إصابة 4 مواطنين بانفجار لغمين من مخلفات مليشيات الحوثي غرب تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الشيخ أبوبكر باعباد    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رحلة يونيو 2015: نصر الجنوب الذي فاجأ التحالف العربي    الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    ليفركوزن يكتسح هايدنهايم بسداسية.. ولايبزيج يرفض هدية البافاري    تركتمونا نموت لوحدنا    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    المهرة.. جمرك شحن يعلن تعرض موظفيه للتهديد على ذمة الإيرادات والسلطة المحلية تنفي وتؤكد التزامها بالإصلاحات    "مفاجأة مدوية".. ألونسو مهدد بالرحيل عن ريال مدريد وبيريز يبحث عن البديل    الإصلاح الإخواني ينهب إيرادات تعز لتمويل الإرهاب والتكفير    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    البخيتي :حربنا مع السعودية لم تعد حدودية بل وجودية    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    الشعب ينهي مبارياته بتأكيد العلامة الكاملة وأهلي الغيل يحسم الصراع مع الأخضر لصالحه في بطولة البرنامج السعودي للكرة الطائرة    فرع القدم بوادي حضرموت يعقد أجتماعا موسعا باللجان .. ويناقش المرحلة المقبلة و اعداد الخطط الخاصة بذلك ..    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    قيادة وزارة الشباب والرياضة تزور أضرحة الشهداء الصماد والرهوي والغماري    عين الوطن الساهرة (1)    الجواسيس يكشفون أساليب التدريب والتقنيات المستخدمة واستغلال "المنظمات" للتجسس والإجرام    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    الوزير البكري يحث بعثة اليمن المشاركة في العاب التضامن الإسلامي في الرياض على تقديم افضل أداء    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة السفير فكري السقّاف    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    وصول أولى قوافل التجهيزات الطبية الإمارات لمشافي شبوة    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    لاعبة عربية تدخل قوائم المرشحين لجوائز "فيفا"    المحاسبة: من أين لك هذا؟    مدير ميناء المخا: الميناء، اصبح جاهز لاستقبال سفن الحاويات    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الصحفي مطر الفتيح يطمئن على صحة الإعلامي القدير عبدالسلام فارع بعد رحلة علاجية في مصر    قياسي جديد.. 443 ألفا انتظار حفل مجيد    بنحب مصر وبلا حراسات.. زعماء أوروبا يمددون إقامتهم ويندمجون في الحياة المصرية    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عبقرية محمد"صلى الله علية واله وسلم.. العقاد يأخذنا للتبحر في سيرة خير الخلق
نشر في صعدة برس يوم 29 - 05 - 2013

كتاب "عبقرية محمد" للعقاد يُمثّل دفاعاً عقلانياً ومنطقياً لبعض الادّعاءات والافتراءات الغربية المنشأ، التي حاولت وقت ظهور الكتاب تشويه صورة سيد الخلق أجمعين، فتارة تقول بأن "بطولة محمد إنما هي بطولة سيف ودماء"، وأنه "مفرط الجنسية لتزوجه تسع زوجات"..
وغيرها من المزاعم التي حاول العقاد أن ينفيها من خلال المعايشة القريبة من خير خلق الله وقدوتهم الصالحة محمد "صلى الله عليه وسلم" عبر عدسة محايدة لا تعرف الانحياز والمحاباة، تصوّر النبي الكريم العسكري الشجاع والسياسي المحنك والزوج العادل والأب الحنون والعابد الشكور لرب العالمين وغيرها من الصفات التي يتحلّى بها (صلى الله عليه وسلم) ونكاد لا نعرف عنها شيئاً!
يبدأ الكتاب بحكاية أبرهة الحبشي وجيشه الجرار الذي حاول هدم الكعبة الشريفة، ومن ثم ولادة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وقصة يتمه وموت أمه وهو بعد في السادسة من عمره.
*******************************
"عمر بن الخطاب".. ومحاولة قتل الرسول!
"أريد هذا الصابئ الذي فرّق أمر قريش وعاب دينها.. أريد أن أقتل محمداً"! انطلقت تلك الكلمات كالحمم الملتهبة من صدر "عمر بن الخطاب" الثائر على مُعلّم البشرية "محمد" (صلى الله عليه وسلم) وعلى دينه الجديد، الذي انتشر بين أبناء قبيلته انتشار النار في الهشيم و..
