قال مدير عام المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية الدكتور سعيد الشيباني: إن تخفيض موازنة المركز وحجم المبالغ المعتمدة للتدريب وعدم وجود الكادر المتقدّم في بعض التّخصصات أبرز المشكلات التي يواجهها المركز. وأشار الشيباني في حوار ل"السياسية" إلى أن الفحوصات التي يقدِّمها المركز الوطني تُمثّل أمْنا صحيا وقوميا للبلد، وبمبالغ رمزية زهيدة, في حين تُجرى تحاليل لبعض الأمراض دون أي مقابل... إلى تفاصيل الحوار: *حدثنا بداية عن مهام وأنشطة المركز وحجم الفحوصات والتحاليل التي أجريتموها خلال العام الماضي، وأنواعها؟ - للمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية مهام وأنشطة متعددة، أولا: إدارة الصحة العامة في المركز والتي تقوم بأنشطة الترصد الوبائي بشكل عام (الأمراض الوبائية) وتشخيصها, علما بأن هذه الفحوصات تمثل أمنا صحيا وأمنا قوميا للبلد, ويقوم المركز الوطني ممثلا بهذه الإدارة بتشخيص جميع الأمراض والأوبئة التي تظهر بين الحين والآخر, منها التي ظهرت العام الماضي فيروس (إتش1 إن1) وقبلها إنفلونزا الطيور وحمى الضّنك وحمى الوادي المتصدّع وغيرها. وفي الوقت الراهن، نقوم بإجراء هذه التحاليل داخل المركز الوطني ولم نعد بحاجة لإرسال أي عيّنات إلى الخارج كما كان سابقا, وبكل فخر استطعنا إيجاد مختبر مرجعي في اليمن يشهد له الجميع بالتميّز. ثانيا: إدارة المختبرات الطبية, وهي المعنية بإجراء التحاليل الروتينية اليومية, وقد تم رفع قُدرتها لتتمكّن من إجراء التحاليل التي كانت سابقا تُرسل إلى الخارج, كالفحوصات المتقدِّمة التي استطعنا إدخالها خلال العامين 2008 و2009, منها: فحوصات الجينات للفيروسات، والتي كانت تكلّف المريض مبالغ كبيرة في حين يتم إجراؤها حاليا داخل المركز الوطني بمبالغ رمزية زهيدة تنفيذا للتوجيهات المباشرة من وزارة الصحة, وكذا فحوصات ما قبل الزواج. وتستقبل هذه المختبرات حالات من جميع مستشفيات اليمن الحكومية أو الخاصة, خاصة وأن غالبيتها لا تستطيع إجراء جميع التحاليل, بالإضافة إلى إجراء التحاليل الخاصة بأمراض السرطان والأمراض الوراثية والفشل الكلوي وزارعي الكُلى ونستقبل يوميا حالات كثيرة من هذه الأمراض ونجري لها تحاليل دون أي مقابل بحسب توجيهات قيادة وزارة الصحة ممثلة بمعالي وزير الصحة الدكتور عبدالكريم راصع. فيما تتجسّد المهمّة الثالثة للمركز بنشاط إدارة التدريب والأبحاث, فالمركز مسؤول عن تدريب وإعادة تأهيل العاملين بالمختبرات الطبّية الحكومية وتدريب الطلاب في مساقات ال"بكالوريوس, ماجستير, دبلوم عالي) المنتسبين لجميع الجامعات الحكومية اليمنية سواء عبر المركز الرئيسي بالأمانة أو فروعه بالمحافظات، ونقوم باستيعابهم، وتوجد أعداد كبيرة منهم في المركز, وقريبا سنستحدث معامل خاصة لتدريب الطلاب داخل المركز. بالإضافة إلى ذلك نقوم بالإشراف على العديد من الرسائل العلمية -بصفتي أستاذا في كلية الطب جامعة صنعاء- وإجراء التحاليل لتلك الرسائل والتي تتطلّب كادرا بشريا متقدّما ومحاليل وتجهيزات، وهو ما لا يتوفّر لدى كُليات الطب في كثير من الجامعات, والمركز الوطني يقوم بهذا الدور خدمة للتعليم. حجم الفحوصات خلال 2009 أما بالنسبة لعدد أو حجم الفحوصات التي أجراها المركز خلال عام 2009 فقد بلغت كالتالي: في قسم الكيمياء الحيوية 126057 حالة، تشمل جميع الفحوصات الكيميائية, و12701 حالة في قسم الدّم العام, فحوصات الجراثيم الخاصة بالأمراض الوبائية فقط لعدد 580 حالة, وفحوصات