طالب نخبة من الاختصاصيين والمهتمين بإعادة النظر في كل التفاهمات والاتفاقيات الحكومية الخاصة بتشغيل ميناء الحاويات في عدن وشككوا في قانونيتها وذهب البعض إلى اعتبارها غير لليمن وتضر بالمصالح العليا للبلاد. وناقشت ندوة "تشغيل ميناء عدن بين المخاوف والقصور" التي نظمها موقع (التغيير) أمس الأحد بفندق شيراتون صنعاء وأدارها الدكتور عبد الباقي شمسان موضوع ميناء الحاويات والاتفاقيات ذات الصلة بتشغيله. الندوة حضرها عدد من الاقتصاديين وأساتذة القانون وقيادات سياسية وحضرها عن حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) الأستاذ محسن محمد أبو بكر بن فريد أمين عام الحزب والأستاذ يحيى محمد الجفري رئيس دائرة العلاقات الخارجية، والدكتور حازم علي شكري رئيس الدائرة التنظيمية، وأعلنوا خلالها عن استعدادات يقوم بها الحزب لتنظيم ندوة متخصصة عن (عدن المنطقة الحرة، الحاجة والضرورة) من المقرر أن تحتضنها العاصمة الاقتصادية والشتوية عدن خلال الشهر المقبل. في الندوة قارن المهندس أسامة محمد باوزير فنيا بين عقد موانئ دبي ووزارة النقل اليمنية الموقع في ديسمبر 2005م وبين عقد موانئ دبي مع المؤسسة العامة للموانئ بالمملكة العربية السعودية الموقع في 8 اغسطس1999م . وتوصل من خلال استعراضه المقارنة مدى الإجحاف والظلم الذي تعرض له ميناء عدن في عقد تشغيله من قبل ميناء دبي. في ورقة عمل ثرية قدمها للندوة اعتبر الدكتور عبد الله الفقيه الأكاديمي بجامعة صنعاء أن غياب الشفافية وفرض التعتيم الحكومي هو أحد أبرز أسباب ماحصل بالنسبة للاتفاقات ذات الصلة بتشغيل ميناء الحاويات في عدن بالنظر إلى كون الشفافية الاقتصادية تدفع بالضرورة إلى تعزيز التنافس الذي يفترض أن يحسن الموقف اليمني في تلك الاتفاقيات. وقال إن الشفافية تساهم في زيادة ثقة المستثمرين, وتزيد من قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الخارجية لأنها تقلل من درجة المخاطرة وغياب اليقين وتحد من الفساد وتعري العوائق الخفية للاستثمار. وفي ورقته قال أيمن محمد ناصر رئيس تحرير صحيفة الطريق إن الاتفاقية مع شركة دبي كشفت عن نوايا سيئة تبيتها الشركة بغرض الاستيلاء على ميناء الحاويات بأرخص الأسعار، باعتباره منافساً لموانئ أخرى تشكل أولوية لها. واعتبر قيام الحكومة بالتفاوض المباشر مع الشركة لتحسين شروط الاتفاقية إضراراً بمصالح ميناء عدن. لافتاً إلى ازدواجية تعامل الحكومة حينما تقوم حالياً وبالتنسيق مع البنك الدولي بإعداد وثائق مناقصة دولية تنافسية لإدارة وتشغيل ميناء الحاويات, في حين تواصل التفاوض مع شركة دبي لتحسين شروط العقد, الأمر الذي يخشى معه أن تتعرض سمعة بلادنا بسبب ذلك إلى عدم المصداقية والعجز في التعامل بشفافية على نحو ما تطالب به وتشترط هيئات التمويل الدولية ". الخبير الاقتصادي الدكتور احمد سعيد الدهي أفرد ورقته لما أسماه صراع المصالح بين ميناء عدن وميناء دبي مشيراً إلى التفوق البادي لميناء عدن الطبيعي ذو الموقع الاستراتيجي الفريد والخصائص الطبيعية والجغرافية والملاحية والاقتصادية المتميزة. لكنه يرى أن " انكفاء الإدارة اليمنية، وخمولها وانعزالها الحضاري وخلوها من الطموح، وروح المنافسة والاستعداد للانبعاث وحياة روح العصر، والتخلص من شرور الفساد والصفقات المشبوهة، والتفريط بالمصالح القومية". واستعرض الدهي ما تعرض له ميناء عدن بعد الاستقلال وبعد الوحدة من خضوع إلى درجة عالية من الإهمال والتخلف مما أدى لتراجع دوره وهبط مستواه الملاحي والفني إلى الحضيض وتحول إلى ميناء من الدرجة الثالثة وربما الرابعة وتعرض بعد الوحدة لسياسات التجميد والإهمال والتضليل والخداع والمزايدة والمكايدة والإعلام الكاذب.