دعا محافظ مارب، ناجي الزايدي، إلى إنشاء معهد متخصص لتأهيل أعضاء السلطة المحلية ورفع الوعي المجتمعي بماهية اللا مركزية والسلطة المحلية، وانتقد غياب وجود مكتب للجمارك في المحافظة رغم أهميتها، وتعمُّد وسائل الإعلام التشويه بالمحافظة والإضرار بالسياحة فيها. وأكد المحافظ في حوار مع صحيفة "السياسية" وقوف أبناء المحافظة ضد كل من يحاول إعادة التاريخ إلى الوراء أو يدعوا إلى تجزئة الوطن مستغلا، بأصواته النشاز، الأجواء الديمقراطية وحرية التعبير التي ما كانت لتوجد لولا الوحدة اليمنية. **فيما يلي نص الحوار: * حظيتم بشرف المشاركة في أول عملية انتخابية للمحافظين في اليمن، وفزتم بموجبها بمنصب محافظ محافظة مارب.. بعد عام على ممارستكم مهامكم، كيف تقيمون خطوة انتخاب المحافظين؟ - خطوة انتخاب المحافظين خطوة شجاعة من خطوات القيادة السياسية والهادفة إلى تمكين أبناء الشعب اليمني من المشاركة في إدارة التنمية وتعزيز النهج الديمقراطي وتحقيق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وهي منجز من المنجزات الوطنية للوحدة اليمنية، وتأكيد على تطور النهج الديمقراطي وتجذّره. لقد فزت في الانتخابات التي جرت في أجواء ديمقراطية تنافسية رغم أنني كنت مرشحا مستقلا ولم أنزل من قبل أي حزب، وتم التصويت لي بدون ضغوط من أية جهة.. والبعض راهن قبل التجربة الانتخابية على حدوث خلافات بين المرشحين في محافظة مارب، وكان عددهم عشرة مرشحين، في بداية العملية انسحب منهم سبعة مرشحين، آخرهم ونحن في القاعة قبل عملية الاقتراع.. وتنافسنا على مركز المحافظ ثلاثة مرشحين، ومع ذلك جرت الانتخابات بأجواء ديمقراطية ووعي حضاري، ولم يجرح أي شخص الآخر بكلمة واحدة، وهذا ليس غريبا على محافظة مارب؛ لأن منبع الشورى في اليمن من مارب.. لكنني أتمنى على الأخوة في الهيئة الناخبة للمجالس المحلية وأبناء المحافظة ألا تقتصر مهمتهم في يوم الاقتراع وانتخاب المحافظ، وإنما التعاون في تسيير المشاريع التنموية وإزالة أية عراقيل تقف أمامها، إلى جانب التآخي والتآلف. لقد دعيت في أول اجتماع للمكاتب التنفيذية والمجالس المحلية والشخصيات الاجتماعية في المحافظة إلى الصلح وإزالة الخلافات الموروثة وإزالة المشكلات والصعاب التي تعرقل المشاريع التنموية وتجاوز السلبيات التي تعيق تنفيذ الأعمال والمشاريع التنموية والسياحية التي تخدم المصلحة العامة. كما أتمنى على كل من ينتمي أو ينتسب إلى عضوية المجالس المحلية في محافظة مأرب سواء على مستوى الهيئات العمومية للمجالس أو الهيئات الإدارية لها في المديريات والمحافظة، أن يؤدي دوره وفقا للمسؤوليات الملقاة على عاتقه وأن يستشعر الأمانة التي تحملها من الناخبين، وأنه مسؤول أمام القيادة السياسية، وإذا كان هناك وعي واستشعار للمسؤولية، فتفضل من وجهة نظري عملية الانتخابات التنافسية للمحافظين، حتى لا يقول أحد: "فرضوا علينا هذا المسؤول أو ذاك".. وإذا كان هناك أي شخص يمن بقوله "أنا انتخبت، أنا دعمت"، فهذا يؤدي إلى تكوين عُقدة لدى المسؤول الواعي. * ما مدى استقلال قرارات المحافظ المنتخب وعدم خضوعه لضغوط وابتزاز الهيئة الناخبة؟ - أعضاء المجالس المحلية (الهيئة الناخبة) لا يستطيعون السيطرة على المحافظ أو التأثير على قراراته بمنِّهم عليه بأصواتهم للحصول على منافع شخصية؛ لأن المحافظ لم يتولّ المنصب بموجب انتخابهم له فقط، ولكن أيضا، بموجب قرار التعيين من القيادة السياسية، كما أنه أدى اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، وبالتالي المحافظ تحمّل المسؤولية من الطرفين: الهيئة الناخبة والقيادة السياسية. وأنا خضت الانتخابات كمرشح مستقل ومثلت الديمقراطية تمثيلا حقيقا مع المنافسين لي، أبرزهم: مرشح الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام، وتنافسنا في الانتخابات، رغم أننا ننتمي إلى التنظيم السياسي نفسه، ولكن النهج الديمقراطي مكنني من المنافسة، وتم الانتخاب، وكان أول المباركين لي هم المنافسون قبل أن أعلم بنتائج الفرز، واعتبر فوزي تكليفا ومسؤولية جسيمة تحملتها أمام أبناء المحافظة والقيادة السياسية؛ لأن المحافظة تتطلب جهودا كبيرة لتنميتها وإدارتها خاصة أن محافظة مارب لا يقتصر عمل المحافظ فيها على جهود تسيير الأعمال في نطاق المحافظة، وإنما أبعد من ذلك؛ كون المحافظة صناعية نفطية وغازية وكهربائية وزراعية وسياحية وطرقات إستراتيجية، إلى جانب أن المحافظ مسؤول عن تسيير المشاريع الإستراتيجية التي تخدم أبناء المحافظة والمحافظات الأخرى. ** اولويات تنموية * ماهي أولوياتكم كمحافظ منتخب للتنمية في المحافظة؟ - أنا أولا من أبناء المحافظة، وأعرفها جيدا، وليس كمن يعيّن من خارجها، وأنا معايش سلبياتها وإيجابياتها على مدى سنوات عمري، أنا وضعت تقييما للأولويات، لكن لم أتوصل إلى تحقيق ما هو مرسوم، وما هو مرسوم على الخطط هو بالأصل موجود من قبل أن آتي، من عهد المحافظين السابقين، ولكنني وضعت عليها بعض الإضافات والتعديلات بحسب الأولويات والتي أركز فيها على مجالات التعليم والصحة والطرقات وتوصيل شبكة الكهرباء إلى مختلف المديريات. إن تأهيل الكوادر الإدارية والفنية وتطوير العملية التعليمية في مدارس المحافظة من أجل إيجاد العناصر الكفؤة والقضاء على التلاعبات والإختلالات التي كانت تحدث من سابق، ومنها التساهل في عش الطالب في المؤسسات التعليمية، رغم أن ذلك غش للمجتمع ومستقبله الإداري والتنموي، فالمؤسسات التعليمية هي التي تؤهل ويتخرج منها المهندس والطبيب والطيار وغيره. وإذا ركزنا على بناء الكادر نستطيع إدارة التنمية في المحافظة والحفاظ على المشاريع التنموية والخدمية وتحقيق الأمن والاستقرار. فإذا وجد المجتمع الواعي من خلال التعليم استكملت التنمية في كافة جوانبها وقطاعاتها الزراعية والسياحية ووجد الأمن والاستقرار وتمت الصناعة وغيرها. كما أسعى إلى تطوير المجال الصحي الذي قطعنا فيه خلال السنوات العشرين الماضية، وفي بنيته التحتية، شوطا كبيرا، حيث أصبح لدى المحافظة نحو 167 منشأة طبية بين مستشفى ووحدة ومركز صحي، موزعة على مختلف مديريات وعزل