على متن دبابات الموت ومدرعات الدمار فرق من الكائنات المفترسة التي تجر جنازير الرهبة والفناء وتعود أدراجها إلى هزائمنا المتوالية!! نحن على مواعيد دائمة مع فناجين الدم؛ حيث لا صوت يعلو فوق صوت الأنين؛ ولاشيء يذهب إلى مسافاتٍ بعيدةٍ جداً كالأشلاء!! يزحف الموت الزعاف إلى أطلالنا من كل صوبٍ؛ وتدكنا الجنازير في كل أرضٍ.. نحن بين معقوفتين من حديد ونار،، ما ذلك إلا لأن حاضرنا التعيس أفاق على وقع ماضٍ يتربص بنا الدوائر، فاغراً فاهاً كالغياهب، سال لعابه بعبارةٍ ساذجة تقول: لقد رُفعت الأقلام وجفت الصحف!! بيننا وبين أن نكون أو لا نكون عروش من اللغات المركبة والمعقدة.. نستطيع أن نعيش شريطة أن نموت!!.. أرأيتم كيف أن لغة القطيعة الفصحى التي سادت أوطاننا حقباً طوالاً أدتْ بنا إلى معركةٍ عضالٍ؟!! روائح البارود التي تزكم الأنوف وتدمي القلوب، وفيروسات الرصاص التي تشلُ الأدمغة والجوارح، باتت على عتبتين أو ثلاث من مواطن أقدامنا!! ما يجري اليوم ويوشك أن يجري غداً إنما هو بفعل التأزم النفسي والتحجر العقلي تجاه أيقونات الفكر في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية.. هناك استعداد وجاهزية لدى النخب النظامية في بُلداننا أكانت بعد ذلك نُخباً سياسية أم دينية أم ثقافية أم اجتماعية،،،... لتأطير الوقائع وتجيير حوادث الدهر بما يتلاءم وطرائقها في جمهرة الناس وكسب الولاء.. ليست أنفلونزا الجنازير بأقل خطورة من أنفلونزا الخنازير؛؛ فكما حرم الله لحم الخنزير لابد وأن نستنبط تحريم فرم لحوم الناس بالجنازير،، لا جنازير العسكر فحسب، بل جنازير المفتين وجنازير المُشرعين وجنازير الوُعاظ وجنازير المحاضرين!! عدوى الإرهاب والتطرف تنتقل الساعة بين تنظيم القاعدة وتنظيم الإخوان وجماعات السَّلفيين وجماعات الشيعة؛؛ فلماذا كل هذا الازدحام على أبواب الحُكمِ والإمامة؟!!،، إن في هذا استدعاءً للموروثِ الديني المتخلف حصرياً بعد أن أفرغت تلك الجماعات الإسلام من محتواه الحضاري.. لماذا لا تدعنا تلك الجماعات وشأننا؟!!.. لا بل لماذا لا تدع الدين لله والوطن للجميع؟!! أتصور أننا في غنى تام عن الحل الديني، في الوقت الراهن بدرجة أخص، لاسيما وأن ذلكم الحل إنما يرتبط بأجندة رجال الدين السطحيين الذين يمارسون أدواراً تشبه أن تكون رهبانية ابتدعوها.. أي نعم تتضافر الآراء والأفكار، لكنما هي ملاحظة ساطعة سطوع القمر لوكالة أبحاث الفضاء (ناسا): أن الحل الديني طالما أرتبط بسحل جماعات الأقلية وسحب البساط من تحت أروقة الحوار إلى تحت جنازير السلاح.. قبل أن يلتقي السنان بالسنان في توقيتٍ خاطئ، لابد أن يلتقي الفكر بالفكر، والحجة بالحجة والرأي بالرأي.. نحتاج إلى مزيد من السلم الاجتماعي وكثير من التعايش الديمقراطي قبل أن نبادر إلى الحديث عن الحاكمية وولاية الفقيه أو ولاية فرجينيا(!!).. لنتفق على أن نتفق ولو لمرةٍ واحدةٍ؛ فلا وقت لمآرب أخرى.. لا وقت لديكتاتوريات جديدة.. لا وقت لخلافات واختلافات لا انتهاء لها.. حي على خير العمل وخير الأمل، دونما اعتبارٍ لمرجعياتٍ صدئةٍ قادمة من قعر "صفين" و "الجمل"!!.. ليكن الدين لله والوطن للجميع؛ يهديكم الله ويصلح بالكم!!