مناصرة قضايا النساء ودعمها في الدستور الجديد بنصوص واضحة ابرز عنوانين لدى مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وشغلها الشاغل خاصة بعد اختتام مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي اقر في بيانه الختامي بدور النساء في خدمة مجتمعهن وتطويره. ومع إقرار المتحاورين بأهمية دور المرأة إلا انهم يقرون أيضا بتراجع دورها في فترة من الفترات ، ومن هنا دأب المشاركين في الحوار الوطني بإقرار حوالي 100 مبدأ وموجهات ونصوص حول وضع المرأة وابرز قضاياها المحورية . يقول مدير مكتب رئاسة الجمهورية ( أمين عام مؤتمر الحوار الوطني ) الدكتور احمد عوض بن مبارك ، تعد المرحلة الحالية التى سيصاغ فيها الدستور اهم مرحلة بالنسبة لليمنيين عامة وللنساء خاصة اللاتي ناضلن من اجل إبراز ونشر تلك المحددات من اجل تضمينها في الدستور الجديد لافتا إلى أن ما تم إنجازه في مؤتمر الحوار الوطني ليس نهاية لمعركة نيل المرأة لحقوقها إنما المعركة القادمة للنساء تتمثل في صياغة الدستور والاستفتاء عليه وتطبيقه في الحياة العامة. ولعل مراجعة وإعادة قراءة مخرجات الحوار الوطني من اهم المراحل التى ستضع حريات وحقوق المرأة نصب أعين الجميع خاصة ، وفي هذا المجال ، بادرت شبكة ( فوز) لتقديم رؤيتها لكيفية إعادة صياغة دور المرأة وحمايتها وتعزيز حقوقها وحرياتها في مشروع مقترح لدستور حقوق وحريات المرأة إلى لجنة صياغة الدستور لاستيعابها في إطار الدستور الجديد وفقا لما تضمنته مخرجات الحوار الوطني . تقول رئيسة شبكة النساء المستقلات ( فوز ) فاطمة مشهور لوكالة الأنباء اليمنية سبأ عملت الشبكة بالتعاون مع مشروع استجابة الممول من الوكالة الأميركية ضمن مشروع مناصرة مخرجات الحوار الوطني المرتبطة بالأجندة الوطنية للمرأة على تجميع المخرجات المتعلقة بحقوق النساء في مسودة أولية لعرضها على قانونيين ومحاميين وناشطين وقيادات نسويه من اجل الاطلاع عليها وتعديلها بما يناسب وضع المرأة . لافتة إلى أن اللقاءات والمنتديات الحوارية التي عقدت تحت شعار "الجميع شركاء في تعزيز حقوق النساء في الدستور هدفت إلى إعادة قراءة مخرجات الحوار الوطني وقراراته من اجل عكس تلك المبادئ العامة والموجهات الدستورية في الدستور القادم . وأشارت فاطمة مشهور إلى أن المقترحات والمعالجات لحقوق النساء تتكون من منظورين رئيسين هما استخراج المبادئ العامة والنصوص والمحددات الدستورية للقضايا الحقوقية التي يجب أن تصاغ في الدستور الجديد التي ستسهل للنساء الحصول على كل الحقوق وعكسها في القوانين الجديدة فيما يتناول المنظور الثاني الصياغة الدقيقة والواضحة للمبادئ العامة والموجهات الدستورية التي لا تقبل التفسير وحتى لا تظل خاضعة لاجتهاد من يطبق نصوص هذا الدستور . وتشير إلى انه تم اختيار الخبير القانوني في القانون الدولي وحقوق الإنسان الدكتور حميد اللهبي لإعداد مسودة الدستور طبقا لدراسة مسبقة حول حقوق وحريات المرأة في مؤتمر الحوار الوطني. تشاطرها في الرأي رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة الدكتورة شفيقة سعيد يجب أن تكون النصوص والقوانين في الدستور الجديد ذات العلاقة بالنساء واضحة وصريحة ولا تحتمل اللبس والتأويل . وأضافت أن المرأة تسعى حاليا من اجل تحويل تلك المخرجات إلى مضامين ونصوص دستورية وقانونية واضحة تحفظ للمرأة حقها في التمكين السياسي والمشاركة الفعالة في مستويات اتخاذ القرارات المختلفة في الدولة المدنية الحديثة التي تضمن مشاركة النساء والرجال على حدا سواء . يقول الدكتور اللهبي "قمنا بجمع برصد وتدوين كل ما يتعلق بحقوق النساء تضمنته تقارير فرق مؤتمر الحوار الوطني ووثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي بلغت حوالى 100 فقرة ونص في مسودة وتم عرضها ومناقشتها في منتديين حواريين في كل من صنعاء وعدن ومناقشتها مع عدد من الحقوقيين والقانونيين والمتخصصين من الأكاديميين والقضاة والمحاميين ومنظمات المجتمع المدني خلال لقاءات حوارية من اجل إثراء تلك المبادئ والمحددات بالملاحظات الفعالة وتقديم الوثيقة النهائية إلى الجهات المعنية وفي مقدمتها الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني ولجنة صياغة الدستور للأخذ بها والاستفادة من مضامينها في صياغة الدستور الجديد . وأوضح الخبير القانوني الدكتور اللهبي انه من اجل تلافي القصور الذي اعترى مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بحقوق المرأة اليمنية كان من اللازم العودة إلى التجارب الدولية لحقوق الإنسان في هذا المضمار لمعرفة كيفية تناول دساتيرها لحقوق المرأة ، فرجعنا إلى دستورين من دساتير الدول ذات الديمقراطيات العريقة الراسخة في حقوق الإنسان وهما دستور فرنسا والولايات المتحدة وعدد من الدساتير بعض الدول العربية حديثة العهد بممارسة التجربة الديمقراطية وترسيخ وحماية حقوق الإنسان وهي دستور جمهورية مصر العربية المقر في يناير 2014 ودستور الجمهورية التونسية المقر في 2014 ودستور المملكة المغربية المعدل في 2011. وبينت دراسة تحليلية حول حقوق وحريات المرأة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل اعدها الدكتور حميد اللهبي أن إجمالي عدد النصوص المتعلقة بحقوق المرأة التي توصلت إليها الدراسة نحو 103 نصا منها 57 نصا دستوريا و25 قانونيا والبقية توزعت ما بين التوصيات والبيان الختامي ووثيقة ضمانات مؤتمر الحوار الوطني . وتضمنت تلك المحددات والموجهات الدستورية ثلاثة أبواب ركز الباب الأول والتي ضمت خمسة عشر فصلا على الحقوق العامة للمرأة (المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ) فيما شمل الباب الثاني الحقوق ذات الخصوصية للمرأة وفئات النساء الأشد ضعفا وهي الحقوق الأسرية ، وحقوق النساء المهمشات ، المسنات ، اللاجئات ، الأقليات ، وذوات الإعاقة ، فيما احتوى الباب الثالث على الأحكام العامة . ويضيف انه بعد نقاشات مستفيضة في المنتديات الحوارية وما تتخللها من ملاحظات تم إضافة مواد لم تكن موجودة في الدستور النافذ كمسألة الاتجار بالبشر وخاصة النساء والأطفال , والاختفاء القسري للنساء خلال الحروب والنازعات المسلحة إضافة إلى تعديل إجازات لحالات الوضع والإرضاع كما تم الاتفاق أيضا على توحيد المصطلحات المتعلقة بالنساء حيث اقروا استبدال لفظي المرأة والرجل الذكر والأنثى بالمواطن والمواطنة وتميز قضايا المرأة بلفظ النساء. وخلص الدكتور اللهبي أن المقترح النهائي للمحددات الدستورية لحقوق النساء سيتم عرضها على المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بحقوق الإنسان كوزارة حقوق الإنسان والداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية وكذا اللجنة الوطنية للمرأة من اجل الاطلاع عليها وأثراها بالملاحظات. وبين واقع لا يرحم وطموح لا يتوقف تظل حقوق النساء ومسالة تحقيقها مرهونة بمدى تجاوب وتعاون شقيقها الرجل ومدى جدية واستعداد الدولة والأحزاب والتنظيمات السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني لإنفاذ تلك الحقوق وتحويلها إلى واقع ملموس يحفظ للنساء مكانتهم ودورهن في خدمة مجتمعاتهن .