ترجح الحكومة اليابانية بتعزيز تحالفها مع الولاياتالمتحدة وذلك من خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك اوباما في أبريل المقبل. وقال كبير أمناء مجلس الوزراء يوشيهيدى سوجا إن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يأمل أن يبحث مع الرئيس الأمريكي السبل التي يمكن للبلدين من خلالها تعزيز علاقاتهما، من خلال بحث مجموعة من الموضوعات المتعلقة بمنطقة آسيا-الباسفيك والعالم. وقال البيت الأبيض إن اوباما سيزور اليابان في أواخر أبريل وأكد مجددا تعهده تجاه المنطقة بأنه أول "رئيس سلمى" لأمريكا يلتزم بإعادة التوازن بين الموارد العسكرية والإستراتيجية في المنطقة. ودفع إلغاء اوباما لجولته الآسيوية التي كانت مقررة في العام الماضي والذي تزامن مع ترك بعض الفاعلين الرئيسيين في إدارته لمناصبهم والذين كانوا ملتزمين بتركيز واشنطن الجديد على منطقة آسيا الباسفيك مثل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ووزير الدفاع السابق روبرت جيتس، بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأن قناعات اوباما بدأت تتضاعف. بيد أن واشنطن أكدت على أن أول محطة لاوباما في جولته الآسيوية ستكون اليابان لإجراء محادثات مع آبي يعقبها زيارة إلى سول للقاء الرئيسة الكورية الجنوبية بارك جيون-هي، ومن المحتمل أن يختتم جولته بزيارة مانيلا حيث سيلتقي بالرئيس الفلبيني بنينو اكينو. وقال البيت الأبيض انه تم التخطيط لزيارة رسمية إلى الصين أواخر العام. ووفقا لبيان صادر عن البيت الأبيض، فان جولة أوباما الآسيوية في أبريل ستسلط الضوء على "الالتزام الحالي بشأن زيادة المشاركة الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية لواشنطن مع دول منطقة آسيا- الباسفيك". ومن المرجح أن يعتمد الرئيس الأمريكي في زيارته إلى اليابان على آبي وفريقه للتفاوض للانتهاء من عدد من اتفاقيات التجارة الحرة للشراكة عبر الأطلسي، والتي تضم 12 دولة عضو، في محاولة لتسريع إقامة كتلة للتجارة الحرة تمثل حوالي 40 في المائة من الاقتصاد الدولي عندما تأتي بثمارها كاملة. وتعتبر اليابان عائقا كبيرا في طريق المفاوضات، التي كان من المفترض أن يتم الانتهاء منها في نهاية العام الماضي لان طوكيو تحاول الإبقاء بطريقة غير مناسبة على تعريفات جمركية عالية على قطاعها الزراعي الحساس لحماية الصناعة العتيقة، وهو ما تعتبره الدول الأعضاء في كتلة الشراكة عبر الأطلسي، ومنها الولاياتالمتحدة، أمرا لا يتمشى مع روح الإعلان الأصلي في الشراكة الذي وافقت عليه تلك الدول. وفي الوقت الذي تتحمس فيه اليابان إلى بحث البيئة الأمنية في آسيا، مع تأكيد اوباما وآبي على التحالف الأمني الثنائي والصداقة الخاصة بين البلدين، يتطلع أوباما إلى حث آبي على التسريع في نقل قاعدة فوتينما الجوية في محافظة اوكيناوا وفقا لاتفاقية ثنائية سابقة. وكان سبب تأجيل نقل القاعدة المعارضة المحلية حيث كانت تمثل مشكلة بالنسبة للحكومة المركزية وواشنطن، اللذين حاولا تهدئة الوضع بالتعهد بنقل حوالي 8 آلاف جندي خارج أوكيناوا إلى أماكن مثل جوام، في محاولة لتخفيف المتاعب التي تسببها القاعدة لأهالي أوكيناوا، الجزيرة الصغيرة التي تستضيف 75 في المائة من إجمالي القوات العسكرية الأمريكية في اليابان. ويزعج واشنطن أيضا زيارة رئيس الوزراء الياباني المثيرة للجدل للضريح المرتبط بالحرب في 26 ديسمبر الماضي. فزيارة آبي غير المدروسة لضريح ياسوكوني في طوكيو، الذي يكرم 2.5 مليون روح من بينهم 14 من مجرمي الحرب من الدرجة الأولى، هو تذكرة أليمة لجيران اليابان بالحكم الغاشم والعسكري لطوكيو إبان فترة الحرب العالمية الثانية. وأثارت زيارة آبي استياء واشنطن، التي أصرت على عدم قيامه بالزيارة قبل 26 ديسمبر، إلا انه تجاهل تلك المطالب حتى بعد معرفته أن زيارته المقررة ستستفز جيران اليابان ومنها الصين وجمهورية كوريا اللذين عانيا من القبضة الوحشية للاستعمار اليابانى خلال فترة الحرب. وفي ظل العلاقات الدبلوماسية المعقدة مع الصين وجمهورية كوريا، والتي أكدتها زيارة آبي إلى الضريح، تعرض رئيس الوزراء الياباني لانتقادات شديدة من واشنطن، التي قالت في خطوة غير مسبوقة أنها تشعر "بخيبة أمل" إزاء زيارة آبي إلى الضريح لأنها لن تؤدي فقط إلى زيادة التوترات في منطقة آسيا-الباسفيك، في الوقت الذي تحث فيه واشنطن على تعزيز الحوار والدبلوماسية بين كافة الأطراف لمعالجة القضايا الراهنة، التي تؤدي إلى نفور بعض الدول من بعضها في منطقة شمال شرق آسيا. وقال مراقبون إن اوباما ربما يريد أن يسمع مباشرة من آبي هدفه من زيارة الضريح، مدركا الأزمة الدبلوماسية التي سببتها. كما أشار مراقبون على صلة بالأمر إنه من المحتمل أن يطلب اوباما من آبي توضيح خططه لتخفيف حدة الخلاف بين اليابان وجيرانها، وتحسين الدبلوماسية في المنطقة من خلال معالجة قضايا النزاعات الإقليمية والمفاهيم المختلفة للتاريخ ليصب ذلك في مصلحة العمل باتجاه تخفيف حدة التوترات في المنطقة وليس تأجيجها.