إليكم هذه القصة المكررة: بشرى سارة، لديكم من الماء والغذاء ما يكفي لعشرين سنة مقبلة، ولكن لأن الماء والغذاء قد ينفد خلال هذه المدة رأينا تأجيل البشرى إلى أجل مسمى. القصة لم تنته عند هذا الحد، فيما يتعلق بمشروع التوصيف أو "تصنيف" الإعلاميين، لكنها على ما يبدو في طريقها "الوعر" إلى أجل غير مسمى. كم مرة علينا مشاهدة وسماع هذه القصة، قبل أن ندرك أنها ربما قد تنتهي إلى غير النهاية السعيدة ذاتها؟ ما حصل عليه القضاة والأكاديميون والمعلمون. وعندما عمت الفرحة أوساطهم جميعا ظل الصحفيون على عهد الانتظار، وعلى عهد الوفاء لمبادئ القانون والأولويات حيث الغذاء أهم من التعليم والصحة والإعلام؛ لكنهم في الوقت نفسه ليسوا أهم من دورة الحياة اليومية التي يصنعها الإعلام لحظة بلحظة. لا جدال بالطبع حول ما بذله النقيب ومجلس النقابة الحالي من إيجابية كبيرة نحو التقدم في تنفيذ مشروع التوصيف الوظيفي للإعلاميين . دعونا نتحدث بقالب الهرم المقلوب، وبالبشرى التي يمكن توثيقها كأخيرة، ومن حيث التقى النقيب نصر طه مصطفى، الاثنين الماضي، دولة رئيس الوزراء، الدكتور علي مجور، ليسلمه رسالة النقابة المتضمنة رفض الوسط الصحفي واستياءه من قرار مجلس الوزراء بشأن إقرار مشروع توصيف بديل لذلك المقدّم من قبل نقابة الصحفيين اليمنيين. وبما أن الدكتور علي مجور الذي يستبشر فيه الصحفيون خيرا كثيرا، يدرك الأوضاع والظروف التي يعيشها الوسط الصحفي، فإن الأمل ما زال قريبا وغمة الثلاثاء قبل الماضي في طريقها إلى الانفراج. ولذلك فقد وعد مجور، خلال لقائه النقيب، بإعادة النظر في قرار "التصنيف" بموجب المشروع المقدّم من نقابة الصحفيين . يأتي هذا في الوقت الذي وجه فيه نقيب الصحفيين مذكرة احتجاج رسمية لدولة رئيس الوزراء، أبلغه فيها استياءه والوسط الصحفي من قرار مجلس الوزراء بشأن التوصيف الوظيفي للإعلاميين. وجاء في رسالة الاحتجاج "إن ما تم إقراره في مجلس الوزراء يتناقض والمشروع الذي أعدته وقدمته نقابة الصحفيين، إذ لم يتضمن القضايا الأساسية التي سبق وأن وجهتم باستيعابها في مشروع التوصيف". وفوق ذلك فإن قرار "التصنيف" بحسب رسالة النقابة لم يشمل أي توصيف لوظائف الصحفيين والإعلاميين في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، وكذا الوظائف الوسطية في المؤسسات الصحفية الأخرى. وعبرت النقابة عن استيائها وصدمتها بالقرار "إذ تم تخفيض نسب الاستحقاق من 30 بالمائة و25 بالمائة و15 بالمائة إلى 30 بالمائة و20 بالمائة و15 بالمائة دون الرجوع أو الاستئناس برأي النقابة. وكان رئيس الوزراء وجّه في 5 فبراير الجاري بدراسة مشروع النقابة الذي تضمن 10 نقاط مطلبية، وتضمين القضايا الرئيسية في مشروع قرار مجلس الوزراء، لكن الأمور على ما يبدو كانت تسير وفقا لرؤى شخصية وليست وفقا للقرار الرفيع والإرادة العليا بتحسين أوضاع الصحفيين. وقد علمت "السياسية" من مصادرها الخاصة أن نائب وزير الخدمة المدنية أبلغ العميد علي حسن الشاطر، كأحد المفاوضين الرئيسيين حول المشروع، أن كافة النقاط الواردة في توجيه دولة رئيس الوزراء تم استيعابها مع التحفظ على البنود 5، 6، 7، 8، ولكن للأسف فإن المشروع بكامله تم وضعه في "الفريزر". حسنا. ماذا لو سارت العلاقة بين الحكومة والصحفيين على هذا النحو؟ ماذا لو نهج الجميع نهج الخدمة المدنية في تطلعها إلى "دور محدود" في تقليص الإنفاق دون الأخذ في الاعتبار الخسائر الكُبرى التي يمكن أن نجنيها من عدم حشد الدعم الشعبي والدولي لبرامج الإصلاحات باستخدام وسائل الإعلام؟ إننا جميعا بحاجة إلى نهج مبتكر في مجال الإصلاح الإداري والحُكم الرشيد. فليس من المناسب أن نشرع بتخصيص المليارات لإنقاذ زراعة الطماطم مثلا في أعماق وادي "حران" ما لم يترافق ذلك مع برامج إعلامية توعوية مواكبة من شأنها تغيير سلوك المستهلكين. ومن دون هذا التفكير العميق بالجزئيات، فليس أمامنا سوى القصة المكررة نفسها: بشرى سارة لديكم من الماء والغذاء ما يكفي، لكن لا أحد يمكن له التوعية باستهلاك رشيد وحياة مديدة ونفقات أقل مثلما يمكن للإعلام فعله هنا. *المحاور الرئيسية الواردة في رسالة نقيب الصحفيين اليمنيين لدولة رئيس الوزراء 1 تسمية القرار وشموله للتوصيف بحسب ما جاء في المشروع المقدم من النقابة وليس بدل طبيعة العمل فقط، حيث تكون التسمية "مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ( ) لسنة 2009م بشأن تحديد الأوضاع المستحقة لشاغلي الوظائف الصحفية والإعلامية والوظائف المساعدة في المؤسسات الإعلامية الرسمية ضمن الهيكل العام للوظائف والأجور والمرتبات الملحق بالقانون رقم (43) لسنة 2007 م". 2 أن يكون الاحتساب من إجمالي راتب المرحلة الثانية (شاملا جميع البدلات). 3 أن تكون صلاحيات التعيين والترفيع ومنح البدل من صلاحيات رؤساء المؤسسات المعينين بقرارات جمهورية. 4- أن يكون شاملاً لتوصيف الوظائف الصحفية والمساعدة وتعريفاتها. 5- أن يحتوي على شروط التدرج حسب ما جاء في مشروع النقابة اعتبارا من الدرجة العاشرة بالمستوى الثالث. 6- مراعاة ديمومة الصرف والاستحقاق وخضوعه للاستقطاع التأميني في إطار الوظيفة أو المؤسسة. 7- تنفيذ النقل لأول مرة إلى الدرجة العاشرة لمن هم دونها حالياً ولمرة واحدة لأغراض النقل، ولجميع الوظائف الرئيسية والمساعدة. 8- احتساب بدل طبيعة العمل بعد التسكين والنقل إلى جداول التوصيف ذات المستويات الثلاثة والدرجات العشر. 9 أن يراعى تطبيق القرار على الصحفيين الإعلاميين العاملين في السلكين "العسكري والأمني" وديوان وزارة الإعلام. 10 الأخذ في الاعتبار سُلّم التدرّج والترقية وشروطها المقدمة في مشروع النقابة. السياسية