قال وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى المتوكل: إن آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على اليمن أصبح أشد مما كان متوقعا وانعكس ذلك على التوازنات الاقتصادية الداخلية والخارجية. وأضاف الوزير في افتتاح الندوة العلمية عن "اقتصاد السوق الاجتماعي والبيئي" التي نظمتها وزارة الصناعة والتجارة وجامعة عدن والمؤسسة الألمانية للتعاون الفني (جي. تي. زد) اليوم: إن الأزمة أبرزت بوضوح أهمية الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة وضرورة وجود تنظيم ورقابة على الأسواق وإعادة النظر في دور الدولة وبالذات في الدول النامية والأقل نموا ومنها بلادنا. وتابع: إن تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية، ومنها الاقتصاد اليمني تتسم بالترابط والتشابك والتعقيد واتساع تداعياتها على العالم وعلى النظام الرأسمالي. وعدد وزير الصناعة والتجارة الأزمات التي شهدها العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة وكان سببها الرئيسي الأزمات المصرفية، منها 124 أزمة مصرفية و208 أزمة للعملات وذلك خلال الفترة من عام 1970م إلى العام 2007م. ونوه بأن الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة التي بدأت في الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ سبتمبر 2008م تعد الأزمة الأشد والأكثر كلفة والأوسع في نطاقها الجغرافي وتأثيرها الاقتصادي والسياسي والفكري لشملها العالم كله. ودعا إلى مراجعة وتقييم السياسات الاقتصادية الكلية في ضوء الوضع الراهن والخروج برؤية مستقبلية تستشرف مستقبل الأجيال القادمة، وتبني سياسات اقتصادية تتسم ببعدها الاستراتيجي، والعمل على إصلاح الاختلالات المالية والنقدية في الأجلين القصير والمتوسط. من جهته أشار رئيس جامعة عدن الدكتورعبدالعزيز صالح بن حبتور إلى ما تشهده بلادنا من فجوة اقتصادية أبعد عن معادلة (الاقتصاد/المجتمع/البيئة)، متناولاً مشكلة تزايد أعداد السكان وتناقص الموارد الاقتصادية وأثر ذلك على جهود التنمية، وحث الباحثين الاقتصاديين على دراسة سبل ردم الفجوة بين تزايد أعداد السكان وتناقص الموارد. وألقت الدكتورة يانا كونوفيشر كلمة عن مشروع تطوير القطاع الخاص بالمؤسسة الألمانية للتعاون الفني (جي. تي. زد) تطرقت إلى ارتفاع المستوى الاقتصادي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وذلك جراء تطبيق الاقتصاد الاجتماعي البيئي والمستمر إلى اليوم. عقب ذلك تم استعراض للأوراق البحثية الرئيسية المقدمة للندوة من قبل كل من الدكتور ديتربينيكا المستشار الاقتصادي المتخصص في ألمانيا والدكتورة سعاد اليافعي الخبيرة الاقتصادية والأستاذة في كلية الاقتصاد جامعة عدن والدكتور طه الفسيل مستشار وزارة الصناعة والتجارة والأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة صنعاء. وفي ورقته بيَن الدكتور ديتربينيكا النجاحات التي حققتها العديد من دول العالم التي انتهجت طريق الاقتصاد الاجتماعي البيئي وتحولها من اقتصاد ضعيف إلى اقتصاد نامي ومنتج، منوها بأن اليمن تملك الكثير من الإمكانيات البشرية والقدرات لتحقيق التنمية المنشودة، وداعيا الجامعات اليمنية ومنها جامعة عدن إلى إطلاق عمليات التنمية الاقتصادية والمفاهيم الاقتصادية الحديثة. الدكتورة سعاد اليافعي أوصت في بحثها المقدم للندوة بضرورة رسم سياسة سكانية واضحة المعالم لإبطاء النمو السكاني في اليمن للحد من تأثيراته السلبية على مجمل الأنشطة في الجمهورية والسعي للقضاء على الفساد وتفعيل القوانين والتشريعات لما لها من تأثير إيجابي مستقبلا على جذب القطاع الخاص باستثماراته وحل كافة مشاكله. كما دعت إلى التنسيق الجاد بين احتياجات سوق العمل ومتطلباته بين الجامعات والمعاهد التخصصية والمناهج التعليمية وبين أرباب العمل من ناحية أخرى، وإنشاء هيئة تعنى بدراسة المتغيرات في سوق العمل، والاستفادة من الكادر الفني والجامعي في عملها. كما حثت على إعادة النظر في السياسات التخطيطية المستقبلية التي تنطلق من احتياجات الواقع اليمني وآفاق تحسين مستوى معيشتهم ومتابعة تنفيذ ذلك على أرض الواقع، وإعطاء الأولوية في التخطيط الاجتماعي والاقتصادي على تشجيع الاستثمارات الموجهة لتحسين الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمات الأساسية التي تساعد على تحسين المستوى المعيشي لأفراد المجتمع اليمني، وإعادة النظر في توزيع الدخل القومي بما يتناسب وحجم السكان في الجمهورية اليمنية. بدوره تطرق الدكتور طه الفسيل