بعد شتاء طويل و قارس وربيع مترب ومتقلب يحل علينا فصل الصيف فتنفرج كربة الجفاف التي تعم أرجاء البلاد، وحين تنتصف أشهره تغلق الجامعات أبوابها ويغادر الطلاب مدارسهم ويستعد أرباب الأسر لقضاء موسم الإجازات والعطل في أجواء هذا الفصل الساخن وكل هذا لتفريغ شحنات تولدت من كبت العمل في شهور طويلة، لكن ثمة أوجاع يسببها حر الصيف وأجواؤه الملوثة فلكي يكون صيفنا حافلاَ بالمسرات خالياَ من المكدرات سلطنا الضوء في هذا التحقيق على أكثر أمراض الصيف انتشاراً وأساليب الوقاية منها. جمال سيلان: يؤكد الدكتور سعيد العزعزي استشاري باطنية أن الملاريا تعد أكثر أمراض الصيف فتكاً وانشاراً في أوساط المواطنين نتيجة نمو وتكاثر أنواع البعوض والحشرات الناقلة للمرض، وأضاف وتأتي إصابات التسممات الغذائية في المرتبة الثانية حيث تستقبل المستشفيات يومياً عشرات المصابين بحالة تسمم. ويبدو أن فلذات أكبادنا هم أكثر فئات البشرية تضرراً من أمراض الصيف حيث يؤكد لؤي الحكيمي، استشاري أطفال، أن ما نسبته 40% من وفيات الأطفال سنوياً تحدث في فصل الصيف، فالأطفال هم الفئة الأكثر تأثراً، فارتفاع درجة حرارة هذا الموسم وما ينتج عنه من أجواء ملوثة ونمو مطرد للبكتيريا والفيروسات المسببة للأمراض، خصوصاً عند مغادرتهم للمدارس وتوجههم للعب في الشوارع العامة والأماكن المزدحمة، حيث يزداد معدل تعرضهم لأشعة الشمس وينتج عن ذلك إصابتهم بأمراض خطيرة يحصد ضحاياها الكثير منهم، ولعل هذا ماجعل الآباء والأمهات يشبهون فصل الصيف بالضيف الثقيل على أبنائهم. وأشار إلى أن أمراض النزلات المعوية تعد الأكثر إصابة للأطفال في فصل الصيف والتي تبدأ غالباً بإسهال يصاحبه قي مع ارتفاع درجة الحرارة، ومصدر ذلك عدم اهتمام الأم بالنظافة الشخصية لطفلها لحمايته من خطر البكتيريا الضارة. مؤكداً أن الطفل يكون أكثر عرضة في هذا الفصل لإصابة بالتهاب الكبد بسبب تكاثر الذباب وارتفاع نسبة التلوث البيئي وتناول الأطفال للمأكولات الملوثة بالفيروسات أو لمس الأدوات الشخصية للآخرين، وغالباً ما يبدأ هذا المرض بارتفاع درجة الحرارة مصحوباً بالقيء إلى جانب عزوف الطفل عن تناول المشروبات والإصابة بالآم البطن. متاعب العين وأنت في الصيف حافظ على سلامة عيونك، عبارة عادة ما يرددها بكثرة بائعو النظارات الشمسية في فصل الصيف ليضاعفوا أرباحهم منها، حيث يحرص المواطن المثقف على اقتنائها تجنباً لإصابة العين بأي مخاطر، فالأجواء الملوثة وما ينتج عنهما من تكاثر للحشرات الضارة تصيب العين بأمراض عدة، الوقاية منها لاتتطلب سوى الابتعاد عن هذه المثيرات ولبس النظارات الشمسية. يقول الدكتور(نبيل عثرب) استشاري عيون: تتعدد آلام العين في فصل الصيف وتعد أمراض الحساسية أكثرها انتشاراً نتيجة الجو المثير للأتربة والغبار وما يساعد على ذلك عدم نظافة الشوارع العامة وإهمال المواطنين لنظافة عيونهم بشكل عام. وأضاف: ومن أهم الأمراض التهابات الملتحمة التي تتسبب في حدوثها وجود بعض أنواع الديدان التي تعيش في الأشجار وعند الاحتكاك بها خاصة من جانب الأطفال تنتقل البكتيريا إلى ملتحمة العين فيصاب الإنسان بهذه الالتهابات . ويتفق الدكتور (أحمد المصباحي ) استشاري عيون مع سابقه، مضيفاً أن العين تصاب في فصل الصيف بما يسمى ضربة الشمس إثر التعرض الزائد لأشعة الشمس، والمريض في هذه الحالة لايشعر بآلام في أوقات النهار، ومع بداية المساء يشعر بألم واحمرار شديد في عينيه نتيجة تأثير الشمس المباشر على القرنية وإصابة الشبكة البصرية. ونصح المصباحي بضرورة ارتداء النظارات الشمسية وتجنب أشعة الشمس والأماكن المزدحمة وكذا الأماكن عديمة التهوية مع استخدام الماء النظيف والمناديل القطنية لتنظيف العين وضرورة مكافحة الذباب وتجنب استخدام مناشف الغير. أجراس الخطر تطير في منازلنا يحرص صناع المناهج التعليمية في الدول المتقدمة على تضمين كتاب ومناهج مراحل التعليم الأولى عبارة تتكاثر الحشرات الفتاكة في فصل الصيف فحافظ على صحتك , إذ إن غرس مثل هذه المفاهيم في أذهان الناشئة إنذاراً مبكراً لدحض أخطارها عليهم، فمع قدوم