حذر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتجية من أن العراق يمر حاليا بمفترق طرق خطير جدا إن لم يكن هو الأخطر على الإطلاق منذ إطاحة الرئيس العراقي صدام حسين ، مؤكد أن العراق لم يعش لحظة أشد حرجا وخطورة من تلك التي يعيشها الآن في ظل الاضطرابات الطائفية الناتجة عن تفجير مرقد الإمامين الهادي والعسكري في سامراء، وما نتج عن ذلك من اعتداءات على عشرات المساجد السنية ووقوع عشرات القتلى والجرحى في أعمال طائفية خطيرة على الرغم من جهود المرجعيات، الشيعية والسنية، والزعماء السياسيين من مختلف التيارات للسيطرة على الأمور ومنع انزلاقها إلى الانفجار وتحقق السيناريو الكارثي المتمثل في الحرب الأهلية. ويرى المركز في افتتاحية "أخبار الساعة " إن نقطة البداية ومفتاح النجاح في التعامل مع هذا الوضع الحرج هو اقتناع الجميع على الساحة العراقية بأن هناك مؤامرة على العراق تهدف إلى دفعه إلى حرب أهلية مدمرة، وأن الذين فجروا الأماكن المقدسة في سامراء لا يمكن أن يكونوا من السنة أو تحركهم دوافع طائفية مذهبية، وإنما من الجماعات والقوى الإرهابية التي خسرت معاركها، الواحدة تلو الأخرى، خلال السنوات الماضية، ولهذا فإنها تلعب بورقتها الأخيرة المتمثلة في تأجيج نار الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة باستخدام أساليب أكثر دموية وخطورة تتجاوز استهداف بعض الشخصيات الشيعية أو السنية كما كان يحدث في الماضي إلى الاعتداء على الأماكن المقدسة لإلهاب مشاعر الناس وإخراجها عن السيطرة ومنطق العقل والحكمة الذي حكم التعامل مع محاولات الدفع في اتجاه الصدام الأهلي خلال الفترة الماضية. وأشار المركز إلى أنه وعلى الرغم من قتامة الصورة على الساحة العراقية، فإن بقعة الضوء التي تبعث على الأمل هي مسارعة كل القوى والمرجعيات الدينية إلى التحذير من الانجرار وراء الفتنة الطائفية أو الانخراط في تنفيذ المؤامرة التي تحاك ضد العراق من دون وعي أو تدبر من قبل قوى لا تريد له الخير، وضرها أن تراه في طريقه إلى تجاوز محنته والخروج من عنق الزجاجة نحو الاستقرار السياسي والأمني. وأكد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتجية أن العراق نجح في تجاوز الكثير من الأزمات الخطيرة خلال الفترة الماضية وحافظ على وحدته وتماسكه الوطني رغم الخلافات في المواقف والتوجهات، وهو قادر على تجاوز هذه الأزمة ما دام هناك إدراك بأن من قام بتفجير الأماكن الشيعية المقدسة لم يستهدف بفعلته النكراء الشيعة فقط، وإنما استهدف جميع العراقيين إضافة إلى وحدة العراق ومستقبل أبنائه وصيغة التعايش التي حكمت العلاقة بينهم عبر مئات السنين، وما دام هناك إدراك كذلك بأن الحروب الأهلية لا ينتصر فيها أحد وإنما الجميع يهزمون وفي المقدمة الوطن الذي يستمر في اجترار جراحه لسنوات طويلة. وشدد المركز على أن أمن العراق ليس شيئا منفصلا عن الأمن الإقليمي برمته، وإنما هناك ترابط وثيق بين الاثنين، ولهذا فإن أي انزلاق إلى صدامات طائفية في العراق سيكون له تأثيره المباشر في الدول المجاورة، وربما يؤدي إلى حالة من التوتر الطائفي يسعى البعض إلى إيجادها لتحقيق أهداف معينة، ولهذا فإن إخماد الفتنة في مهدها ومحاصرة تداعياتها وآثارها ليس مسؤولية عراقية فقط، وإنما إقليمية عربية أيضا، لأن الخطر لن يكون عراقيا فحسب وإنما إقليميا كذلك.