ونتيجة لتعدد حاجات الناس من رعاية وخدمات متنوعة وكذا تعدد شرائح المجتمع من ذوي الحاجات فان الخبراء و الأكاديميون كما علماء الدين يتفقون على صعوبة القيام بهذا الدور في حال لم تقم الدولة بدورها في جباية أموال الزكاة وتوجيهها في مصارفها الشرعية . ويشير هؤلاء إلى الدور الكبير والهام الذي تؤديه أموال الزكاة في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بعدد كبير من الشرائح الاجتماعية الفقيرة وبخاصة الأفراد غير القادرين على العمل والأسر التي تعاني من فقدان العائل والمعوزين وذوي الاحتياجات الخاصة من مسنين وأيتام وأرامل وعجزة ومعاقين وأطفال مشردين ومرضى وغير ذلك . ويؤكد الدكتور ياسر عتيق محمد اليمني الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بجامعة عدن أن الخالق سبحانه وتعالى عندما شرع الزكاة على عباده جعلها فريضة لتطهير النفس وتزكيتها تماما كما جعلها وسيلة مثلى لتحقيق التكافل في المجتمع المسلم ووسيلة لمحاربة مشكلات المجتمع المتمثلة في الفقر والبطالة ومؤاساة الفقراء. ويوضح الدكتور اليمني ل "سبأ" أن الحكمة التي شرعت منها الزكاة هي محاربة الشح والبخل الموجود في النفس البشرية مسترشدا بقول الله سبحانه وتعالى (ان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى) حيث أن الإنسان عندما يكثر ماله يحدث لديه نوع من الطغيان فجاءت الزكاة لإخراجه من هذا الشح وحب التملك ولامتصاص هذه الطبيعة في النفس . ويؤكد أن الزكاة شرعت لإخراج الناس من الفقر والعيش عيشة كريمة وإحداث نوع من التكافل بين الناس في حين أن ما يقدمه الأغنياء للفقراء هو مضاعف لهم إضعاف كبيرة . ويتحدث الدكتور اليمني عن أحقية الدولة في جباية أموال الزكاة بالإشارة إلى المآثر التي حدثت في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عندما هم الناس جميعا في إتيان هذه الفريضة إلى ولي الأمر لتوزيعها في مصارفها الشرعية لدرجة فاضت فيها خزائن بيت مال المسلمين مادعاه رضي الله عنه إلى الأمر بشراء العبيد وإعتاقهم وتزويج الشباب وغيره . ويلفت الدكتور اليمني إلى أن وظيفة الزكاة في الإسلام تكمن في مراقبة دخل الفرد بحيث لا يطغى على ميزان العدالة بين الناس إعمالا لقوله صلى الله عليه وسلم عندما كان يبعث رسله الى القبائل كان يأمرهم أولا بالشهادة ثم يبين لهم شرائع الاسلام وان اطاعوه يخبرهم ان الله اقترض عليهم الزكاة تأخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم لإحداث نوع من التوازن في المجتمع. = وظيفة اجتماعية : الدكتور رضوان أحمد الشيباني عميد كلية الآداب بجامعة الحديدة يؤكد أن للزكاة وظيفة اجتماعية هامة تتمثل في التكافل بين المسلمين وتنمية الشعور بأن الجميع شركاء في السراء والضراء كما تمثل أحد أهم مصادر دخل الدولة الإسلامية . ويلفت الدكتور الشيباني في حديث لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إلى وجوب أداء الزكاة وعدم التقاعس عنها لما يترتب على ذلك من أضرار على الفرد والمجتمع وإحداث اختلال في التوازن الاجتماعي . ويقول "أن ذمة المسلم لا تبرأ حتى يؤدي الزكاة و أنه لو تمكن من الإفلات من عقاب الدنيا فلن يتمكن من الإفلات من عقوبة الآخرة إعمالا لقوله عز وجل ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ، هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) صدق الله العظيم . ويؤكد الدكتور الشيباني أن الزكاة في المجتمع المسلم تمثل رافدا اقتصاديا مهما .. والدول المعاصرة تحصل الأموال من مواطنيها لإنفاقها في الجوانب التي تعود عليهم بالخير كالمشاريع التعليمية والصحية والطرقات وإذا كانت الضريبة قد أجازها الفقهاء استناداً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم "إن في المال حق سوى الزكاة " ، وهذه الضرائب تمثل مورداً متغيراً تزيد وتنقص بحسب أحوال الناس، فالزكاة جعلها الله ثابتة في المال لمواجهة المصارف التي ذكرها الله في كتابه وهو ما أكسبها أهمية قصوى ولذلك جعلت واحدا من أركان الإسلام . ويتحدث الدكتور الشيباني عن تأثيرات سلبية كثيرة تطال المكلف أولا ثم المجتمع جراء الإمتناع عن أداء الزكاة ويشير في ذلك إلى أن مانع الزكاة يعتبر جحوداً كافراً بإجماع الفقهاء.. ولا تبرأ ذمة المسلم حتى يؤدي الزكاة المفروضة عليه إلى ولي الأمر ممثلا بالدولة . ويؤكد أن مصارف الزكاة في الإسلام تمثل الشريحة الفقيرة من المجتمع والذين بعونهم يحدث التوازن الاجتماعي والمعنى الحقيقي لتوزيع الثروات مشيرا إلى أن للدولة الحق في مصادرة نصف مال الممتنع عن أداء الزكاة إضافة إلى أخذ الزكاة . = مواجهة مشاكل المجتمع : الدكتور محمد علي القحطاني أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة تعز يؤكد إن الزكاة كفريضة إسلامية تكتسب أهمية بالغة في مواجهة اخطر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والمتمثلة بالبطالة والفقر بوصفها من الوسائل الهامة التي أكدها الشرع في تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي ولها جذور دينية واجتماعية متأصلة في المجتمع الإسلامي . ويلفت الدكتور القحطاني لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن الزكاة أداة فاعلة في محاربة الفقر والبطالة ..وأن ارتفاع نسبة البطالة وتفشي ظاهرة الفقر ما هو إلا أثر سلبي نجم عن عدم مقدرة إدارة الاقتصاد المحلي في إحكام السيطرة على مجمل الإجراءات المتخذة لتنفيذ برامج الإصلاح ولذلك من الحكمة أن ندرس مختلف الوسائل لمواجهة البطالة والفقر في المجتمع كهدف استراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية . ويشير الدكتور القحطاني إلى أن الإيرادات الزكوية يمكن أن تلعب دورا مهما في مواجهة البطالة والفقر من خلال برامج توعوية مستمرة بمشاركة المؤسسات الدينية والأجهزة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لرفع مستوى الوعي لدى الناس بأهمية الدور التنموي لهذه الفريضة . ويشير الدكتور القحطاني إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه أموال الزكاة في إنشاء دور للرعاية الاجتماعية للمسنين واليتامى والمشردين من الأطفال ومعالجة مشكلة التسول وأطفال الشوارع ، مؤكدا أن هذه الظواهر لايمكن معالجتها من خلال الصدقات العابرة بل من خلال أطر مؤسسية تحقق حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع وتسهم في التطور الاجتماعي والحياة الإنسانية الرفيعة.