تبدأ شركة صينية استثمارية متخصصة في النصف الثاني من شهر سبتمبر الجاري الأعمال التطويرية لتوسعة وتحديث مصنع اسمنت باجل في محافظة الحديدة بقيمة 113 مليون دولار، بينما أكد البنك الدولي ان صناعة الاسمنت في اليمن تعتبر طاقة كامنة مؤهلة لتكون المصدر الخامس للنقد الأجنبي لليمن بعد النفط والأسماك والزراعة والسياحة. وقال نائب رئيس مجلس إدارة المؤسسة اليمنية العامة لصناعة وتسويق الاسمنت محمد يحي شنيف لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ): إن شركة " اسمك " الصينية ستبدأ في النصف الثاني من سبتمبر الحالي الأعمال الإنشائية لعملية تطوير وتوسعة مصنع باجل بنظام تسليم المفتاح بعد تسوية الخلافات مع الشركة المنفذة للمشروع بتكلفة إجمالية تبلغ 113 مليون دولار. وأشار إلى ان مؤسسة الاسمنت استكملت كافة الترتيبات والإجراءات القانونية الخاصة بتدشين العمل بالمشروع التطويري لمصنع اسمنت باجل كان أخرها ما أقرته اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات في اجتماعها منتصف أغسطس الماضي حول ملحق عقد الخدمات الاستشارية لمشروع توسعة المصنع بحيث تصبح تكلفة العقد الإجمالية مليونين و269 ألف و260 دولار بتمويل ذاتي من المؤسسة اليمنية العامة لصناعة وتسويق الاسمنت. وأضاف شنيف ان فريقين من الشركة الصينية المنفذة للمشروع باشرا أخيرا أعمال المسح الجيولوجي وإجراء فحوصات دراسة التربة في المنطقة التي سيقام عليها المشروع ومواقع خامات الحجر الجيري والخامات الأخرى التي تدخل ضمن مكونات صناعة الاسمنت. وكانت مؤسسة الاسمنت وقعت في يناير الماضي بصنعاء العقد النهائي على اتفاقية تنفيذ هذا المشروع الجديد مع الشركة الصينية بعد استكمال الإجراءات الفنية والقانونية والمالية للاتفاقية، بعد ان هددت الحكومة الشركة الصينية بمصادرة الضمان البنكي المقدر بمليون دولار وطرح مناقصة دولية جديدة في حال رفض الشركة البدء بتنفيذ المشروع والتي طالبت بزيادة المبلغ الذي تقدمت به والبالغ 113 مليون دولار بحجة ارتفاع الأسعار. حيث كان يفترض ان تبدأ الأعمال الإنشائية للمصنع الجديد أواخر مايو من العام الماضي, لكنها لم تبدأ مما حدا بالحكومة اليمنية إعطاء الشركة المنفذة فرصة أخيرة انتهت أواخر العام الماضي، ليتوصل الطرفان في نهاية المطاف إلى اتفاق تم بموجبه التوقيع النهائي مطلع العام الجاري على اتفاقية إنشاء المصنع ببنوده السابقة. وقال شنيف": إن تراجع أسعار المواد الأولية بما فيها الحديد على المستوى العالمي بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية جعل الشركة الصينية تعدل عن المطالب التي كانت قد قدمتها للحكومة اليمنية برفع قيمة تنفيذ المشروع، ولذلك تم الاتفاق على تنفيذ المشروع بتكلفته السابقة 113 مليون دولار مقدمة كقرض ميسر من الحكومة الصينية وبنك الصادرات الصيني بنسبة 80 % من تكلفة المشروع الإجمالية و 20 % بتمويل ذاتي حكومي من المؤسسة". ويهدف تنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي سيستغرق تنفيذه عامين وأربعة أشهر إلى رفع الطاقة الإنتاجية للمصنع إلى مليون ومائة ألف طن في السنة، حيث ستبلغ الطاقة الإنتاجية للخط الجديد حوالي 850 ألف طن سنوياً من خام الكلينكر الاسمنت البورتلاندي وفقا