المحافظة، منها عشرة مستشفيات رئيسية أبرزها مستشفى الرئيس العام في مركز المحافظة، والذي تم بناؤه وتجهيزه بأحدث المواصفات والتجهيزات، والمستشفى العسكري الذي لا تقتصر خدماته الطبية المقدمة على منتسبي القوات المسلحة وإنما جميع المواطنين، ولعب دورا خلال 25 عاما مضت في استقبال الحالات المرضية، وهذان المستشفيان يقدمان خدماتهما الطبية للقادمين من محافظتي شبوة والجوف، والقطاع الشرقي من محافظة صنعاء، والحالات الأخرى المصابة في حوادث السير على الطرق. ** غياب الوعي بالسلطة المحلية * كيف تقيّمون تجربة المجالس المحلية واللامركزية في إدارة التنمية والشأن المحلي على مستوى محافظة مارب؟ - التجربة بحد ذاتها ايجابية، ولكن هناك سلبيات في أداء السلطات المحلية، ولا أريد الدخول في التفاصيل، ولكن أبرز السلبيات: عدم إتقان الواجبات وانحياز بعض أعضاء المجالس المحلية قبليا. فأتمنى، بل أرجوا، أن يستشعر أي فرد انتخب أو يدير عملا بأنه مسؤول مسؤولية كاملة عن أي قصور في الاداء أو أية أخطاء وأنه جزء من الآخرين الذين يجب أن يعمل معهم بروح الفريق الواحد وبشكل تكاملي وتعزيز الايجابيات وتجاوز السلبيات، وعدم التحيّز إلى أشخاص أعمالهم سلبية أو يعرقل سير أعمال أي شخص يريد تنفيذ أعمال ومشاريع تخدم مجتمعه. وفي اعتقادي، أنه يجب على أي شخص يريد أن يرشح نفسه أو يصل إلى أي منصب في مستويات السلطة المحلية الدنيا أو المتوسطة أو العليا، أن يفهم قانون السلطة المحلية ودستور البلاد والمسؤوليات الممنوحة له والواجبات التي عليه، والمهام المشتركة بين المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية، وحدودها وتوزيع الأدوار، وتجربة اللامركزية خطوة هامة وممتازة في إطار تعزيز الديمقراطية وإدارة الشأن المحلي والتنمية المحلية المنشودة، لكنني أطالب بأن يكون هناك مراكز تأهيل كمعاهد عالية المستوى لتأهيل أعضاء السلطة المحلية، ونشر الوعي المجتمعي بماهية السلطة المحلية والقانون الذي ينظمها وواجباتها ومسؤولياتها ومهامها والدور المجتمعي في إنجاح التجربة وتوسيع المشاركة الشعبية في التخطيط والتنفيذ والرقابة والمحاسبة الشعبية. بعض الأشخاص يعتقد أنه في نظام السلطة المحلية أصبح مستقلا ليس عليه حساب أو رقيب، ويتعمد ارتكاب المخالفات للقوانين والأنظمة والاتجاه العام والمصلحة العامة أو العليا للوطن، ولا يدرك أن السلطة المحلية جاءت على قاعدة "احكم نفسك بنفسك"، وتعتبر السلطة المحلية هي المرحلة الأولى للحكم المحلي الذي لم نصله بعد. وأتمنى أن تؤهلنا السنوات التي قضيناها في تجربة السلطة المحلية للانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات، لكن إذا بقيت السلبيات في أداء السلطات المحلية أكثر من الايجابيات فهذا يعني أننا ما زلنا غير مؤهلين للانتقال إلى الحكم المحلي. أهم شيء في خطوة اللامركزية هو أن يكون أعضاء المجالس المحلية فاهمين واجباتهم ومسؤولياتهم ومفرِّقين بين واجبات أعضاء المجالس المحلية حسب درجاتهم واختصاصاتهم والأعمال والاختصاصات والمهام