ويخرج عاقداً النية على قتل الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فيُقابل في طريقه "نعيم بن عبد الله" الذي يخبره بإسلام أخته "فاطمة بنت الخطاب" وزوجها "سعيد بن عمرو" فيستشيط "عمر" غضباً، بعدما تملّكه الشيطان وراح يصبّ في أذنه سيلاً من الأفكار السوداء، حتى يصل إلى بيت أخته وزوجها؛ فيكاد يبطش بزوج أخته، وما أن تحاول "فاطمة" أن تحول بين أخيها وزوجها، يلطمها "عمر" لطمة قوية، تسيل على أثرها الدماء منها فتقول له: "نعم.. لقد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله.. فاصنع ما بدا لك!".
فيرق قلب "عمر" لرؤية أخته غارقة في دمائها، ويقوم بقراءة الصحيفة التي تحتوي على سطور من سورة "طه" كانت بيد أخته بعد اغتساله و... "ما أحسن هذا الكلام وأكرمه"
نعم.. لقد استجاب الله لدعاء نبيه (صلى الله عليه وسلم): "اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب"، ويذهب "عمر" على الفور إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ ليُعلن إيمانه بالله ورسوله وبما جاء من عند الله.
والسؤال الآن: لماذا ذكر العقاد قصة إسلام "عمر بن الخطاب"؟!
الحقيقة.. أراد "العقاد" أن يُبيّن الحقيقة الغائبة عن البعض الذين يصرّون على تشويه الإسلام بكل صورة من الصور، واعتباره ديناً إرهابياً نشأ وترعرع على الكراهية اللدودة التي لا تُقيم وزناً للحياة البشرية، والذين يخدعونك بقولهم إن السيف هو لغة الإسلام "الأولى والأخيرة"، وإن الدعوة الإسلامية قامت على وعود بلذات النعيم ومتعة الخمر والحور العين!
وبمنطق الحكيم، يُدافع "العقاد" عن الإسلام مستلهماً روح المنطق والعقل قائلاً: "لم تكن حروب النبي (صلى الله عليه وسلم) كلها إلا حروب دفاع وامتناع.. وليست حروب هجوم"!
نعم.. لقد ظل المسلمون يتعرّضون لسيوف مشركي قريش ثلاث سنوات كاملة دون أن يبادلوهم "حرباً بحرب" أو "أذًى بأذى" أو"كيداً بكيد"، مصداقاً لقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}.. صدق الله العظيم
انظروا ماذا فعل الكفار بخير خلق الله (صلى الله عليه وسلم)؛ فها هم يسلّطون عليه سفهاءهم فيغمروه ب"روث البهائم" وهو ساجد يُناجي ربه ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
هكذا كان رد الرسول (صلى الله عليه وسلم) على مَن يقذفون شخصه الكريم بالحجارة والسباب، والدم يسيل من جسده الشريف!! يا الله.. أهكذا تردّ على السفهاء يا رسول الله بالدعاء لهم!!
ولما يئسوا من إضعاف شوكة هذا الدين الجديد، بعثوا رسالة تهديد ووعيد إلى "عبد المطلب" عم الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) لينقلها إلى ابن أخيه و... "والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني.. والقمر في يساري.. ما تركت هذا الأمر حتى يقضيه الله أو أهلك دونه.."
وعن الاعتقاد الآخر الذي يقول بأن الإسلام استخدم سلاح "الإغراء" بلذات النعيم ومتعة الخمر والحور العين لكي يدخل الناس في غمرة هذا الدين، يتساءل العقاد متعجباً: "أو لو كان محمد (صلى الله عليه وسلم) استخدم سلاح الإغراء في دعوته فعلاً كما يزعم البعض، لماذا لم يستجِب له فسقة المشركين أمثال "أبو لهب" الذين يلهثون وراء المتع الدنيوية بدلاً من محاربة هذا الدين بكل قوتهم؟!".
