنية القبلية.. - صحيح، هذا واقعنا ولكن في المقابل يمكن أن نضع من بين الضوابط هذه المحاذير والتي ممكن أن تنقل مجتمعنا إلى ما ينبغي بشكل تدريجي، لكن إذا تخوفنا من هذه الأمور، الجانب القبلي، الجانب الطائفي.. فإننا سنظل محلنا ولن نخرج طالما أننا حتماً سنطلق.
- تقصد أن التأخير في السير نحو هذه الإصلاحات خطأ؟. - العالم يمشي.. لا أحد ينتظر لنا..
- البعض يقول أمامنا مراحل ولا نقفز عليها. - نعم ولكن هل نحن مستعدون للمضي بذلك، لنضع الضوابط والأنظمة التي تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المجتمع اليمني، وطبيعة النمو السياسي، والنمو الاجتماعي، والعامل القبلي، والطائفي، لكن نحن كطلائع ودولة ومثقفين علينا أن نضع المخارج لهذه المشاكل، أما أن يأسرنا الخوف وتحت المبررات فماذا ننتظر؟ لا بد أن ننطلق.
- طيب على سبيل المثال لو فتح الباب لقنوات فضائية فإن أغلبها قد تأخذ طابع التوجه السياسي والذي الخوض فيه حساس ستغيب القنوات التي تخدم المجالات التنموية للبلد؟!. - ليس بالضرورة أن نصرف كل جهدنا في الجانب السياسي، لكل مجتمع طابعه الخاص، وإذا أتيحت لقنوات فضائية فينبغي أن تنطلق من البيئة اليمنية وخصائصها، ولا نتخوف، وكي لا يكون هناك انفلات لا بد من ضوابط فعلية حتى تبقى في إطارها الصحيح، يجب أن يكون هناك أكثر من صوت وأكثر من إذاعة ولا يكون الأمر محصوراً بطرف واحد، أو فكر واحد، وعلى فكرة هذه القنوات والإذاعات وسائل للتنفيس عن الإحتقانات، لما الناس تسمع صوتها عبر أكثر من وسيلة فضائية فإن الإنسان بطبيعته يشعر أنه قد عبر عن رأيه لكن لما يظل مكتوماً ولا يُسمع له صوت فإن ذلك يولد الضغط والإحتقان.
- السطة تسمع منذ سنوات كثيراً؟. - هذا جيد.
- كثيراً ما يطرح في الصحف بمختلف توجهاتها يسمع له من في السلطة؟!. - هذا التوجه نؤيده ونشكر السلطة على ذلك، ولكن علينا أن نسير خطوات أكبر؛ لأن بلادنا فعلاً محتاجة لكل الخطوات المتقدمة في كل مناحي الحياة السياسية والإعلامية أو الاقتصادية.. لا بد من برامج وآليات وفترات زمنية للتنفيذ، أما الكلام مل الناس منه، فعلاً ملوا، نريد أن يتحول الكلام إلى فعل.
- أنتم في الرابطة تنوون إنشاء قناة لو أتيح المجال بدلاً عن الصحيفة محدودة الانتشار.. - يا ليت لو فيه الإمكانيات المادية، هذا يسعدنا، لو كان هناك إمكانيات لماذا لا ننشء قناة للرابطة، وأنا أعتقد أن أية قناة فضائية أو مركز بحث ستكون بالتأكيد لصالح البلد، أفضل من ألا تكون مع الأخذ بالضوابط.
- تأثير الكتابات والتقارير التي تنشر عبر صحف المعارضة سيكون ضخماً لو كانت عبر قناة فيها دعوات للانفصال أحياناً وأخرى للتحريض على المناطقية وأخرى للمذهبية؟. - هذا ليس المطلوب ولا نقر مثل هذه التوجهات، الدعوات الضيقة سواء قبلية أو مناطقية غير مقبولة، لكن أيضاً ليس هناك من وسيلة لكبحها إلا بالحوار، لا ينبغي أن يخمد أي صوت بالعنف، إخمد أي صوت بفكرة، الفكرة تقارع الفكرة، وأنا على ثقة بأنه لن يصح إلا الصحيح، وبالتالي يكفينا في اليمن ما سالت من دماء، يكفينا إقصاء، من وصل إلى السلطة أقصى الآخرين، البلد لا يتحمل، إذا استفدنا من تجربة الأربعين السنة الماضية هي أن اليمن لا يمكن أن يكون إلا صوت واحد، والمفروض أن نسمع لكل الأصوات في اليمن، ولا يمكن أن أحداً يلغي أحداً، ولا يقصي أحداً، ولا يمكن أن شخصاً واحداً أو قبيلة واحدة، أو حزباً واحداً يسير أمور اليمن.
- برأيك هل التداول السلمي للسلطة موجود اليوم؟. - تداول ليس بالشكل المطلوب، لكنه وسيلتنا وأقول لك بصدق: إن الانتخابات الأخيرة كانت تجربة متقدمة جداً على المستوى اليمني بل على المستوى العربي.
