أثار الحكم الذي أصدره القضاء اليوم بتغريم صحيفة يمن أوبزرفر ورئيس تحريرها محمد الأسعدي نصف مليون ريال استياءاً واسعاً في أوساط الصحفيين والناشطين الحقوقيين حيث اعتبروه قاسياً وظالماً وتعسفياً، مؤكدين وقوفهم وتصديهم له ولكل الأحكام القاسية الصادرة بحق الصحفيين ونضالهم من أجل إسقاطه بكل الوسائل القانونية. واستهجن عشرات الصحفيين الذين تجمهروا صباح اليوم في ساحة محكمة جنوب غرب الأمانة قيام وكيل نيابة الصحافة بإيداع الأسعدي السجن فور النطق بالحكم حتى يودع المبلغ المحكوم به خزينة المحكمة وهو مادفع الصحفيين للتوجه إلى النائب العام الذي أمر بالإفراج بضمانة ولمدة عشرة أيام حتى يتم إيداع المبلغ أو الحصول على أمر قضائي بإيقاف التنفيذ حتى تستكمل مراحل التقاضي بالاستئناف. وانتقد الصحفيون حكم الإدانة الذي أصدره القاضي سهل حمزة على الرغم من تأكيده وهو يتلو حيثيات الحكم على أنه لم يلاحظ على المتهم أي مروق أو خروج عن الدين، معتبرين ذلك تناقضاً داخل الحكم ذاته والذي تضمن البراءة والإدانة في الوقت ذاته، وأرجعوا ذلك إلى الضغوط التي يتعرض لها القضاء. ولعل خطورة الأمر التي استخلصها الصحفيون ومحامو الدفاع من منطوق الحكم وخاصة الإدانة التي تضمنها تكمن في أن هذه القضية ذات صلة بالعقيدة والمساس بالرسول الكريم وهذا ما يفسح المجال أمام أي كان في أن يتقرب إلى الله بدم شخص يعتقد خطأ أنه تعرض للرسول الكريم. وكيل أول نقابة الصحفيين اليمنيين سعيد ثابت سعيد أكد على أن هناك تعسفاً وظلماً في الحكم الصادر، مشدداً على ضرورة النضال من أجل إسقاطه بكل الوسائل القانونية، واستغرب استعجال تنفيذ الأحكام في قضايا النشر قبل أن تستكمل مراحل التقاضي. من جانبه أكد المحامي والناشط الحقوقي محمد ناجي علاو أن هذا الحكم يأتي اتساقاً مع النفسية التاريخية التي تقوم عليها جمهوريتنا اليمنية المستمدة أنظمتها من الملكيات القديمة في القرن التاسع عشر والتي تجسد الذات الحكومية، والنظرة إلى الصحفي بأنه ضال ابتداء، ولذلك غلظت العقوبة في حق الصحفي بالقول في القانون بتنفيذ العقوبة فوراً ضد الصحفي حتى مع استئنافها، بالرغم من أن الآخرين ممن يرتكبون جرائم مسيئة للأخلاق وللدين والوطن يمكن أن يستأنفوا ويفرج عنهم، أما الصحفيين على حد قوله فهم في نظر البعض فئة ضالة مضلة غلظت عليهم هذه العقوبة كامتداد تاريخي للاستبداد القديم الذي تخلص منه الغرب ولم نتخلص نحن منه. وأضاف علاو الذي رأس فريق محامي الدفاع إن خطورة القضايا المتصلة بالدين بأن المسألة فيها ليس معيارها الغرامة أو الحبس حيث المسألة متصلة بالعقيدة، وقد يأتي من يستند إلى إدانة المحكمة فيتقرب إلى الله بدم أي صحفي، والقضاء لا ثقة فيه، وأكد أن هذه القضية قد تم قياسها قياسا خاطئاً على القضايا الشخصية وقضايا إساءة فردية وليست متصلة بالشأن العام. وأعتبر المحامي والناشط الحقوقي خالد الأنسي الحكم متعارضاً مع مبادئ الفقه الإسلامي وروح القانون والتشريع، إضافة إلى تعسفه وخروج القاضي عن سلطته في القضاء إلى سلطة التشريع. موضحاً أن الحكم