تتعدد الأراء تختلف وجهات النظر، لكن الوطن يبقى واحداً، تتنوع الرؤى، لكن المواطنة تظل هي الاتفاق الشامل والكامل بين الجميع، تزدحم القضايا ويحتدم النقاش، إلا أن المحبة في الطرح وقبول الآخر تظل هي الأولوية لدى الجميع. حول القضايا الوطنية المهمة في الشمال والجنوب والأزمة الخانقة التي يمر بها الوطن، تدور الأحاديث بين كل الأطراف السياسية، والاختلاف وارد، لكن الخلاف يستبعده الجميع، لأن كل تيار يرى المصلحة حسب قناعته، ويترجم محبته للوطن، وحرصه على نموه وازدهاره وفق معاييره الاجتماعية والثقافية. يظل الوطن فوق الجميع، وتظل الحرية في التعبير هي النور الذي نهتدي به وعليه نتفق! الوطن للجميع بلا استثناء، وكلما تعددت الأراء وتباينت الاجتهادات تبرز الوحدة الوطنية كمحك أساسي يوحِّد الاتجاهات. وجهتنا هي اليمن، منها نبدأ وإليها ننتهي.. لها نعمل وبها ننجز ونحقق، دعونا نختلف فالاختلاف فن والتحاور الفكري الرصين هو الأجمل في ظل التعددية التي ننشدها، وليكن جوارنا على قول (الإمام الشافعي) في هذا الشأن: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب» لماذا نحن كيمنيين لا توجد لدينا ثقافة التسامح؟! فنجد أنفسنا متسامحين مع الأجنبي الغريب، غير متسامحين مع اليمني القريب! نحن بحاجة إلى أن نتشبع بثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر وحق الاختلاف. أين نحن من وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لنا بأننا شعب الإيمان والحكمة، وبأننا أرق قلوباً وألين أفئدة.. نحن بحاجة الآن إلى إعادة النظر في حل مشاكلنا، والتعامل مع بعضنا البعض، على قاعدة يمن لكل اليمنيين، وبالحوار الوطني الجاد، علينا أن نقبل بأن الحوار والحلول السياسية الجادة هي الطريق للوصول إلى كلمة سواء، وعلينا أن نرفض كل أساليب التخوين والتكفير وكيل الاتهامات لمن يخالفنا الرأي، كيف لا والعرب قالت: «عدو عاقل خير من صديق جاهل». للمواطن أن يقول رأيه وله حق التعبير ككائن، كمواطن، كفرد، وعامل وموظف، وللمناضل والحاكم والمعارض أن يقولوا آراءهم أيضاً، ويعبروا عن حريتهم دون الخروج عن لياقة الحوار، ولباقة التحاور. أما التلويح بالعنف واستخدام القوة لفرض آراء وخيارات معينة، والحفاظ على مصالح طرف معين فهذا لن يجدي، وسقود الوطن إلى الهاوية والدمار، وها نحن اليوم ندفع ثمناً ونسدد فواتير صراعات وحروب سابقة. الكل مطالب بالحفاظ على شعرة معاوية» قبل أن تنقطع، ويفوت الأوان، لأن الوطن أضحى على كف عفريت! وما حرب صعدة الخامسة وبوادر الحرب السادسة وغليان الجنوب والصراع السياسي الذي نشهده اليوم إلا بروفات ساخنة تنذر بوضع خطير ومأساوي! فالقضية قضية وطن، لا قضية حاكم أو أشخاص أو قبيلة أو أحزاب، والمسئولية تقع على عاتق الجميع بالحفاظ على وطننا، ولن يتأتى هذا إلا بعودة روح الشراكة الوطنية والسياسية، وتحقيق العدالة، وتطبيق النظام والقانون، وإجراء إصلاحات سياسية شاملة. ولتظل اليمن قوية بقوة شعبها الأبي، وبعزته لا بإذلاله وإهانته. ومتى كان الشعب قوياً ووجدت معارضة قوية، وجدت السلطة القوية، لأن قوة الحاكم من قوة المحكوم والعكس صحيح وقوة الوطن من قوة المواطن، فهو المرآة العاكسة لوجود دولة تقوم بوظائفها، وغايتها الأصيلة لخدمة المواطن ورفاهيته.