المشتركة مع المكاتب التنفيذية، مبتعدين عن الازدواجية في المهام، إلى جانب الترفع عن المصالح الشخصية والحرص على المصلحة العامة وتحقيق انجازات على الميدان والاستجابة لحاجات المواطنين خلال فترتهم القانونية؛ لأن كل عضو مجلس محلي أو هيئة إدارية ستدوّن في سجله خلال الفترة المنتخب فيها، إما ايجابيات أو سلبيات.. فليحرص الجميع على أن يخلف في سجله أشياء ايجابية، ويكون عنصرا يُقتدى به. ** لا مركزية.. ونقل صلاحيات * في إطار التوجهات السياسية لتعزيز اللامركزية ونقل الصلاحيات من المركز إلى المحافظات، في محافظة مارب، هل تم نقل الصلاحيات كاملة إلى المديريات؟ وهل السلطات المحلية في المديريات لها القُدرة الكافية على استيعاب هذه الصلاحيات؟ - الحقيقة، الصلاحيات تم نقلها سواء من القيادة السياسية والحكومة إلى مركز المحافظة، أو من مركز المحافظة إلى المديريات حتى الموازنات تم نقلها، لكن لاحظنا اختلالات في تنفيذ موازنة العام الماضي، في المديريات، وحاولنا هذا العام وضع نظام يمكِّن من تنفيذ الموازنة لصالح المشاريع التنموية بدقة أكبر، ويرتكز هذا النظام على تشكيل وحدة هندسية في المحافظة من كوادر هندسية كفؤة تتولى متابعة المشاريع ابتدءا بالدراسة وتحديد التكلفة والاحتياجات ومتابعة التنفيذ والتأكد من دقته بموجب المواصفات المعتمدة وصولا إلى التسليم والتشغيل للمشروع، وهذا التوجه جاء بعد أن وجدنا أن هناك مبالغ صرفت باسم مشاريع أكبر بكثير من التكلفة الحقيقة، وهذه أبرز المخالفات. ** مؤتمر فرعي * تستعدون لعقد المؤتمر الفرعي للمجالس المحلية في المحافظة على طريق انعقاد المؤتمر العام الخامس، ما هي القضايا التي سيناقشها مؤتمركم الفرعي؟ وماذا تؤملون أن يخرج به؟ - سيناقش المؤتمرون تقارير الاداء للمجالس المحلية وجوانب الإخفاق والنجاح، وسيستعرض نتائج التقييم لأفضل مجلس محلي على مستوى مديريات المحافظة باعتبارها تجربة رائدة، إلى جانب استعراض الإستراتيجية الوطنية للحكم المحلي وملامح البرنامج الوطني التنفيذي للإستراتيجية ورؤية المحافظة لتنفيذ هذه الإستراتيجية. كما سيناقش المؤتمر الفرعي للمجالس المحلية مع قيادات منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والقياديين في المكاتب التنفيذية، مستوى تنفيذ البرنامج الاستثماري للمحافظة ومديرياتها والمشاريع المنفذة والمتعثرة وأسباب التعثر وكيفية تعزيز التعاون والتنسيق من أجل الدفع بعجلة التنمية وإزالة العوائق التي تقف أمام المشاريع. كما سيتم مناقشة آلية تفعيل الأنشطة الثقافية والشبابية الهادفة إلى تنمية المواهب وتعزيز الولاء الوطني لدى النشء والشباب وتوسيع معارفهم الثقافية والعلمية بالإضافة إلى تفعيل الأنشطة الخاصة بالترويج السياحي للمعالم الأثرية والسياحية التي تزخر بها المحافظة، وسيحضر المؤتمر مسؤول رفيع المستوى في الدولة، وسيتم النقاش بحضوره المشاريع التي تحتاج إلى دعم من قبل الحكومة والقيادة السياسية، ونوعية الدعم المطلوب، ونأمل أن يخرج المؤتمر بورقة تلخص تجربة للمجالس المحلية