تنطلق يوم غد الاثنين في أبوظبي أعمال القمة ال31 للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي القمة السادسة التي تعقد في عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة التي شهدت ولادة وتأسيس المجلس عام 1981. وتتجه أنظار الخليجيين إلى ابوظبي ، وكلهم أمل وانتظار لما سيصدر عن القمة باعتبار أن ابوظبي شهدت مولد المجلس. ورغم تأكيدات الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن بن حمد العطية، بأن قمة ابوظبي، ستكون نقطة تحول في مصلحة العمل المشترك على الصعد كافة، فان المواطن الخليجي لا ينتظر الكثير من القمة في ضوء تجربة المجلس ،لكنه يأمل بان تحقق له هذه القمة ما يعزز المواطنة الخليجية على الأقل ، سواء في الجوانب الصحية أو التأمينية أو في الجوانب الاقتصادية والأمنية . ويقول أمين عام مجلس التعاون إن قمة أبوظبي المقبلة ستكون نموذجية ومتميزة بقراراتها، بدءاً بالملف الاقتصادي والتنموي، حيث إن دول مجلس التعاون مجتمعة في ظل قياداتها الحكيمة قد أنجزت خلال العقد الأخير من عمر المجلس العديد من الإنجازات من بينها قيام الاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة بجميع مزاياها العشر الإيجابية. ولعل الجانب الاقتصادي هو الجانب الذي شهد انجازات حقيقة وهو ما أكده التقرير الذي أعدته الأمانة العامة للمجلس عشية انعقاد قمة ابوظبي ، حيث يؤكد هذا التقرير أن دول المجلس وضعت إطارا ومنهجا شاملا للعمل الاقتصادي المشترك بداية من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي أقرتها القمة الثانية لمجلس التعاون عام 1981، وصولا إلى الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس عام 2002. وقد تمكنت دول المجلس مبكرا، وتحديدا في العام 1983 من إقامة منطقة للتجارة الحرة بينها، أصبحت بموجبها المنتجات ذات المنشأ الوطني معفاة من الرسوم الجمركية، وهي المرحلة الأولى في عملية التكامل الاقتصادي. وفي يناير 2003، حققت دول مجلس التعاون إنجازا هاماً في إطار العمل الخليجي المشترك بتطبيقها الاتحاد الجمركي، وحددت التعرفة الجمركية الموحدة بواقع 5 بالمائة على جميع السلع الأجنبية المستوردة من خارج الاتحاد الجمركي. كما تم تطبيق جميع الإجراءات على السلع الأجنبية في نقطة الدخول الأولى في أي من دول المجلس، رغم أن الاتحاد الجمركي يمثل المرحلة الثانية في عملية التكامل الاقتصادي. ويعتبر الاتحاد الجمركي مرحلة متقدمة من مراحل التكامل الاقتصادي يأتي بعد مرحلة إقامة منطقة التجارة الحرة، وهي المرحلة التي عاشتها الدول الخليجية منذ إقامة مجلس التعاون حتى تاريخ إقامة الاتحاد الجمركي عام 2003. واتفقت دول المجلس على جملة إجراءات لانتقال السلع الوطنية والأجنبية، منها تسهيلات حول شهادة المنشأ للسلع الوطنية مع وضع آلية للتعامل معها، والاتفاق على قائمة موحدة للسلع الممنوعة وأخرى للسلع المقيدة بدول المجلس، وإلغاء شرط الحصول مسبقاً على رخص الاستيراد عند استيراد السلع الأجنبية لأي من دول المجلس. واهتمت دول التعاون منذ إنشاء المجلس بالمجال التجاري وعملت على تعزيزه وتطويره بما يعود بالنفع على دول ومواطني دول المجلس. فقد قرر المجلس الأعلى في دورته السابعة في أبوظبي 1986، بالسماح لمواطني الدول الأعضاء بمزاولة تجارة التجزئة في أي دولة عضو ومساواتهم بمواطني الدولة. وقرر المجلس الأعلى في دورته التاسعة التي عقدت بمملكة البحرين السماح لمواطني دول المجلس بتملك أسهم الشركات المساهمة بالدول الأعضاء .. وقرر المجلس في دورته ال23 بالدوحة 2002 بأن يتم تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجال تملك وتداول الأسهم وتأسيس الشركات وإزالة القيود التي قد تمنع من ذلك في موعد أقصاه نهاية عام 2003 . وكذلك تم السماح للمؤسسات والوحدات الإنتاجية في دول المجلس بفتح مكاتب لها للتمثيل التجاري في أي عضو بناءا على قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته الثانية عشر بالكويت. واعتمد المجلس الأعلى في دورته التاسعة عشرة في أبوظبي 1998، النظام الأساسي لهيئة المحاسبة والمراجعة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واقر المجلس في دورته ال26 في أبوظبي- ديسمبر 2005 السياسة التجارية الموحدة لدول مجلس التعاون والتي من أبرز ملامحها أنها تهدف إلى توحيد السياسة التجارية الخارجية لدول المجلس والتعامل مع العالم الخارجي ومنظمة التجارة العالمية والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى كوحدة اقتصادية واحدة وتنشيط التبادل التجاري والاستثماري مع العالم الخارجي. ويضاف إلى ذلك توسيع أسواق صادرات دول المجلس وزيادة قدرتها التنافسية وتحسين شروط نفاذها إلى الأسواق العالمية وتشجيع المنتجات الوطنية والدفاع عنها في الأسواق الخارجية، وحماية الأسواق المحلية وكذلك تفعيل دور القطاع الخاص في تنمية صادرات دول المجلس من السلع والخدمات، إضافة إلى تبنى دول المجلس سياسة تجارية داخلية موحدة وتسهيل انسياب تنقل المواطنين والسلع والخدمات ووسائط النقل. وفي التعاون الاقتصادي حققت دول المجلس تقدما مهما بإقامة السوق الخليجية المشتركة في عام 2007، والتي مهدت إلى حرية تنقل السلع، وإزالة القيود على انتقال عوامل الإنتاج، لاسيما الأفراد ورؤوس الأموال. وصدر إعلان الدوحة بشأن قيام السوق الخليجية المشتركة في الرابع من ديسمبر 2007 في ختام الدورة ال28 للمجلس الأعلى. وتستند السوق الخليجية على أساس مبادئ النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي ونصوص الاتفاقية بين دول المجلس وقرارات المجلس الأعلى الصادرة بشأن السوق المشتركة. وركزت السوق المشتركة على المواطنة الخليجية في المجال الاقتصادي، حيث قامت على مبدأ أساسي وهو أن يتمتع مواطنو دول المجلس بالمعاملة الوطنية في أي دولة من الدول الأعضاء ، وبالأخص المواطنين الأفراد والشركات والمؤسسات الخليجية، بالحصول على نفس المزايا التي تمنح لمواطني الدولة في جميع المجالات الاقتصادية وأتاحت السوق المشتركة بين الدول الأعضاء مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وممارسة المهن والحرف، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، العمل في القطاعات الحكومية والأهلية، التأمين الاجتماعي والتقاعد، وتملّك العقار، وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، والتنقل والإقامة. وبفضل السوق الخليجية المشتركة، ارتفعت التجارة البينية بين دول المجلس إلى 76.5 مليار دولار عام 2009 مقارنة بنحو 6 مليارات دولار عام 1983، وحوالي 65 مليار دولار عام 2008. وأظهرت الإحصاءات زيادة في عدد مواطني دول المجلس الذين يمارسون الأنشطة الاقتصادية والمهن في الدول الأعضاء حيث بلغ العدد التراكمي للتراخيص الممنوحة لمواطني المجلس لممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية حوالي 28 ألف رخصة حتى نهاية عام 2008. كما أشارت الإحصاءات أن عدد مواطني دول المجلس المتملكين للعقار في دول المجلس الأخرى ارتفعت لتسجل في الإجمالي التراكمي 44 ألف عملية شراء في نهاية 2008. وتوسعت مصارف الدول المجلس بعدد فروعها في الدول الأعضاء من 7 فروع عام 1995 إلى 23 فرعا في عام 2008، مستفيدة من السوق المشتركة، وهو ما من شأنه نقل اقتصاديات الدول من الحجم الصغير إلى الحجم الكبير. سبأنت