انتهت تجربة أول مجلس شورى للشباب بعد أن خاض أعضائه خلال ما يربو عن عامين تجارب اعتبرها البعض فاشلة، فيما وصفها البعض الآخر بالجيدة مع اعترافهم بفشلها في بعض الجوانب. ويعتبر مجلس شورى الشباب أول هيئة شبابية ينضوي تحتها ممثلين من جميع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والجامعات والمؤسسات الأهلية والتعليمية والنقابات المهنية وممثلين عن جميع محافظات الجمهورية الأمر الذي اعتبره البعض من أهم أسباب الخلافات بين الأعضاء. المجلس الذي يتكون من 111 عضوا وعضوة، يضم 45 شابة وهي أعلى نسبة للمرأة اليمنية في أي تجمع حزبي أو مجتمع مدني بفضل نظام الكوتا المعمول به في المجلس ما اعتبره البعض أهم منجز له وللمرأة. غير أن مجلس شورى الشباب لم تنتهي مدته إلا بعد أن بدأ عقده بالانفراط لأسباب عديدة حاولت إدارة الأخبار الرياضية والشبابية بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) البحث عنها من خلال أعضاء المجلس والقائمين عليه، بالإضافة إلى معرفة رؤيتهم وتقييمهم لهذه التجربة الجديدة. ووفقا لرئيس المدرسة الديمقراطية جمال الشامي فإن سبب توقف عمل مجلس شورى الشباب الذي أنشئ في ابريل 2005 وبدأ عمله الفعلي في يوليو 2006 لمدة سنتين، هو انتهاء فترته في أكتوبر العام الماضي متجاوزا الفترة المحددة له المقررة بعامين، فضلا عن أن المجلس لم يجد الدعم الكافي من الجهات الممولة حد قوله. واتهم الشامي الذي تحتل مدرسته منصب الأمانة العامة لمجلس شورى الشباب بصفتها راعية فكرة المجلس، اغلب الأعضاء بعدم جديتهم وتفاعلهم مع الأنشطة وحضور جلساته ما ساهم بالإضافة إلى الخلافات الحزبية في توقف أنشطته. ولفت إلى أن بعض الأعضاء كانوا يركزون على الجانب المادي بصورة أساسية عبر طرق أبواب خلفية واستغلال مواقعهم في أغراض شخصية بعيدة عن الأهداف التي أنشئ المجلس لأجلها والمتمثلة في تبني قضايا شباب اليمن. واعتبر الشامي أن الأمانة العامة أدت دورها في متابعه أعمال المجلس ولجانه وتقديم الدعم المالي لعقد ندوات وطبع بروشورات توعوية بالإضافة إلى متابعة مدى التزام الأعضاء واستبعاد غير الفاعلين منهم حتى وصل عدد الأعضاء المتفاعلين 40 عضوا فقط هم من حضروا آخر جلسات المجلس في أكتوبر العام الماضي. ولم يحدد الشامي موعدا لتشكيل مجلس جديد، واكتفى بالإشارة إلى أن المدرسة تبحث عن آلية جديدة لاختيار أعضاء أكفاء في المستقبل بما يضمن فاعلية أداء المجلس ودعم الجهات والمحافظات لممثليها فيه. من جانبه ارجع نائب رئيس مجلس شورى الشباب السابق محمد الحضرمي فشل المجلس في أداء المهام المناطة به إلى " تناسي بعض الأعضاء الرئيسيين لمهامهم وسعيهم للظهور الإعلامي وكسب ود المنظمات، وعدم اتفاق الأعضاء على رؤية موحدة بسبب الانتماءات الحزبية الضيقة "، وهذا ما أدى إلى تقديم استقالته قبل نهاية فترة المجلس. ويعترف نائب رئيس مجلس شورى الشباب بأن من أسباب فشل المجلس، عدم وجود آلية واضحة لتسيير عمله رغم الدعم والتواصل المستمر من قبل الأمانة العامة دون استجابة رئاسة المجلس التي بحثت عن مصالحها الشخصية على حد قوله. نائب رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس شورى الشباب السابق احمد المعمري حمّل فشل تجربة المجلس، هيئة رئاسته ومعظم الأعضاء، مشيرا إلى عدم تفاعل الرئاسة مع ما يطرح من مناقشات خلال الجلسات ورفعها إلى الجهات المعنية لتنفيذ توصياته، مثل مشكلة النظام الموازي وغيرها من المواضيع. ويرى نائب رئيس لجنة الثقافة أن المجلس لم يحقق أي شيء يذكر تجاه قضايا الشباب، مشبها الجلسات والندوات التي كان يعقدها المجلس ب "مقيل قات وإسقاط واجب" ، وان نقاشاته لا تخرج بأي نتائج بسبب حدة الاختلاف في وجهات النظر حول القضايا المطروحة. ويتفق المعمري مع الحضرمي بوجود عدد من الأعضاء غلبت عليهم الحزبية والتعصب لتحقيق أهداف أحزابهم والبحث وراء المصالح الشخصية ولم يكونوا عند