وصلت إنتاجية اليمن من محصول خضار الطماطم العام الماضي إلى 258 ألف و 654 طنا من مساحة مزروعة بالمحصول قدرها 18 ألف و274 هكتار مقارنة بإنتاجية 220 ألف و180 طن طماطم من مساحة 16 ألف و584 هكتار خلال العام 2011م . ووفقا لبيانات الإحصاء الزراعي فإن اليمن حققت أعلى معدل لإنتاج الطماطم خلال العام 2010م والذي وصل الى 261 ألف و930 طنا من مساحة مزروعة بالمحصول تجاوزت 18 ألف و542 هكتار . وعزا مختصون في مجال الزراعة تراجع إنتاجية اليمن من الطماطم خلال السنتين الماضيتين الى عوامل تتعلق بالأزمة التي شهدتها البلاد في العام 2011م وتأثيراتها السلبية على تدني إنتاجية القطاع الزراعي بشكل عام متأثرا بانعدام المشتقات النفطية ومادة الديزل وارتفاع أسعارها مما دفع بعض المزارعين خاصة في المناطق النائية والأرياف الى تقليص حجم المساحات المزروعة لديهم تهربا من الخسائر التي قد يتكبدونها في حال تكدس المحصول الى الأسواق وانخفاض سعره . مدير عام التسويق والتجارة الزراعية بوزارة الزراعة المهندس فاروق محمد قاسم اعتبر ان ارتفاع سعر الديزل خلال العام 2011م اضافة الى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي من معدات وبذور وأيدي عاملة وغيرها كانت من أبرز العوامل التي أثرت على إنتاجية القطاع الزراعي خاصة الخضروات والحبوب الغذائية في ذلك العام . وأوضح لوكالة الأنباء اليمنية /سبأ/ أن مزارعي الطماطم يتعرضون في الأغلب الى خسائر اقتصادية عندما يتكدس المحصول في الأسواق، حيث ان زراعة الطماطم وتسويقها في اليمن ما تزال تعاني الكثير من الإشكاليات أبرزها توجه المزارعون في وقت وموسم واحد الى زراعة هذا المحصول ، أو عزوف الأغلبية منهم عن زراعته الأمر الذي يجعل الطلب عليه كبير وبالتالي يرتفع سعره الى مبالغ خياليه تصل سعر سلة الطماطم تزن 22 كيلوجرام الى أكثر من 12 ألف ريال أو انخفاض السعر في بعض المواسم الى 500 ريال للسلة . ولفت مدير عام التسويق والتجارة الزراعية الى أهمية تفعيل دور الإرشاد الزراعي في هذا الجانب .. مبينا ان الطماطم من محاصيل الخضروات التي تكون نسبة فاقد ما بعد الحصاد فيها مرتفعة والتي تصل الى 50 بالمائة نتيجة لعوامل تتعلق بالفرز والتعبئة والتغليف والنقل وغيرها. وتوقع تراجع إنتاجية اليمن من الطماطم خلال العام الجاري نتيجة لانتشار حشرة التوتا ابسلوتا والتي تدعى بحشرة صانعة الأنفاق على الطماطم والتي ظهرت مؤخرا في معظم مناطق الجمهورية وعلى نطاق مساحات زراعية واسعة وتأثيرات هذه الحشرة سلبيا على إنتاجية الطماطم وجودتها الأمر الذي شكل عائقا أمام المزارعين لتوسيع نشاطهم في زراعة هذا المحصول في معظم الأودية والمناطق الزراعية . وعن دور وزارة الزراعة والري في الحد من هذه الحشرة الخطيرة التي تهدد مساحات زراعية واسعة مزروعة بالطماطم والتي تؤثر على السيقان والثمار فإن الوزارة ومن منطلق مسئوليتها استشعرت حجم الكارثة في وقت مبكر أثناء ظهور هذه الحشرة في بعض المناطق وتأكدها من انتقالها من عدد من الدول المجاورة المصابة ، قامت بالتنسيق مع المنظمات المختصة بالشأن الزراعي والمانحين بغية الحصول على دعم ومساندتها في عملية المكافحة والسيطرة على الحشرة التي كبدت قطاع الزراعة خسائر اقتصادية تقدر بمليارات الريالات . حيث قدرت إحصائية رسمية حجم الخسائر في محصول الطماطم في اليمن منذ ظهور الحشرة خلال العام الجاري وحتى أغسطس الماضي بما يزيد عن 71 مليار ريال . وسعت الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة الى حشد الجهود في مواجهة هذه الحشرة حيث اعتمدت 250 مليون ريال من حساب صندوق تشجيع الانتاج الزراعي والسمكي و25 مليون من بنك التسليف التعاوني والزراعي لمكافحتها ، كما أن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أعلنت استعدادها تزويد وزارة الزراعة ب 35 ألف فرمون الى جانب تنفيذ عدد من الدورات التدريبية والمسوحات ووسائل المكافحة المختلفة . وكانت وزارة الزراعة دشنت خلال سبتمبر الماضي توزيع الدفعة الأولى من الفيرمونات التي وصلت عن طريق المساعدة المقدمة من وزارة الزراعة الأمريكية والتي وصل منها 30 ألف فرمون من اجمالي 160 ألف فرمون الى جانب المصائد ووسائل حفظ ونقل وتخزين تلك الفيرمونات، في حين أن عملية مكافحة الحشرة في اليمن بحاجة الى أكثر من 500 ألف فرمون نتيجة للانتشار الواسع للحشرة وتسببها في اتلاف محاصيل الطماطم وتأثيراتها ايضا على زراعة العائلة الباذنجانية بشكل عام . ولا يمكن مكافحة الحشرة بالمبيدات والسموم كونها اكتسبت مناعة ضدها نتيجة لكثرة مكافحتها بالمبيدات في الدول التي ظهرت فيها هذه الحشرة ، الأمر الذي استدعى المكافحة باستخدام الفرمونات والمصايد المائية التي تعمل على قتل ذكور الحشرة وايقاف عملية التخصيب ومنع التكاثر . وتتكاثر الحشرة بسرعة عالية جدا وفي فترة قصيرة حيث تكتمل دورة حياتها خلال 30 الى 40 يوم ولها قدرة تكاثرية عالية تنتج من 10 الى 12 جيل في السنة . وتسبب التوتا ابسلوتا اصابات بليغة على نبات الطماطم لان اليرقات تتغذى على الأوراق بحفرها أنفاقا وممرات غير منتظمة على الأوراق وتتغذي ايضا على نسيج الأغصان وتسبب دمارا كبيرا لثمار الطماطم يتراوح ما بين 50 – 100 بالمائة . وتنتشر الحشرة من منطقة الى أخرى عن طريق نقل الشلات وثمار الطماطم المصابة ووسائل النقل والمعدات الزراعية والعبوات التي تستخدم في نقل الثمار والبذور وكذا بواسطة الرياح . وفي هذه الأثناء تشهد أسعار الطماطم في الأسواق ارتفاعا واضحا رغم أن أغلبها مصاب بسبب حشرة التوتا ابسلوتا التي تؤدي الى تعفن الثمرة . ويشكوا مزارعو الطماطم في معظم المناطق المصابة من تكبدهم خسائر كبيرة بسبب الحشرة حيث يفقدون ما يزيد عن ثلث المحصول في الموقع أو الحقل المزروع بأشجار الطماطم ورغم ارتفاع سعر الطماطم في السوق الا أن الكميات التي يجنونها لا تمكنهم من تحقيق ارباح لتغطية تكاليف الإنتاج . وهو ما يؤكده سعيد يعقوب أحد مزارعي الطماطم في تهامة قائلا " لدينا مساحات واسعة زرعناها بأشجار طماطم وكلنا أمل ومستبشرين بموسم زراعي وفير يمكنا من جني مكاسب وإرباح لتغطية نفقات تكاليف الإنتاج من بذور ومستلزمات ومعدات الإنتاج وتسديد قيمة مياه الري والديزل ونفقات الأيدي العاملة، ورغم ان السوق هذه السنة مبشر بخير أسعار الطماطم مرتفعة لكننا تفاجئنا بظهور حشرة غريبة ضربت المحصول وأصابته بشكل عام وأثرت على جودته ومظهره ما جعلنا نبيع الكميات المتوفرة من المحصول بأسعار رخيصة جدا " . وأشار يعقوب الى أن هذه الحشرة دخيلة لأول مرة تظهر في مزارعه .. مناشدا الحكومة ووزارة الزراعة بالتدخل الفوري وتكثيف أنشطة المكافحة في مختلف المناطق المصابة حتى يمكنه تعويض ما تكبده من خسائر خلال موسم زراعي قادم . ويجهل المزارع اليمني بهذه الحشرة وبطرق مكافحتها كونها حشرة جديدة انتقلت الى اليمن لأول مرة رغم وجودها في معظم البلدان العربية ونتيجة لذلك فإن وزارة الزراعة والري ممثلة بالإدارة العامة لوقاية النباتات وبالتعاون مع الوكالة الامريكية للتنمية الدولية عملت على إعداد وتنفيذ برامج مكافحة للحشرة تتضمن برامج إرشادية وتدريبية للمرشدين الزراعيين ليقوموا بدورهم في إرشاد المزارعين وتوعيتهم بكيفية التعامل مع الحشرة ومكافحتها باستخدام الفيرمونات الخاصة بذلك والتي تم توفير كميات منها وتوزيعها على بعض المناطق تمهيدا لتوزيعها على نطاق واسع لمختلف المناطق خلال المرحلة القادمة .