باتت أعمال العنف الطائفية في العراق تمثل حاليا خطرا كبيرا يهدد العملية السياسية في البلاد خاصة مع تصاعد تلك الأعمال الوحشية في ظل سيطرة ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" مؤخرا على مناطق مختلفة من البلاد. وقتلت مليشيات طائفية نحو سبعين شخصا وجرحت العشرات أثناء أدائهم صلاة الجمعة في مسجد في بلدة إمام ويس بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد. وقال رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري في تصريحات له عقب الحادث الدموي إن قتل مليشيات طائفية لمصلين بمسجد في محافظة ديالى خطر على العملية السياسية ،داعيا في الوقت نفسه إلى محاربة كافة المجاميع الإرهابية. وأضاف الجبوري أن على الحكومة المقبلة أن "تحارب الجماعة الإرهابية التي قتلت المصلين في المسجد" في إشارة إلى الحادث الذي وقع في محافظة ديالى. ووصف ما وقع بأنه يجعل العملية السياسية الجارية حاليا في حالة خطر،وقال "هي رسالة تدركها كافة الأطراف السياسية مفادها أن على الدولة إعادة الاستقرار الأمني ومحاربة كافة المجاميع الإرهابية وليس تنظيم الدولة الإسلامية وحده".. موضحا أن بعض هذه المجاميع لديها غطاء رسمي. وجمد الجبوري الذي يترأس ائتلاف "ديالى هويتنا" إلى جانب "ائتلاف العربية" الذي يترأسه صالح المطلك مباحثاتهما مع التحالف الوطني لتشكيل حكومة جديدة حتى يتم تقديم الجناة للعدالة ومحاكمتهم خلال 48 ساعة، وتعويض عائلات ضحايا حادث المسجد. وشدد رئيس مجلس النواب على أنه لا بد في هذه المرحلة التي تتم فيها مشاورات لتأسيس حكومة جديدة وأن تتوفر ضمانات لإجراء تصحيح للسياسة الأمنية، بحيث يتم حصر السلاح في يد الدولة، وعدم إعطاء أي مبررات لأي طرف لحمله تحت ذريعة محاربة الإرهاب أو غيرها. وقد أدان رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة حيدر العبادي حادث القتل ودعا إلى إجراء تحقيق فيه. وقالت النائبة في البرلمان العراقي ناهدة الدايني إن نحو 150 من المصلين كانوا في المسجد عندما وصل رجال المليشيا عقب تفجير استهدف سيارة للأمن. وأضافت 'هذه مذبحة جديدة'، موضحة إن المليشيات الطائفية دخلت وفتحت النار على المصلين، وإن معظم المساجد بدون أمن. وأضافت أن بعض الضحايا من عائلة واحدة وأن بعض النساء سارعن لمعرفة مصير أقاربهن بالمسجد فقتلن. ويمثل الهجوم الدموي انتكاسة للعبادي المتنمي للأغلبية الشيعية والذي يسعى للحصول على دعم من السنة والأكراد لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي يهدد بتقطيع أوصال العراق. ويرى مراقبون أن المجزرة تستهدف بدرجة أولى عرقلة تشكيل حكومة القادم الجديد حيدر العبادي خلفا لنوري المالكي. وحمل محافظ ديالى قوات الأمن في المحافظة مسؤولية الهجوم، خاصة بعد أن وضعت المحافظة خطة محكمة لحماية المساجد، أما نواب ديالى فأعلنوا مقاطعتهم مفاوضات تشكيل الحكومة احتجاجا على المذبحة. وطالب الحراك الشعبي في المحافظات الست المنتفضة العبادي بتقديم تطمينات عاجلة وعملية للسنّة. وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأشد العبارات الهجوم في بيان صحفي ،مؤكدا ان تنفيذ هجمات مسلحة على دور العبادة أمر غير مقبول وعمل تحظره بنود القانون الدولي. ودعا السلطات العراقية الى اجراء التحقيقات اللازمة في هذا الهجوم ومحاكمة مرتكبيه. وتقدم الأمين العام للأمم المتحدة بالتعازي الى ذوي الضحايا. وأعرب عن بالغ القلق ازاء تداعيات اعمال العنف الطائفية على الوضع الامني السيئ في العراق وعلى العملية السياسية التي تهدف الى تأسيس حكومة موحدة قادرة على مواجهة الخطر الذي يشكله تنظيم الدولة الاسلامية على العراق. وطالب جميع القادة السياسيين في العراق بالتوحد ودعوة المحافظاتالعراقية الى وقف الاعتداءات الطائفية من اجل اعطاء العملية السياسية فرصة لتحقيق النجاح. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان "الهجمات التي تشن بدافع طائفي وما يعقبها من هجمات مضادة تخدم فقط اعداء العراق". بدورها جددت مصر إدانتها الكاملة لأعمال العنف والإرهاب والقتل العشوائي التي تقوم بها الجماعات الإرهابية في العراق وتستهدف دور العبادة والمدنيين الأبرياء سواء من أبناء الشعب العراقي أو من الأجانب. وأكدت الخارجية المصرية في بيان لها أمس ضرورة تضافر وتكاتف جهود المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب باعتبارها ظاهرة عالمية لا تستهدف دولة أو ديانة بعينها وإنما تستهدف الاستقرار والأمن والتنمية في مختلف ربوع العالم. كما ادانت جامعة الدول العربية بشدة الهجوم المسلح على المصلين في احد مساجد محافظة ديالى بالعراق والذي اودى بحياة 70 شخصا وأدى الى اصابة العشرات. وطالبت الامانة العامة للجامعة في بيان صحفي السلطات العراقية بمتابعة "هؤلاء المجرمين" وتقديمهم الى العدالة. ودعت كافة التيارات السياسية والشركاء السياسيين الى تضافر الجهود والتعاون فيما بينهم للاسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية لاخراج العراق من هذا الوضع المتردي. وشددت على ضرورة "مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية بكل حزم وكذلك كل المجموعات التي تستغل الحالة الراهنة في العراق لاثارة النعرات الطائفية والمذهبية بهدف ضرب مكونات نسيج المجتمع العراقي وتقويض مقومات الدولة الوطنية العراقية"