عين الوطن الساهرة (3)    المتقاعدون يدعون للاحتشاد وبدء مرحلة التصعيد السلمي    وسائل إعلام غربية: صنعاء كشفت الفخ الذي نصبته أمريكا وإسرائيل والسعودية في اليمن    اعتراف أمريكي: سلاح مشاة البحرية يحتاج إلى التعلم من الدروس اليمنية    شعب حضرموت بطلاً لتصفيات أندية الساحل وأهلي الغيل وصيفاً لبطولة البرنامج السعودي الثانية للكرة الطائرة    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    تصفيات كأس العالم 2026 - أوروبا: سويسرا تتأهل منطقيا    الجاوي ينتقد إجراءات سلطة صنعاء في التعاطي مع التهديدات التي تواجهها    الشهيد أحمد الكبسي .. وعدُ الإيمان ووصيةُ الخلود    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    حلف قبائل حضرموت يصطدم بالانتقالي ويحذر من غزو المحافظة    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    أمن مأرب يحبط مخططاً حوثياً جديداً ويعرض غداً اعترافات لأفراد الخلية    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    مُحَمَّدَنا الغُماري .. قصيدة جديدة للشاعر المبدع "بسام شائع"    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    حكم قرقوش: لجنة حادثة العرقوب تعاقب المسافرين ومدن أبين وتُفلت الشركات المهملة    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    وقفة مسلحة لأحفاد بلال في الجوف وفاءً للشهداء وإعلانا للجهوزية    رئيس الوزراء بيدق في رقعة الشطرنج الأزمية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي العميد الركن عبدالكريم الصولاني في وفاة ابن أخيه    حلف الهضبة.. مشروع إسقاط حضرموت الساحل لصالح قوى خارجية(توثيق)    إعلان الفائزين بجائزة السلطان قابوس للفنون والآداب    اكتشاف 570 مستوطنة قديمة في شمال غرب الصين    الأمم المتحدة: إسرائيل شيدت جداراً يتخطى الحدود اللبنانية    سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1.20 دولار ليبلغ 56.53 دولار    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    مجلس الأمن يؤكد التزامه بوحدة اليمن ويمدد العقوبات على الحوثيين ومهمة الخبراء    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    "الشعبية": العدو الصهيوني يستخدم الشتاء "سلاح إبادة" بغزة    بيريز يقرر الرحيل عن ريال مدريد    تنظيم دخول الجماهير لمباراة الشعلة ووحدة عدن    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيادي حوثي يستقيل من المجلس السياسي لجماعته
نشر في صعدة برس يوم 23 - 01 - 2015

استقال قيادي في جماعة أنصار الله "الحوثيين" من المجلس السياسي للجماعة، و قام بنشر استقالته في صفحته في الفيس بوك.
و في استقالته المطولة كشف علي البخيتي عن أسباب استقالته من الحركة، و طبيعة ما كان يربطه بالجماعة.
كما كشفت الاستقالة عن طبيعة صنع القرار داخل الجماعة، و التي بدو من خلال الاستقالة أن المجلس السياسي للجماعة لم يكن إلا مجرد مجرد مجلس صوري.
و يتضح من خلال الاستقالة حجم المماحكات التي تدور داخل الجماعة، و مدى تواجد الانتهازيين داخل الحركة، و كيف يتم التعامل مع النقد و الاختلافات في وجهات النظر داخل الجماعة.
و أشار علي البخيتي، في استقالته، إلا أنه سبق و تقدم باستقالته من المجلس السياسي لحركة أنصار الله عند لقائه بزعيم الجماعة، في 6 / 1 / 2015م، مؤكدا أنه كرر ذلك في لقائه الأخير بالحوثي في 18 / 1 / 2015م، منوها إلى أنه أبلغ عبد الملك الحوثي رغبته في لعب دور آخر يساهم في تمتين اللُحمة الوطنية والتخفيف من حدة الاستقطاب السياسي الذي بدأ في التحول الى استقطاب مناطقي وطائفي وأصبح يهدد الوطن بالتفتت ونسيجه الاجتماعي بالتفسخ.
و قال البخيتي في استقالته التي وجهها إلى زعيم الجماعة: "كان رأيكم أن أتريث في اعلان الاستقالة حتى لا تُجيرها بعض الأطراف ضد حركة أنصار الله خصوصاً وأن الصراع كان في مراحله الأخيرة وكان هناك أمل في الوصول الى تسوية مع الرئيس وأركان السلطة".
