ليطمئن الإخوة في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين؛ فليس هذا الموضوع عن الانتخابات القادمة والمؤتمر العام واللجان التحضيرية!!.. هذا الموضوع بعيدٌ عن كواليس اهتماماتهم في هذه الأيام، ويتناول توارُداتٍ عدةً عن مصير نظرية الانتخاب الثقافي بعد أن تمكن باحثون غربيون من تفنيد نظرية النوع الإنساني لداروبن!!.. قبل أسابيع، أعلن مجموعة من الباحثين الأكاديميين عن اكتشافهم خطأ النظرية الداروينية حول أهل الإنسان ونشأته وتطوره وارتقائه، من خلال دراستهم التطبيقية على بعض الآثار والحفريات وبقايا إنسان القارة السمراء.. كان داروين يعتبر أن الانتخاب سمة عابرة للأجناس والأنواع؛ بمعنى أن هنالك طبيعة قابلة للبقاء والديمومة على حساب بقية الأشكال الطبيعية،، وكانت نظرية الانتخاب الثقافي المطورة عن نظرية داروين واحدة من النظريات الأكثر رواجاً في أوساط المختصين بالشأنين الفكري والمعرفي.. كانت النظرية تعبر عن قدرة المنظومة الثقافية على التمظهر كما تتمظهر المنظومات السياسية والدينية والاجتماعية وغيرها.. اليوم، وبعد أن ألغيت فكرة داروين أو أزيلت رتوش اللبس والتوهم منها، هل لفكرة الانتخاب الثقافي بقاء في عصر حافلٍ بالتواسطات أصلاً؟!!.. السؤال يطرح نفسه على أكثر من صعيدٍ.. هل يمكن انتخاب الأيديولوجيات الحادة من بين قائمة الأيديولوجيات العالمية؟!!.. هل يمكن انتخاب الحضارات العلمية والمعرفية من بين قائمة الحضارات الصناعية والتكنولوجية؟!!.. الوسائط الناقلة للإعلام والمصدرة للمعلومات يتناوبها كل من جهته؛ فماذا يتبقى من عناصر التفوق والاستمياز لدى المعسكرات القديمة؟!!.. المواقع والروابط تزج نفسها كيفما كان!!.. النظرية مهددة بالإندثار والتلاشي على الرغم من علو كعب الدول الثمان مثلاً؛ لأن ذوبان العالم في قنينة العولمة من شأنه أن يبتر السياق الذي ترد فيه دائماً النظريات المتمركزة على قاعدة الاستثناءات والانتقاءات الديموغرافية.. ربما لم يخطر ببال السيد "أجنر فوج" أنه ما بين بحوثه المطولة في "الانتخاب الثقافي" والاكتشافات المفاجئة لفرق العمل والبحث العلمي إلا سنوات قلائل!!.. يا للهول،، يمشي كل شيء من أمامنا في لمح البصر، ونحن عاكفون على تجارب الحقب العباسية؛ نبحث رويداً رويداً عن جهات التمويل الممكنة لدعم المشاريع الصغيرة!!.. نعاني حقيقة من ترحيل الأدوار إلى آجالٍ غير مسماةٍ.. لطالما أننا نراوح الزمن الافتراضي فسنكون دون الحد الأدنى من أي انتخابٍ تلقائي.. العلم الثالث عموماً في مجارف الشلالات المنهمرة، وما على النظم المختلفة القائمة في هذا العالم إلا الاستناد إلى حائط التنمية البشرية تحسباً لأية احتمالات انتخابية قادمة.. إنه لو تماثل النظام الاقتصادي العالمي/ المعولم، للشفاء العاجل، لا قدر الله، فستكون الثقافات الأنجلوسكسونية حتماً أقدر وأبقى وأصلح وأقوى.. هي كذلك الآن، فما بالك بعد أن يتهيأ المستقبل لاستجلاب النظريات الوسيطة إليه بغرض اصطفاء سُلالاتٍ ثقافية مهجنةٍ أيديولوجياً؟!!.. قد تندثر نظرية ما مدة من الزمن، غير أن من الممكن تشكل ملامح جديدة لمعطيات جديدة، تجبُ ما قبلها، وبالتالي لن نتأخر فقط عن ركب الانتخاب الثقافي، بل وأيضاً لن نتجاوز حتى طرفاً من ذيل قافلة الانتخاب الطبيعي!!