ترتفع وتيرة مواجهة الحكومة المصرية مع الإرهاب الذي يؤثر بشكل مباشر على جهودها في مواجهة الصعوبات الاقتصادية وانحسار السياحة والاستثمار. وتعاني شبه جزيرة سيناء تحديداً من أوضاع أمنية غير مستقرة منذ سنوات طويلة، تتضاعف وتيرتها من فترة لأخرى، بعض المراقبون يعلل ذلك بغياب هيمنة الدولة على عمق شبه الجزيرة وغياب المشروعات التنموية والاستثمارية التي تنهض بسيناء. بينما تشير تقارير أمنية أن الوضع في سيناء ازداد سوء وتدهورا بعد ثورة 25 يناير2011 وتنحي الرئيس مبارك، في حين أصبحت أكثر عنفا عقب عزل الرئيس محمد مرسي. هذا ما دفع محلل الشئون العربية بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية /روعيه كايس/ الى القول أن الاستقرار في شبه جزيرة سيناء تزعزع كثيرًا منذ الاطاحه بمبارك، وهى الفترة التي استغلها البدو والجهاديين في سيناء للسيطرة على كثير من الطرق والمواقع، في ظل الفوضى الأمنية وتراخي قبضة الحكم المركزي. وفي رصد لأهم العمليات النوعية التي واجهتها الحكومة المصرية بعد عزل الرئيس مرسي ووصفتها بالإرهابية كانت عملية قتل 25 شرطياً في هجوم على حافلتهم في أغسطس الماضي، وتعرض 6 جنود في عملية مزدوجة للقتل، وقتل 3 آخرين من عناصر الأمن في إطلاق نار على حاجز أمني بسيناء في سبتمبر الماضي، وفي 8أكتوبر قتل 3 عناصر من الشرطة المصرية في انفجار سيارة مفخخة في جنوبسيناء، وفي 10أكتوبر قتل 4 من قات الأمن بالعريش، وأخيرا في الأسبوع الماضي قتل 11 مجندا في الجيش المصري وإصابة 37 آخرين. وهذا ما فرض على المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري إلى التأكيد أن الحكومة المصرية لن تتهاون مع الجماعات الإرهابية التي تريد زعزعة أمن واستقرار مصر، بينما دفع المتحدث العسكري المصري إلى التنويه بان توسع العناصر الإرهابية في تنفيذ عمليات مخططة ضد عناصر القوات المسلحة والشرطة في سيناء هدفه محاولة إشاعة الفوضى وزعزعة الاستقرار وتقويض الأمن القومي المصري. وفي هذا الصدد أيضا أكد وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي ان سقوط المزيد من الشهداء لم يزد القوات المسلحة المصرية إلا إصراراً وعزيمة لمواجهة الإرهاب، منوها إلى ان كل من يرفع السلاح على الجيش او الشرطة فهو إرهابي ومجرم". في المقابل تحرص جماعة الإخوان المسلمين بعد كل حادثة ان تعلن عبر منابر متعددة تبرؤها من هذه الهجمات الإرهابية، بل وإدانتها لها على لسان أعضاء التحالف الوطني لدعم الشرعية، وتؤكد بشكل مستمر ثوابتهم التي لا يحيدون عنها، وعلى رأسها مبدأ السلمية، منوهين الى استمرارهم في المقاومة السلمية للانقلاب العسكري على الشرعية الدستورية "بحسب وصفهم". بينما يرى الخبير العسكري المصري اللواء فؤاد حسين إن استمرار العمليات الإرهابية في سيناء هدفه الأول الحصول على مكاسب أو إجبار الجيش والشرطة على التفاوض. ودفع تصاعد العمليات والمواجهات المسلحة لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري إلى استحداث مادة جديدة تضع ﻷول مرة في تاريخ دساتير مصر، لمواجهة اﻹرهاب وإعلان الحرب عليه، تلزم الدولة بمكافحة الإرهاب ووضع تعريف محدد للجرائم الإرهابية بما يتفق مع تعريف مجلس الأمن الدولي للإرهاب. وتنص المادة على أن تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بمعايير تعريف الأممالمتحدة له بكافة أشكاله وبتجفيف منابعه الفكرية والمجتمعية والمادية باعتباره تهديدا للوطن وللمجتمع وذلك دون إهدار للحقوق والحريات، وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه". ودفع ذلك أيضاً الحكومة المصرية إلى اتخاذ عدد من الإجراءات الاستثنائية تضاف الى ما تتخذه لمواجهة ما تصفه بالعمليات الإرهابية، بدافع ضرورة توفير الأمن والأمان وإعادة الاستقرار للشارع المصري، عبر توفير كافة أشكال الدعم من الدولة لقواتها المسلحة والشرطة، بما يساعدهما على القضاء على الإرهاب ومواجهة عمليات الاغتيال، والتخريب، وسرعة إصدار قانون تنظيم حق التظاهر السلمي، وتخصيص دوائر لسرعة إصدار أحكام قضايا الإرهاب لتحقيق العدالة الناجزة، بالاضافة إلى مراجعة قرارات العفو الصادرة من الرئيس السابق، وكذلك القرارات التي صدرت عنه الخاصة بمنح الجنسية المصرية لغير المصريين. وترى الحكومة المصرية من شأن تلك الإجراءات الاستثنائية الحفاظ على هيبة الدولة، وحماية الوطن والمواطنين، ومواجهة الإرهاب بكل صورة، واستكمال خارطة الطريق التي توافق عليها الشعب المصري. كما يثار الجدل أيضاً حول "قانون مكافحة الإرهاب"، ففي الوقت الذي يطالب فيه قانونيون الحكومة المصرية بسرعة إصدار هذا القانون، تصفه بعض المنظمات الحقوقية بانه يمثل انتكاسة لحقوق الإنسان، نظراً لإمكانية خروجه عن أهدافه الخاصة بمكافحة الإرهاب إلى نطاق قمع حريات الرأي والتعبير والنشاط السياسي السلمي. ويرى بعض الحقوقيين ان قوانين مكافحة الإرهاب لم تقضي عليه بقدر ما كبلت الحريات وقيدتها، مشيرين إلى ان مشروع قانون الإرهاب الجديد الذي نشره الموقع الالكتروني لصحيفة المصري اليوم المصرية هو الأسوء بين القوانين التي قدمت خلال العقود الأخيرة من حيث استخدام التعبيرات الغامضة والمعاني الفضفاضة والتي لا تخضع للضبط القانوني، وتقبل تفسيرات متعددة طبقاً لتوجهات وطبيعة ومرجعيات النظام الحاكم. ومن الانتقادات التي وجهت الى مشروع القانون توسعه في ضم العديد من الأفعال السلمية ليدرجها ضمن الجرائم الإرهابية، وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير وعلى استخدام الإنترنت. الامر الذي دفع بعض الناشطين الحقوقيين كما ذكر موقع صحيفة الوفد الالكترونية إلى المطالبة بإيجاد إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب ومحاصرته، وتجفيف منابعه، من خلال تقديم حلولاً لمعالجة تردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تشكل بيئة خصبة داعمة للإرهاب والتطرف، ورفع القدرات والإمكانيات الفنية والتقنية لأجهزة الأمن لتؤدى دورها في إطار سيادة القانون. وتنتاب الشارع المصري حالة من القلق الدائم في ظل ارتفاع حدة المواجهات بين الحكومة المصرية ومع من تصفهم بالإرهابيين، وهو ما يعد مؤشرا خطيرا أعاد إلى الأذهان أجواء حقبة التسعينيات من القرن الماضي في مواجهات مع الإرهاب.