التقرير الاقتصادي لاتحاد وكالة الأنباء العربية (فانا) الذي أعدته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) - من محمود بوشهري تشهد عملية توظيف المواطنين في الكويت دعما كبيرا من الدولة التي تتبنى برنامجا رائدا على مستوى الساحة العربية بهذا الشأن وذلك لتشجيعهم على العمل في القطاع الخاص وتوجيههم نحو العمل الحر وإقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع تزايد اعداد العاملين في القطاع الحكومي وظهور ما يسمى ب(البطالة المقنعة). وكان لتزايد أعداد الداخلين الجدد الى سوق العمل وتكدس العمالة الوطنية في القطاع الحكومي اكبر الأثر في ظهور مشكلة جديدة لم تعرفها الكويت من قبل وهي " فئة المتعطلين عن العمل" الذين بلغت أعدادهم نحو ثلاثة آلاف مواطن العام 1997 وزادت حتى بلغت نحو عشرة الاف مواطن بحلول عام 2000 ما استوجب التركيز على مواجهة هاتين الظاهرتين وعلاجهما. وانطلاقا منهما بدأ الاهتمام بزيادة قيمة رأس المال البشري لدعم عمليات بناء الاقتصاد الوطني وزيادة الإنتاجية وتوجيه التوظيف نحو القطاع الخاص من خلال برنامج تبنته الحكومة الكويتية يهدف إلى تغيير قناعات المواطنين ودعمهم من اجل العمل في هذا القطاع الحيوي. وتعد الكويت الدولة الوحيدة في العالم العربي التي تقدم مثل هذا النوع من الدعم من خلال برنامج (اعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة) لتوجيه مواطنيها نحو العمل في القطاع الخاص وتوفير الوسائل المساندة كافة نحو بناء وتنمية اقتصاد كويتي بسواعد وطنية. ولتسليط الضوء على هذا البرنامج التقت وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الأمين العام المساعد لشؤون القوى العاملة في البرنامج فوزي المجدلي الذي قال ان الجهود في الكويت تضافرت من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لإصدار القانون رقم (19) لسنة 2000 بشأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية. وأضاف المجدلي ان الهدف الذي وضع من اجله البرنامج يتمثل بتقديم الحلول الإبداعية لظواهر التوظيف السلبية لا سيما تلك المتعلقة بعزوف المواطنين عن الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص الى جانب ارتفاع نسب البطالة وكبحها عند الحدود المقبولة عالميا (4) في المئة مبينا ان البرنامج فتح مجالات التوظيف في الجهات غير الحكومية وساهم في إعادة هيكلة الجهاز الحكومي وترشيد التوظيف فيه. وأشار إلى قيام البرنامج بجهود "غير مسبوقة" لتغيير قناعات المواطنين وأولياء الأمور وخريجي الجامعات والمعاهد التطبيقية والثانوية العامة للتوجه نحو العمل في القطاع الخاص وتقديم الدعم المادي وخدمات التدريب والتأهيل والعلاوات الاجتماعية المختلفة لهم ما يحقق للعاملين تطوير ذواتهم وتنمية إبداعاتهم بما يتفق مع الأهداف التنموية للدولة. وبين ان البرنامج يرى من خلال الخريطة الإستراتيجية الموضوعة للسنوات من 2011 وحتى 2020 ان القطاع الخاص هو الموظف الأكبر للعمالة الوطنية وتتمثل غايته في "توفير فرص عمل للمواطنين والمساهمة في تخفيف العبء المالي عن الدولة الناتج من التعيين في الحكومة فضلا عن الحد من البطالة ورفع تنافسية العمالة الوطنية". وذكر المجدلي ان البرنامج يسعى إلى "المساهمة