بدأت اليوم بمحافظة تعز فعاليات الاحتفاء بذكرى تأسيس جامع الجند التاريخي الذي شيده الصحابي الجليل معاذ بن جبل في العام العاشر الهجري. ويتضمن الاحتفاء بهذه الذكرى التي يحييها مركز الإبداع الثقافي للدراسات وخدمة التراث والمكتب التنفيذي لتريم عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2010م لمدة ثلاثة أيام إلقاء محاضرات دينية وتاريخية وقراءات ودروس من السيرة النبوية إضافة إلى ما يتضمنه مهرجان الجند الإنشادي الأول من أعمال إنشادية متعددة. وفي تدشين فعاليات الاحتفاء نوه وكيل محافظة تعز عبد الله احمد أمير إلى معاني ودلالات الاحتفاء بهذه المناسبة الدينية العظيمة التي تجلت فيها المعاني الجمالية والروحية للدين الحنيف. ولفت إلى الترابط الوجداني الوحدوي بين تريم عاصمة الثقافة الإسلامية وتعز عاصمة الثقافة اليمنية من خلال العلماء الذين تنقلوا فيهما ونهلوا من علومهما ويتجدد هذا الترابط كل عام في تظاهرة دينية وثقافية علمية سامية. وكان رئيس قسم التاريخ بجامعة صنعاء الدكتور نزار عبد اللطيف قد ألقى محاضرة تاريخية عن تريم ودورها في التنويري الثقافي ونشر رسالة الإسلام وخدمة وحدة الأمة بالدور الكبير لمدارسها العلمية وعلمائها الأفاضل الذين كان لهم الفضل في نشر الإسلام في شرق أسيا وإفريقيا أمثال العلامة الإمام عبد الله الشاطبي وغيره. يشار إلى أن جامع الجند من المساجد الأولى التي بنيت في اليمن في صدر الإسلام وبالتحديد في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث بعث بمعاذ بن جبل إلى اليمن في العام السادس للهجرة ليعلّم أهل البلاد القرآن الكريم وأحكام الشريعة الإسلامية. ويشغل الجامع اليوم مساحة مستطيلة (حوالي 4365 مترا مربعا) ويتكون تخطيطه من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربع ظلات للصلاة، أعمقها ظلة القبلة، وتطل هذه الظلات على الصحن ببائكات تتوجها بأعلى الجدران شرافات مسننة متجاورة تشابه ما كان سائدا في عمارة المماليك في مصر والشام. وتبلغ مساحة ظلة القبلة حوالي 1542 من الأمتار المربعة، وهي تتألف من أربعة أروقة بواسطة أربع بائكات بكل منها أعمدة مستديرة تقوم على قواعد مربعة، وتحمل هذه الأعمدة عقوداً مدببة، وبهذه الظلة ما يشبه المجاز القاطع الذي تسير عقوده باتجاه عمودي على جدار القبلة. ويؤدي المجاز القاطع إلى محراب الجامع الذي يتوسط جدار القبلة وهو من النوع المجوف ويعلوه عقد مدبب محمول على عمودين ويحيط بطاقية المحراب عقد آخر. ويمتاز المحراب بنقوشه التي تحوي آيات من القرآن الكريم والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى نص تأسيس يمتد علي جانبي المحراب، ونصه «فرغ من عمل هذا المحراب المعبد الفقير إلى رحمة الله عبد الله بن أبي الفتوح في شهر رجب سنة ثماني عشرة وستمائة، صلى الله على محمد وآله ورضي عن الصحابة أجمعين». وإلى الشرق من هذا المحراب يوجد محراب آخر أقدم منه وينسب إلى معاذ بن جبل، وقد جاء خلواً من الزخارف والكتابات على خلاف سابقه. وبرواق القبلة منبر خشبي قديم يعود إلى نهاية القرن السادس الهجري (12م) طبقاً للكتابات المسجلة عليه وهي تحوي اسم النجار «النظام بن حسين» واسم الأمير الذي أمر بعمله وهو الحسن بن علي بن حسن العنسي. وقد جرت العادة في بلاد اليمن منذ تأسيس هذا المسجد على إقامة الصلاة به في أول جمعة من شهر رجب احتفالاً بأول جمعة أقيمت باليمن في هذا الشهر الكريم.