لا تزال هدنة الحرب سارية المفعول في صعدة، فمنذ إعلان اتفاقية وقف إطلاق النار بين القوات الحكومية والحوثيين في عدة مناطق بمحافظة صعدة مساء الخميس الفائت، يسيطر الهدوء التام على سماء المحافظة التي تشتعل فيها المواجهات منذ ما يزيد عن خمسة أشهر. وساد الهدوء محافظة صعدة ومحيطها في رابع أيام اتفاق وقف النار بين القوات اليمنية والحوثيين، وسط صعوبات اعترضت عملية تبادل الأسرى مع السعودية. وأكدت مصادر عسكرية ميدانية وشهود عيان أن الهدوء يسود على كل الجبهات، فيما واصلت اللجان البرلمانية الأربع المكلفة الإشراف على وقف النار وتنفيذ بنوده الستة أعمالها، والتقت ممثلين للحوثيين. غير أن تسليم الأسرى السعوديين لدى الحوثيين تعترضه صعوبات بحسب مصادر متطابقة. من جانبهم أفاد الحوثيون أنه "تم فتح عدد من الطرق في محيط صعدة بما في ذلك الطريق المؤدية إلى جبل الصمع، ورفع الحصار عن اللواء 103 الذي يرابط في جبل الصمع والذي كان محاصراً منذ أسبوعين". وأصدر عبدالملك الحوثي توجيهات إلى أنصاره في الجبهات القتالية للاستعداد لنزع الألغام وفتح الطرقات والترتيبات اللازمة لرفع النقاط المتواجدة فيها، مؤكداً سعيه إلى استقرار دائم وحل نهائي للقضية. ورداً على تصريحات رسمية بإخلال الحوثيين ببنود الاتفاقية الجمعة الفائتة، كشف المكتب الإعلامي للحوثي عن رسالة بعث بها للجنة الأمنية العليا قال فيها إنه على استعداد لعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية بأي شكل من الأشكال، وطالب بانضمامهم إلى اللجان المكلفة بالإشراف على تنفيذ النقاط الست. كما نفى مكتب الحوثي ما أشيع عن محاولة اغتيال وكيل وزارة الداخلية في مدينة صعده قام بها الحوثيون متهماً من أسماهم تجار الحروب بالسعي إلى إثارة مثل هذه الأنباء. ملف الأسرى يواجه صعوبات في السياق ذاته، قال علي أبوحليقة، عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الشعبي العام ورئيس لجنة محور صعدة، وهي من اللجان التي تتابع تنفيذ وقف النار، في تصريحات صحافية إن اللجنة التي يرأسها "تعمل بالتنسيق مع اللجان الميدانية والسلطة المحلية لسرعة تأمين فتح الطرق على الأخص طريق صعدة ومديرية باقم القريبة من الحدود السعودية". إلا أن بند تسليم الجنود السعوديين المحتجزين لدى الحوثيين يواجه صعوبات بالرغم من تأكيد مصادر مطلعة أنها تتوقع أن يتم إنجاز هذه النقطة بأسرع وقت. وقال مصدر مقرب من اللجنة إن "موضوع الأسرى يواجه تعقيدات إذ إن السلطات تطالب الحوثيين بالإفراج عن الأسرى السعوديين واليمنيين، في حين يطالب الحوثيون بالإفراج عن معتقليهم أيضا". وقال مصدر مقرب من الحوثيين إن "ملف الأسرى السعوديين جاهز من جانبنا، لكن الذي يعرقل عملية التسليم هو الطرف السعودي". ونقلت "وكالة فرنس برس" عن المصدر القول إن "الجانب السعودي يرفض تسليم المحسوبين علينا المعتقلين لديه، بما في ذلك إلى الحكومة اليمنية". وأكد المصدر أن الحوثيين يشترطون أن تسلم السلطات السعودية الأسرى الحوثيين الذين تحتجزهم بموازاة تسليم الأسرى السعوديين. وقال المصدر "كطرف حوثي لايهمنا من يحاور الطرف السعودي. لا مشكلة لدينا أن يسلموا أسرانا إلى الحكومة أو إلى طرف قبلي أو إلى أي طرف". إلا أن السلطات في المملكة "ترفض تسليم أسرانا حتى للحكومة اليمنية" على حد تعبير المصدر ذاته. وكان مساعد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلطان أعطى الحوثيين السبت الفائت مهلة 48 ساعة لتسليم الأسرى السعوديين. وقال "يجب إعادة أسرانا الخمسة وقد أعطوا (الحوثيون) مهلة 48 ساعة لتنفيذ ذلك". وأشار موقع «جازان نيوز» الإخباري السعودي إلى أن الوسيط علي قرشه الذي أرسله الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، لتسلم المحتجزين السعوديين، أبلغه الحوثيون قبل دقائق من الموعد المحدد للتسليم في مطار صعدة بتأجيل الموعد. تأجيل أتى بعدما أعطى مساعد وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلطان، الحوثيين أمس مهلة 48 ساعة لتسليم الأسرى السعوديين. ولفتت مصادر دبلوماسية في الرياض، إلى أن تصريح الأمير خالد بن سلطان «أسهم في تعقيد المسألة من حيث حمله لغة تهديد بطريقة غير مباشرة للحكومة اليمنية التي تتولى ملف استعادة الأسرى السعوديين واليمنيين، فضلاً عن اعترافه في وقت سابق بوجود 1500 أسير حوثي لدى السلطات السعودية، وهو الأمر الذي يسمح للحوثيين بالمطالبة باستعادة أسراهم في المدة نفسها». ووصفت المصادر التصريح بأنه «غير موفق ويفتقر إلى الخبرة والحنكة السياسية». واتهمت السلطات اليمنية الحوثيين الجمعة الماضية بانتهاك وقف إطلاق النار بعد ساعات على دخوله حيز التنفيذ، عبر شن هجمات على الجيش في شمال البلاد، إلا أن الطرفين سارعا إلى التأكيد على عدم تأثير هذه الاختراقات على الهدنة. وكان الرئيس علي عبدالله صالح عقد اجتماعاً الخميس مع أعضاء اللجنة الوطنية المكلفة الإشراف على تنفيذ النقاط الست والمؤلفة من أعضاء من مجلسي النواب والشورى، وصدر عن الاجتماع قرار ب"إيقاف العمليات العسكرية في المنطقة الشمالية الغربية ابتداء من الساعة الثانية عشرة من مساء الخميس". وتتضمن النقاط الست التي وضعتها الحكومة ووافق عليها الحوثيون "الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام وإنهاء التمترس في المواقع وجوانب الطرق" و"الانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية" و"إعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية اليمنية والسعودية" و"إطلاق المحتجزين من المدنيين والعسكريين اليمنيين والسعوديين" و"الالتزام بالدستور والنظام والقانون" و"الالتزام بعدم الاعتداء على أراضي السعودية".