نظرا لأهميتها وتوقيتها الزمني تتابع الأوساط السياسية والإعلامية في المملكة العربية السعودية والمنطقة الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك اوباما للرياض والمتوقعة غدا الجمعة بأهمية بالغة تتزامن مع تطورات إقليمية ودولية تستدعي التشاور والتنسيق بين البلدين للتعامل معها. وتكمن أهمية الزيارة بحسب المراقبين في انها رسالة قوية تؤكد متانة العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين وتبدد الشكوك التي ترددت حول اصابتها بالفتور في السنوات الاخيرة على خلفية الازمة السورية والتطورات في مصر والتقارب الأمريكي الايراني بعد اتفاق دول مجموعة (5 + 1) مع ايران بشأن برنامجها النووي وتخفيف العقوبات الاقتصادية عليها. ورغم تردد الأنباء عن توتر علاقات البلدين فان كبار المسؤولين في البلدين يؤكدون دائما قوة ومتانة واستراتيجية علاقاتهما الثنائية. وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نفى ابان زيارته للرياض في يناير الماضي ما اشيع عن توتر علاقات بلاده مع المملكة ووصف علاقة البلدين "بالاستراتيجية والتاريخية التي لا تتأثر بالازمات العابرة". وذكر كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي الامير سعود الفيصل حينذاك انه طمأن المسؤولين السعوديين خلال المباحثات بمجريات الحوار الامريكي - الإيراني الذي يهدف الى حل ازمة الملف النووي الايراني بالطرق الدبلوماسية. من جانبه أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ايضا قوة ومتانة العلاقات الثنائية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية... معتبرا زيارة كيري للمملكة والمباحثات التي تم اجراؤها تدحض التحليلات والتعليقات والتسريبات التي أسهبت مؤخرا في الحديث عن العلاقات السعودية الأمريكية وذهبت إلى حد وصفها بالتدهور ومرورها بالمرحلة الحرجة والدراماتيكية. وتعود العلاقات السعودية - الأمريكية الى عام 1933م وذلك عندما بدأت بواكير التعاون الاقتصادي بين البلدين متمثلة في قيام شركة الزيت العربية الأمريكية بحفر أول بئر للنفط في شرق المملكة ثم طلبت شركات النفط الأمريكية العاملة في السعودية من واشنطن ممارسة دور أكبر لضمان الأمن والاستقرار السياسي في الخليج وهو ما دفع الرئيس الأمريكي روزفلت عام 1943 الى اعلان ان الدفاع عن المملكة يمثل مصلحة حيوية للولايات المتحدة. ثم قام الرئيس روزفلت بإرسال اول بعثة عسكرية أمريكية الى السعودية والتقى في عام 1945 بالملك عبد العزيز على ظهر باخرة في قناة السويس وهو اللقاء الذي "دشن" العلاقات الأمريكية - السعودية لتتطور في يناير عام 1957 الى مرحلة الشراكة السياسية التي اعلنها الرئيس الأمريكي ايزنهاور بين السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية وهي الشراكة التي لا تزال مستمرة حتى اللحظة. واستمرت الشراكة السعودية - الأمريكية وهي تجتاز اختبارات صعبة أفليمية ودولية مثل حربي 1967 و1973 وتداعياتهما كما تعززت تلك الشراكة في حرب تحرير الكويت عام 1990 في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الاب وشهدت تطورا ملحوظا في عهد نجله بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وبخاصة في مجال مكافحة الإرهاب. وفي هذا الاطار فان رؤية معظم المحللين تتفق على ان الهدف الرئيسي لزيارة الرئيس اوباما للسعودية هو تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وتأكيد الالتزام الأمريكي بالشراكة الاستراتيجية مع المملكة وطمأنتها بان مفاوضات القوى الكبرى مع ايران وسياسة التقارب الأمريكي مع ايران لن تكون على حساب قضايا المنطقة. ويتوقع على نحو واسع ان تفتح هذه الزيارة صفحة جديدة في مسيرة العلاقات السعودية - الأمريكية نظرا لما يجمع البلدين من مصالح مشتركة اكبر من الخلافات الطارئة ولما تتمتع به المملكة من موقع قيادي في العالمين العربي والإسلامي ولثقلها الاقتصادي كدولة نفطية كبرى وكعضو في مجموعة العشرين وأحد أقوى الاقتصادات العالمية. كما يتوقع ان تتناول المباحثات السعودية - الأمريكية ملفات ساخنة تتضمن قضايا الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط وخاصة التطورات في مصر وسوريا والعراق والملف الايراني وسير المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية التي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية ومكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وتعد هذه الزيارة الثانية التي يقوم بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما للر باض بعد الأولى التي كانت في يونيو 2009 في مستهل ولايته الأولى وفي العام التالي 2010 قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة للولايات المتحدةالأمريكية. وتعتبر الولاياتالمتحدة أكبر شريك تجاري للمملكة في العالم اذ بلغ التبادل التجاري بين البلدين عام 2013 نحو 282 مليار ريال (2ر75 مليار دولار) منها 199 مليار ريال (1ر53 مليار دولار) صادرات المملكة إلى أمريكا و83 مليار ريال (1ر22 مليار دولار) واردات المملكة منها. وأكدت وكالة الأنباء السعودية أن الرئيس أوباما سيصل إلى الرياض يوم غد الجمعة في زيارة للمملكة يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود . و ذكرت الوكالة انه سيتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك .