هل بعد ذلك ما يجعل النظام متشبثاً بالكرسي.. الدماء سالت مجدداً اليوم وأمس الاثنين في صنعاءوالحديدة وفي تعز وذلك في حادثة هي الأبشع في مسيرة الثورة الشبابية السلمية بعد مذبحة جمعة الكرامة بصنعاء في ال18 عشر من مارس الماضي. لكن تصاعد الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام في مختلف المحافظات بعد كل هذه الدموية لا يدع مجالاً للشك أن الرئيس صالح سيجبر على التحي ولاسيما بعد أن كشفت مصادر أمريكية أن واشنطن تتجه لرفع دعمها لصالح وتسهيل رحيله. مصادر طبية في تعز أكدت سقوط 17 شهيداً فيما أصيب مئات آخرون أمس الاثنين بعد أن أطلقت قوات الأمن اليمنية النار لتفريق المتظاهرين الذين خرجوا بعشرات الآلاف في يوم غضب بمدينة تعز للمطالبة بإسقاط النظام وتنديداً بما قامت به أجهزة الأمن في اليوم السابق. وقال الدكتور صادق الشجاع مدير المستشفى الميداني في ساحة الاعتصام في تعز أن "17 شخصاً قتلوا بالرصاص الحي كما أصيب المئات بإصابات مختلفة بينهم أكثر من مائة أصيبوا بالرصاص". من جهته، قال عمار الكناني ناشط سياسي: "هناك مذبحة وحشية يقوم بها النظام حيث قامت مسيرة باتجاه مبنى محافظة تعز فقام قناصة فوق المبنى بتوجيه الرصاص الحي إلى صدور المتظاهرين ورؤسهم ". وذكر الدكتور الشجاع في تصريحات صحفية أمس أن الحالة في المستشفى الميداني "سيئة جداً" مع قيام قوات الآمن والجيش بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين الذي خرجوا في "يوم غضب" بعشرات الآلاف في شوارع المدينة التي تشهد مواجهات دامية لليوم الثاني على التوالي. وكانت مصادر متطابقة أكدت أن 3 قتلى على الأقل استشهدوا أمس الأول فيما أصيب ما لا يقل عن 1700 آخرون وذلك عند اعتراض قوات الأمن للمتظاهرين في تعز وقمعهم بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع. وذكر شهود عيان أن تعز تشهد توتراً كبيراً بعد أن انطلقت تظاهرات من عدة نقاط في المدينة نحو مبنى المحافظة، فيما أطلقت قوات الأمن والجيش النيران على المتظاهرين لتفريقهم. وتمكن المحتجون بحسب الشهود من محاصرة مبنى القصر الجمهوري ومبنى محافظة تعز وبداخله المحافظ، وذلك بالرغم من قيام مناصرين للمحافظ وللنظام بإطلاق النار عليهم عشوائياً عند دخولهم باحة مبنى المحافظة. لكن حمود الصوفي محافظ تعز نفى سقوط قتلى وإطلاق النار عشوائياً على المتظاهرين، معتبراً أنهم حاولوا اقتحام مبنى المحافظة مما اضطر الجنود إلى إطلاق النار في الهواء في مرحلة أولى لتحذيرهم ثم اضطروا للدفاع عن أنفسهم بعد أن تمكن مندسون داخل صفوف الشباب من التهجم عليهم. ووصف ناشطون سياسيون الرواية الرسمية هذه بأنها ساذجة وذلك في إطار محاولات تزييف الحقائق حتى ولو بالتدليس في الوقت الذي لم يعد المجال متاحاً لتزييف الحقائق عن العالم. وكانت المدينة شهدت أمس الأول تحركات ضخمة مطالبة برحيل النظام ومواجهات مع قوى الآمن أسفرت عن قتلى وجرحى بالمئات في صفوف المحتجين. وذكرت مصادر محلية أن السلطات اعتقلت حوالي ثلاثين شخصاً على خلفية أحداث الأحد الفائت في المدينة. وفي صنعاء، خرج مئات الآلاف من المحتجين تضامناً مع إخوانهم في تعز وجابوا شوارع المدينة وذلك في محاولة لإيصال رسائل أنهم قادمون للقصر في حال تمسك الرئيس بالكرسي أكثر من اللازم. وكان شهود عيان أكدوا أن قوات الجيش منعت حوالي مائتي شرطي من اقتحام ساحة اعتصام المطالبين برحيل النظام في وسط صنعاء. وذكر الشهود أن قوات من الفرقة الأولى المدرعة صدت نحو مائتي شرطي من قوات الأمن المركزي