و نوه إلى أنه نفذ تلك الرغبة وأجل اعلان الاستقالة، غير أن تسارع الأحداث وإعلان استقالة رئيس الجمهورية والحكومة حتم عليه إعلان الاستقالة الآن، حتى يتمكن من العمل من موقعه الجديد مع المخلصين في هذا الوطن على ترميم الوحدة الوطنية وتخفيف حدة الاحتقان والمساعدة على وقف الانهيار الكامل للدولة ومؤسساتها والتوصل الى تسوية سياسية تحفظ لمختلف القوى السياسية كرامتها وللوطن وحدته وأمنه وسلامة أراضيه، وتحمي نسيجه الاجتماعي من التمزق، منوها إلى أنه لن يتمكن من لعب هذا الدور التوفيقي الا بعد الاستقالة.
و خطب البخيتي زعيم جماعة الحوثيين: "اقدر تحملكم لنقدي طوال المراحل الماضية ما قبل 21 سبتمبر وما بعده، حيث أبديتم مرونة وتقبلاً للنقد أكثر من تقبل بعض الأحزاب السياسية للنقد العلني من المنتمين لها مع أنكم تتزعمون تيار ينطلق من رؤية دينية غالباً ما تكون ثقافة الاتباع فيها هي ما يحكم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، لكنكم كنتم أكثر ديمقراطية من بعض رؤساء الأحزاب السياسية التي يعتبر النقد الذاتي ومحاسبة القيادات من أبجديات العمل الحزبي فيها".
و أكد البخيتي أنه كان واضحاً منذ أول لقاء خاص نع الحوثي في بداية الحوار الوطني، مشيرا إلى أنه أخبره إنه حليف سياسي للحركة وأن لديه هدف مشترك وهو القضاء على مراكز القوى التقليدية ورفع الوصاية الأجنبية عن اليمن سواء كانت اقليمية أو دولية، وبناء دولة مدنية ومواطنة متساوية.
و نوه إلى أن هذا الهدف تجتمع عليه كل القوى الوطنية في اليمن بمختلف مشاربها الفكرية والمذهبية، يسارية كانت أو قومية أو دينية.
و كشف البخيتي أنه أوضح لزعيم الجماعة، أنه أنطلق في ممارسته للسياسة من خلفيته اليسارية والمدنية، ومن قناعاته الفكرية التي استقاها من قراءاته ومطالعاته، ومن ثقافة الشراكة لا ثقافة الاتباع، مؤكدا أنه وجد الزعيم الحوثي متفهما لذلك.
و أشار أن الرؤى المدنية التي قدمها ممثلي الجماعة في مؤتمر الحوار، بمثابة العقد الاجتماعي بينه و بين الحركة، منوها إلى أنه يشعر بالفخر لمساهمته في صياغتها.
و أكد البخيتي، أنه سيبقى وفيا لتلك الرؤى وسيحاكم الحركة بناءً على ما فيها، مشيرا إلى أنها كانت تلك الرؤى أكثر مدنيةً وتقدماً من الرؤى التي قدمتها الأحزاب اليسارية والليبرالية والقومية.
و أعرب أنه شعر يومها أنه شريك في صنع القرار السياسي للحركة خلال مؤتمر الحوار وما بعده، لكن ذلك الشعور بدأ يتلاشى بعد 21 سبتمبر الماضي بعد أن أصبح منطق القوة هو الأعلى.
و أكد مخاطبا الزعيم الحوثي: "يعلم الله أن نقدي للحركة كان ولا يزال وسيستمر حرصاً عليها كحركة تمثل جزءً مهماً من النسيج الاجتماعي للوطن، وتعبر عن مصالح تيار واسع وعريض فيه، وعن آمال ورغبات جزء مهم من أبناء الشعب اليمني من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، وحرصي على الحركة نابع من حرصي على الوطن، لأن تطور أي حركة سياسية لها وجود حقيقي و وازن على الأرض هو ضمان إضافي لبقاء اللحمة الوطنية، ولا يمكن أن يتأتى ذلك التطور الا بالنقد الموضوعي والبناء للحركة من القريبين منها، بما يسهم في تخفيف الأخطاء والتجاوزات، ويعطي قيادتها مبرراً ودافعاً للإصلاح ومحاسبة من يرتكبون تلك الأخطاء".