الصيف تتكاثر أنواع البكتيريا والحشرات الضارة وسواء أكانت تطير في منازلنا أم تعيش على جلود الحيوانات أو توجد بغرف النوم والأتربة أو تختفي بالأركان المظلمة داخل المساكن والشقق فإنها جميعاً تتسبب في الإصابة بالعديد من الأمراض متبادلة الأدوار في توقيت إلحاق الضرر بعضها في أوقات الليل والبعض الآخر في النهار، حيث يؤكد الدكتور عثرب أنه مع ارتفاع درجة الحرارة تنشط الميكروبات والفيروسات الناقلة للأمراض على أجنحة الذباب والناموس والبعوض وهذه الحشرات تكفي لحصد أرواح الكثيرين على الرغم من الوقاية منها لاتتطلب سوى النظافة واتباع سلوكيات حضارية. الذبابة ويأتي على رأس هذه الحشرة الذبابة المنزلية التي تبدأ نشاطها مع حلول شهري أبريل ومايو وفي يونيو تبدأ موجة نشاط أخرى فالذباب يعيش ويضع بيضه في القمامة ووجوده مرتبط ارتباط وثيق بالنظافة العامة والخاصة، فكلما قلت القمامة قل تكاثر الذباب الذي ينقل أمراضاً كثيرة للإنسان كالتيفود والسل والكوليرا والملاريا وبعض أمراض العيون كالرمد الحبيبي والصديدي. البعوض من المعروف أن البعوض حشرات رهيفة نحيلة الأجسام تنشط عند في الغسق من الليل وفي الصباح الباكر وللبعوض القدرة على نقل الكثير من الأمراض منها حمى الملا ريا والحمى الصفراء والحمى المخية، وبحسب خبراء البيئة والحشرات فإن هناك أنواع متعددة من البعوض لكل منها القدرة على نقل أمراض خطيرة وفتاكة بجسم الإنسان والحيوان معاً. ويمكن مكافحة البعوض بالابتعاد عن جميع الأوساط التي ينمو ويتكاثر فيها البعوض والوسط الملائم لعيشها كالبرك والمستنقعات وزرائب الحيوانات وأسفل الملابس المعلقة إلى جانب ذلك يمنع البعوض من دخول المنازل بوضع سلك معدني على النوافذ وكذا استخدام بعض المواد الطاردة له ووضع الناموسيات على الأسرة. خط الدفاع الأول الجلد يعده الأطباء الحامي الأول للجسم ما يعني أن إصابته بمتاعب وآلام سينعكس آثارها على الصحة للإنسان وفي الصيف وبقدر ما يعطيه هذا الموسم من راحة واستمتاع في مصايف البحر و حمامات السباحة بقدر ماتتسبب حرارة الشمس والرطوبة إلى الإصابة بكثير من الأمراض بحيث يتحول الصيف من فصل للاستمتاع إلى الفصل للمواجع والآلام لهذا كله ينصح أطباء الأمراض الجلدية بضرورة التعامل بحذر مع الظروف المناخية لهذا الموسم الساخن . حيث يؤكد الدكتور جلال العبسي أن أمراض الصيف كثيرة ولها تأثيرات خطيرة على الجسم، ولايعني ذلك عدم وجود هذه الأمراض في فصول السنة الأخرى لكن الصيف يهيئ لها الجو المناسب والرطوبة اللازمة والحاضنة لمسببات هذا المرض، ولذا تتكاثر وتنتقل بسهولة، مشيراً إلى أن أمراض الفطريات (الجرب والقمل .....)تأتي على رأس أوجاع الجلد المنتشرة نتيجة ارتفاع درجة الحرارة ووجود الرطوبة الزائدة وزيادة إفراز العرق الوسط الملائم لانتقالها ونموها، وهذه الفطريات تصيب الصغار والكبار من الجنسين لكن أكثر الإصابات تكثر في أوساط كبار السن. وأضاف: ويعتبر إصابة الجلد بأمراض الحساسية من أكثر الأمراض المنتشرة صيفاً خصوصاً في بلادنا نتيجة اعتماد معظم المواطنين في عيشهم على الزراعة التي تتطلب عملها البقاء لفترة طويلة تحت أشعة الشمس وهو السبب الرئيسي للإصابة يليها حساسية المواد الكيمائية المستخدمة في الزراعة وحساسية التربة. وتابع ومن هذه المتاعب الجلدية الكلف وضربة الشمس ؤحدوث أورام جلدية خبيثة وزيادة في إفرازات الغدد العرقية وبعض الفطريات الجلدية، وتعد كثرة تجاعيد الوجه وظهور علامات الشيخوخة المبكرة من ضمن الأمراض الجلدية التي يزداد معدل الإصابة بها صيفاً. وقال: إن تعرض الإنسان لأشعة الشمس وما يتبعها من تغيرات في الجو واختلاف في درجات الحرارة والعوامل المناعية في الجسم جميعها تساعد على سرعة انتشار هذه الأمراض فضلاً عن أن فصل الصيف ملائم لنمو الحشرات الضارة التي توثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الجلد، وينصح بارتداء القبعات وغطاء الرأس وعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس بالإضافة إلى عمل ناموسية للصغار في حال تواجدهم في مناطق تكثر فيها الحشرات.