صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف شريط ديازبام ورُبطة قات.. ظاهرة غريبة تصيب الشباب بمقتل
نشر في سبأنت يوم 21 - 07 - 2009

ظاهرة غريبة وخطيرة انتشرت مؤخرا في أوساط الشباب اليمني في مدينة عدن خاصة، والمحافظات المجاورة عامة، وأصبحت ظاهرة تُؤرق جميع أفراد المجتمع اليمني، وتُنذر بكارثة وجرائم بحق الإنسانية، بل وتزيد من معدلات الانحراف والضياع بين الشباب اليمني. فعلى الرغم من أن مجتمعنا اليمني يتعاطى القات بصورة يومية دون وعي وإدراك بالآثار السلبية الخطيرة المترتبة على حياتهم الجسمانية والمعيشية، إلا أن تعاطي هذه الورقة المخدرة أصبح اليوم ظاهرة أخرى تندر بكارثة إنسانية خطيرة.
فالكثير أصبحوا يتعاطون هذه الورقة المخدرة مع مواد وحبوب وكبسولات مخدرة هي الأخرى.
وفي ظل عجز الدولة عن الحد من تنامي ظاهرة القات، والتي تعد واحدة من أخطر القضايا وأشدها خطورة على حياة الإنسانية، بل وتحظى باهتمام إقليمي وعالمي، وذلك لما تسببه من تفكك في بنية المجتمع، إلى جانب الأضرار الاقتصادية والصحيّة والاجتماعية، سيما وأنها تُهدر كميّات كبيرة من المياه، التي ما يزال يعاني منها معظم سكان اليمن عموما، فيما تعتبره أغلب دول العالم كأحد أنواع المخدرات، وتمنع دخوله، بل وتعاقب كل من يتعاطاه أو يتاجر به إلا أن شبابنا تعدى جميع اللوائح والقوانين اليمنية بل والرقابة الطبية تحديدا، فقد أكدت إحصاءات رسمية صادرة من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، وكذلك التقارير الدولية الصادرة من منظمة الصحة العالمية، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، اكتشاف مئات الجرائم التي يرتكبها المخزنون بعد تعاطيهم القات مع هذه الكبسولات المهدئة ومشتقاتها، مما يجعلهم أكثر جنونا وقُدرة على ارتكاب الجريمة بكافة صورها وأشكالها دون وعي وإدراك، فقد يتعدى الأمر من السرقة إلى الضرب، فالنهب، وأخيرا الاعتداء والقتل.
أصدقاء يقعون تحت كمين المخدر
يؤكد الشاب أحمد، 23 عاما، من منطقة الشيخ عثمان، أنه وقع في كمين الكبسولات المخدرة في إحدى جلسات المقيل, يقول: "في إحدى المرات كنت مدعوا مع أصدقائي في إحدى جلسات القات (المقيل)، وكان بصحبتي مجموعة كبيرة من الأصدقاء، ولم نكن نعلم أثناء تعاطينا للقات أنه قد تم وضع كبسولات الريستل مسبقا على المشروب الغازي دون علمنا بذلك، وعند عودتنا في ساعات متأخرة من الليل تم إسعافي إلى المستشفى مباشرة بعد شعوري بإرهاق شديد وتقلصات معوية، وهذيان وشرود، وكانت المفاجأة ارتفاع السكر لديّ إلى 300 %، والمفاجأة التي تم إبلاغي بها أنه تم وضع مواد مخدرة مع المشروب الغازي أثناء مضغ القات.
لأصحاب الصيدليات فضل كبير، جلال، ذو السابعة والعشرين عاما، عاطل عن العمل، ويعمل بالأجر اليومي، يقول بحسرة: "بدأت تعاطي هذا المخدر قبل أربع سنوات مع بعض من أصدقائي عند ما كُنت في محافظة الحديدة، وأصبحت مُدمنا عليها بكل ما تحمله الكلمة من معنى". ويضيف "لا أستطيع الإقلاع عن هذا المخدر ولا أشعر بآدميتي إلا حين أتعاطى كبسولة الديزبام (الفاليوم) مع القات، وأضيف الشمة والتمبل إليهما، وإذا لم أجد هذه الحبوب في يوم أتشاجر مع أهلي ومع كل من أمامي للحصول عليه. لكن المشكلة الآن شعوري بالإرهاق والرعشة الشديدين، ولا أستطيع تناول أي شيء بيدي بعد تناول هذه الجرعات".