في المحافظة والمديريات خلال السنوات الماضية في مختلف المجالات، وستنقسم الورقة إلى مكونين، الأول: يخصنا في المحافظة، ويتضمن القضايا التي تتطلب معالجتها في إطار المحافظة، والثاني: يتضمن القضايا والخطط التي تتطلب معالجة من القيادة العليا للدولة. ** صعوبات واحباطات للتنمية * هناك بعض الظواهر السلبية التي تعاني منها مارب وتعيق التنمية فيها كما تشوّه صورتها، كالثار والقطاعات القبلية واختطافات وتحركات تنظيم القاعدة، ما هي تصوراتكم وخططكم للقضاء على هذه الظواهر؟ - بالنسبة للثارات والخلافات القبلية، هذه القضايا تتطلب إلى جهود وتعاون، ونحن نبذل جهدا بصورة مستمرة لمعالجة البعض من القضايا، نتمكن في بعضها من المعالجة والإخماد قبل انتشارها، وبعض القضايا موروثة حاولنا معالجة جزء منها أو أجزاء سواء خلافات على شكل فردي، أو على شكل جماعي، والبعض ما زالت عالقة، وهذا يتطلب منا كقيادة محافظة رفعه إلى القيادة السياسية والحكومة والمطالبة بتنشيط لجنة مكافحة ظاهرة الثار ولجنة دراسة الظواهر الاجتماعية السلبية في المجتمع ووضع الميزانيات اللازمة لهما، لأن هذه الظواهر تعيق عملية التنمية. أما فيما يتعلق بعناصر الإرهاب، فعلا هناك بعض العناصر التي تستغل المساحة الجغرافية المفتوحة للمحافظة، والبعض من تلك العناصر ليسوا من أبناء المحافظة، وإنما وافدون إليها، وهذه العناصر قليلة جدا، والأجهزة الأمنية تتعقبها، وتبذل جهودا كبيرة لضبطهم، والعناصر الإرهابية تركز على محافظة مارب لحساسيتها بسبب وجود الصناعة النفطية فيها، ونسجل هنا كلمة شكر للأجهزة الأمنية رغم أن هناك بعض القصور في الاداء إلا أنها أحبطت عدّة محاولات إرهابية، وألقت القبض على عدد من العناصر الإرهابية، واتضح أن بعضها ليس يمنيا. وفيما يتعلق باختطافات السيّاح، لو رجعنا إلى تاريخ الاختطافات وعملية اختطاف السياح في اليمن، لوجدنا أنه لم تحدث في محافظة مارب أية عمليات اختطاف لسياح أجانب سوى حالة واحدة، والاختطافات تتم من الآخرين في محافظات أخرى ثم يحضرون المختطفين إلى الشعاب البعيدة في المحافظة، أما الاختطافات في المحافظة لم تسجل إلا حالة واحدة فقط، إلى جانب العملية الإرهابية التي استهدفت السياح الأسبان، والذين قاموا بالتنفيذ لهذه العملية الإرهابية ليسوا من أبناء المحافظة والمخططون والممولون ليسوا من أبناء اليمن بشكل عام. ** تشويه إعلامي ومناكفات * لكن تلك الحالات المحدودة التي شهدتها المحافظة أثرت على السياحة والأفواج السياحية الأجنبية القادمة إلى هنا؟ - بعض وسائل الإعلام المحلية أثرت علينا وعلى نفسها دون أن تُدرك، حدثت عملية اختطاف قبل أسابيع لأحد الأجانب في محافظة أخرى ووسائل الإعلام تتحدث عن مأرب، وبعض الإعلاميين اتصلوا بي يسألونني، قلت لهم "يا إعلاميين اعرفوا التقسيم الإداري والمناطق قبل أن تنسبوا الأفعال إلى غير محلها وتذهبوا بها إلى محافظة مأرب وهي بعيدة عنها"، كما أن بعض وسائل إعلام المعارضة "التي تعمل من الحبّة قبة" -كما يقول المثل- تروِّج للمشاكل