في تعديل تركيبة سوق العمل وتوفير الدعم لتحفيز العمالة الوطنية للعمل في القطاع الخاص إضافة إلى توفير المعلومات والدراسات عن القوى العاملة الوطنية لصناع القرار". وقال ان المستفيدين من البرنامج منذ نشأته يتوزعون على وحدات القطاع الخاص والعاملين فيها والباحثين عن العمل والمبادرين الى المشروعات الصغيرة والمتوسطة إضافة إلى الطلبة عموما. وأشار إلى ان البرنامج يقوم بتوجيه وتدريب وإرشاد الباحثين عن عمل ودعمهم ماديا من خلال توفير الفرص الوظيفية لهم واستكشاف "المبادرين" إلى المشروعات الصغيرة وتوجيه الطلبة نحو التدريب والعمل في القطاع الخاص علاوة على ابتعاثهم عن طريق القطاع الخاص. وتناول المجدلي ابرز اختصاصات البرنامج ومنها اقتراح النظم المشجعة لتشغيل القوى العاملة الوطنية والإجراءات التي تؤدي إلى التنسيق بين مخرجات المؤسسات التعليمية والتدريبية وفرص العمل المتاحة إضافة إلى اقتراح القرارات المنظمة لصرف العلاوات الاجتماعية في الجهات غير الحكومية وقواعد صرف بدل البحث عن العمل. وأشار إلى واحدة من ابرز اختصاصات البرنامج وتتمثل باقتراح نسب القوى العاملة الوطنية التي تلتزم بها الجهات غير الحكومية في الوظائف والمهن المختلفة وفقا للقرار الوزاري الصادر في سنة 2002 الذي حدد نسبة العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية. واستشهد بذلك على سبيل المثال بتحديد نسب القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص حسب النشاط حيث تبلغ نسبة (التكويت) في البنوك 60 بالمئة وفي قطاع الاتصالات 56 بالمئة وشركات التمويل والاستثمار 40 بالمئة والبتروكيماويات والتكرير 30 بالمئة وغيرها من النسب المتفاوتة والموزعة على قطاعات وأنشطة اقتصادية أخرى. وأكد سعي البرنامج من خلال وضع هذه النسب الى الارتقاء بنسبة مشاركة المواطنين الكويتيين في إجمالي قوى العمل وزيادة استيعاب القطاع الخاص للعمالة الوطنية إضافة إلى الحد من تزايد الإقبال على العمل الحكومي والسيطرة على نسبة المتعطلين (المتخصصين) المحلية والمسجلين لدى البرنامج بحيث لا تزيد عن (1) في المئة. وعن عمليات التدريب والتأهيل أفاد المجدلي بأن إدارة تنمية العمالة الوطنية تقوم بتدريب العاملين في القطاع الخاص ومن هم على رأس عملهم لتطوير مهاراتهم وزيادة خبراتهم من خلال عقد الدورات التأهيلية حيث استفاد في الأربع سنوات الماضية من هذه الدورات ما يزيد عن 14 ألف مواطن ومواطنة بمؤهلاتهم وتخصصاتهم المختلفة. وكشف عن ان البرنامج بصدد إنشاء مركز تدريبي عالمي (غير ربحي) يقدم التدريب العام والتخصصي بكفاءة وقدرة عاليتين وفق المعايير المعمول بها عالميا لتوفير بيئة مناسبة لاحتضان الباحثين عن عمل. وعن عملية التواصل بين البرنامج والباحثين عن العمل قال المجدلي ان البرنامج أنشأ مركزا للتواصل لتقديم التسهيلات كافة للمواطنين من خلال توفير المعلومة المتعلقة بفرص العمل في القطاع غير الحكومي والشروط والإجراءات اللازمة للالتحاق واستقبال الشكاوى وتحريرها لإرسالها إلى الجهة المختصة وغيرها من الخدمات الإرشادية والتوجيهية. ونوه بدور البرنامج ابان الأزمة المالية العالمية الأخيرة عندما واجه ما نجم عنها من تداعيات سلبية كإنهاء بعض شركات ومؤسسات القطاع