وأعظم مثال على هذا -والذي ينفي كل الكلام عن التهديد والإغراء- هو دخول "عمر بن الخطاب" في دين الإسلام.
*******************************
تمتع "نابليون" بمنتهى اللا مبالاة.. وقمة الأنانية!!
تمتع "نابليون" بمنتهى اللا مبالاة.. وقمة الأنانية!!
"نابليون بونابرت" أعظم قائد عسكري عرفه التاريخ.. معلومة ناقصة أيها القارئ!
يحاول "العقاد" أن يرسم لنا بريشته الإبداعية الخاصة الخط الفاصل بين الماضي والحاضر، أو بمعنى آخر يُحاول أن "يخترق" الحواجز التي تفصل بيننا وبينه عن طريق الإقناع والمنطق!
كيف؟!
عن طريق عقد مقارنة بين "الكورسيكي القزم" كأحد أبرع القادة المحدثين وبين الرسول (صلى الله عليه وسلم) من الناحية العسكرية. (طبعاً من الناحية الخططية والفنية البحتة فقط فلا يوجد مجال للمقارنة بين أحد من الخلق والنبي عليه الصلاة والسلام).
كان "نابليون" يُؤمن بالمثل القائل: "اتغدّى بيه قبل ما يتعشى بيّ"؛ فحروب "نابليون" كانت قصيرة خاطفة، تعتمد كل الاعتماد على القضاء المطبق على "رأس الأفعى" أو ضرب جيش العدو ضربة موجعة "لا يقوم له بعدها قائمة" و...
ولكن النبي (صلى الله عليه وسلم) سبق "الكورسيكي العبقري" في هذا التكنيك العسكري؛ فصحيح أنه لا يبدأ بالعدوان، ولكنه لا يترك فرصة للعدو "يلتقط فيها أنفاسه". عند علمه (صلى الله عليه وسلم) بالعزم على قتاله، أخذ يسارع في مواجهته في ساحات القتال، ولا يبالي مطلقاً لكل "المنافقين المتخاذلين" الذين يتوقعوا هزيمة المسلمين هزيمة نكراء تحت حوافر خيول المشركين!
كما أن "نابليون" يُؤمن إيماناً مطلقاً بالجانب المعنوي في أي حرب من حروبه، ولكنه في حقيقة الأمر لم يكن يهتم بالجنود بقدر ما يهتم بمجده الشخصي؛ فهو الذي قال: "لم يولد الجنود إلا ليموتوا"!
منتهى اللا مبالاة.. وقمة الأنانية!!
أما الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فكان يستخدم سلاحاً أمضى ألف مرة من سلاح نابليون "المزعوم".. سلاح الإيمان!
فنجده (صلى الله عليه وسلم) يَنهي أصحابه عندما يقولون له أنت سيدنا قائلاً: "لست سيداً لأحد.. إنما أنا عبد الله ورسوله"، وهو (صلى الله عليه وسلم) الذي قال: "خل عنه يا عمر.. فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل"!!
إذن إنها حرب نفسية ما في ذلك من شك.. وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) خير من شدد على هذه النقطة في كل معركة بينه وبين المشركين.
وما كان لرجل مثله أن يهاب سهام العدو!
تشكك بعض المستشرقين في شجاعة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)؛ فزعموا أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) اكتفى في مشاركته للمسلمين في الغزوات المختلفة بتجهيز السهام فقط؛ لأنه عمل أقرب إلى طبيعته (صلى الله عليه وسلم) السمحة وخلقه، عن القتال في ساحات المعارك!!
أو نسى هؤلاء قول أمير المؤمنين "علي بن أبي طالب": "كنا إذا حمى البأس اتقينا برسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فما يكون أحد أقرب منه إلى العدو"؟!
أم تناسوا شجاعته الفريدة عندما فرّ معظم أصحابه يوم حنين، فأبى إلا أن يشق طريقه وسط ساحة المعركة بمفرده قائلاً: "أنا النبي لا كذب... أنا ابن عبد المطلب"!
ويقول "عمران بن حصين" في شجاعته (صلى الله عليه وسلم): "ما لقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتيبة إلا كان أول من يضرب".
ومع هذه الشجاعة المنقطعة النظير، نراه (صلى الله عليه وسلم) يقف في صلاته خاشعاً عابداً لرب العالمين، يتلو سورة طويلة من القرآن الكريم، فيسمع بكاء طفل رضيع كانت أمه تصلي خلفه (صلى الله عليه وسلم)، فيُضحي ب"قرة عينه" ويُنهي صلاته رحمة بالرضيع الذي يتضرّع إلى أمه!!
أي رحمة هذه جمعتها في قلب رسولك يا رب!!
وهو (صلى الله عليه وسلم) الذي يقف فوق المنبر ليقول لأصحابه: "من كنت جلدت له ظهراً.. فهذا ظهري فليقتد منه.. ومن كنت أخذت من ماله شيئاً.. فهذا مالي فليأخذ منه".
محمد (ص) دبلوماسي من الدرجة الأولى!
ينتقل بنا "العقاد" إلى نقطة أخرى تتجلى فيها عبقرية الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهي: الحنكة والقدرة الدبلوماسية.
فنجده (صلى الله عليه وسلم) يعقد صلحاً مع "قريش" يسمّى "صلح الحديبية"، بعدما سار (صلى الله عليه وسلم) ب1500 من المهاجرين والأنصار لا يحملون سيوفاً لقضاء مناسك العمرة وذلك في شهر ذي القعدة الذي يحرم فيه القتال، ولكن "قريش" منعته وأصحابه من دخول "مكة" على أن يدخلها (صلى الله عليه وسلم) معتمراً العام المقبل و...
ووافق النبي (صلى الله عليه وسلم) على شروط الصلح ومنها: (أن يرد المسلمون من يأتيهم من "قريش" مسلماً دون أذن وليه، في الوقت الذي لا ترد "قريش" من يعود إليها من المسلمين، ومن أراد من العرب مخالفة "محمد" (صلى الله عليه وسلم) فلا لوم عليه، ومن أراد مخالفة "قريش" فلا لوم عليه كذلك)!!!
من هذه الشروط يُقدّم لنا "العقاد" "محمد بن عبد الله" (صلى الله عليه وسلم) السياسي المحنك الذي استطاع أن يخدع المشركين بدهائه الشديد.
كيف؟!!!
من الوهلة الأولى، قد يسارع البعض متسائلاً: لماذا لم يشترط النبي (صلى الله عليه وسلم) على "قريش" أن ترد إليه من يقصدها من أصحابه، مثلما اشترطت "قريش" عليه (صلى الله عليه وسلم) أن يرد من يأتيه منها؟!
السبب واضح جداً؛ فالمسلم الذي يترك النبي (صلى الله عليه وسلم) باختياره ليلحق ب"قريش" لا يستحق أن يكون مسلماً من الأساس..
أما عن هؤلاء الذين يرغبون في الدخول في دين الإسلام من "قريش" وعادوا مكرهين إليها، فيقول "العقاد" إن الصلة بينهم وبين الإسلام لا تنقطع بالقرب أو البعد؛ فإن كانوا ضعاف الدين "فلا خير فيهم"، أما أقوياء الإيمان فسيبقون على دينهم ولا خسارة على المسلمين.
رسالة محمد (ص) التي رق لها قلب النجاشي!!
وينتقل بنا "العقاد" إلى صفة أخرى تتجلّى فيها آيات العبقرية المحمدية.. عبقرية التبليغ.. فها هو (صلى الله عليه وسلم) يبعث رسالة إلى النجاشي "ملك الحبشة" النصراني، يدعوه فيه إلى الدخول في زمرة الدين الحق.. دين الإسلام..
فيقول (صلى الله عليه وسلم) فيها: "سِلم أنت.. فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه".
"وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله".
"وقد بعثت إليك ابن عمي جعفراً ونفراً معه من المسلمين، فإذا جاءوك فأقرهم ودع التجبر.. فإني أدعوك وجنودك إلى الله فقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحي.. والسلام على من اتبع الهدى".
نعم.. فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يعلم أن النجاشي "نصراني"، مما جعله يشير في خطابه إلى المسيح عليه السلام وأمه، وكيف تتفق صفات الله والمسيح في دين "النجاشي" وفي دين الإسلام.