وكل الأحكام الخاصة بقضايا الصحافة وحرية الرأي والحقوق العامة تكشف عن حاجة ماسة إلى إصلاح قضائي، معتبراً كل ما يحدث في هذه القضايا عبثاً إذا لم يكن هناك إصلاح قضائي. نبيل الصوفي رئيس تحرير نيوز يمن قال: إنه بالنظر أن المشكلة فكرية نظرية لا تتعلق بحقوق أفراد فإن الإدانة فيها كافية، وقال إن القاضي كان أكثر حصافة من القاضي السابق حسان الأكوع واستطاع تجاوز الضغوط التي شكلت للدفاع عن الله ورسوله والذين آمنوا واعتبر الحكم مؤشراً إيجابياً على أن القضاء بإمكانه أن يكون قادراً على التخلص من الضغوط السياسية ويستطيع إصدار حكم بغض النظر عن رضانا أو رفضنا. ناصر الربيعي مراسل صحيفة الأهرام ويكلي الحكم أبعد عنا كابوس الحبس ولكن نريد أن يراجع القضاء شيئاً مهماً جداً وهو أن النص دائماً ميت والقاضي حي والمعروف لدى الجميع أن القضية كانت دفاعاً عن الرسول الكريم وليست إساءة وأتمنى أن يضيف القاضي المقبل في مرحلة الاستئناف روحاً إلى النص ويبرئ ساحة صحف وصحفيين دافعوا عن الرسول الكريم ووقفوا في وجه هجمة عالمية على الإسلام ومقدساته. خالد الحمادي مراسل صحيفة القدس العربي اللندنية اعتبر أن الحكم وإن كان يبدو مخففاً قياساً بالحكم السابق ضد رئيس تحرير صحيفة الرأي العام إلا أن الإدانة بحد ذاتها نوع من دعوة الآخرين في الشارع للانتقام من الصحفي وهذه الإشكالية ربما أكبر من إنزال عقوبة من قبل المحكمة وقال إنه كان يتمنى ألا تحصل الإدانة من أساسها لأنه طالما أن المحكمة لم تقرر وجود القصد الجنائي في نشر الرسوم. على الجرادي عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين رئيس تحرير ناس برس أشار إلى أنه بالرغم من كون الحكم مخففاً عن الحكم القاسي والتعسفي الذي أصدره القاضي حسان الأكوع إلى أن منطوق الحكم بالإدانة مؤشراً على عاصفة قادمة ستجتاح الصحافة في اليمن. أحمد سعيد مدير تحرير صحيفة الوحدوي المستغرب أن القاضي وهو يتلو حيثيات الحكم يقول أنه لم يلاحظ على المتهم أي مروق أو خروج عن الدين ومع ذلك يحكم عليه بعقوبة مغلظة، وأخطر ما في الحكم الإدانة لأنها في مجتمعنا العربي تحمل دلالة كبيرة جداً وخاصة أن المسألة تتصل بقضايا دينية. فاطمة مطهر المحررة بوكالة الأنباء اليمنية سبأ الحكم يدل على تخلف القضاء عن الخطاب السياسي وبشكل فج ومعيب، فالخطاب السياسي يتحدث عن توجه نحو حرية الصحافة حرية التعبير الالتزام بالمواثيق الدولية في هذا المجال، بينما الجهات المعنية بتنفيذ هذا التوجه ومنها القضاء متخلفة عنه تماماً وبعيد كل البعد عن هذا التوجه. وكان حكم آخر صدر الأسبوع المنصرم من القاضي حسان الأكوع رئيس محكمة غرب الأمانة بسجن كمال العلفي رئيس تحرير صحيفة الرأي العام وإغلاق صحيفته ستة أشهر ومنعه من الكتابة بعد خروجه من السجن ستة أشهر في القضية ذاتها قد أثار ردود أفعال واسعة على المستويين المحلي والدولي حيث اعتبر سابقة خطيرة وجزءاً من حملة واسعة تشن على الحقوق والحريات الصحفية. تجدر الإشارة إلى أن صحيفة ثالثة هي صحيفة الحرية تنتظر الحكم عليها في القضية ذاتها.