"برلمانيُّون ضد الفساد".. "أكاديميُّون ضدَّ الفساد".. "صحفّيُون ضد الفساد".. "حقوقيُّون ضدَّ الفساد".. "مثقَّفون ضدَّ الفساد".. تشكيلات واسعة ظهرت لمحاربة الفساد.. بعضها يظهر بقوة، وبعضها الآخر يظهر ويخفت، وبعضها الثالث يراوده الظهور من حين إلى حين. التشكيل الأهم الغائب عن هذه التشكيلات، والذي يُقْتَرحُ أن ينادى بظهوره هو "فاسدون ضد الفساد"،، من باب "وداوِها بالتي كانت هي الداءُ"!!.. لو أن الفاسدين يشاركون في محاربة الفساد بأيديهم وأرجلهم بدل أن يحاربه كل من هب ودب لكان خيراً وأحسن تأويلاً!!.. لو أن الفاسدين يُضربون عن الفساد مدة من الوقت فسيقطعون بنا أشواطاً لا تقطعها هذه التشكيلات على المدى البعيد!!.. "فاسدون ضد الفساد" لأجل أن الفساد لا يمكن أن يعالج برلمانياً ولا أكاديمياً ولا ثقافياً كما يلوح للعيان.. الفساد العريض يحتاج إلى خبراء فساد وحكماء إفساد سبق لهم الفساد والإفساد بطول البلاد وعرضها!!.. على عاتق الفاسدين يقع تغيير ما أفسده الفاسدون.. بإمكانهم وحدهم دراسة الاختلالات والخروقات التي أوجدها بعضهم لبعضهم أو التي أوجدها بعضهم لبعضنا.. الفاسدون يستطيعون أن يصلحوا ما عملته أيديهم واقترفته جوارحهم لو صلحت قلوبهم، وذلك أضعف الإيمان!! "فاسدون ضد الفساد"؛ لأننا لا يمكن أن نعرف أكثر من الفاسدين أين هي الثغرات وأين مكامن الآلام والأوجاع.. "فاسدون ضد الفساد"، الحل الأخير لمكافحة الفساد؛ إذْ لا يوجد من هو أمهر من الفاسدين في احتراف وسائل الفساد والوسائل المضادة له. "فاسدون ضد الفساد" موجودون في محافل التناقضات اليومية وفي مضارب الإنجازات الطللية، وما لكم إلا أن تعيشوا ساعات الظلام يومياً ثم تسمعوا مثلاً أحد مذيعي التليفزيون يقول: لا للعودة إلى عهود الظلام (!!)، لتكتشفوا بأنفسكم كيف أن العثور على فاسدين لتكوين هذا الكيان أمر في منتهى السذاجة!!