و لفت البخيتي في استقالته، إلى أنه قد يستغرب الكثيرين من توقيت الاستقالة المتزامن مع اللحظة التاريخية التي تمكنت فيها الحركة من الوصول الى السلطة، وأصبحت صاحب القرار الأول فيها، وتستطيع منح أعضائها أهم المناصب القيادية في الدولة، وهذا ما يسعى اليه أغلب السياسيين، وقد يقول البعض بأني أضعت الفرصة بعد أن أصبحت في يدي، وأنا هنا لا أزعم أن لا طموح سياسي لدي، لكن طموحي السياسي في تقلد أي منصب مرهون بشراكة حقيقية مع الآخرين وبصيغة سياسية تحفظ الحد الأدنى من العيش المشترك دون غلبة أو استقواء، ومرهون أيضاً بوجود دولة مؤسسات أتمكن فيها من العمل بحرية وأنفذ الإصلاحات التي تُعبر عن الرؤية التي قدمناها في مؤتمر الحوار.
و كشف البخيتي أنه عانى كثيراً بعد نقده للحركة من بعض الانتهازيين والوصوليين فيها حيث عمدوا الى تشويه صورته واتهامه بشتى التهم ولم يدخروا تهمة الا وألصقوها به، مع أن أغلبهم كان من الفئة الصامتة في الوقت الذي كان فيه يهاجم خصوم الحركة وخصوم الوطن من عقر دارهم وهم في أوج قوتهم وبطشهم وتعرض بسبب ذلك للسجن في الأمن السياسي في العام 2008م، ولعدة محاولات اغتيال اثناء الحوار الوطني وما بعده.
و أشار أن عبد الملك الحوثي كان على علم ببعض تلك المحاولات وكانت تصل له تحذيرات من الحوثي شخصياً ونصائح بتقليل حركته وأخذ المزيد من الاحتياطات.
و أشار أنه وجد احتضاناً من المخلصين في الحركة والصادقين والحريصين عليها وعلى بقائها سواء من الرعيل الأول المؤسس أو من المنتمين حديثاً لها المؤمنين بتوجهها الذين عبروا عن مشاركتهم له في أغلب النقد الذي يوجهه لكن انتمائهم الديني للحركة يمنعهم من ممارسة نفس الدور علناً.
و قال البخيتي: "لقد وجدت منكم رحابة صدر في تقبل النقد وأتذكر كلمتكم لي ولمستشاري الرئيس أنكم تستعذبون النقد البناء والموضعي الذي يوجه لكم بعد أن وجهت للحركة تهم بأنهم "كفار" و "فرس" و "مجوس" و "داعين للإمامة" و "عملاء لإيران وحزب الله" و "مُحرفين للقرآن"، وهذا ما جعل النقد البناء والموضوعي في وسط الكم الهائل من التهم الباطلة أمراً مُستحباً ومقبولاً ومفيداً للحركة وحركة التحديث فيها".
و أشار البخيتي أنه يعرف أن بعض الأطراف سعت الى توظيف نقده بعكس ما سعيت اليه، مؤكدا أن ذلك هو ما قاله له الزعيم الحوثي في لقاءاتهم الأخيرة.
و أشار أيضا إلى أن نقده كان يستغل كوسيلة لإدانة الحركة تحت شعار "وشهد شاهد من أهلها"، كاشفا أنه كان في موقف صعب و يتعرض للإحراج عند أي نقد يوجهه و هو في صفوف الحركة.
و لفت البخيتي إلى أنه يرغب في تصحيح علاقته بمن انزعجوا منه عند ممارسته للنقد العلني، و هو أحد أعضاء المجلس السياسي.
و أكد البخيتي أنه دافع عن الحركة عندما كانت لا تزال مظلومة ومحاصرة في جبال مران في الوقت الذي صمت فيه الكثيرون مِن مَن تعالت أصواتهم اليوم –من داخل الحركة- بالهجوم عليه واتهامه بشتى التهم وأصبحوا اليوم يمثلون جناح الصقور بعد رحيل علي محسن وأولاد الأحمر، مع إن بعضهم كان يعمل ضد الحركة ويحرض عليها وبالحد الأدنى يُخفي تعاطفه معها حتى 11 فبراير 2011م -وما بعده بكثير- عند انطلاق الثورة الشبابية التي كسرت كل حواجز الخوف.
