تصاعدت وتيرة الأحداث الأمنية في العراق لليوم الرابع على التوالي، وذلك إثر اقتحام ساحة الاعتصام في الحويجة، جنوب غرب كركوك في الوقت الذى يحذر فيه السياسيون من إشعال فتنة في البلاد. حيث قتل خمسة من عناصر الجيش العراقي وخمسة من عناصر الصحوة في رابع يوم من الاشتباكات وأعمال العنف احتجاجا على اقتحام الجيش ساحة الاعتصام بالحويجة. وقال ضابط في شرطة الرمادي غرب بغداد إن خمسة من استخبارات الجيش قتلوا وأصيب اثنان، كما جرح مسلح واحد، في اشتباك بين عناصر الاستخبارات ومسلحين قرب مكان الاعتصام في الرمادي الذي يطالب بسقوط المالكي. وأضاف إن الاشتباكات وقعت بين الجانبين بعدما أوقف مسلحون عناصر الاستخبارات الذين كانوا يستقلون سيارتين ويجولون قرب مكان الاعتصام. وفي تطور آخر قتل خمسة من عناصر قوات الصحوة قرب ناحية عوينات الواقعة على بعد عشرين كلم جنوب مدينة تكريت شمال العاصمة بعدما هاجم مسلحون نقطة تفتيش تابعة لهذه القوات، بحسب مصادر أمنية وطبية. وتأتي هذه الهجمات في إطار موجة من الاشتباكات وأعمال العنف ضد القوات الأمنية والتي اندلعت عقب اقتحام ساحة الاعتصام في الحويجة غرب كركوك الثلاثاء مما أدى إلى مقتل خمسين شخصا، وقد أغلقت السلطات الأمنية ساحة الاعتصام في كركوك أمس، وتوجهت لجنة برلمانية إلى هناك للاجتماع بالمسؤولين فيها والتحقيق في ملابسات الأحداث. سياسيا اعتبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم أن الفتنة الطائفية عادت إلى بلاده بعدما "اشتعلت في منطقة أخرى من الإقليم"، في إشارة على ما يبدو إلى سوريا المجاورة. وقال المالكي في افتتاح مؤتمر إسلامي للحوار في بغداد إن "الطائفية شر ورياح الطائفية لا تحتاج لإجازة عبور من هذا البلد إلى آخر وما عودتها إلى العراق إلا لأنها اشتعلت في منطقة أخرى في الإقليم". وذكر أن "الفتنة التي تدق طبولها أبواب الجميع لا أحد سينجو منها إن اشتعلت"، معتبرا أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في زمن "انفجار الفتنة الطائفية" في العالم الإسلامي. ورأى أن "نار الطائفية في العراق سرعان ما عادت بعد أن انطفأت، وعودتها ليست بالصدفة إنما مخطط وتوجيه وتبن". وأوضح رئيس الوزراء العراقي أن "من مخاوف الطائفية هي أنها سرعان ما تتحول بحركة سريعة إلى عملية تقسيم وتمزيق للبلدان الإسلامية، وهذا ما نراه في العراق والدول العربية والإسلامية الأخرى التي تعيش حالات طائفية". واعتبر الفتنة الطائفية "أخطر من مواجهة الجيوش والاحتلال". من جهتها حذرت الأممالمتحدة من أن العراق بات على "مفترق الطرق"، ويتجه نحو المجهول إذا لم تُتخذ إجراءات "حاسمة وفورية" لوقف انتشار العنف. وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن كوبلر في بيان إنه يدعو جميع الزعماء الدينيين والسياسيين للاحتكام إلى ضمائرهم واستخدام الحكمة، وألا يدعوا الغضب ينتصر على السلام. واعتبر كوبلر أن قادة البلاد يتحملون مسؤولية "تاريخية في تولي زمام الأمور والقيام بمبادرات شجاعة كالجلوس معا". على صعيد متصل يجري الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي مشاورات لتعيين مبعوث عربي الى العراق، للقيام بدور الوسيط مع كافة القادة السياسيين هناك، من أجل تهدئة الأمور والتوصل الى حلول على خلفية الازمة السياسية ، والتوتر الذى تشهده الساحة العراقية عقب أحداث اقتحام قوات الجيش لساحة الاعتصام في قضاء الحويجة جنوب غرب كركوك منذ أيام، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من قوات الأمن والمعتصمين. ورجح مصدر دبلوماسي بالجامعة العربية ان تكون هذه الشخصية مصرية ، في حال قبولها المهمة، لافتا إلى قلق الأمين العام للجامعة إزاء ما اعتبره تطورا في الأوضاع بالعراق ، خاصة عقب احداث قضاء الحويجة، ومن خطورة ما يجري من أحداث ستؤدي إلى مزيد من العنف. وكان الدكتور نبيل العربي قد أصدر بيانا في وقت سابق دعا فيه الحكومة والقوى السياسية العراقية إلى معالجة الأزمة الراهنة ، واحتواء الموقف في الحويجة فوراً، للحيلولة دون تفاقم الوضع الذي قد يؤثر سلباً على تماسك الشعب العراقي ومكوناته واستقرار وأمن العراق والمنطقة بأكملها، كما طالب الحكومة العراقية بإجراء تحقيق عاجل نزيه وشفاف يكشف المتورطين في الأحداث الأخيرة، وتقديمهم للمحاكمة لينالوا جزاءهم العادل. وكان رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق صالح الحيدري قد اعلن عن تأجيل عقد الاجتماع الذي دعا إليه ديوانا الوقفين الشيعي والسني في اطار مبادرة تم إطلاقها لكبار المسؤولين بهدف جمع القادة السياسيين على طاولة الحوار لحل الازمة الراهنة في البلاد، والذي كان من المقرر عقده امس الجمعة إلى إشعار آخر. يشار إلى أن أعمال العنف في العراق حصدت نحو مائتي قتيل وأكثر من 300 جريح على مدى الأيام الأربعة الماضية، ليرتفع معها عدد القتلى في شهر أبريل في البلاد، إلى 412 قتيلاً.