قال محافظ محافظة صعدة، حسن مناع، ان عناصر التمرد التخريب والإرهاب بالمحافظة في رمقها الأخير، وأن القوات المسلحة والأمن قد حققت تقدما كبيرا وألحقت بصفوفها الكثير من الخسائر في العناصر والمعدات والعتاد في كل جبهات القتال. وأضاف مناع في حوار مع "السياسية": "معركتنا ليست في الميدان فقط، ولكنها مع فكر شيطاني يستهين بالدماء والأعراض والأموال، والدولة أدركت أن استقرار اليمن ونموه وتطوره لن يكون إلا بالقضاء على هذا الفكر الرجعي الذي يريد أن يعود باليمنيين إلى عهود الظلام".. مؤكدا أن المتمردين خلال الحروب السابقة والحرب الحالية لم يستطيعوا تحقيق أي من أهدافهم العدوانية ومشاريعهم المناطقية. وأشار إلى أنه تم إفشال كل المحاولات التي قاموا بها لتوسيع رقعة الحرب إلى محافظات أخرى. وفيما يلي نص الحوار: * ما تزال القوات المسلحة والأمن تخوض معارك ضد المتمردين الحوثيين في صعدة وحرف سفيان، ماذا تحقق حتى الآن؟ - تقدم كبير، والمتمردون في الرمق الأخير، خاصة وأن القوات الجوية ألحقت بصفوفهم كثيرا من الخسائر في عناصرهم ومعداتهم وعتادهم في كل جبهات القتال وتمكنت من صد كل محاولات تسللهم. كما أننا أفشلنا أي محاولات بائسة في توسيع رقعة الحرب إلى منطقة أخرى كمحافظة الجوف التي تصدت لهم فيها وحدات القوات المسلحة والشرفاء من أبناء القبائل المتواجدة في تلك المناطق. * قلتم إن المتمردين في الرمق الأخير، على أي مؤشرات ميدانية استندتم في حديثكم؟ - نلمسها من تحركاتهم وتجمعات عناصرهم، تخبطاتهم، حالة الفوضى التي تسود عناصرهم، تجمعاتهم لا تزيد عن أكثر من ثلاثة إلى أربعة، ومن "العُزل" البعيدة. وأيضا من المؤشرات إعلان كثير من المغرر بهم العودة إلى بيوتهم ومزارعهم والاستسلام والانضمام طوعاً للقوات المسلحة والقتال ضد المتمردين. * اتهامات رسمية ومحلية مباشرة لتدخلات قوى إقليمية بدعم المتمردين وتسييس القضية لصالح هذه القوى هل هناك جديد حول هذا الموضوع، هل هناك مزيد من الأدلة تؤكد تورّط هذه القوى؟ - بالنسبة لشطر السؤال الأول الرد تختص به الجهات المركزية ووزارة الخارجية تحديداً. أما بالنسبة لظهور الدعم خلف المتمردين فلا يحتاج إلى أن نحشد أدلة وكل شيء واضح يلمسه العامة قبل الخاصة من خلال تواجدهم وإمداداتهم ونوع التسليح الذي يواجهون الدولة به، الأموال التي تم ضبطها مع من تم القبض عليهم وأجهزة الاتصالات الحديثة التي يحتاج امتلاكها إمكانيات مالية كبيرة، بصمات الدعم والعمالة واضحة وجلية للعيان. * البعض يرى أن فترة الحرب طالت وكأنها حرب استنزاف، هل هناك فترة حُددت لإنهاء التمرد؟ - أريد أن أوضح أن معركتنا ليست في الميدان فقط، ولكنها مع فكر شيطاني يستهين بالدماء والأعراض والأموال، والدولة أدركت أن استقرار اليمن ونموه وتطوره لن يكون إلا بالقضاء على مثل هذا الفكر الرجعي الذي يريد أن يعود باليمنيين إلى عهود الظلام، وهذا الذي ندركه فعلا، إنه لن يتم إلا بتطهير البلاد من العناصر الإرهابية الرجعية، إلا إن استسلموا للدولة وسلموا أسلحتهم ونزلوا من الجبال وأطلقوا المختطفين من المواطنين وعادوا إلى جادة الصواب. هذا شيء يرجع للقيادة السياسية. أما طول فترة حرب مع فكر وتمرد وإرهاب قد يطول أكثر وأكثر، وأيضا كلما طالت الفترة استنزفت قواهم، وكلما زاد الحصار عليهم أنهكوا وذهب وتدمر العديد من عناصرهم. وأؤكد أن المتمردين خلال الحروب السابقة وهذه الحرب لم يستطيعوا تحقيق أي من أهدافهم العدوانية ومشاريعهم المناطقية. * هناك مصادر أمنية وصحفية تشير إلى استسلام العديد من المغرر بهم وعناصر التمرد من مختلف مناطق الحرب هل ترون هذا مؤشر ضعف للمتمردين؟ - كما قلت ظهور الحقائق لكثير من المغرر بهم حول الأهداف الزائفة لقيادة التمرد أدى بكثير من المغرر بهم إلى إدراك أن القضية قضية عمالة وبيع وطن وأهواء شيطانية ورغبات للوصول إلى الحكم والسلطة على حساب الدم اليمني، وتنفيذ أجندة ومخططات شيطانية في المنطقة تهدف إلى تفكيك الأمة العربية والإسلامية وإشعال فتيل الفتنة والنزاعات في اليمن بشكل خاص، فهو بلا شك مؤشر ضعف. ** الاستراتيجية الأمنية * أعلنت قيادة محور صعدة العسكرية خلال الفترة الماضية عن خطة واستراتيجية أمنية جديدة أكثر فاعلية من ذي قبل في التعامل مع المتمردين، كيف تقيمون أداء التنفيذ لهذه الخطة حتى اليوم؟ - أنا راض عن التكتيك الأمني الحالي الموجود وقيادته من خيرة الرجال تتمتع بكفاءة وفاعلية ممتازة ويقومون بعملهم وواجبهم على أكمل وجه. أما بالنسبة للاستراتيجية الأمنية المنفذة حاليا لا يمر يوم إلا وهناك انتصارات في كل الجبهات وتضييق وتشديد الخناق على بقايا الخلايا الإرهابية، ونحن نتعامل بشفافية مع هذا الموضوع ونعلن ما يتم تنفيذه أولاً بأول عبر وسائل الإعلام الرسمية. * ولكن كثيرا من المراقبين المحليين ومنظمات المجتمع المدني يبدون تخوفا من أن يكون تطبيق هذه الاستراتيجية داخل مدينة صعدة تحديداً سيسبب مضاعفات وخسائر في جانب المواطنين...؟ - بالعكس، الاستراتيجية الأمنية بنيت على قاعدة أساسية وهي الحفاظ على أرواح الأبرياء من المواطنين والأطفال والنساء، وما تأخر الحسم داخل صعدة إلا للحرص على أرواح هؤلاء الأبرياء وأي أماكن أخرى فيها مواجهات نحن كسلطات محلية وجهات أمنية نحرص على إخلاء التواجد للمواطنين بالكامل قبل الشروع في أي عملية عسكرية، قيادة المحور دائماً ما توجه نداءات متكررة للمواطنين بالابتعاد عن المواقع التي تتحصن فيها العناصر الإرهابية وتحذرهم من الاقتراب من أماكن تجمعاتهم حرصاً على أرواحهم وسلامتهم. وأريد أن أؤكد أننا نواجه خلطا في هذا الموضوع حيث يقوم الحوثيون بالتمترس بالمواطنين المختطفين لديهم كدروع وهو ما يجعلنا نتعامل بكل حساسية وتأنٍّ حيال إي عملية نقوم بها ولذا يحصل التأخير. ** الخسائر البشرية والمادية * تركت الحرب الكثير من الخسائر البشرية والمادية في جميع مديريات المحافظة، ما هو تقديركم كسلطة محلية لحجم الخسائر حتى الآن؟ - حقيقة التمرد ترك الكثير من الخراب والدمار والهلاك للمواطنين، لقد دمر المتمردون آلاف المزارع وتسببوا في قطع أرزاق عشرات الآلاف من التجار والمزارعين وأصحاب الحرف والمهن والنقل والمواصلات، دمروا أغلب الطرق المعبدة ومجاري السيول المتصلة بالطرق والمنشآت العامة من مراكز صحية ووحدات إدارية ومدارس ومباني خدمية وتنموية. نحن كسلطة محلية لدينا حصر شامل بكل ما قام به المتمردون من تخريب ومازلنا نستكمل إجراءات الحصر، وأيضا لدينا رصد لكل الحوادث والاعتداءات التي قام بها المتمردون على الأموال الخاصة للمواطنين من مزارع ومتاجر وبيوت ومحطات وغيرها مما تم نهبها من قبل المخربين في جميع المديريات، فخلال الفترة الأخيرة ما بين جريح وقتيل حوالي 500 مواطن بريء اعتدي عليه، وما يقرب من هذا العدد أيضا مختطفون، منهم أطفال وشيوخ كبار في السن ومن مختلف الأعمار. * وكم تبلغ التكلفة التقديرية للخسائر؟ - قدرت الخسائر والأضرار المباشرة التي قام بها المتمردون الحوثيون إلى نهاية الحرب الخامسة بأكثر من عشرة مليارات ريال. أما الخسائر غير المباشرة التي أضروا بسببها بالمواطنين في جميع المديريات تقدر بأكثر من 150 مليار ريال قابلة للزيادة، تسببوا في توقف القطاع الزراعي والتصدير الذي كانت محافظة صعدة في قمة المحافظات الزراعية المصدرة للسوق المحلية والخارجية لدول الخليج العربي وغيرها من الدول. كما أضروا بالقطاع التجاري والاقتصادي، دمروا كثيرا من الممتلكات ونهبوا واغتصبوا كثيرا منها، تسببوا في نزوح ومعاناة آلاف من الأسر من أبناء المحافظة. ** أوضاع النازحين * ماذا عن أوضاع النازحين في صعدة والأرقام حول أعدادهم ودور السلطة المحلية في التخفيف من معاناتهم؟ - ما حول مدينة صعدة وضواحيها وصولاً إلى البقع يقرب عددهم من خمسين ألفا، حوالي 13 ألف أسرة، هذه أرقام مسجلة. أما من نزح وسكن خارج المخيمات عند أقاربهم وأصدقائهم يمثلون أيضا نسبة كبيرة، ونحن كسلطة محلية نقوم بتقديم ما يمكن تقديمه من مواد تموينية وإغاثية، سواء من مواردنا المحلية أم من القوافل التي تقدم من الداعمين للنازحين ومن الجهات الداعمة كبرنامج الغذاء العالمي الذي يقوم بتوزيع حصص تموينية شهرية لعدد من الأسر تحت إشراف السلطة المحلية، وكذلك منظمة الإغاثة الإسلامية واللجنة الدولية للصليب الأحمر تقوم بالتوزيع أيضا عبر جمعية الهلال الأحمر بصعدة، نقوم بتوفير الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي وتوزيع حالات الضمان الاجتماعي ممن هم مشمولين في كشوف الضمان ونحرص على تقديم أي معونات للمواطنين نحن قادرون عليها. * ماذا عن الجانب التعليمي؟ - للأسف الشديد الجانب التعليمي من أكبر الخسائر التي تكبدتها المحافظة؛ لأن تجمعات الطلاب في المدارس يتم قصفها من قبل المتمردين الحوثيين بالهاون والنيران المباشرة، الآن كل مدارس محافظة صعدة مغلقة حرصاً وحفاظا على سلامة أبنائنا الطلاب والطالبات. * لديكم ثلاثة مخيمات للنازحين في مناطق تُقيم أنها مناطق حرب مما قد يتسبب في خسائر بشرية. هناك تخوف من عدم وصول الدعم التمويني وغيره. هل تم اتخاذ تدابير حيال ذلك؟ - في الحقيقية، لا بد أن تكون المخيمات في أماكن بعيدة عن الحرب، ولكن مهما كان فالمتمردون الحوثيون يقومون بالاعتداءات، واستشهد من المواطنين النازحين وسجلت حالات اعتداء على هذه المخيمات بسبب ضربها بالهاون والنيران المباشرة من قبل المتمردين. ** الوضع التمويني * هناك احتياجات تموينية لمواد أساسية ووقود وغاز في المحافظة، ما هي التدابير التي اتخذتموها كمجلس محلي لتوفيرها؟ - هي شغلنا الشاغل. ابتداء من أول يوم في الحرب قمنا بتشكيل عدة لجان منها اللجنة التموينية برئاسة الأمين العام في المحافظة ومسؤولي المكاتب التنفيذية ذات العلاقة، فقد قامت اللجنة التموينية بتقنيين منظم لتوفير التموين اللازم من قبل التجار والوكلاء لجلب هذه المواد إلى مركز المحافظة لأسباب قطع الطرق من عناصر التمرد بين الحين والآخر، قد يحصل شح في بعض المواد الأساسية وبسبب صعوبة الطرق ولوجود بعض التجار الذين يستغلون هذه الأمور، لذلك نحن نعمل عن طريق مكتب التموين والتجارة على ضبط وحزم كثير من هذه الحالات وإحالتها إلى الجهات القضائية. كما أؤكد أن السلطة المحلية تعمل بكل جد ليلاً ونهاراً في إيصال المواد التموينية للمواطنين، فنحن أمام مهمة صعبة نريد أن يصل التموين للعدد الكبير الذي يوجد فيه تجمع كمركز المحافظة والعزل المجاورة وضواحي المدينة ونريد أن يصل التموين بدون أن يتسرب للمتمردين في الجبال. كما أننا لا نريد ألا يكون هناك فائض عن حاجة الناس في السوق لقضايا الاستغلال والاحتكار نحن في مهمة صعبة. ** قوافل الدعم للنازحين * وماذا عن قوافل الدعم الشعبي للنازحين والجيش؟ - إن أثر هذه القوافل طيب جداً في نفوس المقاتلين والمواطنين وعملت دفعة معنوية كبيرة جداً. * كلمة أخيرة تريدون توجيهها؟ - نعم. أحب أن أوجه عبر صحيفة "السياسية"، الغراء المنبر الإعلامي والصحفي المتميز على مستوى الوطن، نداء إنسانيا لكل أبناء اليمن لمواصلة دعم إخوانهم النازحين في مدينة صعدة والقوات المسلحة في كافة المحاور الشمالية الغربية. وأؤكد لإخواني من قيادات السلطات المحلية في جميع المحافظات ومنظمات المجتمع المدني والجهات الداعمة والتجار والمواطنين أن الطريق إلى صعدة مؤمّن وممهد وسالك يتواجد على طوله وعرضه إخوانكم من القوات المسلحة والأمن ومهما كانت المعونات التي تحمل وبغض النظر عن قيمتها إلا أنها قضية اعتبارية ووطنية ترفع من معنويات الناس والخير موجود والحمد لله. صحيفة السياسية