و بين البخيتي في استقالته أن الحركة أصبحت الفاعل الرئيس في السلطة –من الناحية العملية- منذ 21 سبتمبر الماضي وزادت الفاعلية بعد اعلان استقالة الحكومة ورئيس الجمهورية، معترا أن ذلك يجعل الحركة اليوم هي السلطة الرسمية الى جانب السلطة الفعلية على الأقل في العاصمة صنعاء والمحافظات التي للحركة وجود أمني وعسكري فيها.
و أشار البخيتي أنه على الجميع أن تعي أن هناك تغير في وضع الحركة من حَركةٍ مُعارِضةٍ ومقصيةٍ ومظلومةٍ الى حركةٍ بيدها الجزء الأهم من مقاليد السلطة، معتبرا أن ذلك يحملها عبئ كبير ومسؤولية تجاه الأحداث والتطورات المستقبلية، ويجعلها عرضة للنقد حتى من الأقربين لها.
و لفت إلى أنه سيكون لمواقف الحركة دور بالإيجاب أو بالسلب على أمن الوطن واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه، ما يستدعي تفعيل الجناح السياسي في الحركة واعطاؤه مزيدا من الصلاحيات لإيجاد تسوية مشرفة ومقبولة وعادلة لكل الأطراف السياسية، لا تشعر فيه بغبن أو استقواء أو غلبة، وتؤدي الى شراكة حقيقية لا صورية في القرار وبالتالي شراكة في تحمل المسؤولية.
و اعتبر أن شراكة تحمل المسئولية تستدعي وقف الضغط العسكري والأمني والعودة الى المسار السياسي، مشيرا إلى أن القوة يجب أن تخدم الرؤية السياسية الذي قدمتها الحركة في مؤتمر الحوار، لا أن يتحول دور الجناح السياسي الى تبرير الاستخدام المفرط للقوة والغلبة في بعض الأحيان.
و كشف البخيتي أنه أبلغ الزعيم الحوثي بضرورة وجود شراكة وطنية حقيقية – لا صورية - بين كل الأطراف السياسية الفاعلة على الأرض، و أن ذلك ليس ترفاً من القول ولا قضية مبدأ وإيمان عميق بصوابية ذلك الخيار فقط، و إنما هي أيضاً نابعة من حرص على مصلحة الحركة حتى لا تتورط لوحدها في تحمل مسؤولية البلد في هذه اللحظات العصيبة التي ستستغلها بعض الدول التي تخوض صراع محاور في المنطقة لصالحها بغض النظر عن مدى ضرر ذلك على اليمن وعلى سلامة أرضه ووحدة نسيجه الاجتماعي.
و لفت البخيتي في استقالته إلى أن الكثير من الجهات المحلية والإقليمية والدولية ستعمل على افشال الحركة وجعلها عاجزة عن تلبية حاجات المواطنين الاقتصادية والمعيشية والأمنية –كونها أصبحت السلطة - لكي تحرقها شعبياً وتحملها بعد ذلك مسؤولية تمزق اليمن والمشاكل التي ستعصف به، تمهيداً لضربها ومحاصرتها بعد رفع الغطاء الشعبي عنها أو الحد منه على الأقل أو حصره في طائفة أو منطقة أو انتماء محدد.
و تمنى البخيتي في استقالته من الزعيم الحوثي مساعدته و غيره على النجاح في الدور الذي يرغبون في تأديته وعلى المساعي التي سيبذلوها مع لكثيرين للوصول الى تسوية عادلة تخرج البد من أزمته الحالية وتؤسس لشراكة حقيقية، وتسوية سياسية تتبنى بناء دولة المواطنة المتساوية، دولة تُعيد للمؤسستين الأمنية والعسكرية اعتبارهما وكرامتهما التي أهدرت.
و ختم البخيتي استقالته بأنه يرغب ببناء دولة العدالة والنظام والقانون والمؤسسات، دولة تحتكر وحدها السلاح المتوسط والثقيل وتنظم حمل الأسلحة الشخصية بقانون خاص، دولة للحقوق والحريات السياسية والشخصية، دولة التبادل السلمي للسلطة، دولة تتمكن فيها كل فئات المجتمع من التعبير عن قناعاتهم الفكرية والسياسية والدينية والمذهبية بحرية كاملة، الدولة التي تبناها أنصار الله في رؤيتهم التي قدموها في مؤتمر الحوار.