وحول كيفية الحصول على مثل هذه الأقراص المنومة، يقول: "أقمت علاقة من نوع خاص مع أصحاب الصيدليات، ولهم الفضل الكبير في تسهيل شرائي لها، وحين يأتي موعد النوم أتناول جرعات مضاعفة حتى استطيع النوم بسلام".
ندفع مبالغ مضاعفة للصيدليات
أما مازن، 30 عاما (عاطل عن العمل) فظروفه - كما يقول - أفضل حالا من أصدقائه، فهو من أسرة ميسورة الحال، ويؤكد أنه عند ما يتناول القات مع حبوب "الديزبام" يشعر وكأنه بعالم آخر، وأن كل أموره ميسرة وتسير على ما يرام. يقول: "اتفقت مع إحدى الفتيات على الزواج، وأثناء خطوبتي نصحني صديقي بالإقلاع عن هذه العادة السيئة، فاكتشفت بعدها أنني لا أريد أن أتزوج من هذه الفتاة؛ لأنها لا تصلح لأن تكون زوجة صالحة"، فهو اختارها -على حد قوله- تحت تأثير المخدر.ويؤكد مازن أنه يعطي لأصحاب الصيدليات مبلغا أكبر من السعر المحدد؛ ليسمحوا له بشراء هذا المخدر، وأن علاقته بأصحاب الصيدليات تسير بهذه الصورة عاما بعد عام.
وعن التأثيرات التي يشعر بها نتيجة تعاطيه، يقول: "أشعر بخمول وضعف شديد وتقلصات معوية، ولا أستطيع القيام بأي عمل مهما كان سهلا".أما فيصل، 24 عاما، (أكمل التعليم الأساسي فقط) فقد رأيته هادئا ومنزويا، ولم أكن أعلم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، تحدث بصعوبة بالغة، وقال: "أنا الأخ الوحيد لأخواتي الثلاث، لا أستطيع العيش معهن إلا بعد أن أقلب البيت رأسا على عقب للحصول على المال وشراء مخدر الديزبام". وأضاف – بحسرة - "قام والدي مؤخرا بالإبلاغ عنّي، وتم احتجازي في السجن ثلاثة أيام، وتعهدت بعدها بألاّ أعود إلى تعاطي المخدر، إلا أنني أشعر بالعجز، ولا أستطع الإقلاع عنه، فهناك رغبة شديدة تجعلني أتجه نحو هذه الحبوب". ويشير إلى بعض الآلام التي أصبح مؤخرا يشعر بها في منطقة القلب والكبد، ويختم فيصل حديثه قائلا: "أفكر دائما بالانتحار، وأتمنى أن أموت على أن أحيا بهذه الحياة، وأنا على هذه الحال".
جنون وهيجان ما بعد التعاطي محمد، 55 عاما، (أب لولد وبنتين) يقول، وقد بدت عليه علامات الندم:" أتعاطا القات في كل أوقاتي صباحا وظهرا ومساء، يصحبه تناول أقراص مهدئة، ولا أستطيع الإقلاع عن هذه العادة التي بدأتها منذ سنوات طويلة". وبحسب أفراد عائلته، فهذا الأب اعتاد على ضرب زوجته وأبنائه كل ليلة بعد تناوله لهذا المخدر، وبحسب قولهم: فإنه يشعر باضطرابات وهيجان شديد بعد تعاطيه المخدر في كل ليلة، مما يجعله يقدم على ضرب أفراد أسرته دون مبررات أساسية.
نشوة وسعادة لا تُوصف
أما ناصر، 27 عاما، فقد بدت يداه مرتعشين أثناء الحديث، يقول - بحسرة وألم- "لم أفلح في إنهاء دراستي الأساسية والثانوية، بحثت عن عمل في كل المرافق الحكومية لأسد متطلبات أسرتي ولكنني للأسف لم أجد. وجدت نفسي أخيرا مع مجموعة أصدقاء يتناولون بعض الأدوية مع القات، فقلت أجرب، فشعرت للمرة الأولى بنشوة وسعادة لا توصف، وأصبحت لا أستطيع أن أتعاطى القات إلا بوجود شمة أو حبوب ريستل".
وعن المبالغ التي يصرفها لشرائها، يقول: "يصل الشريط إلى سبعمائة ريال (الديازبام) وأحيانا 500 جرام يصل إلى ألف ريال، ويصل الرستل (عشرة جرامات) إلى 1500 ريال، أتناول نصف شريط مع القات، واحتفظ بالنصف الآخر لليوم التالي، وعند ما لا أقوم بتعاطي القات أضطر إلى تناول ثلاث إلى أربع حبات، وهذا يعود إلى طبيعة إدمان كل شخص".ويختم قوله: "أحمل حكومتنا المسؤولية عن عدم توفير الأعمال للشباب العاطل خمسة أعوام، وأنا على هذا الحال".
وعند طرح السؤال على جميع المدمنين حول أدائهم للفرائض الدينية واهتمامهم بأمور الدين، أكدوا جميعا أنهم لا يؤدون الفرائض إلا في شهر رمضان، بل ويجهلون معرفة أبسط الحقائق الدينية.
الوصفة الطبيّة
يؤكد أحد الصيادلة أنه لا يتم صرف حبوب "الديزبام ومشتقاته" إلا بوصفة طبيّة من طبيب متعارف عليه، ومختومة، أو لوحدات الطوارئ. وأشار قائلا: "علاج الديزبام يعمل على ارتخاء العضلات والأعصاب، ويستعمل للتخلّص من القلق والخوف والاكتئاب، وهو مادة كيميائية الصنع، وتعتبر من أنواع المخدرات المتعارف عليها دولياً".ويضيف "المخزنون يتعاطون هذه الكبسولات بطريقة غير شرعية ولا قانونية، حتى صحياً، حيث يعمل الديزبام على عملية عكسية مع مفعول القات لوجود مادتين في القات تعمل إحداهما مع الديزبام كعامل منشط ذهنياً وجسدياً، ويسبب الإدمان والاعتمادية، ويعتبر بالقانون اليمني مدمن مخدرات". بينما انتشرت في الآونة الأخيرة استخدام أنواع من المهدئات التي تعمل عملية عكسية مع القات كمنشط بين أوساط المخزنين في اليمن.
لا توجد عقوبات صارمة
يقول نقيب الصيادلة في م/ عدن، الدكتور منصور غالب: "نحن عاملون في وزارة الصحة، ولدينا سجل خاص للصيدليات بهذه الأدوية، ولهذا أي مريض يؤخذ منه روشتتين واحدة يحتفظ بها المريض والأخرى تبقى مع الصيدلية، وعند نزول لجنة خاصة للصيدليات، ننظر إلى السجل والروشيتات وإلى الكميّة التي صرفت من هذه الأدوية".ويضيف "صحيح أن جميع القوانين الموجودة لا تعطي عقوبات صارمة للمخالفين، ولكن نحن الآن تبنينا قانون الصيدلة والدواء، وعملنا الكثير من الندوات لمناقشة هذا القانون والخروج بقانون ممتاز للصيدلة والدواء. القانون حاليا جاهز بالشؤون القانونية، ومنتظرون تحويله لمجلس النواب لمناقشته وإقراره.
هذا القانون لديه امتيازات كثيرة، منها تنظيم عملية الصيدلة وتنظيم المهنة والأدوية المهربة والشركات وكل شيء متعلق بالدواء، فكل القوانين الموجودة لدينا سطحية، وهذا القانون سينظم لدينا عملية الصيدلة بصورة فعلية وحاسمة".
تأثيرها على خلايا المخ
أكد رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في مستشفى الجمهورية بعدن، الدكتور قاسم صالح الأصبحي، "أن تأثير مادة القات ظاهر من خلال عملها على الجهاز العصبي والمركزي والطرفي لاحتوائه على نسبة من مادتي الكاتين والكاتينون، واستخدام حبوب مهدئة وكبسولات أثناء مضغ القات يضاعف حالة المتعاطي من السيئ إلى الأسوأ، فيشعر المخزن في البداية بالارتياح وقوة التركيز ونشاط جسمي وذهني غير معتاد، ولهذا فالتأثير على الجهاز العصبي سيظهر تأثيره على بقية أجهزة الجسم، حيث سيبدأ التأثير على الجهاز الهضمي من خلال التهاب غشاء الفم الداخلي واللثة وتسوس وخلخلة الأسنان وقرحة المعدة والإمساك الدائم المصحوب بفقدان الشهيّة مع اضطرابات معوية، وهناك تأثير على الجهاز الدوري، حيث ستزداد سرعة نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم الانقباضي، وضعف عضلات القلب، وهذا من أهم عوامل إصابة الفرد بالجلطة القلبية والدماغية أيضا، هناك التأثير على الجهاز البولي والتناسلي، حيث سيشعر المتعاطي بصعوبة في التبول وأحيانا إدرار في البول والخروج اللا إرادي للسائل المنوي، وإضعاف الرغبة الجنسية، كما يساعد في تكوين حصوات الكُلى".وأضاف الأصبحي: "أثبتت الدراسات العلمية مؤخرا أن استخدام المبيدات مع القات -بحد ذاته- يؤدي إلى كثير من المضاعفات، يتجلى تأثيرها في أمراض السرطان والتهاب الكبد الوبائي ويؤدي غالبا إلى ضعف في الجهاز العصبي، وتعطيل أدائه مما يؤدي إلى عدم القدرة على التنفس بصورة طبيعية، ولهذا فإن تعاطي كبسولات ومواد مهدئة مع القات ستؤدي حتما إلى اضطرابات عصبية شديدة، فقد يفقد الفرد السيطرة على الحركات الإرادية وظهور حركات لا إرادية بالإضافة إلى إدمان الفرد عليها، وهو ما لا يحدثه القات".
