لا تزال العلاقات بين روسيا والغرب، متوترة بسبب استمرار حالة الشد والجذب مع تباين المواقف بينهما، بشأن الوضع المتأزم في أوكرانيا التي يشهد شرقيها معارك عنيفة بين الجيش ومسلحين انفصاليين مواليين لموسكو ، منذ أبريل الماضي. وقبيل اجتماع مقرر اليوم الاثنين في لوكسمبروغ هدد العديد من وزراء الخارجية الأوروبيين بفرض عقوبات جديدة في حال لم توافق روسيا على خطة السلام التي اقترحها الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو. ويتوقع أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم اليوم في لوكسمبروغ إمكانية فرض مزيد من العقوبات قبل قمة زعماء الاتحاد يوم الجمعة المقبل. وأطلق وزير الخارجية البريطاني وليام هيج اليوم الاثنين تصريحات قبيل الاجتماع حذر فيها روسيا من ان الاتحاد الاوروبي مستعد لفرض مزيد من العقوبات على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية اذا لزم الامر. وقال هيج في تصريحات صحفية "يجب الا يساور (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين أي شك في ان الاتحاد الاوروبي مستعد لاتخاذ هذه الاجراءات. انجز الكثير من العمل في الاعداد لعقوبات أوسع نطاقا على روسيا." وفي هذه الأثناء اقترح رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي على قيادة بلاده فرض عقوبات على واشنطن وتعليق التعاون الثنائي معها في مجالات أمنية حساسة، ردا على العقوبات الأمريكية. وقال بوشكوف اليوم الاثنين وفق ما نقلت وسائل إعلام روسية، إنه "لا يمكن لروسيا البقاء في الإطار المثالي للقانون الدولي عندما لا تحترمها الولاياتالمتحدة"، مؤكدا على ضرورة استخدام آليات العقوبات وغيرها من الإجراءات ضد واشنطن. وأكد رئيس لجنة الدوما للشؤون الدولية أن روسيا ليست راغبة بتقويض نظام الأممالمتحدة والقانون الدولي، إلا أنه يجب عدم تجاهل تطبيق "القانون الموازي" عندما تعلن الولاياتالمتحدة سياسة احتواء روسيا وعزلها وفرض العقوبات عليها. وتابع بوشكوف أن واشنطن مع ذلك تؤكد تطلعها الى استمرار التعاون مع موسكو في مجالات حساسة بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية. ويتوقع بوشكوف أن تقوم الولاياتالمتحدة بمواصلة عملها على تقويض القانون الدولي، مؤكدا أن الحديث هنا يدور حول استراتيجية متكاملة لتقويض القانون الدولي بدأ تطبيقها في عام 1999 من قصف يوغوسلافيا، من أجل الحفاظ على الهيمنة السياسية الأمريكية /بحسب ما أوردته وسائل الإعلام الروسية/ . ويوم الجمعة الماضي اتفق زعماء الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا على أن روسيا تواجه خطر فرض الغرب عقوبات جديدة عليها إذا لم تنزع فتيل التوترات على الحدود الأوكرانية.في حين قدمت موسكو اعتراضا لدى منظمة التجارة العالمية على العقوبات الأمريكية المفروضة ضدها. وذكر البيت الأبيض إنه مع تفجر التوترات من جديد في المنطقة تحدث الرئيس باراك أوباما بشكل منفصل مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل. وأضاف البيت الأبيض في بيان "إنهم إتفقوا على أنه إذا تقاعست موسكو عن إتخاذ خطوات فورية وملموسة لانهاء توتر الوضع في شرق أوكرانيا فإن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي سينسقان خطوت إضافية لفرض عقوبات على روسيا. وفي هذا الأطار قال رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف إن روسيا قدمت اعتراضا لدى منظمة التجارة العالمية على العقوبات الأمريكية المفروضة ضدها. وقال مدفيديف في كلمة له أمام منتدى القانون الدولي في مدينة سان بطرسبورغ الروسية يوم الجمعة الماضي، أن الأمر لن يكون سهلا فيما يتعلق بالدعوى ضد الولاياتالمتحدة، وأن العقوبات ضد روسيا كانت أحادية الجانب ولا تستند إلى أي قانون أو عرف عام. وجاء الاعتراض على خلفية تأثير العقوبات السلبي على التجارة الخارجية الروسية. وسبق أن فرضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات ضد روسيا على خلفية انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا. وآنذاك نشرت واشنطن وبروكسل قوائم بأسماء شخصيات فرضت بحقهم عقوبات بينها تجميد أصولهم ومنع دخولهم أراضي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. وهددت مجموعة السبع الكبرى روسيا بفرض عقوبات على عدد من القطاعات الاقتصادية في حال تصعيد الوضع في أوكرانيا. وتطالب روسيا التي يتهمها الغربيون مرارا بالسعي الى زعزعة الاستقرار في اوكرانيا المجاورة بضرورة اقرار "وقف دائم لاطلاق النار" في شرق اوكرانيا لبدء حوار بين السلطات في كييف والمسلحين، حسبما اعلنت وزارة الخارجية الاثنين في بيان. وعرض وزير الخارجية الاوكراني بافلو كليمكين خطة السلام التي اقترحها الرئيس بترو بوروشنكو على نظرائه الاوروبيين، وذلك على خلفية مشاورات دبلوماسية مكثفة. ومن المقرر ان توقع اوكرانيا يوم الجمعة المقبل الشق الأخير من اتفاق شراكة تاريخي مع الاتحاد الاوروبي يبعدها عن دائرة النفوذ الروسي. ومنذ ابريل الماضي، يشهد شرق البلاد معارك عنيفة بين الجيش ومسلحين انفصاليين أعلنوا الاستقلال الذاتي لمنطقتين. واعرب بوتين الاحد عن دعمه لخطة السلام التي اقترحها بوروشنكو داعيا الى "حوار جوهري" بين كييف والمسلحين الموالين لموسكو. وقال "من المهم ان يستند هذا الحوار بين الاطراف المتحاربة في اوكرانيا الى خطة السلام". واليوم الاثنين أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على عدم وجود بديل لاتفاق وقف إطلاق النار فورا الذي يجب تنفيذه على الأرض وليس فقط الإعلان عنه. وقال لافروف في مؤتمر صحفي في يريفان اليوم الاثنين ، إن روسيا تدعم الجهود الرامية إلى إقامة حوار وطني شامل في أوكرانيا. وأكد الوزير الروسي أنه يمكن إيجاد حل لقضية شكل نظام الحكم في أوكرانيا وضمان الحقوق المتساوية لجميع المواطنين في كافة مناطق البلاد من خلال المفاوضات فقط. وقال لافروف إنه لا يمكن حل الأزمة في أوكرانيا باستخدام القوة، مشيرا إلى أن استخدام القوة لن يسمح بتحقيق تسوية سياسية دائمة للأزمة. وأكد وزير الخارجية الروسي أن أولوية موسكو في الأزمة الأوكرانية تتمثل في إنقاذ الأرواح وليس لها طموحات جيوسياسية. من جهة اخرى، أعلنت وزارة الدفاع الاوكرانية اليوم الاثنين ان الانفصاليين شنوا 11 هجوما خلال الليل على مواقف للجيش الاوكراني خصوصا بالقرب من كراماتورسك وارتيمفيسك. كما اشارت الى اطلاق قذائف هاون ضد حرس الحدود. واعلن متحدث باسم العمليات العسكرية الاوكرانية فلاديسلاف سيليزنيوف ان خمسة جنود وحارسا حدوديا اصيبوا بجروح. واكد المتحدث ان القوات الحكومية تحترم خطة السلام وتستخدم اسلحتها "فقط للدفاع عن النفس".