- ما الذي أعجبك فيها؟. - لأول مرة يحصل تنافس حقيقي لنسمي التنافس السابق بالشكلي، كل اليمنيين والمراقبين في الخارج رأوا أن تلك المنافسة في 1999م شكلية.. أتحدث هنا عن الرئاسية التي حصل فيها تنافس حقيقي، لم يحدث تزوير، قد ترافقها سلبيات وتجاوزات أمر معقول، لكن أعطيني دولة عربية حدث فيها انتخاب كهذا، تنافس بين شخصين أو طرفين بهذا الشكل، طبعاً لا أقصد أنها مثالية، حصلت تجاوزات كثيرة، على سبيل المثال إمكانيات الدولة والسلطة يمكن كانت في طرف، لكن الديمقراطية كانت نوعية، ونقلة نوعية، وبالتالي نريد أن تكون الانتخابات القادمة أفضلَ مثلاً تكون إمكانات الدولة إما محايدة أو إما متاحة لكل المتنافسين.
- عندكم وجهة نظر مختلفة حول قانون الانتخابات؟. - هناك كثيرٌ من القضايا بحاجة إلى الوقوف أمامها ومراجعتها، وحقيقة أن اللجنة لم تكن محايدة بالشكل المطلوب، سجلات القيد والتسجيل لا بد أن تفتح من جديد.
- بالنسبة لقانون الأحزاب السياسية. - لا بد أولاً أن توجد في الساحة أحزاب حقيقية، الأحزاب المفرخة تسيء للعمل الحزبي.
- كيف تجاوز الإساءة هذه؟. - المعالجة بتوفر الحس لدى المجتمع والسلطة، لو قدمت لك قائمة بالأحزاب وطلبت منك أن تحكم ضميرك الوطني وليس الحزبي وتختار أياً منها حقيقي له أسس وجذور والتي يمكن أن تخدم المجتمع لوقع على عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة أو الكفين، وإذا كان هذا توجهنا فينبغي حصر الأحزاب التي لها حثيثة حقيقية وليس بالضرورة أن يؤخذ معيار العدد في اختيار الأحزاب الحقيقية وإنما التي عندها التوجهات الحقيقية وعندها القيادات النوعية، وإذا اتفقنا كما قلت على تصحيح الجو فلن نختلفَ عندما نحددُ الأحزابَ الحقيقيةَ من غيرها.
- يعني أن يؤخذَ معيارَ الأقدمية.. المعيارُ المنطقي هو التمثيلُ في مجلس النواب؟. - إن كانت النيةُ موجودةً فلن نختلفَ، سنكون أحزاباً محدودة، وتعطى لها الإمكانياتُ والمساعداتُ، ولا ينظر إلى ما يقدَّم لها على أنه حسنة أو صدقة، ولكنها تقدم وظيفة مكملة للدولة، هي الوجه الآخر للحكم، لها حق الدعم، وإذا قويت المعارضة قويت السلطة، وأريد أن أؤكد على قضية أخرى وهي أن المساعدات تعطى لهذه الأحزاب الحقيقية وليس لأحزاب تسيء للعمل الحزبي، كثير من الأحزاب المفرخة تسيء للعمل الحزبي، تُحصَرُ أولاً الأحزاب التي لديها إمكانية البقاء والوجود، ولديها توجه حقيقي وحيثية حقيقية ومن ثم تدعم وكحق مشروع.
- لكن الأحزاب الموجودة تعمل وفقاً لقانون الأحزاب و....؟!. - لن تموت اليمن إذا ما أعيدت الأمور إلى نصابها، لن يعمل واحد أو اثنان قصةً.
- يعودُ البعضُ لأصله، الناصري ثلاثة، البعث كذلك، الرابطة، القوى.... - يا ليت يتم الاندماجُ إذا أتيح الأمر، وإذا أي حزب قائم يرى أن ليس عنده الحيثية الحقيقية للبقاء فهو حر أن يختار أيَّ حزب وليس بالضرورة أن يعودَ من قلت عنهم مثلاً ثلاثة أحزاب: ناصري إلى حزب واحد، إذا رأى منهم أن يدخل المؤتمر مثلاً أو الإصلاح، ما المشكلة المهم أن نحصر هذا العدد الكبير في عدد منطقي، بعضها مسميات لا تقدم ولا تؤخر..
- بعض الأحزاب بلا مقر.. - نعرف ذلك.
