أثارت مواجهات جرت بين قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي ومتضامنين دوليين كانوا يحملون مساعدات إنسانية لسكان خربة مكحول بالأغوار الشمالية بالضفة الغربية بعد هدم خيامهم أخيرا قلق الأممالمتحدة وغضب الفلسطينيين. وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية جيمس راولي في بيان إن ما جرى في خربة مكحول يوم أمس الجمعة حيث منعت قوات الاحتلال الإسرائيلية سيارة تقل خياما من منظمة إنسانية دولية لمساعدة سكان التجمع الفلسطيني كان "مخيبا للآمال". وأضاف راولي، أن المنظمة الدولية "تعرب عن قلقها إزاء ما حدث حيث كان هدف المنظمات الدولية مساعدة فلسطينيين من بينهم 16 طفلا، هم بحاجة ماسة إلى المأوى في أعقاب عمليات هدم خيامهم الأسبوع الماضي. وشدد على التزام الأممالمتحدة وشركائها، بتقديم المساعدة الإنسانية إلى السكان المحتاجين فورا.. مضيفا أن المجتمع الإنساني الدولي سيواصل جهوده للتخفيف من الآثار الإنسانية، بما في ذلك التشريد وفقدان سبل العيش جراء عمليات الهدم التي ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية. ودعا راولي سلطات الأحتلال، إلى أن "ترقى إلى مستوى التزاماتها كقوة احتلال لحماية تلك المجتمعات تحت مسؤوليتهم، بما في ذلك وقف هدم المنازل والممتلكات الفلسطينية". واعتبر المسؤول الدولي، أن "النزوح من مجتمع الفلسطيني بأكمله في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة هو تطور مخيب للآمال جدا في مثل هذه اللحظات الحساسة حيث أننا نتطلع إلى إجراءات إسرائيلية على أرض الواقع". وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلية منعت سكان خربة مكحول من إعادة بناء الخربة التي هدمتها السلطات الإسرائيلية في 16 سبتمبر الجاري. وذكر شهود عيان، أن دبلوماسيين من فرنسا، وبريطانيا، واسبانيا، وايرلندا، واستراليا، والمكتب السياسي للاتحاد الأوروبي حضروا إلى المنطقة وهم يحملون مساعدات قبل أن تحيط بهم قوات إسرائيلية وتطلب عدم إفراغ حمولة شاحنة كانت ترافقهم. وأضاف الشهود، أن قوات الاحتلال "اعتدت" على سكان القرية بقنابل الغاز المسيل للدموع، والضرب بالهراوات، كما أنها "اعتدت" على صحفيين كانوا يتواجدون في المكان، إضافة إلى "الاعتداء" على دبلوماسية فرنسية. وفي هذا الصدد ، أدانت وزارة الشؤون الخارجية في السلطة الفلسطينية ما وصفته "بالاعتداء الغاشم الذي قامت به قوات الاحتلال على دبلوماسيين أوروبيين وأجانب أثناء توجههم إلى خربة مكحول المنكوبة، حاملين مساعدات إنسانية لسكانها". واعتبرت الوزارة التي أشادت بعمل هؤلاء الدبلوماسيين في بيان صحفي لها اليوم، أن ما "قامت به قوات الاحتلال اعتداء مباشر على دولهم، وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف واتفاقية فيينا الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية بين الدول". ورأت أن "ما تعرض له الدبلوماسيون الأجانب، يعطي الصورة الحقيقية للعالم عما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني بشكل يومي من اضطهاد ومعاناة من قبل قوات الاحتلال". وطالبت الوزارة في بيانها كافة دول العالم بما فيها الرباعية الدولية "بإدانة هذا العمل الجبان، الذي تعرضت له الدبلوماسية الفرنسية ماريون كاستينج، حيث سحبتها قوات الاحتلال خارج الشاحنة ودفعتها على الأرض، غير مبالية بحصانتها الدبلوماسية". كما طالبت الوزارة، بضرورة التحرك العاجل لوضع حد لهذه "الاعتداءات" الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني، والعمل من أجل توفير الحماية السياسية له. ووجهت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي اليوم، رسالة إلى القنصل الفرنسي العام في القدس هيرف ماجرو تطالب الحكومة الفرنسية بمحاسبة إسرائيل على اعتدائها على الدبلوماسية الفرنسية. وأعربت عشراوي في رسالتها التي بعثت نسخ منها أيضا إلى ممثلي دول الاتحاد الأوروبي، والبرازيل واستراليا اليوم باسم القيادة الفلسطينية، عن إدانتها "للاعتداء" على الدبلوماسية الفرنسية". واعتبرت عشراوي، أن ما وصفته "بالهجوم على عدد من الدبلوماسيين الدوليين الذين كانوا يقومون بمسؤولياتهم "رسالة قوية من قبل الحكومة الإسرائيلية إلى المجتمع الدولي لمنعه من ممارسة دوره في إيجاد نهاية سلمية للاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية حرة وذات سيادة وعاصمتها القدس". كما اعتبرت دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية في بيان لها، أن ما وصفته "بمخطط التطهير العرقي المنظم الذي تمارسه السلطة القائمة بالاحتلال بشكل هستيري في منطقة الأغوار، هو جريمة ضد الإنسانية". ورأى البيان، أن تلك الممارسات "تهدف إلى استفزاز أبناء الشعب الفلسطيني وجر المنطقة لمرحلة من عدم الاستقرار تكون فيها المستفيدة الوحيدة للتملص من استحقاقاتها السياسية والقانونية". ودعا البيان المجتمع الدولي، إلى التدخل بشكل عاجل "للجم الخروقات الإسرائيلية، ووقف الكوارث الإنسانية التي تقضي على مصادر وفرص الحياة وتهدد الوجود الفلسطيني". وكان الجيش الإسرائيلي هدم في 16 سبتمبر الجاري خياما لعشرات الرعاة والمزارعين الفلسطينيين في خربة (مكحول) على الأطراف الشمالية لمنطقة الأغوار. وقال عارف دراغمة رئيس مجلس محلي (المالح والمضارب) البدوية في الأغوار حينها، إن عمليات الهدم طالت خياما لنحو 120 فلسطينيا ما تسبب في تشريدهم، وذلك بدعوى أنها مناطق عسكرية خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي. واعتبر دراغمة، أن عملية الهدم تستهدف تهجير سكان منطقة الأغوار لأهداف استيطانية، مؤكدا أن الجهات الفلسطينية ستقوم بمواجهة هذه الإجراءات قانونيا في المحاكم الإسرائيلية. وأعلن الجيش الإسرائيلي المنطقة التي تركزت فيها عملية الهدم، منطقة عسكرية مغلقة وحظر على الصحفيين دخولها. ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بتصعيد إجراءاتها للسيطرة على منطقة الأغوار الحدودية المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 وتهجير سكانها، علما بأنها تشكل ما مساحته 27 في المائة من مساحة الضفة الغربية. وحسب اتفاق أوسلو فقد قسمت المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية إلى ثلاثة وهي (أ) وتخضع للسيطرة الإدارية والأمنية الفلسطينية، و (ب) وتخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والإدارية الفلسطينية، و(ج) وتخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية. وتسيطر سلطات الاحتلال على ما مساحته 87 في المائة من أراضي الأغوار الحدودية مع الأردن، وهي تنظر إليها كمحمية أمنية، وتقول إنها تريد أن تحتفظ بالمنطقة ضمن أي حل مع الفلسطينيين الذي يرفضون ذلك مطلقا. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس شدد أخيرا على تمسكه، بأن تكون "الحدود الشرقية لدولة فلسطين الممتدة من البحر الميت مرورا بالأغوار والمرتفعات الوسطى وإلى حدود بيسان هي حدود فلسطينية أردنية"، وقال "ستبقى كذلك، ولا يوجد بيننا طرف آخر وبصراحة لا توجد بينا إسرائيل". وجاء تصريح عباس في وقت تستمر فيه المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي بدأت في نهاية يوليو الماضي برعاية أمريكية بعد أن كانت متوقفة منذ أكتوبر عام 2010 بسبب الخلاف على البناء الاستيطاني الإسرائيلي.