نص الاستقالة
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع/ استقالة من المجلس السياسي لأنصار الله
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد أنصار الله المحترم
تحية طيبة وبعد،
سبق وتقدمت لكم باستقالتي من المجلس السياسي لحركة أنصار الله عند لقائي بكم بتاريخ 6 / 1 / 2015م وكررت ذلك في لقائي الأخير بكم بتاريخ 18 / 1 / 2015م وابلغتكم عن رغبتي في لعب دور آخر يساهم في تمتين اللُحمة الوطنية والتخفيف من حدة الاستقطاب السياسي الذي بدأ في التحول الى استقطاب مناطقي وطائفي وأصبح يهدد الوطن بالتفتت ونسيجه الاجتماعي بالتفسخ.
وكان رأيكم أن أتريث في اعلان الاستقالة حتى لا تُجيرها بعض الأطراف ضد حركة أنصار الله خصوصاً وأن الصراع كان في مراحله الأخيرة وكان هناك أمل في الوصول الى تسوية مع الرئيس وأركان السلطة، ونفذت رغبتكم تلك وأجلت اعلان الاستقالة، لكن تسارع الأحداث وإعلان استقالة رئيس الجمهورية والحكومة يحتم علي إعلان الاستقالة الآن لأتمكن من العمل –من موقعي الجديد- مع المخلصين في هذا الوطن على ترميم الوحدة الوطنية وتخفيف حدة الاحتقان والمساعدة على وقف الانهيار الكامل للدولة ومؤسساتها والتوصل الى تسوية سياسية تحفظ لمختلف القوى السياسية كرامتها وللوطن وحدته وأمنه وسلامة أراضيه، وتحمي نسيجه الاجتماعي من التمزق، ولن أتمكن من لعب هذا الدور التوفيقي الا بعد الاستقالة.
السيد عبدالملك: اقدر تحملكم لنقدي طوال المراحل الماضية ما قبل 21 سبتمبر وما بعده، حيث أبديتم مرونة وتقبلاً للنقد أكثر من تقبل بعض الأحزاب السياسية للنقد العلني من المنتمين لها مع أنكم تتزعمون تيار ينطلق من رؤية دينية غالباً ما تكون ثقافة الاتباع فيها هي ما يحكم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، لكنكم كنتم أكثر ديمقراطية من بعض رؤساء الأحزاب السياسية التي يعتبر النقد الذاتي ومحاسبة القيادات من أبجديات العمل الحزبي فيها.
السيد عبدالملك: لقد كنت واضحاً معكم منذ أول لقاء خاص بيني وبينكم في بداية الحوار الوطني وأخبرتكم أني حليف سياسي للحركة وأن لدينا هدف مشترك وهو القضاء على مراكز القوى التقليدية ورفع الوصاية الأجنبية عن اليمن سواء كانت اقليمية أو دولية، وبناء دولة مدنية ومواطنة متساوية، وهذا الهدف تجتمع عليه كل القوى الوطنية في اليمن بمختلف مشاربها الفكرية والمذهبية، يسارية كانت أو قومية أو دينية، كما أوضحت لكم أني أنطلق في ممارستي للسياسة من خلفيتي اليسارية والمدنية، ومن قناعاتي الفكرية التي استقيتها من قراءاتي ومطالعاتي، ومن ثقافة الشراكة لا ثقافة الاتباع، وقد وجدتكم متفهمين لذلك، وكانت الرؤى المدنية التي قدمناها في مؤتمر الحوار باسم "أنصار الله" بمثابة العقد الاجتماعي بيني وبين الحركة، وأشعر بالفخر لأني ساهمت في صياغتها وسأبقى وفياً لها وأحاكم الحركة بناءً على ما فيها، فقد كانت تلك الرؤى أكثر مدنيةً وتقدماً من الرؤى التي قدمتها الأحزاب اليسارية واللبرالية والقومية، وقد كنت أشعر أني شريك في صنع القرار السياسي للحركة خلال مؤتمر الحوار وما بعده، لكن ذلك الشعور بدأ يتلاشى بعد 21 سبتمبر الماضي بعد أن أصبح منطق القوة هو الأعلى.
السيد عبدالملك: يعلم الله أن نقدي للحركة كان ولا يزال وسيستمر حرصاً عليها كحركة تمثل جزءً مهماً من النسيج الاجتماعي للوطن، وتعبر عن مصالح تيار واسع وعريض فيه، وعن آمال ورغبات جزء مهم من أبناء الشعب اليمني من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، وحرصي على الحركة نابع من حرصي على الوطن، لأن تطور أي حركة سياسية لها وجود حقيقي ووازن على الأرض هو ضمان إضافي لبقاء اللحمة الوطنية، ولا يمكن أن يتأتى ذلك التطور الا بالنقد الموضوعي والبناء للحركة من القريبين منها، بما يسهم في تخفيف الأخطاء والتجاوزات، ويعطي قيادتها مبرراً ودافعاً للإصلاح ومحاسبة من يرتكبون تلك الأخطاء.