للمواصفات والمقاييس العالمية، في حين الخط القديم الذي تبلغ طاقته الإنتاجية حالياً نحو 170 ألف طن سنوياً ستعمل الشركة الصينية على تطويره ورفع إنتاجه إلى 250 ألف طن سنويا، بعد ان أجرت الدراسات لتحويله من الطريقة الرطبة إلى الطريقة القديمة، لإنتاج الإسمنت الأبيض وسيكون أول مصنع من نوعه في اليمن ينتج نحو 50 ألف طن نوع اسمنت أبيض مقاوم للسولفات والأملاح فيما ستكون الكمية الباقية المقدرة ب 200 ألف من اسمنت من خام الكلينكر الاسمنت البورتلاندي. وأوضح شنيف ان المشروع الجديد يتضمن إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة 32 ميجاوات لتشغيل خطين المصنع الجديد والقديم، وأيضا إدخال تقنيات جديدة في صناعة الاسمنت التي تحد من تكلفة صناعة الاسمنت والتقليل من الأضرار البيئية. وأشار إلى الأهمية التي يكتسبها هذا المشروع الهام في تغطية الاستهلاك المحلي لمادة الاسمنت وإمكانية التصدير إلى دول الجوار، إلى جانب انه سيعمل على سد العجز الحاصل لمادة الاسمنت التي يتم تغطيته عن طريق الاستيراد من الخارج وتوفير ملايين الدولارات جراء الاستيراد، كما سيساهم في استيعاب عمالة محلية جديدة تقدر بحوالي 500 عامل ورفد خزينة الدولة بعوائد أكبر وتشجيع السوق الاقتصادي وزيادة البناء والأعمار. وتدير المؤسسة اليمنية لصناعة الاسمنت ثلاثة مصانع مملوكة بالكامل للدولة لإنتاج الاسمنت حاليا وهي " عمران، البرح في تعز، باجل في الحديدة "، ويبلغ إنتاجها حالياً من الاسمنت حوالي 2.250 مليون طن سنوياً ، إضافة إلى مصنع رابع للاسمنت يعد الأول من نوعه للقطاع الخاص اليمني والخليجي الذي أطلق الإنتاج الفعلي به رسمياً أواخر يوليو العام الماضي ويتبع مجموعة هائل سعيد وشركائه الخليجيين في مديرية المسيمير بمحافظة لحج بتكلفة إجمالية بلغت 250 مليون دولار بطاقة إنتاجية تبلغ 1.600 مليون طن سنوياً. وحول اتجاه المؤسسة لإدخال منظومة إحراق الفحم الحجري لتوليد الطاقة والإنتاج بدلاً عن المشتقات النفطية في مصانع الاسمنت التي تديرها أفاد نائب رئيس مؤسسة الاسمنت: ان مؤسسة الاسمنت اليمنية وقعت أيضا مع الشركة الصينية على اتفاقية ثانية بمبلغ 16 مليون دولار تقضي بإنشاء منظومة متكاملة لإحراق الفحم الحجري كوقود لتوليد الطاقة الكهربائية في مصنع اسمنت باجل في خطوة تهدف إلى استخدام طاقة بديلة بأقل كلفة ممكنه، من خلال استخدام الفحم الحجري بدلاً من المازوت في عملية الإحراق في الأفران وهذه الخطوة من شأنها تخفيف استهلاك الطاقة بنسبة 30%، خاصة انه تم استكمال الدراسة الفنية لذلك، سيما بعد ارتفاع أسعار المشتقات النفطية خاصة الديزل والمازوت على مصانع الاسمنت الحكومية والخاصة في الجمهورية، ناهيك عن إن استخدام الفحم الحجري بدلا من المازوت سيخفف من تكلفة الإنتاج وبنسبة تصل إلى نحو 60%, كما ان العمل بهذا النظام سيجنب المؤسسة كثيرا من المشاكل التي كانت تعترضها سابقا بسبب انعدام المازوت وارتفاع أسعاره. في سياق متصل أعلن البنك الدولي ان صناعة الاسمنت في اليمن تعتبر طاقة كامنة مؤهلة لتكون المصدر الخامس للنقد الأجنبي لليمن بعد النفط والأسماك والزراعة والسياحة. وبحسب تقرير صدر أخيراً عن البنك الدولي بهذا الخصوص بناءً على دراسات وتقارير علمية دقيقة فأن