وكيف لا؟! والرسول (صلى الله عليه وسلم) هو القائل: "الأنبياء أخوة، أمهاتهم شتى ودينهم واحد".
وها هو "جعفر بن أبي طالب" يقرأ على "النجاشي" صدراً من سورة "مريم" و... "إن هذا والله والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة" و...
وبكى "النجاشي" وأساقفته حتى "ابتلت" لحاهم ورفض أن يسلم هذا الوفد المسلم ل"صناديد قريش" بقيادة "عمرو بن العاص"قائلاً: "انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبداً ولا أكاد"!!
*******************************
عض المستشرقين "يفترون" على النبي الكريم
عض المستشرقين "يفترون" على النبي الكريم
محمد (ص) مفرط الجنسية.. خاب ظنكم أيها المستشرقون!!
يتعجب "العقاد" من بعض المستشرقين الذين "يفترون" على النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) ويطالعوننا من حين لآخر ب"إعجازاتهم النقدية"؛ فمنهم من يُحلل زواج الرسول (صلى الله عليه وسلم) من تسع زوجات على أنه دليل لفرط الميول الجنسية!!
عندئذ، يقدّم لهم "العقاد" تفسيراً منطقياً لادعاءاتهم؛ فيذكر أن لا أحد يصف المسيح عليه السلام بأنه "قاصر الجنسية"؛ لأنه لم يتزوج قط، وكذلك لا نستطيع أن نقول إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) "مفرط الجنسية"؛ لأنه تزوج تسع نساء.
ويجب أن ندرك أن الزواج هو سُنة الحياة، وهو يقوم على التآلف بين الجنسين القائم على الفطرة السليمة.
من هنا، يتضح أنه لا عيب على حب الرجل للمرأة، ولكن العيب كل العيب أن يطغى هذا الحب على الإنسان فيشغله عن غرضه في الحياة.. عبادة الرحمن..
وكيف تغلّب على الرسول (صلى الله عليه وسلم) لذات حسه وقد اعتزل نساءه شهراً أو تسعة وعشرين يوماً؛ لأنهن سألنه الزينة كي يتحلين بها لعينه فرفض (صلى الله عليه وسلم)؟!!
أهذا فعل رجل تتملكه لذة الشهوة والحس؟!!
وماذا عن زواجه (صلى الله عليه وسلم) من خديجة "أم المؤمنين" وهو في الخامسة والعشرين وهي في نحو الأربعين؟!! ولماذا ظلّ على وفائه لها ولم يتزوج غيرها حتى قارب الخمسين من العمر؟! ولماذا فضّلها على "عائشة" رضي الله عنها في صباها وهي أحب نسائه إليه، مما جعل "عائشة" تغار منها حتى في قبرها؟!
دعونا نستمتع برد الرسول (صلى الله عليه وسلم) على عائشة عندما قالت له: "هل كانت إلا عجوزاً بَدّلك الله خيراً منها.." فيقول لها غاضباً: "لا والله ما أبدلني الله خيراً منها.. آمنت بي إذ كفر الناس.. وصدّقتني إذ كذّبني الناس.. وواستني بمالها إذ حرمني الناس.. ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء"!!
نعم... الوفاء هو كلمة السر يا سادة.. ولا عزاء لما يحدث الآن بين الأزواج!!
ويسترسل "العقاد" في تقديم الدلائل المنطقية لزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) بتسع زوجات، فيتساءل: أو لو كانت لذات الحس هي كل ما يبغي النبي من الزواج لماذا لم يتزوج بنات أبكار؟! الحقيقة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يتزوج بكراً غير عائشة رضي الله عنها!
ونجد أن زواجه من "سودة بنت زمعة" كان حماية لها بعد موت زوجها من أن تعود إلى أهلها في الحبشة فتصبأ وتُؤذى!! كما أنه (صلى الله عليه وسلم) قد تزوّج "أم سلمة" وهي كهل مسنة، عندما قال لها بعد وفاة زوجها: "سلي الله أن يؤجرك في مصيبتك وأن يخلفك خيراً.." فقالت: "ومن يكون خيراً من أبي سلمة؟!!"
وتزوجها النبي (صلى الله عليه وسلم) خير الخلق أجمعين؛ جبراً لخاطر المرأة التي استشهد زوجها في غزوة أحد.
وتعالوا نرى حب ووفاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) للفاروق "عمر بن الخطاب"، ذلك الرجل الذي كان لا يكلّ ولا يملّ من تذكير نفسه: "ما تقول لربك غداً؟"، فبعد موت زوج "حفصة بنت عمر بن الخطاب"، عرضها أبوها على "أبي بكر" فسكت وعلى "عثمان بن عفان" فسكت و... "يتزوج حفصة من هو خير من أبي بكر وعثمان"، ومن خير منك يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟!!
ويا للأسف... نسي هؤلاء المستشرقون أن الرجل الذين يلصقون به عنوة صفة "محب اللذة الحسية" لم يكن يشبع في بعض أيامه من خبز الشعير!! وها هي "عائشة" رضي الله عنها تشفق من حال النبي وهي ماسكة بيدها على بطنه الشريفة التي تتألم من الجوع قائلة: "نفسي لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بقوتك"، فيرد عليها: "يا عائشة! مالي وللدنيا.... إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا"..، ونجده يموت (صلى الله عليه وسلم) ودرعه مرهونة ولا ميراث لأهله مما ترك من عقار!
*******************************
"كارليل": من العار علينا أن نستمع للاتهامات الباطلة التي وُجهت إلى الإسلام ومحمد
"كارليل": من العار علينا أن نستمع للاتهامات الباطلة التي وُجهت إلى الإسلام ومحمد
الغرب يعترف.. قوة "محمد" قوة إيمان عميق!!
يقول "ماركس دودز" في كتابه "محمد وبوذا والمسيح": "لم يقم أحد في العالم مثل ما أقام محمد من إيمان بالوحدانية دائم مكين، على الرغم من صبره على إيذاء قومه عابدي الأصنام، ونفيه وحرمانه وفقد مودة الأصحاب بغير مبالاة.. كل هذا يدل على العمق والقوة في إيمانه برسالته".
ويقول "توماس كارليل" في كتابه "الأبطال": "من العار علينا أن نستمع إلى الاتهامات الباطلة التي وُجهت إلى الإسلام ونبيه محمد؛ فمحمد هو السراج المنير لملايين من البشر.. وهو الرجل العظيم الذي علّمه الله الحكمة والعلم... وكلمته هي صوت صادق صادر من السماوات العلا."
ويقول الباحث الأمريكي "مايكل هارت" في كتابه "المائة: تقويم لأعظم الناس أثراً في التاريخ": "الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كان دوره أخطر وأعظم في نشر الإسلام وتدعيمه وإرساء قواعد شريعته أكثر مما كان لعيسى عليه السلام في الديانة المسيحية.. ففي القرآن الكريم وجد المسلمون كل ما يحتاجون إليه في دنياهم وآخرتهم.. ولا يوجد كتاب واحد محكم دقيق لتعاليم المسيحية يُشبه القرآن الكريم".
وغيرها من الأقوال لمستشرقين معتدلين يؤمنون بالأثر العظيم الذي تركه "محمد" (صلى الله عليه وسلم) ودينه الإسلام على التاريخ.
ويوضّح لنا "العقاد" سبب اختيار يوم الهجرة بدءاً لتاريخ الإسلام، ولما لم يكن يوما آخر مثل "يوم بدر" ذلك اليوم الذي انتصر فيه المسلمون نصراً ساحقاً، أو "يوم ميلاد النبي" أو يوم "حجة الوداع" على الرغم من أثر هذه الأيام الكبير في حياة المسلمين؟!!
إذن لما "يوم الهجرة" بالذات؟! الإجابة واضحة تماماً؛ لأن العقائد تقاس بالشدائد ولا تقاس بالفوز والنصر.
وها هو (صلى الله عليه وسلم): {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
ونجد أيضاً أن يوم ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكن معجزة الإسلام كما كان ميلاد "عيسى" معجزة المسيحية. لذلك كان ولابد أن يكون يوم "الامتحان الأول" هو أنسب الأيام لابتداء التاريخ في الإسلام و..
ورغم أنف المؤرخين!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.