والقلاقل، وهي تضر بالوطن وتضر بسمعته، وبالتالي تضر بنفسها. المشاكل والاختلالات الأمنية موجودة حتى في أعظم دولة في العالم (الولاياتالمتحدة الأميركية) فإحدى الشخصيات الاجتماعية في محافظة مارب قُتل ابن عمه قبل عدّة أشهر في أميركا من قبل إحدى العصابات، لكن عندنا حدث كهذا تضخِّمه وسائل الإعلام، البعض منها يخبز من أجل ينفق صحيفته، والبعض الآخر من أجل مكايدات حزبية ولا يعرف ما هو المنطق الذي يتحدث به، وما مدى تأثيره على سمعه بلاده واستقراره واقتصاده. أتمنى على وسائل الإعلام، خاصة في المحافظة، أن تتبنى نقدا بناءً، دون تشويه للوطن والإضرار بالسياحة والاقتصاد الوطني. نعم اعترف أن هناك مخالفات تتم في المحافظة، ولو أن الثروة التي في المحافظة، وجدت في محافظة أخرى لكانت اليوم قد قامت المحافظة ونهضت التنمية فيها والبنى التحتية، فالمحافظة نفطية وغازية والكهرباء فيها، وزراعية وسياحية، وتعتبر كلها حقلا نفطيا، وليست أماكن حقول النفط الحالية فقط، لكن القبيلي لو عنده أي معاملة أو مراجعة عند أي جهة حكومية، حرضه بعض الحاقدين والمغرضين بطريقة مباشرة وغير مباشرة حتى يصنعوا منه اختلالا أمنيا. وللقضاء على ذلك يتطلب تكاتف كافة الجهات المسؤولة والمجالس المحلية والشخصيات الاجتماعية لحل قضايا المواطنين أولا بأول والاهتمام بمطالبهم وحاجاتهم، ونود أن ننوه هنا إلى أننا نطالب من المجالس المحلية وأعضائها أداء الكثير في الوقت الذي ليس لديها أية نفقات تشغيلية أو بدل انتقال أو ضيافة ونحوه، ومع ذلك نطالبها بالتحرك والانتقال وممارسة المهام الرقابية والإشرافية وحل المشاكل القبلية، وبعض المشاكل التي يحدثها أبناء المحافظة، للأسف، تجدها تقف ضد أنفسهم وليست ضد مشاريع تخدم الوطن، ونادرا ما تجد مشكلة من أبناء مارب تضر بالمصلحة العامة للبلاد. ** موارد محدودة.. وشركات ملهوفة * ما هي خطتكم لتنمية الموارد المالية المحلية للمحافظة؟ - في الحقيقة، كل الموارد الأساسية للمحافظة هي موارد قومية للوطن بشكل عام, وقليل هي الموارد المحلية في الجوانب الزراعية والسياحية، ومع احترامي، حتى بعض الشركات المستفيدة من المحافظة وتجني الدولارات من خيراتها لم تقدم أي شيء لها، وأبناء المحافظة حتى الآن، إلا ما ندر. والآن لأول مرة بدأنا مع شركة صافر وضع برنامج تعاون لتنفيذ مشاريع تخدم المجتمع، وكذلك وزارة النفط أبرزها المشاركة في تطوير كلية التربية والآداب والعلوم بالمحافظة، إيجاد مشاريع مياه في الأماكن الضرورية، إيجاد الحدائق العامة في المحافظة. وهناك موارد محدودة من رسوم القاطرات وعائدات الأسواق، والتي تعتبر محدودة في المحافظة بعكس المحافظات الأخرى التي تتعدد فيها الأسواق، وبالتالي تزداد الموارد المحلية، إلى جانب أن بعض المواطنين لم يصل إلى مستوى الاقتناع بالرسوم المفروضة عليه، أو على أغراضه التجارية للدولة. كما أن هناك بعض العناصر التي تحاول في مواسم الزكاة إقناع بعض المواطنين بعدم دفعها إلى الدولة وتقديمها إلى المساكين والمحتاجين مباشرة، والبعض يشكل جمعيات لا تخدم المجتمع ولا تنشط إلا في مواسم الزكاة، ولكن في العموم هناك تحسّن في تحصيل الموارد المحلية، وفي المقدِّمة الزكاة بين عام وآخر وهناك وعي يتشكل. ** الجمارك * يلاحظ أي زائر للمحافظة أن أغلب المركبات فيها غير مرسّمة، وبدون لوحات، ويشكوا المرور من عدم تمكنه من تطبيق قانون المرور عليها، فهل لديكم توجه لمطالبة الجهات العليا بفتح باب الترسيم؟ - لو قارنت بين السنوات الماضية قبل عشر أو خمس سنوات والآن، لوجدت أن مارب كانت نسبة السيارات المرسّمة فيها لا تزيد عن 5 بالمائة والآن هذه النسبة تمثل السيارات غير المرسّمة من إجمالي السيارات في المحافظة. ومحافظة مارب لا يوجد فيها منفذ أو مكتب جمركي، والسيارات غير المرسّمة غالبيتها تستخدم في المجال الزراعي في الإطار الجغرافي للمحافظة، ونحن حريصون أن نضع حدا للمركبات غير المرسّمة، لكن باب الجمارك مقفل، ومصلحة الجمارك لا ترسّم إلا السيارات الحديثة محددة بسبع سنوات زائدا سنة الصنع، والسيارات غير المرسّمة في المحافظة موديلاتها أقدم من ذلك، ونحن نطالب الآن بفتح الجمارك لترسيم هذه السيارات، وبالتالي يستفيد المواطن في التمكّن من الانتقال بسيارته في المحافظات وتستفيد الدولة بزيادة مواردها الاقتصادية ورفد الخزينة العامة، كما تستفيد الدولة، أيضا، في ضبط النواحي الأمنية. الجمارك تركز على المناطق الحدودية ومارب كانت منطقة حدودية مع السعودية، ولكنها الآن أصبحت منطقة وسطى، والمحافظة تدخلها السيارات المغفّرة من دول الخليج عبر الصحراء، ورغم وجود مراكز جمركية في المنافذ إلا أن مركز السيطرة على السيارات المغفَّرة يفترض أن يكون في مارب، ووجود مركز جمرك في المحافظة مهم جدا حتى يشجِّع المواطنين على ترسيم مركباتهم. ** منجز عظيم * يحتفل الشعب اليمني بعد أيام بالذكرى ال19 لإعادة تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990. كيف ينظر أبناء محافظة مارب لهذا اليوم؟ - الوحدة منجز عظيم وتحوّل في تاريخ اليمن المعاصر، أول نعم الوحدة هي الديمقراطية وحرية التعبير، وأتمنى أن يكفّ البعض من الذين يحاولون استغلال الديمقراطية في التشويه والمكايدة أو محاولة المساس بالمصلحة العليا للوطن مثلما نسمع من بعض أصوات النشاز الداعية إلى إعادة التشطير، وهذا من المستحيلات؛ كون الوحدة راسخة رسوخ الجبال وأبناء مارب قلوبهم مع إخوانهم كافة اليمانيين الغيورين على هذا الوطن؛ سيدافعون عن هذا المنجز كما كانوا في المقدمة للدفاع عنها في محاولة الانفصال عام 1994. وادعوا أولئك إلى استغلال الديمقراطية الاستغلال الأمثل في خدمة المصلحة العليا للوطن، ونحافظ على المكتسبات الوطنية، والمنجزات الوحدوية والتنموية, لتصبح الديمقراطية مظلة واقية للمنجزات. ** مشاريع عيدية * ما هي أبرز المشاريع الخدمية أو التنموية التي سيتم افتتاحها في المحافظة أو وضع أحجار الأساس لها خلال الاحتفالات بالأعياد الوطنية؟ - سيتم افتتاح بين ثمانية إلى عشرة مشاريع خدمية وتنموية، ووضع أحجار الأساس لعدد مماثل من المشاريع الإستراتيجية والرئيسية في الجانب التنموي والتي ستموّل مركزيا، إضافة إلى المشاريع التي ستموّل محليا، من أبرز تلك المشاريع: افتتاح معهد الصالح المهني، كلية المجتمع، القاعة الكبرى لكلية التربية والآداب والعلوم، مكتب مياه الريف، مكتب المالية، تدشين سير العمل في تعبيد وسفلتة وإنارة الشوارع الرئيسية والفرعية في مدينة مارب في مراحلها الأولى والثالثة، وتدشين طريق ذنه - الزور. كما سيتم تدشين المرحلة الأولى من مشروع المحطة الغازية، والتي ستخدم التنمية في اليمن عموما وليس المحافظة فقط، وتصل الطاقة الكهربائية المولِّدة خلال هذه المرحلة إلى حوالي 300 ميجاوات، وبحسب الخطة سيوّلد مشروع المحطة الغازية في مراحله الثلاث حوالي ألف ميجاوات من الطاقة، وهذا سيحل مشكلة زيادة الطلب على الطاقة الكهربائية في مختلف محافظات الجمهورية، وستنضم إلى شبكة المرحلة الأولى من مشروع الكهرباء الغازية تسع مديريات في المحافظة، والخمس المديريات الأخرى سيتم تغطيتها بالطاقة المشتراة التي نؤمِّن بها حاليا مركز المحافظة، وبعض المديريات المجاورة. ومن المشاريع الإستراتيجية وضع أحجار الأساس لمشروع إنشاء أبراج خطوط الكهرباء من المحطة الغازية إلى المحطة التحويلية في المحافظة، وهذه الأبراج ستؤمِّن المحافظة إلى جانب جزء كبير من محافظتي شبوة والجوف، وسيتم انجاز مشروع الأبراج خلال سنتين –إن شاء الله- بحسب الخطة المعتمدة في وزارة الكهرباء. وفي مجال الطرقات الإستراتيجية سيتم تدشين العمل في تنفيذ طريق مارب – البيضاء، والتي ستربط المحافظات الجنوبية والشرقية بالمحافظات الوسطى؛ كونها متوسطة المساحة الجغرافية والكثافة السكانية، وهذه الطريق تُقلص المسافة بين مارب وتلك المحافظات، حيث ستربط مارب مع محافظات: البيضاء، لحج، الضالع، أبين، عدن، تعز، إب، وذمار إلى جانب محافظتي ريمة والحديدة بمسافة مختصرة، وسيتم زيارة هذا المشروع قريبا مع وزير الأشغال العامة والطرق؛ كون المسؤول عن تنفيذه هذا المشروع هي المؤسسة العامة للطرق والجسور تحت اشراف وزير الأشغال مباشرة. والطريق الأخرى هي طريق صنعاء، بني حشيش، حريب القراميش، المحجزة، مارب، وهذه من الطرق الإستراتيجية، أيضا، وسيتم استئناف استكمال الأعمال فيها قريبا –إن شاء الله- بعد أن تمكنا مؤخرا من حل الإشكاليات التي كانت تعرقل الشركة المنفذة. كما سيتم خلال الاحتفال بالأعياد الوطنية وضع أحجار الأساس لإضافة قاعات دراسية لكلية التربية والعلوم والآداب، التي تعتبر منجزا كبيرا للمحافظة، وبناء معامل علمية والكترونية لها وبناء إدارة وسكن لأعضاء هيئة التدريس. وفي مجال التعليم الفني والتدريب المهني سيتم افتتاح معهد الصالح الذي استكملت كافة الأعمال الإنشائية له، ويجري حاليا تأثيثه من قبل جمعية الصالح للتنمية، وسيتولى هذا المعهد تأهيل كوادر المحافظة في مجالات النفط والكهرباء والميكانيكا والزراعة ومجالات أخرى، وسيتمكن خريجوه من العمل في المحافظة أو داخل اليمن أو خارجه؛ كون الشهادة التي سيمنحها ستكون معتمدة دوليا. صحيفة السياسية