حذّر مجلس النواب من انخفاض ما يحصل عليه الفرد في اليمن من المياه سنوياً إلى معدّلات ونسبة مخيفة تبيّن وبجلاء حجم وأضرار الأزمة المائية. وأشار تقرير أعّدته لجنة المياه والبيئة بمجلس النواب بشأن "النزول الميداني إلى محافظتي تعز وإب"إلى أن أزمة المياه في اليمن تزايدت في الآونة الأخيرة وأصبحت قضية تتصدّر التقارير الدولية نتيجة لتزايد الفجوة الكبيرة بين ما يستنزف من الأحواض سنوياً وبين التغذية التعويضية عن المستنزف، والذي يتجاوز نسبة 100% في بعض الأحواض. وقال التقرير إن من مظاهر أزمة المياه أن المدن الرئيسية في اليمن وبلا استثناء تعاني من عدم انتظام إمداد السكان بالمياه، وتتزايد هذه المشكلة بشكل مضّطرد، الأمر الذي أثّر سلباً على حصول السكان على خدمات المياه، فأصبحت فترات إمداد السكان بحصتهم من المياه عبر الشبكة في بعض المدن تصل إلى أكثر من شهر ونصف وبكميات قليلة لا تفي باحتياجاتهم. واعتبر التقرير اليمن ضمن مؤشّرات البلدان الأكثر فقراً في العالم في حصة الفرد من المياه سنوياً والمقدّرة عالمياً ب 7500 متر مكعّب سنوياً و1250 متر مكعّب لدول أفريقيا والشرق الأوسط. ولفت التقرير إلى "تزايد مشاكل المياه المتمثّلة في الاستنزاف الجائر والمخيف للأحواض المائية جرّاء الحفر العشوائي وسوء الإدارة المائية وعدم إيلائها الأهمية التي تستحقها من قبل السلطات المركزية والمحلية مما نتج عنه استمرار استخدام الطرق التقليدية في ري المزروعات الذي ينتج عنها إهدار كبير لأهم ثروة يعتمد عليها الإنسان في حياته وتهدّد مستقبل أجياله". وأشار التقرير إلى مخاطر تلوّث الأحواض المائية كالتلوّث الناتج عن سوء مخرجات محطات المعالجة نتيجة عجزها عن معالجة مياه الصرف الصحي، مثلما يحصل في حوض مدينتي صنعاء وإب أو مخاطر التلوّث باختلال المعادلة المائية بين المياه العذبة والمياه المالحة نتيجة زحف الملوحة على المياه العذبة بسبب استنزاف المياه العذبة والذي يظهر في المدن الساحلية. كما يحدث هذا الأمر في عدن والحديدة وأبين ولحج والمكلا، فضلاً عن المخاطر المحتملة من الصناعات الإستخراجية النفطية في عدد من الأحواض أهمها أحواض محافظة حضرموت "الوادي والصحراء" ومأرب وشبوة. وبحسب التقرير البرلماني فقد أدّت الهجرة الداخلية من الأرياف والقرى إلى عواصم المحافظات والمدن الثانوية إلى تزايد أزمة المياه، لأن التوسّع في المدن الرئيسية لا يتم وفقاً للدراسات والخطط، فيكون من نتائجه التناقص المستمر في نسبة التغطية بخدمات المياه والصرف الصحي نتيجة لهذا التوسّع غير المدروس. وأفاد التقرير بأن نسبة الريف في اليمن لا زالت تمثّل 70% من إجمالي السكان مما يضاعف من حجم التحديات في إمداد هذه النسبة الكبيرة بمياه صالحة للشرب لتجنّب المخاطر المؤكّدة للأمراض المعدية والمزمنة جرّاء تلك المياه غير الصالحة للشرب أو المياه المعرّضة للتلوّث، حيث أن ما يتم رصده في الموازنات العامة لمياه الريف لا يرقى إلى حجم هذا التحدّي الكبير والهام. وذكر التقرير أن المنطقة العربية عموماً ومنها اليمن تتعرّض لفترات تقلّب وتغيّر المناخ فينتج عنه حدوث فيضانات لم تشهدها المنطقة من قبل ولم تكن في الحسبان، ولكن الأغلب والأعم في هذه التغيّرات المناخية أن المنطقة العربية تشهد موجات جفاف حادة تتطلّب من الحكومات وضع الخطط والإستراتيجيات والإجراءات المناسبة لمواجهة هذه الموجات نظراً لما سبّبته من أزمة مياه، ومن تزايد الأحواض الحرجة في اليمن، بالإضافة إلى ما تعانيه هذه الأحواض أساساً من طبيعة وتركيبة صخورها الجيولوجية التي لا تساعد على خزن المياه بكميات كبيرة، وهذا كله فاقم من تدهور الأحواض المائية كأحواض محافظات الضالع، وتعز، ولحج، وصعدة، وحجة، وصنعاء، والبيضاء. وخلصت اللجنة البرلمانية في تقريرها إلى أن المؤشرات السلبية والخطيرة للوضع المائي تتطلّب وقفة مسئولة وجادة من الجهات المعنية لتلافي ما يمكن تلافيه ومعالجة الآثار والأضرار المترتّبة على أزمة المياه، وتفعيل قانون المياه وتعديلاته وقانون حماية البيئة وتكليف المجالس المحلية والجهات ذات العلاقة بالتعاون مع وزارة المياه والبيئة في تنفيذها.