تأثيرها على القلب
تقول طبيبة الأمراض الباطنية (أم رنا): "لا شك أن الشخص المُدمن أكثر تعرضا للإصابة بالأمراض الباطنية، مقارنة بالشخص العادي (غير المُدمن)، فلقد وجد أن معدلات الإصابة بالأمراض المُعدية وبعض الأورام خاصة أورام الغدد الليمفاوية تزيد مع مدمني الحبوب المخدرة، حيث يؤدي ذلك إلى ضعف وتشوهات في الجهاز المناعي للجسم نتيجة للتعاطي المتكرر لتلك المواد، ويقل نشاط خلايا الليمفوسيت، فيحدث خللا واضحا في استجابة المناعة الخلوية بالجسم.أيضا تقل قدرة خلايا الدم البيضاء على التفاعل المناعي الطبيعي عند ما يصاب الجسم بأي عدوى أو التهاب.وتضيف أم رنا هناك أيضا عوامل أخرى غير مباشرة لا يمكن إغفالها فمثلا: مُدمنو الحبوب المخدرة يحدث عندهم نقص شديد في نسبة حمض الفوليك بالدم نتيجة لضعف امتصاصه مما يؤدي إلى إحباط وظائف النخاع العظمى الذي يعتبر جزءا من الجهاز المناعي لجسم الإنسان.كما يؤدي إدمان الحبوب المخدر وتعاطيها مع القات بصورة مستمرة إلى الإصابة بأمراض عضوية، مثل: أمراض القلب والشرايين والكبد وأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض التناسلية والعجز الجنسي ويصاب المدمن بالمرض العضوي بسبب المخدر ذاته.
التأثير النفسي وأسباب التعاطي
أما عن التأثير النفسي لمُدمن القات مع الحبوب المخدرة تقول الأخصائية النفسانية فتحية عبد الرب "يشعر المتعاطي للحبوب المخدرة مع القات بالسعادة الوهمية والتخفف من الأعباء والخلو الذهني، حيث يهيَّأ للمدمن أن لديه قدرة أكبر على العمل. ولهذه الحبوب المخدرة علاقة كبيرة، حيث يلجأ الكثير من المتعاطين إلى الانحرافات السلوكية كالسرقة، وغيرها من الانحرافات الأخلاقية الخطيرة.
أما عن أسباب تعاطي المواد المخدرة، فتؤكد "أن الأسباب كثيرة ومتشعبة وتختلف من شخص إلى آخر بحسب الظروف والبيئة التي تحيط به، من أهمها: ضعف الوازع الديني وسوء التربية، إضافة إلى فساد البيئة وعدم توفّر المكان الصالح الذي يحمي الناشئة، فضلا عن التفكك الأسري والخلافات الزوجية وغياب الأب والأم عن الأبناء فترات طويلة، كما أن الفراغ الذي يعانيه معظم الشباب اليمني وعدم توفّر الأعمال التي تقضي على أوقات الفراغ، حيث تلعب الحالة الاقتصادية دورا مهما في هذا الصدد، وقد تسهم أمور أخرى في انتشار مثل هذه الحبوب، منها: رفقاء السوء، وسفر الشباب إلى خارج بلادهم دون ضرورة إلى جانب استخدام بعض الأدوية من دون استشارة طبية، واكتظاظ أعداد الأسر في بيت صغير مما يؤدي إلى حدوث نزاعات نتيجة الظروف الاقتصادية ما يؤدي بمجملها إلى التعامل مع هذه الظاهرة كعالم داخلي يدعو بمرور الوقت إلى الإدمان".وتضيف "أصبح الشباب في الآونة الأخيرة يستخدم الشمة والتمبل، وتضاف إلى القات مع الحبوب المخدرة الأخرى مما قد تحطم إرادة الفرد ومداركه العقلية والنفسية، وتجعله خاويا هشا يتعطل عن عمله الوظيفي وعن التعلم والتعليم ويقلل إنتاجيته ونشاطه الاجتماعي والثقافي ما يحوله إلى شخص كسلان وسطحي، غير موثوق فيه، ومهمل حتى لحاجاته الضرورية"..وتؤكد على أهمية تكثيف وسائل الإعلام للتأثير على الشباب، وتقول: "عند ما نتحدث عن وسائل الإعلام فإننا لا نقصد الصحافة والإذاعة والتلفزيون، ولكننا نتحدث أيضا عن الإنترنت والمواقع الإلكترونية، وعن الرسائل القصيرة عبر الهاتف النقّال، وعن اللوحات الإعلانية في الشوارع، وعن المدونات، وعن البريد الإلكتروني، ولهذا يتحمل الإعلام مسؤوليات كبيرة وأساسية في مستوى الوعي العام الذي يعيشه مجتمعنا اليمني، وفي قضية تعاطي الحبوب المخدرة التي يعانيها المجتمع عموما".
هروب المتعاطي من واقع مؤلم
أما الأخصائية النفسانية ضياء نجيب العزعزي، فتؤكد "أن تعاطي الحبوب المخدرة مع القات يجعل الشخص أكثر جرأة وتهوّر وينزع عنه الإحساس بالتحفظ". موضحة أن من أسباب تعاطي المخدر الرئيسية الهروب من واقع مؤلم والإحساس بالإحباط والفشل، وغياب الهدف مما يجعله يشعر أثناء التعاطي بالنشوة والقدرة على حل مشاكله.
وتتفق مع الأخصائية فتحيه حول أهمية اللجوء إلى استشاري نفساني للتمكن من معالجة هذه المشكلة.
ماذا يقول الدين؟
وحول جواز أو تحريم هذه المواد يقول أحد رجال الدين "اتفق العلماء في مختلف المذاهب الإسلامية على حرمة تناول القدر المؤثر على العقل من المواد والعقاقير المخدرة، فيُحرم تعاطيها بأي وجه من الوجوه، سواء كان بطريق الأكل أو الشراب، بعد إذابتها أو بأي طريق كان، واعتبر العلماء ذلك كبيرة من كبائر الذنوب يستحق مرتكبها المعاقبة في الدنيا وفي الآخرة. وقال صلى الله عليه وسلم ما أسكر كثيرة فقليله حرام وهو بعمومه تناول المخدرات؛ لأنها مسكرة على ما ذكره أكثر المحققين من العلماء.
الجهات الأمنية هي المسؤولة
يقول مدير مكتب الصحة والسكان، الدكتور الخضر لصور: مكتب الصحة والسكان في المحافظة، والمتمثل بإدارة الشؤون الصيدلانية، ومن خلال لجنة التفتيش الصيدلاني وبالتنسيق مع المديريات الصحية يقوم جميعهم بمراقبة صرف المهدئات بصورة مستمرة (شراء وبيع)، حيث تم إلزامهم بتوفير سجل خاص لتسجيل صرف الأدوية المهدئة والاحتفاظ بالمواصفات الطبية للأدوية المراقبة، وعدم البيع؛ لأن الوصفة الطبية من طبيب معتمد". ويضيف "بعض هؤلاء الشباب - للأسف- يحصلون على أشرطة الأدوية المهدئة من الباعة المتجولين والمتواجدين بعض الأحيان في أسواق القات، وفي بعض الأحيان من ضعاف النفوس من بعض الصيدليات، ونحن بدورنا نتابع هذه السلبيات عن كثب، وتتم معالجة هذه القضايا أول بأول، وعمّا إذا كان هناك أشخاص تم ضبطهم، يقول الخضر "خلال التفتيش الصيدلاني المفاجئ وجدنا أن هناك قصورا في تسجيل الكميّات المشتراة والمصروفة، وبعد النزول المتكرر تم إلزام الجميع بالتقيّد بالسجلات وتفعيلها، وبالطبع قُمنا بمعاقبة بعض الصيدليات والبعض وصل إلى النيابة".وعن المسؤولية التي تتحملها وزارة الصحة في وضع آلية دقيقة لمنع بيع مثل هذه الأدوية يقول الخضر: "الحديث دائما بأن المسؤولية ملقاة على الصيادلة، ولكن هي مسؤولية الجميع الحفاظ على تنشئة الشباب وتوعية الأسرة والمجتمع وبعض، الأحيان يتعاطى بعضهم هذه الحبوب نتيجة للظروف الاقتصادية أو لجلساء السوء.
