تظهر احدث التقارير الدولية حول المياه، أن معظم دول منطقة الشرق الأوسط مهددة بحدوث نزاعات بسبب المياه، اذا ما فشلت دول المنطقة في التعاون مع جيرانها في إدارة المصادر المشتركة التي تعتمد عليها، فيما تبرز خطورة ذلك في اعلان الأممالمتحدة لعام 2013م بأنه عام التعاون المائي . ويحذر التقرير الدولي الذي أطلقه رئيس المجلس الاستشاري للأمم المتحدة للمياه الأمير الحسن بن طلال امس الخميس في العاصمة الأردنية عمان، من إن معظم البلدان في الشرق الأوسط في خطر من حدوث نزاعات، بسبب تجنبها التعاون الإقليمي في المياه، بالرغم من توقيعها العديد من الاتفاقيات، في الوقت الذي ما زال التعاون الفعال مفقوداً. ويقول التقرير والذي أعدته مجموعة الاستشراف الاستراتيجية الدولية بعنوان /التعاون المائي من أجل عالم آمن/ أن التعاون المائي لا يكون فقط بإبرام الاتفاقيات، بل يجب أن يقترن بالتزام سياسي في تنفيذ المعاهدات والاتفاقات بالتزامن مع التزام سياسي قوي . ويقول الباحثون في مجال المياة إن نزاعات القرن ال 21 سيكون سببها الحاجة إلى مورد المياه الثمين، خاصة وأن التغيرات المناخية والنمو السكاني وما يرافقه من تلوث بيئي، سيتجاوز الطلب على المياه بنسبة 40 في المائة من المخزون الحالي بحلول العام 2030م. ويشيرون الى ان الدراسة التي أجرتها المجموعة ل 148 دولة وأحواضاً مشتركة ل 205 أنهار، أظهرت أن هناك 37 دولة معرضة للدخول في نزاعات لأسباب عديدة في ما بينها، وهي التي لا يوجد بينها تعاون مستمر لإدارة مصادر المياه المشتركة بينها . ويرون أنه يمكن تجنب الكلفة الكبيرة للنزاعات في حال تمكنت الدول في المنطقة بما فيها إسرائيل من العمل معا حول المياه .. مشيرين الى ما ذكره تقرير المجموعة الذي يركز على منطقة الشرق الأوسط، بأن الدول التي تتعاون في إدارة مصادر المياه المشتركة بينها، لن تدخل في نزاع مهما كانت الأسباب. وفي هذا السياق يقول رئيس المجموعة صنديب واسليكر، إن التقرير يوضح العلاقة القوية بين درجة التعاون في مجال المياه والمناخ العام للسلام بين بلدين أو أكثر، فضلاً عن انه يوفر دليلاً على وجود المشكلة التي أهملت لفترة طويلة جداً ولها القدرة على التسبب في مزيد من التعقيدات في المستقبل. ويشير واسليكر الى أنه على الرغم من تنامي الإجماع الدولي حول أهمية المياه باعتبارها أداة للتعاون (كما وردت في تسمية الأممالمتحدة لعام 2013م بأنه عام التعاون المائي) الا ان العديد من الخبراء يحرصون على تصوير المياه كمصدر محتمل للصراع. ويوضح ان من بين 148 دولة شملها تقرير التعاون في مجال المياه من أجل عالم آمن، هناك 37 دولة في خطر الدخول في حرب بسبب قضايا أخرى غير المياه، بما في ذلك الأرض، والدين، والتاريخ، والأيديولوجيا، وان من الصدفة ان تكون هي نفسها الدول التي لا تنخرط في تعاون مائي مع جيرانها. ويشير الى اهمية التعاون، وذلك لكون ان أكثر من 100 من تلك البلدان التي تعزز التعاون في مجال المياه قولاً وممارسة، تتمتع بعلاقات سلمية وآمنة مع البلدان المجاورة لها، باعتبار ان قضيتي المياه والسلام مترابطتان. وتأتي قضية المياه، كاحد ابرز القضايا التي تهتم بها الاممالمتحدة وذلك لما تسببته هذه القضية وقوع سلسلة من أعمال العنف المرتبطة بين القبائل والقطاعات المستخدمة للمياه، وسكان المناطق الريفية والحضرية، والولايات أو الأقاليم. وتشير بعض البحوث إلى أن احتمال حدوث أعمال العنف وشدتها يزدادان كلما تقلص النطاق الجغرافي، خاصة وان القضايا المحلية المرتبطة بالمياه في شتى أنحاء العالم، تتمحور حول قيم أساسية تعود في أحيان كثيرة إلى أجيال من الزمن. وتشير البحوث الى بعض النزاعات الداخلية المرتبطة بالمياه والتي اسفرت في الهند عن أعمال اقتتال بين المستخدمين الواقعين عند أعلى نهر كوفيري في الهند والمستخدمين الواقعين في أسفل مجرى هذا النهر، وبين سكان أمريكا الأصليين والمستوطنين الأوروبيين. كما ان الخلافات المرتبطة بالمياه قد تؤدي أيضاً إلى حالات عصيان مدني وأعمال تخريب واحتجاجات عنيفة، كتلك التي وقعت في ولاية أوريسا الهندية، حينما اصطدم 30 ألف مزارع بالشرطة في ديسمبر 2007م بسبب قرار اتخذته الحكومة قضى بالسماح لعدد كبير من الشركات بضخ المياه من سد هيراكود علماً بأن المزارعين كانوا يعتمدون على هذه المياه لأغراض الري. وتؤكد البحوث ان انعدام الاستقرار على الصعيد الوطني في بعض الأحيان، ينجم عن الإدارة غير الفعالة أو غير المنصفة لخدمات المياه، حيث وترتبط الخلافات التي تنشب في هذا الصدد بشبكات توصيل المياه إلى الضواحي أو المناطق الريفية والمسؤوليات المرتبطة بالخدمات المقدمة، وبالأسعار على وجه الخصوص. كما تنشب خلافات مرتبطة بإدارة إمدادات المياه بين المجتمعات المحلية وسلطات الدولة بوجه عام، وتتطور الى احتجاجات عندما يعتبر السكان أن إدارة خدمات المياه يشوبها الفساد أو أن الموارد العامة تُستغل لتحقيق مكاسب خاصة.