صنعاء – سبأنت: حاور الشخصيات وأعد المواد للنشر: صادق ناشر في حياة كل فرد منا شخصيتان مختلفتان: الأولى تلك التي يتعامل معها الناس ويعرفون مواقفها وأخبارها التي تخرج إلى الناس والصحافة، والثانية تلك المخفية التي لا يعرفها سوى قلة قليلة من المقربين والأصدقاء. وفي هذه المساحة تحاول "السياسية" الدخول في الزاوية المخفية من حياة هذه الشخصية أو تلك، من خلال حديث ذكريات يشمل أسرار الطفولة والشباب والعمل، والتعرف عن قرب على العادات والتقاليد والظروف الصعبة التي عاشها اليمنيون قبل أن يروا النور بثورتي سبتمبر وأكتوبر ودولة الوحدة. "النصف الآخر" محاولة لإخراج ما خبأته السنوات في حياة اليمنيين، من خلال رصد الواقع الذي عاشوه ويعيشونه اليوم. كما أنها محاولة لمعرفة كيف يفكر من عايشناهم طوال سنوات ولا نعرف ما ذا يحبون، وماذا يكرهون، وكيف وصلوا إلى النجاح الذي وصلوا إليه. تحاول "النصف الآخر" الابتعاد عن الخوض في الشأن السياسي، الذي يحبذ الكثير عدم الخوض فيه، وإن كانت السياسة حاضرة في بعض المواقف التي ضمها الحوار، لكن بشكل غير مباشر. "النصف الآخر" سلسلة لحوارات مع شخصيات يمنية مختلفة في السلطة والمعارضة، رجالاً ونساء على السواء، ومن كل مناطق البلاد. وستكون هذه الشخصيات حاضرة بتجاربها في الحياة هنا لتكون شاهدة على صور مختلفة من حياة اليمنيين. • عملك في وزارة الإعلام كانت له بصمات، هل تتذكر هذه الفترة التي امتدت من عام 70 71 رغم قصرها؟ عملي في الإعلام يعتبر أول عمل تنفيذي لي بعد الاستقلال، كنت قد عملت في البداية كمدير لمكتب وزير الخارجية بمنصب سكرتير أول، لكن كعمل تنفيذي مباشر بدأ في يناير من عام 1970 كمدير عام للإذاعة والتلفزيون، وجاءت هذه المهمة في ظل قيادات كفؤة أقدر مني على قيادتها متمثلة بالأساتذة علوي السقاف، عبد الحميد سلام، محمد مدي، فيصل عبد الكريم وغيرهم، فيما لم تكن عندي خبرة كبيرة سابقة في هذا المجال، لكنها هي السياسة حينها، ومع العمل استفدت كثيراً من هؤلاء وبدأت استوعب المهام الموكلة لي، لكن واجهتني مشكلة، وهي أن معظم الكوادر والموظفين العاملين في الإذاعة والتلفزيون كانوا غير مثبتين بالخدمة، والبعض منهم كان له سنوات طويلة داخل الإذاعة والتلفزيون، لكن وضعهم ظل معلقاً، فكانوا يعملون ويشتغلون ويستلمون رواتب وكل شيء لكن بدون تثبيت في الخدمة، وعندما استفسرت حول هذا الموضوع قالوا لي إن المسألة تحتاج إلى إجراءات وقرار، وكان أن أنجزت مهمة تثبيت الموظفين في الخدمة المدنية، واعتبره إنجازاً معقولاً تحقق لصالح العاملين. كانت لي زيارات للتلفزيون وتعرفت على كيفية الإخراج والإعداد وأشياء أخرى كثيرة، وحضرت بعض المقابلات واللقاءات التي كان يجريها كبار المذيعين مع كبار المسؤولين واستمررت على هذا المنوال حتى ذهبت في نهاية السنة لدورة دراسية في الاتحاد السوفييتي سابقاً. • ما هي المهام التي أوكلت إليك في وزارة الإعلام؟ تمثلت في قيادة المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون كمدير عام بما تمثله من مسؤوليات كبيرة. • هل كانت هناك رقابة على المواد التي تذاع وتنشر في وسائل الإعلام في تلك الفترة؟ يمكن القول إنه كانت هناك رقابة جزئية، وخاصة على ما كانت ترسله وكالات الأنباء الخارجية. أعداء النظام وأصدقاؤه • هل حصل عداء بين النظام الجديد مباشرة من قبل بعض الدول، بالذات الأوروبية والولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية، أم أنه كان هناك رضا عن النظام؟ لم أكن أشعر أن هناك عداء مباشراً للنظام، حتى اللقاءات التي كانت تتم مع الوزير الضالعي لم أكن أشعر بالعداء، بقدر ما كان النظام يتلمس مهماته الأولية ويحاول أن يستفيد من اللقاءات التي كانت تعقد مع سفراء هذه الدول، حيث كان يحاول أن يقيم علاقات ثنائية ممتازة مع الجميع، بالطيع لا يستطيع سفير أي بلد أن يفصح لك عن عدائه بشكل مكشوف، لكن يمكن أن يطرحها بشكل قضايا تطرح للنقاش بطريقة دبلوماسية أو غيرها، لكن أن يكون ذلك بشكل واضح فلم يكن هذا الشيء ملموساً بشكل كبير. • من كان أصدقاء اليمن في تلك الفترة؟ عدد أصدقاء الدولة الجديدة حينها كان بسيطاً، ومن أبرزهم الاتحاد السوفيتي، الصين، الجزائر، باكستان، الهند، ومصر كانت داعمة بعكس ما كان يقال حينها فهذه الدول كان لها سفراء وكانت لهم علاقات ثنائية جيدة مع اليمن، ولا أستطيع أن أتذكر الجميع. • كيف كانت علاقة اليمن مع بريطانيا وهي كانت مازالت خرجت من الأراضي الجنوبية، كيف استمرت العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدولة؟ وفقاً لاتفاقية الاستقلال الموقعة في جنيف كانت بريطانيا هي الطرف المفاوض باعتبارها دولة محتلة، وبالتالي كانت أول المعترفين باستقلال الجنوب، وكان عليها أن تفتح سفارة في عدن وأن يكون لها سفيراً، وهذا هو الذي حدث بعد الاستقلال، لكن العلاقات بين البلدين كانت في مد وجزر، وكان على بريطانيا التزاماً لتنفيذ اتفاقية جنيف، خاصة فيما يتعلق بالجانب المالي، لكن البريطانيين تنصلوا عن هذا الالتزام فيما بعد، دفعوا جزءاً من المبلغ الذي كانوا وعدوا به، كي تتمكن الدولة الجديدة من مواجهة التزاماتها، ثم تراجعوا عن دفع الجزء الثاني رغم متابعة السلطة حينها، وأذكر أن الأخ المناضل محمود عشيش، والذي كان حينها وزير المالية حاول بكل جهده باعتباره ممثلاً للحكومة تنفيذ هذا الاتفاق، لكن موقف بريطانيا في هذا الجانب لم يتزحزح، وهذا ما أدخل البلد في أزمات كثيرة منذ البداية، حيث واجهت مشاكل مالية كبيرة. لهذا جاء موضوع تقليص رواتب الموظفين بنسبة 40 % نتيجة لعدم التزام بريطانيا بتعهداتها، إذ كان لابد من إيجاد حلول ولابد من التضحيات في هذه المسألة، وكان من ضمن هذه التضحيات هو تقليص الميزانية العامة للدولة الجديدة، واتخذ هذا القرار، بالإضافة إلى إجراءات تقشفية أخرى ساعدت على أن يقف هذا النظام على قدميه فيما بعد. شعار تخفيض الرواتب • شعار "تخفيض الرواتب واجب"، هل كان بالفعل لشعور وطني أم أنه لضرورة الحاجة؟ هذا الموضوع جاء متأخراً، في سنة 1968 اتخذ هذا الإجراء الأولي من قبل القيادة السياسية على ضوء تنصل بريطانيا عن التزاماتها تجاه الجنوب بموجب اتفاقية جنيف، لكن شعار تخفيض الرواتب جاء في سنة 1973، والذي ترافق مع موضوع تأميم المساكن وما كانت تسمى حينها "المرتفعات الاقتصادية"، أي تأميم الشركات والبنوك الأجنبية، ولم يمس التأميم حينها شركة مصافي عدن التي كانت تدار بإدارة إنجليزية. • هل كان هناك فعلا تقبل للشعار من قبل الموظفين، أم أنهم كانوا تحت الضغط؟ بالطبع ليس هناك واحداً يقبل أن يعيش بمستوى أقل مما كان يعيشه، هذا كان قراراً سياسياً، لكنه جاء بانعكاس سلبي على كثير من الموظفين والكوادر وغيرهم، شعارات تلك الأيام كان يتبناها البعض للأسف بطريقة متشددة، اتخذت إجراءات أضرت بكثير من الكوادر والموظفين وغيرها، وأستطيع أن أقول إنه شعار سلطة وليس بقناعة المواطن، الذي يقول إن المواطن كان مستعداً ليضحي حتى بنصف راتبه غير منصف، لم يكن في ذلك الوقت من يستطيع أن يعترض، فقد كانت عملية التطرف تزيد أكثر وأكثر في مسألة العمل السياسي بالذات. • كيف تصف محطة عملك في التربية والتعليم؟ التربية جاءت كحل لإشكال كان موجوداً، كان حينها المناضل الأستاذ عبد الله باذيب وزيراً للتربية والتعليم، وكان الأخ حسن السلامي مديراً للتربية والتعليم، كانت هناك إشكالات قائمة في الوزارة حينها ما بين العمل النقابي وما بين قيادات الوزارة، بالطيع ليس كل عمل نقابي يمكن أن يكون توجهه صحيحاً في معالجة الأمور، فتمت التضحية بقيادة الوزارة للأسف الشديد نتيجة لهذه الإشكالات حتى نُوجد استقراراً في الوزارة، كما قيل حينها. كنت حينها قد عدت قبل شهر أو نصف شهر من موسكو، فكان وضعي ليس في التربية والتعليم، كان وضعي في المقر العام للجبهة القومية، فوجئت أن يطلب مني تحمل مسؤولية منصب وكيل وزارة التربية والتعليم بالوكالة وأن يكون الدكتور أحمد عبد الله عبد الله وزيراً للتربية والتعليم، فكانت المسألة حينها هي مسألة تكليف بقرارات من اللجنة التنفيذية في الجبهة القومية، فجئت على وزارة مازالت الإشكالات فيها قائمة، وهذه الوزارة لم أجلس فيها كثيراً، بقيت فيها نحو تسعة أشهر، وكانت حينها الصدامات داخل الوزارة قد بدأت تهدأ، لكنها لم تختف نهائياً، وهذا الموضوع عكس نفسه سلبياً عليها في بعض المعالجات، كما عكس نفسه على قرارات اتخذها الشخص الأول في الوزارة، ووجدت نفسي أمام طلب أن أذهب في إجازة يمكنك تسميتها "إجازة إجبارية". مع ذلك فقد حاولت أن أؤدي عملي قدر الاستطاعة في إطار التوجه الموجود على أساس أن أجد نوعاً من الاستقرار، وان أؤدي عملي بضمير، كما حاولت ألا أدخل في أية إشكالات سياسية مع الآخرين، خاصة مجموعة الأستاذ عبد الله باذيب، وكان الأستاذ حسن السلامي من أقدر الناس على تأدية أعمالهم، ومع الأسف لم أبق كثيراً في الوزارة. • كم ظلت الإجازة الإجبارية بالنسبة لك؟ لا أريد الدخول في تفاصيل أكثر، لكن للأسف الشديد بدأت تبرز حينها التصنيفات السياسية، فهذا يميني رجعي، وهذا يساري طفيلي أو انتهازي، إلى أخرها من التسميات، وهذا أدخلني في إطار تصنيف معين، وظلت تلك الإجازة حتى يناير 1973. • في أية خانة كنت؟ في خانة اليمين الرجعي، وكان ذلك سبباً في أن أمكث بلا عمل لأشهر عديدة وبإجراءات لا أستطيع أن أقول عنها إلا أنها تعسفية، لكنني فعلا بقيت بلا عمل من النصف الثاني من عام 1972 إلى بداية 1973، عندما رتب لي عمل في شركة الملاحة الوطنية كمساعد محاسب بحكم أن لدي خبرة محاسبية لا بأس بها بحكم عملي في شركة المصافي لثماني سنوات، حيث كان كل عملي في المصافي في إدارة الحسابات، وللأسف حتى حقوقي المتعلقة بكوني وكيل وزارة أو مدير عام للإذاعة والتلفزيون سابقاً، كل هذه الحقوق سقطت، وتم التعامل معي على أساس الوظيفة الجديدة (مساعد محاسب)، مع إسقاط كافة الحقوق السابقة من راتب ومزايا كنت أحصل عليها، وخسرت حوالي 70 % من دخلي السابق، وبدأت من نقطة الصفر. • كيف كان التزامك السياسي والتنظيمي، هل بقي هذا الالتزام لفترة طويلة؟ -لا، انقطع التزامي التنظيمي بالجبهة القومية عام 1972، وبالتحديد أثناء انعقاد المؤتمر العام الخامس، واستمر هذا الانقطاع حتى نهاية عام 1979، أي استمر حوالي ثمانية أعوام عندما طلب مني العودة لممارسة العمل السياسي بعد زوال أسباب الانقطاع، وهي على كل أسباب كانت تتعلق بعملية فرز للأعضاء لم تكن موضوعية. • هل قبلت الاستقالة؟ - هذا الأمر لم يكن بيد أحد، تقبل الاستقالة أم لا تقبل، هذا موضوع آخر، المهم أنني أوقفت نشاطي في الجبهة القومية اعتبارا من عام 1972، طبعا البعض حبذ الاستقالة نتيجة للفرز الذي ساد حينها للأعضاء، والبعض حاول أن يعترض، وهذه الفترة حدثت فيها أمور كثيرة مثل "تخفيض الرواتب واجب" و"تأميم المساكن" وغيرها من القضايا، وقد عانيت كثيرا بعد الاستقالة وخاصة الفترة من عام 1972 إلى 1976، عندما عينت مديرا عاما للمؤسسة العامة للنقل البري، وجزء من تلك المعاناة كانت الخوف على حياتي إضافة إلى حرماني من عملي في المواقع القيادية، مثلا إخراجي في إجازة إجبارية وأنا وكيل لوزارة التربية والتعليم، ثم إلغاء تعييني كمدير عام لشركة أحواض السفن عندما كلفني الأخ أنيس حسن يحيى بذلك، وكان حينها وزيرا للمواصلات، إذ لم أمكث سوى أسبوعين في هذا الموقع، ثم تعييني في مواقع أدنى من تلك التي تحملت مسؤوليتها من قبل وحرماني من الراتب والمزايا التي كنت أحصل عليها من سابق. يوم الوحدة • منذ أحداث يناير إلى يوم الوحدة والممتدة لنحو خمس سنوات، أين كان أحمد القعطبي؟ تعينت كمستشار لنائب رئيس الوزراء، وزير النفط والمعادن المرحوم صالح بن حسينون، وجاء هذا التعيين بعد مرور سنة من التوقف، ولم أبق مثل الآخرين بدون عمل، كنت أذهب لمساعدة ابن حسينون في الوزارة وتحملت مسؤولية مراجعة تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن أوضاع المرافق التابعة للوزارة، كنت أقرأها وأحلل الأرقام فيها وأرى ما هي المخالفات الموجودة وأعمل تقارير للأخ الوزير، وهو يقوم بعمل ما يراه مناسباً، وكنت أعد له المراسلات المطلوبة في هذا الموضوع للوزراء المختصين للرد عليها، وظللت على هذا الوضع حتى يوم الوحدة، أي أنني حاولت أن يكون لي شيئاً استطيع أن أعمله بدلاً من الجلوس مستشاراً بدون عمل إلى أن أتت الوحدة عام 1990. • في يوم الوحدة، أين كنت بالضبط؟ كنت في عدن، ولم أخرج منها منذ أن عدت إليها في فبراير 1986، وأثناء رفع علم الوحدة في 22 مايو 1990 كنت أتابع المشهد العظيم من منزلي، وهي لحظات ستظل في الذاكرة لا تنسى ؛ فقد كانت اللحظة التي انتظر قدومها كل المناضلين الوحدويين وكافحوا من اجل أن يروها وهم أحياء كنتاج حتمي لنضالهم من أجل تحقيق وحدة وطنهم. • هل كانت الوحدة برأيك مخرجاً لليمنيين من أزماتهم وحروبهم ومشاكلهم الداخلية؟ الوحدة بالنسبة للجميع كانت راسخة في الأذهان وجزء لا يتجزأ من قناعاتهم، ولم تكن مخرجا، بل كانت حلما سعى الجميع إلى تحقيقه وناضل من أجله، وتعرض بسببه للكثير من المتاعب منذ أن قامت الانتفاضات الشعبية في الثلاثينات وحتى الخمسينات من القرن الماضي، ثم الكفاح المسلح في الستينات حتى الاستقلال، وبعد الاستقلال ناضل الجميع من أجل تحقيق الوحدة اليمنية "، هذا الشعار لم يكن للاستهلاك أو كان زائفاً، بل كان الجميع يبحث عن ظروف ملائمة ومناسبة لكي تتحقق الوحدة اليمنية. بعد الوحدة ارتكبت أخطاء كبيرة وقاتلة جعلت من البعض يتراجع عن إيمانه بالوحدة، وهذا التراجع ليس حلا لأنه إساءة إلى نضالك وتاريخك والى الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل تحقيق الاستقلال والوحدة، وهذا التراجع ليس له مستقبل وليس له أفق، كما يردد دائما الأخ العزيز أنيس حسن يحيى. الأخطاء التي ارتكبت، ارتكبت بصورة خاصة على المحافظات الجنوبية بعد حرب عام 1994، ولا بد من الاعتراف بذلك وأن تتوفر الجدية عند من بيدهم القرار للوقوف أمامها والعمل على إزالة شكاوى الناس في المحافظات الجنوبية والبحث عن حلول منطقية التي من شأنها المحافظة على وحدة الوطن، بدلا من التمزق من جديد والتشظي إلى كيانات صغيرة ومبعثرة. الاعتراف بالأخطاء ليس عيبا، والاعتراف بالخصوصيات التي كانت تعيشها المحافظات الجنوبية هو إحدى الطرق للمحافظة على الوحدة، خاصة الخصوصيات الاجتماعية والثقافية، وعلينا أن نعترف أيضا أن الطريقة التي تمت بها تصفية القطاع العام، وطرد الآلاف من العمال من أعمالهم دون البحث عن حلول لهم قبل أن تقع الفأس على الرأس، وكذا إحالة آلاف العاملين إلى التقاعد دون سند قانوني، وسياسة التوظيف المجحفة بحق المحافظات الجنوبية التي لا تتناسب مطلقا مع نسبة المحالين إلى التقاعد تحت مبرر أن نسبة الموظفين الحكوميين فيها إلى سكانها تفوق نسبة الموظفين في المحافظات الشمالية إلى السكان فيها، متجاهلين أن هناك قطاعاً خاصاً واسعاً في المحافظات الشمالية يستوعب عشرات الآلاف من العاملين بينما لا يوجد قطاع خاص مماثل في المحافظات الجنوبية، ولذا وجدنا أن الأب أو الأم تحال على التقاعد، وابن أي منهما يتخرج من الثانوية أو المعهد الفني أو الجامعة مباشرة إلى الشارع، ويظل سنوات يبحث عن عمل دون أن يوفق في ذلك، بمعنى أن الأب أو الأم يطردا من العمل بحجة التقاعد والابن أو البنت لا يجدا عملا ويضاعفا من البطالة في داخل الأسرة الواحدة؛ فكيف يستوي ذلك؟! إضافة إلى أخطاء قاتلة أخرى إحداها تتعلق بالعبث الذي حدث في الأراضي وبطريقة مستفزة تحت حجة الاستثمار الذي لم نره من بعضهم بل أصبح بعضهم مليونيرات ما بين عشية وضحاها نتيجة قيامه ببيع ما منح من أراضي بمساحات شاسعة لا يتفق والغرض الذي منح لأجله تلك الأرض، ولذا أتمنى أن تتوفر الجدية في الوقوف أمام كل الأخطاء ومعالجتها معالجة صحيحة دون مكابرة، وهذه المعالجة هي في صالح الوحدة إن كانت هناك جدية في المحافظة عليها وبأي شكل من أشكالها. صحيفة السياسية