حاولوا الدخول إلى ساحة التغيير من الجهة الجنوبية عبر شارع الوحدة. موضحين أن الشرطة حاولت التقدم مسلحة بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع نحو ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء، واجهها عناصر الجيش وأوقفوها من دون استخدام الرصاص. وفي مدينة الحديدة الساحلية في غرب البلاد سقط ليلة أمس قتيلين بالإضافة إلى العديد من الجرحى في مواجهات مع رجال الأمن وبلاطجة النظام، وكانت مصادر طبية قد أكدت في وقت سابق أنه تمت معالجة عشرات الإصابات بالرصاص الحي والحجارة إضافة إلى حالات اختناق جراء تنشق الغازات المسيلة للدموع بعد تجدد الاشتباكات في المدينة بين قوات الأمن والمتظاهرين يوم أمس الأول. وأكد متظاهرون لوكالة "فرانس برس" أن المواجهات حصلت في ساحة الاعتصام بوسط المدينة وفي الشوارع المجاورة لها. وكانت مصادر طبية أفادت أن 13 شخصاً أصيبوا بالرصاص في مواجهات خلال الليل في الحديدة فيما أصيب 400 شخص بحالات اختناق جراء تنشق الغازات المسيلة للدموع و30 شخصاً بجروح ناجمة عن الحجارة والهراوات. وذكر شهود عيان ومصادر محلية أن مواجهات قوية سجلت في الحديدة خلال ليل الأحد الاثنين بعد أن سار عشرات الآلاف من المتظاهرين باتجاه القصر الجمهوري في المدينة الساحلية للمطالبة برحيل النظام. وفي محافظات إب والبيضاء أيضاً، تحرك آلاف المحتجين في شوارع مدنهم وذلك للتضامن مع أخوانهم في تعزوالحديدة ومطالبين برحيل النظام. في غضون ذلك، انتقدت قوى المعارضة قيام الأمن باستخدام القوة لتفريق مظاهرات أمس في تعزوالحديدة. وقالت إن الاعتداءات على المعتصمين تأتي ضمن ما سمته مسلسل جرائم اتهمت الرئيس اليمني ونظامه بارتكابها منذ أكثر من شهرين، مؤكدة أن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم وأن المسئولين عنها سيلاحقون أمام القضاء الوطني والدولي. وأضافت أن الرئيس وأقاربه لم يفهموا رفض الشعب لهم وأن ما يرتكب بحق المعتصمين لن يزيدهم إلا إصراراً وسيكسبهم مزيداً من الالتفاف الشعبي. في سياق متصل، قال مسئولون أمريكيون ويمنيون "إن الولاياتالمتحدة غيرت موقفها الداعم للرئيس اليمني علي عبد الله صالح حتى في وجه الاحتجاجات المتنامية، وخلصت إلى أنه لن يجري أية إصلاحات مطلوبة ولا بد أن يتنحى عن السلطة". وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن إدارة الرئيس باراك أوباما حافظت على دعمها لصالح سراً وامتنعت عن انتقاده مباشرة في العلن، حتى عندما أطلق مؤيدوه النار على المتظاهرين، لأنها كانت تعتبره حليفاً أساسياً في القتال ضد القاعدة في اليمن. وأشارت إلى أن موقف الإدارة الأمريكية ولّد انتقادات كبيرة لها واستدعى وصفها بالخبث إذ سارعت إلى المطالبة بالإطاحة "بالاستبدادي القمعي" في ليبيا وإنما ليس في دول حليفة لها مثل البحرينواليمن. إلا أنها نقلت عن مسئولين في الإدارة قولهم "إن هذا الموقف بدأ يتغير منذ الأسبوع الماضي، وفيما لا يضغط المسئولون الأمريكيون على صالح علناً للرحيل إلا أنهم أبلغوا حلفاءهم بأنهم يرون أنه ما عاد قادراً على البقاء في منصبه ويعتقدون أن عليه الرحيل". ومن جانبها، رحبت الحكومة الفرنسية أمس بالمبادرة التي قدمها مجلس التعاون لدول الخليج العربي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية بيرنار فاليرو في تصريح صحفي إن بلاده تجدد تأكيدها بالمطالبة باتخاذ قرارات بسرعة لضمان تطبيق فعال لتحول سياسي وسلمي والتي يجب أن تعكس تطلعات الشعب وتضمن السلام والاستقرار والوحدة في اليمن".