الاقتصاد اليمني يمتلك قوة كامنة لم تستغل حتى الآن للطلب المرتفع على الاسمنت في المستقبل، قد تصل بحسب توقعات وزارة الصناعة والتجارة إلى 11 مليون طن في العام 2017 صعوداً من 4 ملايين طن حجم الاستهلاك حالياً. وقدرت الوزارة في تقرير رسمي لها زيادة معدل الطلب على الاسمنت خلال الفترة 2009 إلى 2017 بنسبة تصل إلى ما يقرب من 12 % . وتعول الحكومة اليمنية على استثمارات القطاع الخاص المحلي والخليجي في حل أزمة الاسمنت خاصة أنه يجري حالياً إنشاء نحو خمسة مصانع للاسمنت في اليمن رخص لها لأول مرة رسمياً لمستثمرين خليجيين ويمنيين في عدد من المدن اليمنية لسد عجز السوق اليمنية من الأسمنت بتكلفة إجمالية تصل إلى قرابة مليار ونصف المليار دولار. وشارف معظم أصحاب هذه المصانع على الانتهاء أبرزها مصنع أسمنت تابع للشركة العربية - اليمنية للأسمنت المحدودة ب 260 مليون دولار في المكلاحضرموت بطاقة إنتاجية يومية تبلغ 4000 آلاف طن يوميا من مادة الكلنكر الاسمنت البورتلاندي نوع ابيض ومقاوم للسولفات وفقا للمواصفات والمقاييس العالمية، فيما يستوعب عمالة محلية بعدد 5000 فرصة عمل مباشرة من الأيدي العامة اليمنية. إضافة إلى مصنعي الوحدة وباتيس للاسمنت في محافظة أبين، حيث تبلغ تكلفة مصنع باتيس لشركة الأسمنت اليمنية - السعودية 250 مليون دولار بطاقة إنتاجية سنوية 1.600 مليون طن برأسمال سعودي يمني مشترك، وكذا مصنع الوحدة التابع لمجموعة شركات العيسائي السعودية بالشراكة مع مستثمرين خليجيين ويمنيين بتكلفة 250 مليون دولار بطاقة إنتاجية تبلغ 1.200 مليون طن سنوياً. ومن المقرر ان تبدأ هذه المصانع بحلول بداية العام القادم 2010 الإنتاج الفعلي لمصانعها التي ستوفر قرابة 10 آلاف ألف فرصة عمل محلية، ومثلها فرصة عمل غير مباشرة. وتوقع خبراء اقتصاد محليون ان يشهد الطلب على مادة الاسمنت في اليمن تزايداً ملحوظاً خلال العامين القادمين 2010 و2011، خاصة مع إعلان عدد من الاستثمارات الضخمة لشركات خليجية خاصة من السعودية والإماراتية والكويتية عزمها ضخ ملايين الدولارات في الاستثمار في إنشاء مدن سكنية وسياحية كبيرة في منطقة رأس عمرانبعدن من أبرزها مشروع مدينة "فردوس عدن "السكنية والسياحية بتكلفة تبلغ 10 مليارات دولار كأضخم مدينة سكنية سياحية عقارية في اليمن وكذا " مدينة جنان عدن السياحية " التابعة لمجموعة سعيد أحمد بغلف وشركاه القابضة السعودية مع شركاء يمنيين وخليجيين وهو ثاني أكبر وأضخم مشروع سياحي وعقاري من نوعه في اليمن بتكلفة إجمالية تبلغ أربعة مليار دولار، ناهيك عن إعلان شركات خليجية أخرى عزمها تنفيذ مشاريع استثمارية في المجالات العقارية والسياحية بملايين الدولارات. وبحسب خبراء اقتصاد فان هذا ما يعني ان إقامة هذه المشاريع الاستثمارية العملاقة تحتاج كميات كثيرة من مادة الاسمنت، وهذا ما ستوفره المصانع الجديدة لمصانع الاسمنت التي رخص لها لأول مرة في اليمن. واعتبروا صناعة الأسمنت من أهم الصناعات التحويلية في اليمن والتي تعتمد على خامات معدنية تتوفر محلياً وبكميات اقتصادية ضخمة وتعتبر هذه الصناعة من أهم متطلبات النهضة العمرانية وإقامة المشاريع الإستراتيجية العملاقة بل هي الأساس الذي لا يمكن بدونها بناء أي منشأة مهما كان حجمها.