الخاص خدمات بعض العاملين الكويتيين لديها واتخاذه خطوة لإعداد (مشروع قانون للتأمين ضد البطالة) لتحقيق الأمن الاجتماعي والاستقرار الوظيفي. ورأى ان انسجاما مع رؤية الكويت نموذجا يحتذى به في مواجهة مشكلة البطالة فقد اقترح البرنامج قانون العمل في القطاع الأهلي بحلته الجديدة الذي يضمن مزايا العاملين في القطاع الخاص ويكفل تقريب المزايا بينهم وبين نظرائهم في القطاع الحكومي. وعن دور البرنامج الإعلامي أشار المجدلي الى قيام البرنامج بمشروع وطني إعلامي أطلق عليه مسمى (حملة التحدي) العام 2005 لرفع الوعي العام تجاه قضية العمالة الوطنية وتحفيز الشباب للعمل في القطاع الخاص حيث يتضمن رسائل توعوية مقروءة ومرئية ومسموعة تغرس لدى لشباب قيم العمل. وبين ان البرنامج يقوم بتنظيم وتنفيذ مشروع تدريب الطلبة للمواسم الصيفية بالتعاون مع شركات القطاع الخاص (بلغ عددهم منذ عام 2003 إلى 2010 نحو 8 آلاف طالب وطالبة) محققا الكثير من أهدافه في تغيير مفاهيم العمل لدى أبناء الجيل الحالي ومساهما بشكل كبير في توجيه خريجي الجامعات والمعاهد والثانوية إلى مؤسسات ومصانع القطاع الخاص. وذكر المجدلي ان البرنامج بصدد تفعيل تعيينات الدوام الجزئي للطلبة والطالبات ضمن خططه المستقبلية و"تكويت" العقود التي تبرمها الجهات الحكومية مع القطاع الخاص لزيادة العاملين الكويتيين لديها في تخصصات الأمن والتغذية والحراسة. وحول بعض الإحصائيات المتعلقة بالتوظيف والبطالة ذكر ان إجمالي إعداد العمالة الوطنية في القطاع الخاص عام 2001 بلغ نحو 5ر13 ألف مواطن ومواطنة وبلغ عام 2010 حوالي 4ر72 ألف مواطن ومواطنة كما زادت نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص إلى إجمالي العمالة في القطاع نفسه من 3ر1 بالمئة في 2001 إلى 3ر4 بالمئة في 2010. وحول نسب البطالة أوضح "أنها كانت تبلغ عام 2002 نحو 3ر8 بالمئة ووصلت عام 2010 إلى 7ر4 بالمئة ضمن معدلاتها المقبولة عالميا". وذكر ان إجمالي المعينين في القطاع الخاص اجتاز إجمالي المعينين في القطاع الحكومي بدءا من عام 2009 عندما وصل الإجمالي إلى حوالي 6ر17 ألف موظف في الخاص مقابل 8ر13 الف موظف في القطاع العام. وفيما يتعلق بصرف العلاوات الاجتماعية وعلاوات الأولاد للمواطنين أفاد بأن عدد من يتقاضى هذه العلاوات بلغ حتى عام 2010 حوالي 4ر48 ألف مواطن ومواطنة تصرف لهم علاوات شهرية تكفل لهم الرعاية الاجتماعية المناسبة. ورأى المجدلي ان الخطة التنموية للدولة "حلا جذريا" لمشكلة التوظيف في الكويت من خلال هدفها ببناء المشاريع العملاقة والتي ستستوعب أعدادا "ضخمة" من القادمين الجدد إلى سوق العمل خلال السنوات المقبلة إضافة إلى أنها ستساعد على نقل العديد من موظفي الدولة إلى العمل في المشاريع الحيوية الكبرى والمتنوعة. وقال ان البرنامج شكل لجنة لربط هذه المشاريع بأعداد الباحثين عن عمل ومخرجات التعليم المختلفة بالتنسيق مع الجهات المختصة بذلك. يذكر ان عددا من المسؤولين عن برامج توظيف العمالة الوطنية في بعض البلدان العربية زاروا (برنامج إعادة الهيكلة) للاطلاع على سير وآلية العمل فيه وذلك لتطبيقها في بلدانهم باعتباره نموذجا رائدا في المنطقة العربية يدعم ويشجع العمل المواطنين للعمل في القطاع الخاص. كونا