قد يستغرب الكثيرين من توقيت الاستقالة المتزامن مع اللحظة التاريخية التي تمكنت فيها الحركة من الوصول الى السلطة، وأصبحت صاحب القرار الأول فيها، وتستطيع منح أعضائها أهم المناصب القيادية في الدولة، وهذا ما يسعى اليه أغلب السياسيين، وقد يقول البعض بأني أضعت الفرصة بعد أن أصبحت في يدي، وأنا هنا لا أزعم أن لا طموح سياسي لدي، لكن طموحي السياسي في تقلد أي منصب مرهون بشراكة حقيقية مع الآخرين وبصيغة سياسية تحفظ الحد الأدنى من العيش المشترك دون غلبة أو استقواء، ومرهون أيضاً بوجود دولة مؤسسات أتمكن فيها من العمل بحرية وأنفذ الإصلاحات التي تُعبر عن الرؤية التي قدمناها في مؤتمر الحوار.
لقد عانيت كثيراً بعد نقدي للحركة من بعض الانتهازيين والوصوليين فيها حيث عمدوا الى تشويه صورتي واتهامي بشتى التهم ولم يدخروا تهمة الا وألصقوها بي، مع أن أغلبهم كان من الفئة الصامتة في الوقت الذي كنت فيه اهاجم خصوم الحركة وخصوم الوطن من عقر دارهم وهم في أوج قوتهم وبطشهم وتعرضت بسبب ذلك للسجن في الأمن السياسي في العام 2008م، ولعدة محاولات اغتيال اثناء الحوار الوطني وما بعدة، وكنتم على علم ببعض تلك المحاولات وكانت تصلني تحذيرات منكم شخصياً ونصائح بتقليل حركتي وأخذ المزيد من الاحتياطات، وفي نفس الوقت وجدت احتضاناً لي من المخلصين في الحركة والصادقين والحريصين عليها وعلى بقائها سواء من الرعيل الأول المؤسس أو من المنتمين حديثاً لها المؤمنين بتوجهها الذين عبروا لي عن مشاركتهم لي في أغلب النقد الذي أوجهه لكن انتمائهم الديني للحركة يمنعهم من ممارسة نفس الدور علناً.
السيد عبدالملك: لقد وجدت منكم رحابة صدر في تقبل النقد وأتذكر كلمتكم لي ولمستشاري الرئيس أنكم تستعذبون النقد البناء والموضعي الذي يوجه لكم بعد أن وجهت للحركة تهم بأنهم "كفار" و "فرس" و "مجوس" و "داعين للإمامة" و "عملاء لإيران وحزب الله" و "مُحرفين للقرآن"، وهذا ما جعل النقد البناء والموضوعي في وسط الكم الهائل من التهم الباطلة أمراً مُستحباً ومقبولاً ومفيداً للحركة وحركة التحديث فيها.
أعرف أن بعض الأطراف سعت الى توظيف نقدي بعكس ما سعيت اليه وهذا ما قلته لي أنت أيضاً في لقاءاتي الأخيرة بكم، وكان يستغل نقدي كوسيلة لإدانة الحركة تحت شعار "وشهد شاهد من أهلها"، كما أني كنت في موقف صعب وأتعرض للإحراج عند أي نقد أقوم بتوجيهه وأنا في صفوف الحركة، إضافة الى أني أرغب في تصحيح علاقتي بمن انزعجوا مني عند ممارستي للنقد العلني وأنا أحد أعضاء المجلس السياسي ولن يتم ذلك الا بإعلان الاستقالة.
لقد دافعت عن الحركة عندما كانت لا تزال مظلومة ومحاصرة في جبال مران في الوقت الذي صمت فيه الكثيرون مِن مَن تعالت أصواتهم اليوم –من داخل الحركة- بالهجوم علي واتهامي بشتى التهم وأصبحوا اليوم يمثلون جناح الصقور بعد رحيل علي محسن وأولاد الأحمر، مع إن بعضهم كان يعمل ضد الحركة ويحرض عليها وبالحد الأدنى يُخفي تعاطفه معها حتى 11 فبراير 2011م -وما بعده بكثير- عند انطلاق الثورة الشبابية التي كسرت كل حواجز الخوف.
لقد أصبحت الحركة الفاعل الرئيس في السلطة –من الناحية العملية- منذ 21 سبتمبر الماضي وزادت الفاعلية بعد اعلان استقالة الحكومة ورئيس الجمهورية، وهذا ما يجعل الحركة اليوم هي السلطة الرسمية الى جانب السلطة الفعلية على الأقل في العاصمة صنعاء والمحافظات التي للحركة وجود أمني وعسكري فيها، وأعتقد أن على الجميع أن يعي أن هناك تغير في وضع الحركة من حَركةٍ مُعارِضةٍ ومقصيةٍ ومظلومةٍ الى حركةٍ بيدها الجزء الأهم من مقاليد السلطة، وهذا يحملها عبئ كبير ومسؤولية تجاه الأحداث والتطورات المستقبلية، ويجعلها عرضة للنقد حتى من الأقربين لها، وسيكون لمواقفها دور بالإيجاب أو بالسلب على أمن الوطن واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه، وهذا يستدعي تفعيل الجناح السياسي في الحركة واعطائه مزيد من الصلاحيات لإيجاد تسوية مشرفة ومقبولة وعادلة لكل الأطراف السياسية، لا تشعر فيه بغبن أو استقواء أو غلبة، وتؤدي الى شراكة حقيقية لا صورية في القرار وبالتالي شراكة في تحمل المسؤولية، وهذا يستدعي وقف الضغط العسكري والأمني والعودة الى المسار السياسي، فالقوة يجب أن تخدم الرؤية السياسية الذي قدمتها الحركة في مؤتمر الحوار، لا أن يتحول دور الجناح السياسي الى تبرير الاستخدام المفرط للقوة والغلبة في بعض الأحيان.
السيد عبدالملك: كما قلت لكم في لقاءاتي بكم أن دعوتي الى شراكة وطنية حقيقية –لا صورية- بين كل الأطراف السياسية الفاعلة على الأرض ليست ترفاً من القول ولا قضية مبدأ وإيمان عميق بصوابية ذلك الخيار فقط، إنما هي أيضاً نابعة من حرصي على مصلحة الحركة حتى لا تتورط لوحدها في تحمل مسؤولية البلد في هذه اللحظات العصيبة التي ستستغلها بعض الدول التي تخوض صراع محاور في المنطقة لصالحها بغض النظر عن مدى ضرر ذلك على اليمن وعلى سلامة أرضه ووحدة نسيجه الاجتماعي، وستعمل الكثير من الجهات المحلية والإقليمية والدولية على افشال الحركة وجعلها عاجزة عن تلبية حاجات المواطنين الاقتصادية والمعيشية والأمنية –كونها أصبحت السلطة- لكي تحرقها شعبياً وتحملها بعد ذلك مسؤولية تمزق اليمن والمشاكل التي ستعصف به، تمهيداً لضربها ومحاصرتها بعد رفع الغطاء الشعبي عنها أو الحد منه على الأقل أو حصره في طائفة أو منطقة أو انتماء محدد.
السيد عبدالملك: أتمنى أن تساعدوني وغيري على النجاح في الدور الذي نرغب في تأديته وعلى المساعي التي سنبذلها أنا والكثيرين للوصول الى تسوية عادلة تخرج البد من أزمته الحالية وتؤسس لشراكة حقيقية، وتسوية سياسية تتبنى بناء دولة المواطنة المتساوية، دولة تُعيد للمؤسستين الأمنية والعسكرية اعتبارهما وكرامتهما التي أهدرت، دولة العدالة والنظام والقانون والمؤسسات، دولة تحتكر وحدها السلاح المتوسط والثقيل وتنظم حمل الأسلحة الشخصية بقانون خاص، دولة الحقوق والحريات السياسية والشخصية، دولة التبادل السلمي للسلطة، دولة تتمكن فيها كل فئات المجتمع من التعبير عن قناعاتهم الفكرية والسياسية والدينية والمذهبية بحرية كاملة، الدولة التي تبناها أنصار الله في رؤيتهم التي قدموها في مؤتمر الحوار.
وتقبلوا في الأخير خالص تحياتي
أخوكم/ علي البخيتي 23 / 1 / 2015م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.