الطفيليات المتقدّمة بالدّم (خاصة بالترصد الوبائي) 494 حالة, و20144 في قسم الفيروسات وتشمل الفحوصات الخاصة بفيروسات الكبد وعوز المناعة وبقيّة الفيروسات التي تنتقل بنقل الدّم أو التواصل الجنسي, فحوصات دلالات الأورام لعدد 521 حالة, والفحوصات الخاصة بالمزارع الجرثومية لعدد 850 حالة, بينما أجريت تحاليل لعدد 11528 حالة في قسم الهرمونات, وحوالي 6500 حالة في بنك الدّم. مراقبة النتائج *ما هي التجهيزات المساندة لإجراء التحاليل, بمعنى هل لديكم أجهزة متطورّة وحديثة للقيام بهذه المهام؟ -منذ بداية العام 2007، حدثت طفرة كبيرة داخل المركز لم يشهدها من قبل, ونفتخر بأنه لدينا تكنولوجيا عالية جدا ومتقدِّمة في كل الأقسام (الفيروسات, الجراثيم, الهرمونات ودلالات الأورام, الدّم العام, الطفيليات, الأمصال, الكيمياء الحيوية, المياه والأغذية, وغيرها)، والتي تستطيع استيعاب الأعداد الواصلة يوميا من طالبي الخدمات ونتائجنا ذات جودة متقدِّمة. كما أننا مرتبطون ببرنامج طموح لضبط الجودة الخارجية، وبالتالي تتم مراقبة نتائجنا بشكل شهري عن طريق محكم خارجي, وسمعة المركز التي اكتسبها في السنوات الأخيرة جاءت نتيجة لجُهد كبير وتجهيزات حديثة لا توجد لدى القطاعين الخاص والعام, وتخدم التشخيص الدقيق للأمراض والأوبئة والمرضى بشكل خاص والوطن بشكل عام. الكادر البشري *ماذا عن حجم الكادر البشري ومؤهلاته والتدريب والتأهيل؟ -طبعا نعتمد على الكادر البشري اليمني بنسبة 100 بالمائة، وقريبا سيصل خبير لتقييم أعمال المركز ومساعدتنا لوضع الخُطط المستقبلية, ولدينا تقريبا 240 موظفا إداريا وفنيا 80 بالمائة، منهم في الجانب الفني من خريجين مساق البكالوريوس من جامعات يمنية وعربية, وقُمنا أيضا بتأهيل وتدريب عدد منهم، وحصلوا على درجة الماجستير من جامعة صنعاء وجامعات خارجية على نفقة الدولة والمختبر الوطني, وتم ابتعاث بعض الزملاء لدورات قصيرة في المملكة العربية والسعودية والأردن ومصر وبعض الدول الأوربية مؤخرا, بهدف استيعاب التكنولوجيا الجديدة, ويؤدون حاليا مهام الفحوصات بشكل دقيق جدا يشكرون عليه. التخلّص من مخلّفات * كيف تتم عملية التخلّص من مخلفات المركز خاصة المخلّفات الخطرة؟ -التخلّص من المخلّفات الطبّية الخطرة الناتجة عن المركز يتم بأسلوب علمي ودقيق جدا, حيث لا يتم التخلّص منها إلا بعد إجراء التعقيم عن طريق جهاز ال"ايتوكليف"، الذي توصي به منظمة الصحة العالمية, ويهمّنا كثيرا مسألة الحفاظ على البيئة والمجتمع, وهي الطريقة المُثلى التي نتّبعها, ونرجو أن يتبعها الآخرون, فإذا حسبنا كمّية المخلّفات الطبية الخطرة بأمانة العاصمة فقط يوميا سنجد رقما مهولا ومخيفا, لذا حان الوقت لإعادة التفكير بضرورة التخلّص منها بشكل سليم وعلمي بحيث لا تضر بالبيئة والمجتمع. نحن في المركز الوطني حاولنا في الآونة الأخيرة الحصول على محرقة، وتم استيرادها، والتي بلغت تكلفتها أكثر من 6 ملايين ريال, ولكن نظرا لاعتراض بعض السكان المجاورين للمركز على تركيبها نتيجة لقصور في الفهم بالمحرقة، وصلتنا توجيهات بإيقاف تركيبها من مجلس النواب ووزير الصحة, والتوجيه بتركيبها في مقلب الأزرقين، وسيتم ذلك خلال الشهر الجاري، وسنبدأ بعدها بالتخلّص من مخلّفاتنا بالمقلب في المحرقة. تجاوزات *كيف تقيّم أداء المركز خصوصا وأن هناك تقارير تتحدث عن مخالفات وتجاوزات في إجراءات توريد المحاليل وشراء أجهزة مخبرية؟ -أدعوك إلى الاطلاع على جميع تقارير المركز, وما يُقال بهذا الخصوص جُزء من الضريبة التي ندفعها على نجاحنا, وأعداء النجاح كثير, وتقييمنا للأداء لا يتم بشكل عشوائي أو من خلال ما يُنشر في بعض الصحف، وإنما ما نفتخر فيه تقييم المنظّمات الدولية لأداء المركز, ونؤكد أن المركز الوطني في اليمن هو الأول على مستوى منطقة الجزيرة العربية والخليج، وهذا ما أكدته تقارير منظّمة الصحة العالمية, هناك قفزة نوعية حققها المركز لا يستطيع أحد أن يُنكرها، وإن كان هناك أي إخفاق نستطيع أن نناقشه مع أي أحد. وهذه الحملة التي تستهدف سُمعة المركز مصدرها بعض المراكز التي تتنافس معنا بشكل غير شريف, ونتمنّى أن نُحافظ على مثل هذه المُنجزات كونها لا تخص شخصا، وإنما تخص اليمن بشكل عام، وهذا صرح علمي يعوّل عليه الكثير. *أيضا أثير مؤخرا استخدام محاليل غير صالحة أدت إلى نتائج خاطئة انعكست على صحة المواطنين الفاحصين بالمركز، ما مدى صحة ذلك؟ -لا يوجد أي دليل على هذه الاتهامات, وقد وصلتنا لجان من مختلف الجهات بخصوص هذا الأمر, ونتائج المركز من أفضل النتائج، وتخضع لضبط الجودة الخارجية ومقيّم خارجي, وبالرغم من هذه الزوبعات ما زال المركز يستقبل المرضى بشكل كبير يتعدّى 200 و300 مريض يوميا، وهذا دليل على أن المركز والقائمين عليه يراعوا الله أولا ومدركون ما هو المطلوب منهم تجاه المرضى. موازنة المركز *كم حجم موازنة المركز مقارنة بالاحتياج, خصوصا وأن وزير الصحة العامة والسكان طالب مجلس النواب مؤخرا بأن يوصي بضرورة الاهتمام بموازنة المركز؟ -حقيقة الإجراءات التي اتخذت مؤخرا من قبل وزارة المالية المتمثلة في تخفيض موازنة المركز إلى أكثر من 70 بالمائة خلال عامي 2009 و2010, أثّرت سلبا في مواصلتنا لبرنامجنا الطموح نحو إيجاد مختبرات مركزية ليس على مستوى الأمانة وإنما في المحافظات الخمس التي تقع فيها فروعنا (تعز, عدن, حضرموت, الحديدة, إب), حتى الآن نحاول تحمّلها ونطالب وزارة المالية بشكل دائم بأن تعيد النّظر في هذا الأمر, وأجدها فرصة لأجدد مطالبتنا لوزارة المالية بمراعاة المركز والخدمات الكبيرة التي يقدّمها للمواطنين. * كم حجم الموازنة؟ - 450 مليون ريال سنويا، من ضمنها أجور الموظفين والتخفيض من 50 إلى 70 بالمائة في بعض البنود, ولهذا لم نعد قادرين حتى على دفع فواتير الكهرباء والماء. وزارة المالية مسؤولة *ما مدى صحة ما يُثار حول شراء أجهزة دون استخدامها أو توفير المحاليل لها؟ ولماذا تعذّر تشغيل جهاز الكيمياء في بعض الفروع؟ -هذه واحدة من نتائج تخفيض الموازنة, طبعا أنزلنا مناقصة مرتين؛ كوننا ملزمين بشراء المحاليل عبر المناقصات, إلا أن وزارة المالية اعتذرت مرتين متتاليتين، وتم مخاطبتها بأن هذا الإجراء سيُؤدي إلى توقّف تلك الأجهزة دون جدوى, وخلال العام الحالي تم إنزال المناقصة مرة أخرى، وسيتم تزويد المُحافظات بالمحاليل خلال الأسبوعين القادمين -إن شاء الله- وأجهزة الكيمياء الثلاثة في محافظات "حضرموت، عدنوإب" لم نتمكّن من تشغيلها؛ بسبب اعتذارات وزارة المالية, لذا المسؤولية تتحمّلها وزارة المالية. *ما هي الصعوبات والمعوِّقات التي تواجهكم؟ -التخفيض الشديد في موازنة المركز خلال عامي 2009 و2010، وما رافقها من إيقاف بعض الخُطط, وتخفيض حجم المبالغ المعتمدة للتدريب داخليا وخارجيا، ممّا يتعذّر إرسال كوادر للتدريب في الخارج, وعدم وجود الكادر المتقدّم في بعض التخصصات الطبّية أبرز مشاكلنا, غير ذلك نعتبر المركز الوطني -كما قال وزير الصحة- شمعة مُضيئة بالنسبة للخدمات الطبّية داخل وزارة الصّحة.