منذ فترة ليست بالقصيرة، عكف الباحث الموسيقي اليمني جابر علي أحمد على تأليف كتاب نقدي موسيقي يتعرض للغناء اليمني بعنوان: (تيارات تجديد الغناء في اليمن "رؤية نقدية") .. الكتاب صدر مؤخراً واعتبره الناقد عبد الباري طاهر غابة شديدة الخصوبة والوعورة والكثافة، ولفنان من قلائل فناني الوطن العربي الذين جمعوا بين موهبة الفنان وملكة الناقد المجرب والأكاديمي على حد تعبير طاهر الذي يقول في تصديره للكتاب بأن مقدرة ومعرفة جابر النقدية لا تقل أهمية وعمقاً من موهبته وتجربته الغنائية، الأمر الذي انعكس على طريقة انتقائه لكلمات أغانية. الكتاب الذي صدّر له الكاتب والناقد عبد الباري طاهر جاء في (282) صفحة وينقسم إلى بابين وكل باب ينقسم إلى ثلاثة فصول. يدرس المؤلف في الباب الأول تيارات تجديد الغناء في اليمن، مقسماً إياها إلى ثلاثة تيارات، معتبراً تباشير تيارات التجديد الغنائي تزامنت مع ظاهرة إحياء الغناء التقليدي.. والحقيقة أن كتاب جابر يأتي امتدادا لمشروعه المعرفي والفني في آن، فهو إلى جانب كونه باحث متجدد معرفياً يعد أحد أبرز الموسيقيين في اليمن إن لم يكن أبرزهم، واعتبر في توطئته للكتاب "الموقف النقدي من مفاهيم الخطاب الفني السائد يبرره كون هذه المفاهيم تستعمل دون توثيق تحليلي يستمد مشروعيته من ذات الحقل الفني، وبالتالي فهي تفتقد أية علاقة إبستمولوجية بذلك الحقل. وقد يكون مرد ذلك كما يقول إلى أن تلك المفاهيم تبلورت في اليمن كنتيجة لقراءات (صحفية) أو (أيديولوجية) لبعض الظواهر الفنية. ولهذا ما فتئت تتصف بكونها مفاهيم لم تكتسب صلاحيات منهجية معززة بمرجعيات تحليلية مقنعة. جابر علي أحمد الذي يرأس مركز التوثيق الموسيقي، لفت نظره - وهو ربما ما جعله يؤلف كتابه هذا- "أن كل الكتابات الفنية الحالية- بما فيها بعض من تلك التي تنسب نفسها إلى الأبحاث العلمية- تردد نفس المفاهيم مما يعكس الطابع القسري لاستخدامها، ما أضفى عليها صفة صنمية نأت بها عن أية مهمة معرفية، الأمر الذي يجعلها كما يضيف عاجزة عن تقديم تفسير علمي للظواهر الفنية، ناهيك عن كونها باتت تشكل سداً منيعاً بين الظاهرة الفنية والاستقراء العلمي لها. وهي الرؤية التي يتعمق فيها الباحث في الباب الثاني الذي جاء بعنوان "في النقد الموسيقي". يشار إلى أن هذا الكتاب والصادر عن مركز عبادي للدراسات والنشر بصنعاء هو الثالث في تراتبية مؤلفات جابر علي أحمد، فقد سبق وأن نشر له "حاضر الغناء في اليمن" و"من المشهد الموسيقي اليمني".