ومن ناحية أخرى هي مهمة الجهات الأمنية لمراقبة دخول هذه الأدوية من المنافذ، والتي عادة ما تكون مهربة".
الداخلية
من جهتها، أكدت وزارة الداخلية نقلا عن موقعها أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات تقوم، منذ العام 2004، بعدد من الأنشطة والفعاليات الخاصة في مجال الوقاية والمكافحة، وذلك من خلال التنسيق مع الجهات المعنية الأخرى بغرض تفعيل دورها في هذا الجانب، حيث تقوم بجمع أكبر عدد ممكن من المعلومات الخاصة بقضايا المخدرات، وذلك بهدف خلق قاعدة بيانات ومعلومات متكاملة. تعمل الإدارة بالتنسيق المستمر مع النيابة العامة والقضاء وذلك بخصوص قضايا المخدرات وكيفية التعامل معها ومتابعتها في جلسات المحاكم حتى صدور الأحكام فيها، وتعمل بالتنسيق مع الجهات الأمنية والعسكرية على تفعيل دور المكافحة مثل الأمن السياسي والأمن القومي والاستخبارات العسكرية والوحدات العسكرية والأمنية الأخرى.
بالإضافة إلى التعاون والتنسيق مع أجهزة المكافحة بالدول العربية والأجنبية من أجل تبادل المعلومات الخاصة في هذا المجال، وكان من أهم ذلك التعاون هذا العام التنسيق المشترك في قضية التسليم المراقب بين جهازي المكافحة في بلادنا والسعودية، والتي كُللت بالنجاح والتنسيق مع الجهات الإعلامية المختلفة (الحكومية وغير الحكومية) من أجل تفعيل دورها أيضاً في نشر الثقافة التوعوية من أجل مجتمع خالٍ من المخدرات من خلال بيان أضرار المخدرات ومن ثم الوقاية منها، حيث قامت الإدارة بعمل خطة إعلامية متكاملة خاصة في هذا الجانب.
وتؤكد الإدارة على أنها تقوم بالتنسيق مع وزارة الصحة لنشر التوعية الصحية والعمل على تجهيز آلية عملية لكيفية التعامل مع المؤسسات الصحيّة والصيدليات والعمل وفقاً لبنود القانون الخاص بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.والتنسيق مع وزارة الأوقاف والإرشاد بخصوص توعية خطباء المساجد لتفعيل دورهم للتوعية بأضرار المخدرات والوقاية منها، وتقوم برصد المعلومات والبيانات الخاصة بقضايا المخدرات كذلك.
إحصاءات
تؤكد وزارة الداخلية، نقلا عن موقعها، أن اليمن تعتبر الدولة الأولى على مستوى الوطن العربي في ضبط كميّات المخدرات، خلال العام الماضي، والنصف الأول من العام الجاري.وتبيّن إحصاءات وزارة الداخلية أن الكميّات المضبوطة خلال العام الماضي والنصف الأول من العام الجاري 15 مليونا و407 آلاف و98 قرصا مخدرا، وأكثر من 352 متهما بتهريب وترويج المخدرات وأكثر من 100 متهم بتهريب وترويج المخدرات في 49 قضية.
وبحسب إحصاءات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات فإن جرائم المخدرات تتصاعد بشكل مخيف، ففي عام 2004، كان عدد القضايا المضبوطة التي تتعلق بالمخدرات 42 قضية، وقفزت في عام 2008، إلى 113 قضية، أما عدد المتهمين فكان 75 متهما في 2004 بينهم ثلاثة من جنسيات أخرى، وقفز في العام 2008، إلى 252 متهما بينهم 72 من جنسيات أخرى. ما يعني أن عدد القضايا المتعلقة بالمخدرات وعدد المرتبطين بها ارتفع خلال الأربعة الأعوام الأخيرة بنسبة تصل إلى 30 %.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.