المسؤولية، بل استغلوا المجلس في البحث عن دعم المنظمات والسفريات التي كانت محتكرة على أشخاص معينين. ورغم ذلك إلا ان المعمري أشاد بوجود أعضاء ذو كفاءات عالية تمكنت من تنظيم أنشطة متميزة لكنها كانت تعقد دون تنسيق مع رئاسة المجلس وأعضاء اللجان وخصوصا لجنة والثقافة والإعلام. واعتبر نائب رئيس لجنة الثقافة والإعلام ان أفضل ما استفاده من المجلس هو التعرف على عدد من الشباب والشابات من مختلف المحافظات والمشاركة في الدورات التدريبية. مطالبا الأمانة العامة إلى الاستفادة من أخطاء التجربة السابقة وإيجاد آلية اختيار جديدة بعيدة عن الانتماءات الحزبية والتركيز على معالجة قضايا الشباب. وخلافا لرأي سابقيه يرى عضو لجنة مكافحة التطرف لطفي فؤاد احمد محمد نعمان أنه " لاضير من التمثيل الحزبي لكن الضرر في التعصب والأنانية الضيقة والخروج عن نظام عمل المجلس وأخلاقيات التعامل والتكتم بين أعضاء اللجنة الواحدة عن مشروع عام تنفذه اللجنة وإذا به يجير لرئيس اللجنة وجماعته أو شلته وكذلك الحال في هيئة الرئاسة". وفيما يخص عوائق الاتفاق بين أعضاء المجلس قال نعمان" الاتفاق مسألة نسبية وكذلك الاختلاف غير إننا وقفنا عند الاختلاف ولم نذهب إلى نطاق الاتفاق وهو أوسع من مدار الاختلاف"، مشير إلى ان المطامح الذاتية تغلبت على المصالح الحزبية وكان التواكل والشللية طاغيا على آليات تسيير عمل المجلس. ولفت عضو لجنة مكافحة التطرف إلى أن "رؤى الأعضاء لم تكن واضحة ولم يكونوا معتادين على العمل الجماعي بروح الفريق الواحد فكل يحسب شمعه شمسا وان لم يضع الأمور في نصابها ". وبيّن نعمان أن المجلس لم يلزم الجهات المختصة بتنفيذ التوصيات الصادرة عنه لان الأعضاء لم يلزموا أنفسهم بتقديمها ودراستها بشكل جاد، وانقطاع التواصل بينهم وتباعد فترات الانعقاد، فضلا عن الانشقاق بين الأمانة العامة والرئاسة التي أعلنت عن ذلك بسبب المطامع الذاتية إلا أنه تم تلافي ذلك. ورغم تلك الإشكالات إلا أن نعمان وصف تجربة المجلس بالجيدة، داعيا إلى دارسة الإخفاقات وكيفية تجنبها في الأطر القادمة للمجلس. واعتبر أن الشيء الايجابي في المجلس هو نسبة تمثيل الفتيات بعدد كبير من المقاعد لا يوازيه مقاعدهن في البرلمان ومجلس شورى الكبار بالإضافة إلى تسمية لجان غير مألوفة مثل لجنة (مكافحة التطرف والتدخين والقات البطالة). وغير بعيد عن ذلك وصفت عضوة مجلس شورى الشباب داليا المحمدي تجربة المجلس بال" مميزة " لأنها جمعت نخبة من شباب الجمهورية والقوى السياسية تحت شعار "الشباب روح الوطن". وقالت المحمدي رغم أن المجلس حاول خدمة الشباب إلا أنه فشل في وضع بصمة قوية على الساحة اليمنية إذا ما قورن ببرلمان الأطفال. واعتبرت ان نظام الكوتا وتمثيل الفتيات في المجلس بنسبة 40 بالمئة من أعضائه وحضورهن الفاعل في أنشطته، عكس مدى الانفتاح الذي تعيشه اليمن وما تحظى به المرأة من اهتمام وكشف عن المستوى الثقافي والعلمي الذي وصلت له الفتاة اليمنية. وبيّنت المحمدي ان نظام الكوتا أفصح عن وعي كبير لدى الشباب ولدى القائمين على المجلس، مؤكدة ان ابرز الصعوبات التي واجهت عمل المجلس هو غياب معظم الأعضاء في فترات الانعقاد بسبب صعوبة التواصل قبل موعد الانعقاد بفترة زمنية مناسبة بالإضافة إلى وقوف شحة الاعتمادات المالية عائقا أمام الأعضاء في الانتقال من محافظة إلى أخرى. وأضافت " من ابرز الصعوبات غياب التغطية الإعلامية المتميزة لأنشطة المجلس والترويج له فلم يكن الكثير من الناس يعرفون بوجود مجلس شورى الشباب، فضلا عن عدم القدرة على تنفيذ التوصيات التي يخرج بها المجلس في نهاية كل دورة انعقاد". وطالبت عضوة مجلس الشورى الشباب بتفعيل دور المجلس بطريقة صحيحة لأن الشباب يحملون فكر متحضر ورؤية مستقبلية مميزة، كما حملت الأمانة العامة مسؤولية إيصال الأفكار للإعلام المرئي والمسموع والتنسيق مع الجهات المعنية للتحاور وطرح وجهة نظر الشباب تجاه قضاياهم.