- ألا تتخوفون كدعاة للحكم المحلي من عدم الاستقرار والانفلات؟. - إطلاقاً غير متخوفين، ونحن مع الانتخاب الكامل للمحافظين، ومدراء المديريات، وهذا هو الطبيعي، ولتكون المجالس المحلية السلطة الحقيقية، الكل يشكو من المركز وعلى أنه مهمين على كل شيء، والمخرج هو بانتخاب مسؤولي المحافظات، وسيكونون في معظم الأحيان من أبناء المحافظة الأدرى بشؤون محافظاتهم، ثم بعد ذلك ستكون هناك المساءلة لهؤلاء، إذا لم يكونوا أمناء، الانتخابات التي تلي ستأتي بغيرهم، ثم إني أدرك أن هناك سلبيات سترافق هذا التوجه إلا أنه ومن خلال التراكم في العملية ستتلاشى وسنتعلم.. إذا هناك جهل لدى المواطن بمفاهيم الانتخابات وإذا كان هناك تأثير وسيطرة للعامل القبلي فإن ذلك سيخف في المرحلة التي تليها، في المرحلة القادمة قد أعطي صوتي لشخص ليس من قبيلتي لثقتي فيه؛ ولأنه أكثر خدمة للمجتمع من ذلك الذي ينتمي إلى قبيلتي، الأمر طبيعي، وقد تسير الأمور تماماً في المرحلة الأولى أو في الثانية أو الثالثة، هذا هو المدخل، أما التخوفات ما الذي يبررها؟!.
- يطرح البعض حديث خطورة الفيدرالية؟. - طالما نحن متفقون على أن الوحدة أمر ثابت وقضيتها محسومة، فإذا هناك مفاهيم ستعزز الوحدة فلماذا نتخوف؟!، الحكم المحلي ليس موضة، ولكنه لغة العصر، إنظر لتجربة الصين الخرافية، الصين التي كانت شيوعية واستطاعت أن تحقق تنمية، ونجحت لأنها أخذت بالحكم المحلي الذي يكاد يكون كونفدرالياً، وبالتالي كل منطقة وإقليم في ورشة عمل بصلاحيات مطلقة يكاد كل إقليم صيني يصدّر للعالم، المركز ما هو إلا ضابط الإيقاع في الغرفة الموسيقية في بكين الذي يضبط النوته فقط، وعلينا أن لا ننشد لما يقوله المتخوفون طالما أن اليمن واحد، واليمني ينطلق من المهرة إلى صعدة ولا يحده حد..، هذه المسألة تحتاج ضوابط، والقواعد معروفة، الحكم المحلي هو المتنفس للناس، وكل الناس تشكو من أن أي مسألة صغيرة أو كبيرة تستدعي الذهاب إلى صنعاء، كما أنه ليست هناك أية صلاحيات للسلطة المحلية الآن.
- بعد أن انتهت مرحلة الانتخابات هل لا زال القبول لطرحكم من قبل المؤتمر كما كان!!. - وجدنا روحاً طيبة جداً من الأخ الرئيس، ومن كثير من قيادات المؤتمر الشعبي، ولمسنا أن هناك توجهاً حقيقياً للإصلاح، ونحن سائرون على ذلك، ونأمل أن يظل التوجه هذا قائماً إن ساروا فيه فهذا الذي يسعدنا، نحن إلى هذه اللحظة حزب معارض، وما كنا نقوله بالأمس نقوله اليوم، ونأمل أن يصدق الحزب الحاكم ويحوّل برامجه إلى أفعال؛ لأننا في نهاية المطاف نريد ما يسعد الىمن، ويبني قوة اليمن، وإذا لم يسر المؤتمرُ في ما وعد فرأيُنا هو هو، وبرنامجنا ثابت وسنظل نطرح ما نقوله، البرامج التي قدمتها الأحزاب فيها أسس الانتقال إلى دولة مدنية حديثة، والمهم هو التطبيق، البرامج تعالج القضايا وتحتاج عملاً حقيقياً.
- كلمة أخيرة وقد أطلت عليك عذراً؟. - سعيدٌ أن أطل عبرَكم ونسمع الآخرين صوتنا، الذي طال غيابه عن الوطن، الأمر الثاني أننا أمام مرحلة، إما أن نستغلها، وننتقل من حالة الضيق إلى حالة الفرج، وإما أن نظل في هذه الحلقة المفرغة، وحقيقة أننا من خلال ما نسمع في المنتديات واللقاءات مع البعض لا نسمع إلا كل ما هو ظلام، وصوت آخر عنده أمل في أن ننطلق في الإصلاح، ونحن في الرابطة من فريق الأمل، ونرى أن اليمنَ سيخرج إذا ما تكاتفت جهود أبنائها من هذه الأوضاع الصعبة إلى الأوضاع الأفضل، ولا أنسى أن أؤكد سعادتَنا، ونحن اليوم بين أهلنا، وفي بلادنا لنمد أيديَنا للتعاون مع كل الأطراف السياسية وليكونَ لنا دورٌ في إصلاح الأوضاع من خلال المسؤولية الوطنية، وليس الحزبية، وليكمل بعضنا البعض.. وشكراً جزيلاً لك..