إلى الصعوبات التي واجهت عملية التنمية والنمو الاقتصادي في اليمن منها الوضع الأمني وأحداث التمرد في محافظة صعدة وما تشهده بعض المحافظات الجنوبية من اضطرابات اجتماعية وسياسية، ناهيك عن تلاحق الأزمات المالية العالمية وأثرها على البلاد. وتناول الفسيل بإسهاب بيانات الوضع الاقتصادي لليمن والاستثمارات المالية، والصعوبات التي يواجهها الاقتصاد لإيجاد استدامة معدل مقبول للناتج المحلي، وكذلك تحقيق معدلات نمو يستفيد منها الفقراء وتخلق فرص عمل جديدة. واستعرض بيانات الموارد المالية غير النفطية وما تواجه من استمرار الجمود النسبي للنظام الضريبي، مشددا على ضرورة إعادة هيكلة الإنفاق العام والحد من التكلفة الاقتصادية والمالية لدعم المشتقات النفطية وزيادة الإنفاق التنموي في ظل الأوضاع الراهنة وتخفيف الضغوط التضخمية ودعم استقرار الريال اليمني والعرض النقدي والقطاع المصرفي. هذا وقد تمخضت النقاشات في ختام فعاليات الندوة عن أهمية إيصال الأفكار الرئيسية التي تداولت في الندوة للجهات الاقتصادي المعنية بالحكومة لأخذها بعين الاعتبار ، وكذا الاستفادة من تجربة الاقتصاد الاجتماعي البيئي في الدول المتقدمة أو تلك التي أخذت بها من الدول النامية وتطبيقها بما يناسب البيئة والخصوصية اليمنية. واقترح المشاركون في الندوة العمل على تنظيم ندوة تخصصية تضم وزارتي المالية والتخطيط والبنك المركزي لبلورة رؤية واضحة وإستراتيجية عن فلسفة الاقتصاد في بلادنا و سبل معالجة الاختلالات الحاصلة في الاقتصاد. وفي ختام فعاليات الندوة منحت جامعة عدن الدروع التذكارية لعدد من المسؤولين والمختصين الذين كان لهم الدور في الإثراء العلمي والبحثي لقضايا الاقتصاد الاجتماعي البيئي. من جهة أخرى زار وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى المتوكل اليوم مواقع المشاريع التابعة للمنطقة الصناعية في منطقة العلم بمحافظة عدن. واستمع الوزير المتوكل ومعه الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة عدن عبد الكريم شائف إلى شرح من المسؤولين بإدارة المنطقة الصناعية وعدد من رجال الأعمال والمستثمرين حول تنفيذ المشاريع الحاصلة على تراخيص، والبالغة 28 مشروعا بمساحة تقدر بحوالي 200 ألف متر مربع، وبتكلفة استثمارية إجمالية تقدر بثلاثة مليارات ريال، وتقع ضمن المنطقة المضافة خارج نواة المنطقة الصناعية. واطلع وزير الصناعة والتجارة على ما تم إنجازه من خطوات عملية في سبيل تجهيز وإعداد المنطقة الصناعية الواقعة في منطقة العلم والبالغ مساحتها حوالي مليوني متر مربع، والمقرر أن يتم تشغيلها من قبل إحدى الشركات العالمية المطورة، إضافة إلى ما تم إنجازه من مشاريع البنى التحتية في المنطقة، حيث تم ردم الطرقات بتكلفة 320 مليون ريال بتمويل حكومي وكذا توفير الطاقة الكهربائية من خلال التعاقد مع القطاع الخاص لتوفير 15 ميجا. وذكر الدكتور المتوكل في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن هذه المشاريع الاستثمارية المتواجدة خارج نواة المنطقة الصناعية خطوة أولى للعمل على انجاز مشاريع المنطقة الصناعية والتي سيقوم خلالها القطاع الخاص بعملية تطوير المنطقة وإدارتها. وحث المستثمرين على سرعة إنجاز مشاريعهم خلال الفترة الزمنية المحددة بالعقود الموقعة معهم ما لم سيتم سحبها، مشيرا إلى أهمية هذه المشاريع في توفير فرص عمل للشباب وذوي المهارات والخبرات. واعتبر وزير الصناعة والتجارة تلك المشاريع بداية لاستقطاب مشاريع أخرى للربط فيما بينها مع مشاريع البنية التحتية، مؤكدا أن المنطقة الصناعية تأخذ بعين الاعتبار في مخططها التوجيهي القضايا الفنية والبيئية، وخاصة ما يتعلق بالحزام الأخضر وإقامة صناعات غير ملوثة للبيئة. وأوضح الوزير المتوكل أن قانون تنظيم الصناعة الذي أقره مجلس الوزراء يحدد العلاقة بين الحكومة والمصنعين بما فيها جوانب التحضير وتشجيع الصناعات، وفي تحديد آلية الرقابة ومسؤولية السلطة المحلية لتنفيذها، مبينا أن هناك مشروعا آخر هو مشروع قانون حماية الإنتاج الوطني من الممارسات الضارة، والذي أقرته الحكومة، حيت أن القانونين يساعدان على تشجيع الصناعة وحمايتها والرقابة عليها، إلى جانب إعداد استراتيجية التنمية الصناعية وتحديد المجالات التي تتمتع اليمن بها وتميزها، وكذا الاستفادة من المزايا الخاصة بمدينة عدن سواء المنطقة الحرة أو المنطقة الصناعية، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالصناعة وبالموقع الجغرافي حيث تتوجه الصناعة التصديرية وخاصة أسواق شرق أفريقيا.